الشيخة خربوشة.. امرأة هزمت جبروت السلطة بالكلمات - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية خادم المنتدى
خادم المنتدى
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180
معدل تقييم المستوى: 1867
خادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميزخادم المنتدى في سماء التميز
خادم المنتدى غير متواجد حالياً
نشاط [ خادم المنتدى ]
قوة السمعة:1867
قديم 27-08-2019, 22:24 المشاركة 1   
افتراضي الشيخة خربوشة.. امرأة هزمت جبروت السلطة بالكلمات

الشيخة خربوشة..
امرأة هزمت جبروت السلطة بالكلمات

شعيب حليفي


قصة الشيخة خربوشة «مولاتْ الكلام الموزون»، معروفة ومتداولة

بين سكان عبدة ودكالة. إنها قصة امرأة «فحلة» قاومت جبروت السلطة،
المتمثلة في القايد بن عيسى. انحازت إلى أهلها، المظلومين،
وهجت الظالم بكلام سارت بذكره الركبان. أغرت القصة الزوغي فكتبها
سينمائيا في فيلم بعنوان «خربوشة» وبه سجل نقطة ضوء في مسار
السينما المغربية، للمواقف البطولية التي كانت لهذه الشخصية.
هنا يتتبع حليفي القصة عبر رواة التاريخ.
مر الكثير من رجال السلطة في القرنين الماضيين دون أن يلتفتَ إليهم

أحد، باستثناء المؤرخين المعنيين بالمرحلة وتفاصيلها، رغم الجبروت
الذي كان يروى عنهم، والذي يصل إلى حد أنهم كانوا
سلاطين على ممالك صغرى.
لكن واحدا يسمى القائد عيسى بن عمر العبدي، من سوء حظه،

أن تكون شاعرة وفنانة شعبية اسمها حويدة تستشعر الظلم
فتهجوه وينتقم منها بقتلها.. فتنفجر الحكاية وتُخلّد القائد
الجلاد والشاعرة الشهيدة. حكاية تُعرَف باسم «خربوشة»،
بكلماتها القادرة على إيقاظ المشاعر الراقدة والتحسيس
بالانتماء إلى هوية الحرية والثورة.
يعتبر القائد عيسى بن عمر العبدي واحدا من كبار القياد

الجهويين في المغرب. ولد بثمرة، إحدى فخذات قبيلة البحاترة
في عبدة، سنة 2481، من عائلة قيادية. ورغم أنه لم يتجاوز
في تعليمه الطور الأول من الكُتَّاب، فقد أبان في شبابه عن كثير
من الدهاء، مما جعل شقيقه الأكبر، القائد محمد بن عمر،
يؤثره عن غيره من بنيه وأهله ويعتمده خليفة له، فأظهر تفوقا
في كل المهام السياسية والعسكرية، التي أناطه بها، مما
أكسبه صيتا واعتبارا وازنا في دار المخزن، يسّرت عليه
خلافة أخيه بعد موته سنة 9781. كما سيختاره، لاحقا، المولى
عبد الحفيظ (8091 -2191) وزيرا لخارجية المغرب فور
مبايعته سلطانا لل**** والإنقاذ.
وإضافة إلى دهائه وبطشه، كان عيسى بن عمر رجل نشاط

وزهو، مُحبّاً لسهرات الفن الشعبي. وحتى يضمن منصبه
قائدا متحكما ويحافظ على عيشه، كان يُثقل كاهل سكان قبائل
عبدة بالضرائب، حتى لو صادفت سنوات القحط والأمراض..
مما جعل عددا من ساكنة قبيلة أولاد زيد في سنة 5981،
وهو عام صعب لم يستطيعوا تحمل ضرائبه ومجاعته،
ففروا في «عام الهروب» ذاك، فيما قرر الباقون الانتفاض
في ثورة ستدوم أربعة أشهر، من 5 يوليوز إلى ال21
من نونبر من نفس السنة، التي عرفت مفاوضات، ثم هجوما
على الثوار، بنيران المدافع والبنادق وبمساعدة عامل آسفي،
حمزة بنهيمة.
خلال الأربعة أشهر، كانت حويدة (خربوشة) الشاعرة والمغنية

الشعبية، إلى جانب الثوار، مُحرضة ومحققة للحماس الضروري.
ومما كانت تقوله:
- بْغيت السيبة ما بْغيت احكام.. من دابه ثمانية أيام على السي

عيسى الثمري.
- أنا عبدة لعبدة ولسي عيسى.. لا نوضا نوضا حتى لبوكشور..

