بسم الله الرحمن الرحيم
" أثر التربية في التوازن النفسي لدى الأطفال "
تتراوح تربية الأطفال بين القسوة الصارمة والتراخي أو التسامح المبالغ فيه، كما تكثر الإرشادات والنصائح التي يقدمها أصحاب ومعتنقوا النظريات المختلفة إلى الأسرة والأهل حيث إن جل همهم الأول هو أن يكبر أبناءهم ويعيشوا حياة جيدة وفي ظروف ممتازة.
ولكن ومن هنا فإنني أرى لزاماً على أن أوضح أمرا مهم ألا وهو " الوصفات التربوية" الجاهزة فأرى بأن بعض المعلمين و التربويين يوزعون هذه الوصفات كما توزع الوصفات الجاهزة لإعداد المعكرونة وخياطة الملابس إلى الأهل والأسرة متناسيين أمرا مهم ألا وهو الفروق الفردية بين الأطفال فالكثير من الوصفات التربوية تصلح لطفل أو مجموعة من الأطفال ولا تصلح لأخرى ناهيك عن زمان ومكان هذه الوصفات التي قدمت لهم وأثبتت نجاحها، فهناك وصفات جيدة ومقبولة ولكن في زمن من الأزمان وبالتالي كانت ممتازة ولكن عامل الوقت والتقدم الذي حصل وما زال يحصل يجعل الأمر مختلف تماما فلا تصلح لوقتنا الحاضر. كما أن اختلاف مكان الوصفة التربوية يلعب دور مهم فيما يصلح لمجتمع لا يصلح لآخر نظرا للتربية التي يقدمها هذا المجتمع، كما يلعب الدين والعادات والتقاليد دورا مهم في هذا الأمر
وبالتالي فعلى أهل التربية والمعلمين والعاملين في حقلها أن يحذروا من هذه الوصفات الجاهزة وان يعملوا جاهدين حتى تتناسب مع الطفل والمكان والزمان والتغيرات الذاتية للطفل والتغيرات التكنولوجية والعلمية.
فالطفل بما يملك من قدرات قوي أو ضعيف في وقت واحد، قوي لأن لديه طاقة كامنة بداخله لا حدود لها وضعيف لأنه صغير السن يحتاج إلى رعاية أهله وبحاجة لعطفهم وحنانهم ومحبتهم، فالطفل منذ ولادته كائن له شخصيته، فينبغي احترامه على اعتباره إنسانا قائما بذاته لديه مشاعر وأحاسيس كما لديه رغبة في إشباع حاجاته البيولوجية.
التحذير من استخدام إحدى الوسيلتين : الصارمة أو المتساهلة المتسامحة المطلقة في التربية.
الطفل كائن اجتماعي إنساني لديه من القدرات والمواهب العظيمة فقط بحاجة لمن يرشده ويساعده على النمو السليم دون تهديد لقدراته وشخصيته.
فلو تفحصنا لكلتا النظريتين( التربية الصارمة والتربية المتسامحة المتساهلة) فالأهل الذين يستخدمون التربية الصارمة كطريقة مثلى للتربية وشرطاً أولياً لتمكين الطفل والتحلي بالصفات الايجابية، والصفات التي يتقبلونها وخاصة العلم والمعرفة، وغرس القيم العليا من الجدية والشرف والصدق والواجب والأخلاق العالية.
وبموجب هذه التربية فإن الأهل يعاملون الطفل بقسوة فتستعمل وسائل القصاص والتأنيب والتوبيخ والتهديد وقد تصل للضرب.
ونظرية التربية المتساهلة المتسامحة تكون بإطلاق العنان لحرية الطفل والتساهل في تصرفات الطفل وأخطائه هي ردة فعل من الأهل على التربية الصارمة والضغط التي كانت تعتبر ميزة التربية القديمة التي تقوم على التعامل بقسوة مع الطفل.
فالحرية المطلقة هي ابتعاد وتغييب لدور الأهل ومنحها للطفل فيرى فيها الطفل بأن العالم الخارجي رهن إرادته، ورغباته، التي لا حدود لها.
ومن هنا فإنني كتربوي أرى بان كلتا الطريقتين لها من الخطورة الكبيرة على مستقبل الطفل والأسرة والمجتمع فنرى بان الأسرة المتساهلة يخرج في الكثير من الأحيان أبنائهم وخاصة في مرحلة المراهقة عن حدود الشرع والعادات والتقاليد ليعيش في حرية خطيرة قد تؤدي بهم إلى الجنوح.
كما أن الإمعان في الإذلال وعقاب الطفل العقاب المستمر الدائم وكأنه سلوك يومي متبع من قبل الأسرة يؤدي بالطفل وخاصة في مرحلة المراهقة إلى الجنوح أو بعض السلوكيات الخطيرة
إذاً ما الحل:
في رأيي يكمن الحل في استخدام كلتا الطريقتين في التربية وذلك وفق برنامج محدد وواضح فلا التساهل المطلق ولا العقاب المطلق بل باستخدام كل حالة على حده وكل سلوك ايجابي يقوم به الطفل يجب أن يقدم الأهل له تعزيز وكل سلوك سلبي يجب أن تنبه الأسرة للطفل بان هذا السلوك غير مرغوب فيه ويجب الابتعاد عنه وان استمر على هذا السلوك فاستخدام العقاب لا يكون بالضرب كما يفعل الكثير من الآباء بل بسحب انجاز أو حاجة لديه أو حرمانه من انجاز قدم له سابقا وهذا يجب أن يكون وفق برنامج تربوي واضح ومحدود.وأخيراً أتمنى لكم ولأطفالكم مزيدا من التقدم والنجاح
مع فائق الاحترام:
باحث الدكتوراة: خالد عياش