تربش مختار
عندما يقبل النقابيون أن يكونوا ****يز ، فانهم يصيرون مسلوبي الارادة ، مملوكين ، فاقدين انسانيتهم وكرامتهم ، ويصبحون مجرد " طبالين " و " زمارين " " يطبلون " و " يزمرون " لأسيادهم " الديناصورات " الشائخة والكسولة " ديناصورات ما يسمى المركزيات النقابية ، فيتحولون الى سلعة نتنة ، رخيصة تباع وتشترى في " الجوطيات " والأسواق الشعبية ، والى عبيد في كنف أولياء نعمتهم وتحت رحمتهم ، صاغرين، مقهورين ومحتقرين ، بينما يتحولون ، يقدرة قادر
، في " صناديقهم " النقابية الى " مستذئبين "، والى متجبرين وفاشيين ، يمارسون كل أنواع الكذب والتدليس وتزوير الحقائق ويعرضون عضلاتهم على من هم دونهم الماما بالعمل النقابي والنضال الجماهيري ، يتقنون فن الخطابة والسفسطة ، والكلام المعسول ، كما أن معاناتهم من انعدام الشخصية والقحط الفكري والوجداني والنقدي تجعلهم يفقدون الثقة في ذاتهم ويخيل اليهم بأن الآخر يشبههم كما يشبه الصغير أباه أو أمه أو هما معا .
ونظرا لحالتهم البئيسة هذه ، حالة يرثى لها ، فانهم دائما شديدو الحيطة والحذر ، ولا يتفاهمون ولا ينسجمون الا مع من هم مثلهم ، اذ ان الشبيه لا يدرك الا شبيهه ، كما يقول المثل الشعبي : " الزبلة تبحث عن أختها مائة عام في البحر " ، وعادة ما يختار ال****يز المحيط الذي يسندهم ويدعمهم ممن بتسمون بالخضوع والخنوع والاذعان للانحراط في نظام السخرة الذي يفرضونه عليهم ليشعروا وسطهم بنشوة الزعامة ولذة التفوق والتحكم ، حيث يشكل هؤلاء ، أي المنخرطون العاديون ، مرآة تعكس قوتهم واستبدادهم ، ما يشعرهم بأهمية وجودهم ، ويوظفون كل الوسائل المتاحة لديهم ، مكشرين عن أنيابهم ومخالبهم ، لشن حرب هوجاء عل المناضلين الشرفاء والمخلصين ممن يخالفونهم الرأي ويمارسون حقهم في النقد البناء خاصة اذا كان جميعهم - الشرفاء وال****يز - ينتمون الى نفس التنظيم النقابي ، فلن ترتاح لل****يز نفس ولن يهدأ لهم بال حتى يتخلصوا من المناضلين الأحرار ولو أدى ذلك بهم الى الكيل لهم سيلا جارفا من الاتهامات الرخيصة والمجانية ،ونعتهم بنعوت يندى لها الجبين على صفحات المنتديات والمواقع التربوية ولا يملكون مثقال ذرة من الجرأة والشجاعة للكشف عن أنفسهم ، مندسين تحت غطاء أسماء مستعارة كالخفافيش التي لا يحلو لها الظهور الا في الظلام الحالك ، ان هذه الفئة من "انقايبية " ترسم صورة قاتمة لحالة الانفصام التي تعاني منها حيث انها تحتقر علانية ، كل مكونات ضحايا النظامين المشؤومين 1985 و 2003 بدعوى أنهم يفتقرون الى الحس النقابي وانعدام الوعي لديهم وتنعتهم بفئة " الكعلمين " والأميين والمتخلفين عقليا ، وفي نفس الوقت تنشغل عن وظيفتها الأساسية المتمثلة في الرفع من مستوى تأطير وتوعية هذه الفئة القديمة المتخرجة بالسلم 7 و 8 والدفاع عن حقوقها المسلوبة ومطالبها المشروعة بمعارك هامشية تافهة حول زعامة ما يسمى المكاتب النقابية والتحكم في زمام أمورها سرعان ما ينجلي غبارها وتصفو سماؤها وتنقشع شمسها ليتضح للقاصي والداني أن المتبارزين يمارسون فروسيتهم الموهومة وحروبهم " الدونكيشوطية " على ظهور الحمير وبسيوف خشبية تماما كما قال الشاعر :
ستعلم حين ينكشف الغبار *** أحصان كان تحتك أم حمار.