نوضا نوضا حتى دار السي قدور..
-سير أعيسى بن عمر.. وكّالْ الجيفة قْتّال خوتو.. ومحلل الحرام..

سير عمر الظالم ما يروح سالم.. وعمر العلفة.. ما تزيد بلا
علام ورا حلفت الجمعة مع الثلاثْ.. يا عويسة فيك لا بقاتْ.
وفي ما يلي وثيقة مخزنية كتبها بوبكر بن بوزيد إلى الصدر
الأعظم أحمد بن موسى (باحماد) وهي مؤرخة ب 31 شوال
5131، وهو ما يوافق يوم الأحد، 6 مارس 8981:
«الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله
حفظ الله مجادة سيدنا الأعز الأرضى الصدر الأعظم الفقيه
الأجَلّ سيدي أحمد ابن الفقيه الوزير الأعظم سيدي موسى
بن أحمد وأمنه ورعاه وسلام عليك ورحمة الله على خير
مولانا نصره الله وبعد، يكون في علم سيادته أننا وجّهنا،
يومه، صحبة مخزني من أصحابنا الشيخة حويدة العبدية،
واصلة الحضرة الشريفة، دام عزها وِفق الأمر الشريف
أعزه الله. فإذا بأصحاب القائد عيسى بن عمر العبدي اتفق
خروجهم مع المخزني والمرأة المذكورة في وقت واحد
ورافقوهما مسافة، فلما انفصلت الطريق، عمدوا إلى مركوب
المرأة وساقوه إلى غير طريق المحلة السعيدة وحالوا بينها
وبين المخزني وقصدوا بها طريق أزمور نهرا، فصادرهم
وأعلمهم أنه متوجه بها للمحلة السعيدة وأراهم الكتاب
الذي بيده، فلم يلتفتوا إليه وتبعهم مسافة كبيرة ولم يقدر
على مقاومتهم، لأن عددهم اثنا عشر فارسا، وتوعدوه
إن لم يذهب معهم أو إلى المحلة أو إلى حيث شاء. فلما
يئس منها وتحقق عنه وقوع ما توعدوه به، خاف من ذهابه
إلى المحلة بالكتاب دون المرأة. رجع إلينا وكان وصوله
قرب المغرب والكتاب الموجه لسيادته أولا يصله معه.
وبه وجبَ إعلام سيادته وعلى المحبة والسلام
في 31 شوال .


خديم المقام العالي بالله
بوبكر بن بوزيد لطف الله به»...
عادوا بها إليه، فسجنها في أحد سجون داره المسماة الآن

«دار سي عيسى»، يحرسها شخص يسمى الشايب. ثم،
بعد ذلك، تتعدد الروايات لتنتهي بقتلها ورميها في بئر
ما زالت تسمى بئر حويدة. وصوتها يسترحم بأولياء الله
الصالحين، قائلة:
- نسألك بالمعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة..

والرتناني سيدي احسين جاء بين الويدان.. والغليمي
سيدي احمد العطفة يا ابن عباد.. والقدميري سيدي
عمر مولى حمرية.. والتجاني سيدي احمد مول الوظيفة.
خربوشة.. لكريدة.. زروالة.. حويدة.. الشامخة مولاتْ
الحق والكلام: لا أحد يعرف كيف قضيتِ ثلاثين شهرا
الفاصلة في هزيمة المعركة بين الثوار وسي عيسى وبين
انتصارك في حرب الشعر ضد الظلم. أين كنت في أولاد
سعيد؟ وماذا كنت تفعلين وهل كتبت، وأنت الأمية، أم قلتِ
شيئا ظل دفينا في تراب القبائل؟ وكيف رويتِ الحكاية
لهم هناك؟...
-************************-









