مند أسابيع ، ظل موضوع "مسار" لغزا محيرا في صفوف الشغيلة التعليمية، استتبعه خروج التلاميذ إلى الشارع احتجاجا على مضامينه حد محاصرة رئيس الحكومة، حين خروجه من بيته، المتاخم لنيابة وزارة التربية الوطنية بالرباط، ولإحدى المؤسسات التعليمية.
كانت مفاجأتنا صادمة حين علمت على لسان الكثير من القيادات النقابية، على رأسهم علال بلعربي، الكتاب العام للنقابة الوطنية للتعليم (كدش)، جهلها بتفاصيل مشروع "مسار"، وعليه، وإسهاما منه في كشف تفاصيل مشروع اعترض عليه آلاف التلاميذ من مختلف جهات المملكة، سننشر التفاصيل الكاملة لمشروع "مسار" استنادا إلى وثائق رسمية، وتصريحات مسؤولين بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني.
تفيد المعطيات المتطابقة والوثائق الرسمية، التي حصلنا عليها أن مشروع "مسار" يرتكز على ثلاث دعائم أساسية، الأولى تروم تمكين الأسر المغربية من مراقبة أبناءها في مختلف عملية مسار تعليمهم، والدعامة الثانية تهدف إجبار الأساتذة على الحضور وإجراء الفروض الواجبة طيلة السنة وتنقيطها بشفافية تامة مع إلزام الأساتذة على استكمال المقرر الدراسي في الآجال المقررة فيما تصب الدعامة الثالثة في منع غيابات التلاميذ ومراقبة مسارهم الدراسي، من السنة الأولى ابتدائي إلى غاية سنة الباكالوريا، مع تتبع أيضا المنقطعين عن الدراسة، وذلك عبر قن وطني سري، لكل تلميذ، انطلاقا من السنة الأولى، مع تمكين التلميذ، والأسرة، ومدير المؤسسة من مراقبة، وتتبع المستوى الدراسي لكل تلميذ وأستاذ، منذ العام الأول إلى نهاية مساره الدراسي.
واستنادا دائما، إلى المعطيات المتوفرة لدينا عبر تصريحات مسؤولين كبار بوزارة التربية الوطنية، إن هذه العملية "ستتم بطرق حديثة وتقنيات إعلامية تتوخى إرجاع دور الأسرة في مراقبة أبنائها دراسيا، ومحاربة الغش المدرسي، والرفع من جودة التعليم، وإخضاع الأساتذة إلى مراقبة صارمة، وتأهيلهم في مجال التكنولوجيات الحديثة، في أفق إصلاح شامل للمنظومة التعليمية وجودة التعليم".
وكما سبقت الإشارة رفضت قيادات نقابية وازنة بالقطاع الرد على اسئلتنا حول برنامج "مسار"، وأسباب خروج التلاميذ للشارع، بدعوى غريبة "عدم اطلاعها عليه" فيما قالت الكاتبة العامة للنقابة الديمقراطية للتعليم، العضو في "المنظمة الديمقراطية للشغل"، فاطنة أفيد (مدرسة بالسلك الثانوي) في تصريح لها أنها تحمل مسؤولية ما يقع إلى وزارة التربية الوطنية بسبب "قصور في التواصل وعدم إشراك الفاعلين المعنيين، فضلا عن غياب البنيات التحية التكنولوجية المصاحبة للمشروع"، وفي ذات السياق أوضحت فاطنة افيد أن "الصورة مشوشة وان هناك حديث عن حذف نقطة المراقبة المستمرة بالنسبة لسنة الباكالويا ناهيك عن عدم توصل التلاميذ الى غاية اليوم، بنتائج امتحانات الاسدس الأول من السنة الدراسية الجارية، وهو ما خلف غضب التلاميذ".
من جهته، نفى محمد الساسي، المدير الوطني للتقويم والتوجيه بوزارة التربية الوطنية، وأحد المشرفين والمسؤولين على برنامج "مسار" بشكل قاطع أي مساس بمنظومة الفروض وعددها والمواد المقررة في الامتحانات، "وأكد محمد الساسي أن وزارة التربية الوطنية وبرنامج "مسار" انطلق التفكير فيه سنة 2008، وتم بداية تفعيل مراحله في السنة الدراسية الماضية تحت مسؤولية وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا، كما تم أيضا استمرار العمل بشطره الثاني في بداية التسجيل الدراسي لهده السنة الدراسية، مضيفا "اليوم وصلنا إلى المرحلة الثالثة من البرنامج الذي يجبر الأساتذة والمديرين على الاعتماد على النظام المعلوماتي في تسجيل النقط الخاصة بالاسدس الأول، وأمام المشاكل التقنية المحدودة تأخرنا في إعلان نقط التلاميذ" .
وعن حذف نقطة المراقبة المستمرة في معدلات احتساب مجموع نقط شهادة الباكالوريا ، شدد محمد الساسي قائلا "هذه إشاعة ، فالمذكرات الوزارية وبرنامج مسار لازال يتمسك بنقطة المراقبة المستمرة ولم يتم حذفها في سنة الباكالوريا مع الاحتفاظ بنفس نسبة السنوات الماضية اي 25 في المائة".
ويضيف ذات المسؤول بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني "على الجميع أن يعلم أن مشروع مسار ليس مشروعا للتوجيه المدرسي، ولا لإعادة النظر في الامتحانات وطريقة احتسابها أو حتى تغييرا في التنقيط أو تغيير المقرر، فمخطط مسار، هي منظومة حداثية شاملة، تهدف إعادة النظر في المنظومة التعليمية، وبتدرج، وانطلقت العملية منذ مدة، واليوم نصل إلى مستويات متقدمة، ومع الأسف فوجئنا بما وقع، وكأن منظومة مسار هي فقط عملية ومشروع يهم فقط الامتحانات والمراقبة المستمرة، وهذا خطأ فادح، لأن مسار هو برنامج ومنظومة كبيرة وإستراتيجية وطنية على مراحل تروم تغيير وتحديث وتأهيل نظامنا التعليم وفق ثلاث مقاربات جديدة هي، اعتماد التكنولوجيا الرقمية في كل العملية التربوية وهده سابقة وثورة تعليمية، وثانيا إنصاف كافة التلاميذ ومن مختلف الشرائح وتتبع مستواهم وإنصافهم وإشراكهم في عملية المراقبة والتتبع وثالثا تحميل الأسر والأساتدة مسؤولية النهوض بمستوى التعليم كل حسب مسؤولياته".
وعن أسباب تأخر الوزارة في التأشيرعلى نتائج الأسدس الأول من السنة الدراسية الجارية وكيفية تعاطي الوزارة مع أساتذة و مديري ومفتشي الوزارة وحتى أسر التلاميذ من التعاطي مع التكنولوجية الرقمية، والأغلبية الساحقة منهم لا تتقنها، قال الساسي "نحن واعون بهذا المشكل، ولكن صدقني أننا نبدل مجهودا جبارا لمساعدة الجميع ولكن المشكل ان بعض المعنيين والمسؤولين لا يقومون بنفس المجهود مما يخلف عبئا إضافيا على الوزارة، وهذا سبب رئيسي في تعطيل نشر النتائج لأن البعض من الأسرة التعليمية في مراحله الأولى للاستئناس بالتقنية والتكنولوجية الرقمية، وفي جميع الحالات فنحن نؤكد أن برنامج مسار تحكمه رؤية وطنية إستراتيجية في صالح الجميع وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته، ولا علاقة لمسار بالتنقيط وغيره من الأمور المتداولة".