ذ. عبد القادر أمينلقد توصلت المؤسسات التعليمية بمراسلة وزارية عدد 867/14 بتاريخ 17اكتوبر2014 بشان القرارات التأديبية المتخذة من طرف مجالس الأقسام، وحددت بعض العقوبات البديلة بدل التوقيف المؤقت: تنظيف ساحة المؤسسة –انجاز أشغال البستنة- القيام بأشغال داخل المكتبة المدرسية ......الخ.
ومن بين الملاحظات على هذه المراسلة هو عدم ذكرها للعقوبات الأخرى، واعتمادها على التوقيف المؤقت فقط، ولم تشر إلى التوقيف النهائي أو الطرد من المؤسسة في حالة ارتكاب التلميذ مخالفة تستدعي ذلك وتتجاوز التوقيف المؤقت، مما جعل الانطباع الأول عن المراسلة هو المنع النهائي لأي عقوبة والإبقاء على العقوبات المشار إليها في المراسلة فقط.
من هنا فان غموض المراسلة يجعل كل المعنيين يقرؤونها بتوجس، خاصة أن الدول المتقدمة والتي سبقتنا في تطبيق العقوبات البديلة ، وضعت إطارا قانونيا لهاو حصرت طبيعة المخالفات وما يوازيها من عقوبات، لن تتوقف عند حدود إسداء خدمة للمؤسسة بل التوقيف النهائي. لأن العقوبة يجب أن تكون مقابل المخالفة المرتكبة ولايمكن أن نعاقب تلميذ اعتدى جسديا على أستاذه بالعقوبات البديلة ..إن المبادئ العامة للقانون الإداري تؤكد على انه لاعقوبة بدون نص قانوني.من هنا فهذه المراسلة ان اعتمدت وحدها فستبقى ناقصة وعاجزة عن توضيح ادوار المجالس التاديبة.
إن هذه المراسلة في شكلها المجزأ قد تجعل التلاميذ وأولياء أمورهم يفهمون منها أن عقوبات التوقيف لم تعد مقبولة وعلى أن هذه المراسلة كافية للاحتجاج على أي عقوبة أخرى، مهما كان حجم المخالفة ، وهذا قد يؤدي إلى تهديد الأمن المدرسي ويساهم في تنامي العنف اتجاه العاملين بالمؤسسات التعليمية. إن فرنسا،باعتبارها مرجعا لفقهاء القانون المغربي في جانبه الوضعي، أصدرت مرسوما تم بموجبه تغيير نظام العقوبات التأديبية بالتعليم الثانوي والإعدادي المطبق على التلاميذ وورد فيه ما يلي :الإنذار-التوبيخ، تدبير المسؤولية حيث يقوم التلميذ بأعمال لفائدة المؤسسة او جمعية خيرية خارج ساعات الدراسة ولمدة لاتزيدعن20ساعة في الأسبوع، الطرد المؤقت من القسم لمدة لاتزيد عن8ايام وبشرط إن يبقى التلميذ بالمؤسسة، الطرد المؤقت من المؤسسة لمدة لاتزيد عن 8 أيام، الطرد النهائي من المؤسسة علما ان هذه العقوبات يمكن أن ينطق بها مع وقف التنفيذ اونافذة.
إن الجميع مع حفظ كرامة التلميذ وكذلك الاطرالتربوية والإدارية لان الدول المتقدمة والديمقراطية لاتفرق في القانون بين التلميذ ولا الأستاذ الكل سواسية أمام القانون، والانضباط في أي منظومة لايقتصر على طرف دون الأخر، إننا أحيانا سواء بقصد أو بغيره نعمق جراح المنظومة، كما إن استيراد التجارب يجب ان يتم في شموليته مع مراعاة خصوصية الطفل المغربي المراهق الذي قد يتحمل التوقف لمدة أسبوع مع تقديم الدعم له حتى لاتفوته الدروس على أن يقوم بتنظيف الساحة أمام زميلاته وزملائه الذين سينظرون إليه باستهزاء ويكون عرضة للتشهير..
إن الحل يجب أن يكون بإعادة الاعتبار للمؤسسة العمومية، من خلال توفير البنيات التحتية، وإعادة النظر في البرامج والمناهج وإصلاح المنظومة إصلاحا شاملا، لأن الحلول الترقيعية لن تزيد الأمور إلا استفحالا، علما أنه في الآونة الأخيرة لم يعد التلميذ يعاني من عنف الأستاذ، بل أصبح العنف متبادلا، وعلى الوزارة إصدار قوانين يكون روحها من الدستور حماية للجميع بصفتهم مواطنين