آخر مواضيعي

0 فاتح رجب 1441: الثلاثاء 25 فبراير 2020
0 فاتح شهر جمادى الآخرة 1441: يوم الإثنين 27 يناير 2020
0 فاتح شهر جمادى الأولى يحل بالمغرب يوم السبت
0 إياك أن تصدق بأنك كبُرت في السن
0 فاتح ربيع الثاني 1441هـ: الخميس 28 نوفمبر 2019م
0 وفاة والد الأخ الاستاذ أحمد خويا .
0 مشروع القسم - نادية القباج - مدينة فاس
0 Mini guide de la pédagogie de projet
0 Un projet de classe, pourquoi ? comment ?
0 Le projet de classe de la 6ème primaire


التعديل الأخير تم بواسطة خادم المنتدى ; 27-08-2019 الساعة 22:38

خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1867
افتراضي
قديم 27-08-2019, 22:42 المشاركة 2   




حكاية خربوشة التاريخية
مع القائد عيسى بنعمر بعبدة اقليم اسفي


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
شكلت سيرة الشيخة حويدة الغياثية العبدية المعروفة بخربوشة ، ملحمة صمود أسطوري لامرأة عادية حشدت قواها وابرزت صمودها فيما كانت تنسجه من تعبير صادق لاحداث عاشتها مع قبيلتها ، حيث تغنت بصوتها شعرا فاضحا لطغيان واستبداد عيسى بنعمر الذي نكل بأهلها وقبيلتها، فأصبحت بذلك ثراتا شعبيا ، رغم انه لم يدون على صفحات الورق ولا في أسفار ومجلداتالكتب ، بل ظلت نصوص قصائدها تحفر تاريخها في أذهان العامة عن طريق الرواية والتداول والتلقين، واعتبر فن العيطة الذي تغنت به حويدة حسب الباحثين والمهتمين وعاء يدون فيه المجتمع تجاربه في الحياة بواسطة الرواية وعن طريق قوة الابتكار لدى المخيلة الشعبية، كما ينم عن شخصية المجتمع ومدى قوة إبداعه وإنتاجه الفكري، باعتباره حسب المصادر ذاتها وعاء حافظ للحكاية للشعبية ، كان المجتمع يعتمد نشرها وبثها في أذهان الناشئة من أجل بقائها وحفظها على مر الزمان