وحينما يتحول " المتنقبون " الى ****يز ، فانهم ينقلون ولاءهم من النقابة الى مصالحهم الذاتية ، ويتجاهلون بأن العمل النقابي هو تكليف وليس تشريف ، عمل تطوعي محض، ولكن العكس عندهم هو الصحيح ، فيصبحون عبارة عن أحذية مخصصة فقط لكي ينتعلها من يفسحون لهم المجال للاستفادة من الريع النقابي بشتى أنواعه ، كثيرون هم من يتجمعون حول النقابة ولكن قليلون هم من يتجمعون حول المصلحة العامة للشغيلة الابتدائية القديمة ، ويعود ذلك الى أنهم تربوا على ذلك وشبوا عليه ، لقد صدق من قال " : من شب على شيئ شاب عليه " ، انتهازيون ، وصوليون ، أنانيون ، حربائيون ، لما لهذا الكلمات من دلالة ، شعارهم : "أنا ومن بعدي الطوفان " ، فهم يضعون دوما وأبدا ، مصلحتهم الشخصية فوق كل اعتبار ، حتى باتوا بعيدين كل البعد عن القيم النبيلة ومعاني الشجاعة والشهامة والشرف ، اذ رضعوا فقط القيم التي لا علاقة لها بالحداثة والديمقراطية والشفافية والأمانة ، فأصبحوا لا يحترمون لا غيرهم ولا ذواتهم ، لقد أساؤوا الى أنفسهم وبالتالي الى نساء ورجال التعليم الابتدائي ، ضحايا نظامي "الأبارتايد " 1985 و 2003 ، والعمل النقابي الشريف برمته ، لقد تقمصوا شخصية أولياء نعمتهم من " الديناصورات " العجوزة ، ديناصورات لما يسمى المركزيات النقابية ، الذين " يسمنونهم" ويغدقون عليهم بما تجود به أيديهم ليصبحوا مجرد " أصحاب " شكارة " و " براحة " محترفين سرعان ما تنفجر حناجرهم وترن حبالهم الصوتية عواء كأنهم ذئاب جائعة ، تمجيدا لهم أي لأسيادهم ، في المناسبات الخطابية النقابية من مؤتمرات ومجالس وطنية واحتفالات عيد الشغل وكلما دعت الضرورة الى ذلك ، اننا نراهم أحيانا ، حين يلقي هؤلاء ، أصحاب البطون المنتفخة ، بكرة بعيدا يسرعون ويتسابقون لاعادتها اليهم والسعادة تغمر وجوههم ، فطوبى لمن كانت له الغلبة في النهاية ، هكذا ، فهم يمثلون الخنوع والخضوع وهز الذيل لأولياء نعمتهم وخاصة عندما يرمون اليهم ببقايا مائدتهم وفتاتها مما يجعل منهم كائنات بلا روح كأنهم أتوا من كوكب آخر ، انهم يرتمون تحت أقدامهم كالعبيد ، فهم أبواقهم المسخرة وأقلامهم المأجورة ، يدافعون عنهم بكل ما أوتوا من قوة وعزم ، مادام هؤلاء الأسياد يفتحون لهم سبل الاستفادة من الريع النقابي بكل أشكاله ، انهم يعتقدون بأنهم من الجنس الأرقى والأذكى والأكثر تحضرا وتمدنا وكفاءة وخبرة ، ، ولكن في الحقيقة ما هم الا أنصاف الرجال ، مجرد " بلطجية " في خدمة أولياء أمرهم ، فهم كارثة على النضال النقابي الشريف ونقمة على الشغيلة الابتدائية القديمة وأكثر تلوثا من الترع الراكدة المتعفنة .