وانطلاقا من هذه التوطئة يمكن القول أن جانبا كبيرا من بسالة ثوار أولاد زيد، واستماتتهم في حرب عيسى بن عمر، يعود إلى ما كان يهز مشاعرهم من تحريض وتحميس، مصدره شاعرتهم الشيخة حويدة الغياثية العبدية، والتي يظهر من بعض ما يتداول من أوصافها، أنها كانت غير ذات جمال، فهي"خربوشة" و"كريدة"،, الشاعرة والمغنية الشعبية التي عاشت نهاية القرن19 في إقليم عبدة, وخلفت رصيدا من الأشعار يشكل حتى اليوم رافدا هاما لتراث "العيطة" بمختلف ألوانه، وتوثق هذه السيرة حسب العديد من المصادر لملحمة صمود أسطوري لامرأة عادية تشحذ كبرياءها وتجهر بصوتها شعرا فاضحا لطغيان واستبداد عيسى بنعمر الذي نكل بأهلها وقبيلتها، الذين يمثلون أكثر سكان فخضة البحاترة تضررا وتذمرا من بطش القواصم الطبيعية، ومن الاعتصار الضريبي المخزني، فقد كانوا أفقر سكان عبدة ، فأرضهم صخرية لا تترك إلا بقعا محدودة لا تصلح للزراعة بل يكتفون بتربية الماشية بحيث كانوا يجدون عنتا ومشقة ومزاحمة، من جراء ضرر تلاحق سنوات الجفاف والجراد ، وتخصيص قسم كبير من الاراضي الخصبة كمراعي للقايد وأكثر من ذلك أن القائد عيسى كان بحكم العرف يحوز لنفسه أفضل المراعي بأولاد زيد وبغيرها من أراضي ، وأمام ضنك المعيشة ، لم يجد معه قسم من أولاد زيد، سوى الهروب خارج ديارهم عـشـية سـنة 1895، التي تؤرخ لانتفاضتهم، حتى سمي عامها "بعام الهربة"، الشيخة حويدة الغياثية المعروفة بخربوشة لم تكن في غاية من الجمال ، ولعل هذه الدمامة كانت ترفع عنها الحرج في مخالطة الرجال، ولذلك كانت في حماة ثورة بني قومها، تجلس إلى مقاتلي أولاد زيد ليلا، حين يخلدون للراحة بعد عودتهم من معارك الكر والفر، فتنشدهم قصائد (عيوط)، كلها " تحميس لهم وتحريض على متابعتهم القيام (الحرب) ضد السي عيسى"، تحثهم فيها على الصبر والثبات والمبادأة في الهجوم والطعان، وبتشبتها بقبيلتها كانت تقول: وخ قتلوني ، وخ خلوني، ما اندوز بلادي، رانا زيدية، في نفس الآن كانت تكيل للقائد هجوا قاسيا وبذيئا، ولم يكن نظم الشيخة حويدة وغناءها يبقى حبيس رواة أولاد زيد وصدى مرابطهم، بل كانت تشيع قصائدها وتنتشر بين قبائل عبدة بل تتسرب حتى إلى قبائل الجوار، فكان الناس يرددونها "فرادى وجماعات"، مما أعطى لـهـذه الثورة دعما معنويا كبيرا، قلما ظفرت به فتن قبيلة أخرى، وجعل منها ملحمة شعبية، تنطق في حكم بعض الباحثين، بكثير من الدلالات والقيم والآمال، كانت تقول :ضربة على ضربة حتى لبكشور، ضربة على ضربة حتى لباب سي قدور، وبعدما سحق القائد عيسى ثورة أولاد زيد، هربت حويدة عند أخوالها بأولاد سعيد في الشاوية، فأرسل القائد في طلبها، لكن قائد أولاد سعيد، المدعو أبو بكر بن بوزيد، رفض تسليمها له، وأعلم السلطان بخبرها، فأمره بنقلها إلى دار المخزن، وصادف يوم تنفيذ الأمر السلطاني وجود جماعة من أصحاب القائد عيسى بمجلس ابن بوزيد، يبدو أنهم جاءوا لتجديد طلب تسليمها، وحين خرجت الشيخة المطلوبة رفقة مخزني قاصدة دار المخزن، لحق بها أفراد جماعة القائد عيسى، "فرافقوهما مسافة، فلما انفصلت الطريق عمدوا إلى مركوب المرأة، وساقوه لغير طريق المحلة السعيدة، وحالوا بينها وبين المخزني، وأعلمهم بأنه متوجه للمحلة السعيدة، وأراهم الكتاب الذي بيده فلم يلتفتوا إليه...ولم يقدر على مقاومتهم لأن عددهم اثنا عشر فارسا"، وعند وصولها إلى عيسى بن عمر، زج بها فـي سجن قصبته، ويفصح بعض محفوظ آخر قصائدها أنها كانت تقاسي تعذيبا، وتذكر الروايا الشعبية نهاية الشيخة احويدة، أنها ما تركت بابا يمكن الولوج منه إلى قلب القائد عيسى بن عمر إلا طرقته، طلبا لصفحه ورحمته: - فمرة استعطفته بواحدة من أعز بناته ، قائلة : آ السعدية طلبي بوك علي ,,,إلى اوتيت يسامح لي ,,,واخا قتلني واخا خلاني ,,,مندوز بلادي راني زيدية ,,,على كلمة خرجت البلاد ،،،،واخرجت لحكام ,,,,ا سلامة ليك آ اليام، ومرة أخرى استرحمته بأولياء الله الصالحين ، قائلة :نسألك بالمعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة، ,,,,والرتناني سيدي احسين جاء بين الويدان, ,,,,والغليمي سيدي احمد العطفة يا ابن عباد,,,,والقدميري سيدي عمر مولى حمرية ,,,,والتجاني سيدي احمد مول الوظيفة ، ويذكر الصبيحي أن القائد عيسى حبسها "مدة مديدة"، وخلالها كان يحضرها بين وقت وآخر، للسخرية منها بمرآى من بطانته، "فيركبها ناقة، ويأمرها أن تغني، وهو في وسط إخوانه، الغناء الذي كانت تغنيه لأولاد زيد"، وبعد أن أشفى غله منها بإهانتها "قتلها"، رغم استرحامها له ، وتذهب الرواية الشعبية إلى القول بأن استرحام احويدة فعل فعله المنشود في قلب القائد، فاستمهل النظر في أمرها، ولما طلبها من سجانها المدعو "الشايب"، أجابه هذا الأخير بأنه فتك بها بعدما أغاضه هجوها لسيده وقائده، ومن شدة غضبه على فعلة سجانه وحسرته المريرة على احويدة، أمر القائد بأن يجلد "حتى يعجز عن الكلام"، انتقاما واقتصاصا منه.
-*********************************-


خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1867
افتراضي
قديم 27-08-2019, 22:47 المشاركة 3   

خربوشة بين قصة الأغنية و التاريخ


هل صحيح أن قصة أغنية " خربوشة " واقعة تاريخية ، بطلها أحد القياد الذي نصبه الاستعمار الغاشم لكبح جماح القبائل الثائرة . و الذي أصر على انتزاع "خربوشة " حبيبة ابنه لنفسه ، لكنها ترفضه ، بل تتحداه إلى إعلان التمرد عليه ، صابرة على ما تتلقاه من صنوف التنكيل و التعذيب إلى أن لقيت حتفها ؟!! هل صحيح أن آخر كلمة تلفظت بها "خربوشة " ، قبل رحيلها ، قولها لحارسها في السجن ، بعدما رق لحالها و مدها بقليل من الماء لتشرب : ( كول لقايدك الحب بزاف عليك ! ) ؟؟!!
إن المطالع لكتاب ( عيسى بن عمر و ثورة أولاد زيد و واقعة الرفسة) الصادر سنة 2003م لمؤلفه الأستاذ إبراهيم كريديه يعجب بمادته التارخية و منهجيته المحكمة ، إليكم بعضا مما جاء في هذا الرصد التاريخي المميز .
القايد عيسى بن عمر :
يعتبر القائد عيسى بن عمر ، من كبار قواد المغرب، حتى عده أحد الأجانب العارفين بخبايا المخزن، " أكثر القواد الجهويين أهمية في الإمبراطورية الشريفة ".أبصر النور بثمرة، إحدى فخذات قبيلة البحاترة، سنة 1842 ،وعلى الرغم من أن عيسى بن عمر لم يتجاوز في تعليمه الطور الأول من الكتاب، ، فإنه أبان في شبابه عن كثير من المناقب والكفاءات، جعلت شقيقه القائد محمد بن عمر يؤثره عن غيره من بنيه وأهله ، ويعتمده خليفة له، فأظهر تفوقا في كل المهام السياسية والعسكرية، التي أناطه بها، مما أكسبه صيتا حسنا واعتبارا وازنا بدار المخزن، يسرت عليه خلافة أخيه بعد موته سنة1879.
وقد تميز القائد عيسى بن عمر عن سلفيه، عمه وأخيه المذكورين، بأنه أدى وظيفة القيادة في ظرف دقيق وخطير من تاريخ المغرب، بفعل التكالب الأجنبي، للنيل من مقدرات المغرب وسيادته، وقد نجح القائد عيسى إلى حد كبير في استثمارها في الارتقاء والتوسع بنفوذه ، ولم يقف تألقه عند هذه الحدود ، بل تعداها لما هو أسمى وأعظم عندما اختاره المولى عبد الحفيظ (1908-1912) وزيرا لخارجية المغرب فور مبايعته سلطانا لل**** والإنقاذ.
وقد لا نبالغ إذا ما أقررنا بأن جانبا غير يسير من تفوق القائد عيسى بن عمر، وصعود نجمه بدار المخزن، وما تبع ذلك من توسع في النفوذ والسطوة، يرجع إلى ما استفاده من ثورة أولاد زيد ، فعوض أن تعصف به وبقيادته، فإنها أربحته مزيدا من النجاح والقوة والتألق والغنى، ومنحته فترة أخرى من القايدية، كانت أطول وأزهى من سابقاتها
وقد تمخضت ثورة أولاد زيد عن ظروف صعبة ومعقدة، تشابكت فيها الأسباب العامة بالخاصة، لتفرخ فتنة قبلية هوجاء، استغرقت أكثر من أربعة أشهر.
وإذا انتقلنا إلى قبيلة البحاترة، إيالة القائد عيسى بن عمر وفرعها أولاد زيد، لاستقصاء مدى الضرر الجبائي الذي أصاب مقدراتها الاقتصادية، نجد :
أ- أن أولاد زيد مثيري ثورة 1895مكانوا بكل القرائن، أكثر سكان إيالة البحاترة تضررا وتذمرا من بطش القواصم الطبيعية، ومن الاعتصار الضريبي المخزني، فقد كانوا أفقر سكان عبدة طرا، فأرضهم صخرية لا تترك إلا بقعا محدودة تصلح للاستزراع ، وحتى نشاط تربية الماشية الذي كانوا يركزون عليه ، كانوا يجدون فيه عنتا ومشقة ومزاحمة، من جراء ضرر تلاحق سنوات الجفاف والجراد ، وتخصيص قسم كبير من المسارح لعذيرات المخزن وهويراته ، التي كانت تنتشر بربعهم، وأكثر من ذلك أن القائد عيسى كان بحكم العرف يحوز لنفسه أفضل المراعي بأولاد زيد وبغيرها من أراضي إيالته، أسوة بباقي قواد عصره، الذين كانوا مثله في إيالاتهم أكبر ملاكي الأراضي الزراعية والماشية؛ ومع تناقص المسارح وازدياد الثقل الجبائي وما ترتب عنه من ضنك في المعيشة ، لم يجد معه قسم من أولاد زيد، سوى الهروب خارج ديارهم عشية سنة 1895، التي تؤرخ لانتفاضتهم، حتى سمي عامها "بعام الهربة"، في حين أعلن الباقي عصيانهم على المخزن وممثله عيسى بن عمر، متمثلين قول شاعرتهم احويدة :
ابغيت السيبة
ما ابغيت احكام
من دابه ثمانية أيام
على السي عيسى الثمري.
فاهتدى بدهائه وحكمته إلى ركوب سياسة تجمع بين المرونة والاحتراس، فعمل على تجريدهم من سلطتهم ، و منحها لغيرهم من القبائل الأكثر وفاء له .
غير أنها لم تنجح في تليين فخدة أولاد زيد النازعة إلى التمرد، فتنادى أولاد زيد بالعصيان والتحرر، وزادهم حماسا قول شاعرتهم حويدة :
"أنا عبدة لعبدة
ولسي عيسى لا
نوضا نوضا حتى لبوكشور
نوضا نوضا حتى دار السي قدور
وحتى يتيسر علينا متابعة تطورات ثورة أولاد زيد والإحاطة بأهم وقائعها، ارتأينا حصر مجريات أحداثها ووقائعها في خمسة أطوار كبرى.
الطور الأول
: يبتدئ من 5 يوليوز إلى 15 يوليوز 1895، وفيها جرب عيسى بن عمر بقوة خيارين، بعد جسه لقوة الثوار وتقديره المسبق لعواقب وتبعات فعلتهم، وذلك بسلوك طريقين بطلب الصلح والإلحاح عليه، مع الضرب على مضاربهم بقوة وشراسة ، وذلك باعتماد تكتيك الأرض المحروقة، في محاولة منه لاحتواء الثورة وسحقها قبل أن يتسع خرقها
-
الطور الثاني
: يبتدئ من 16 يوليوز إلى 26غشت، وفيه ركب الثوار خطة ذكية، بانتقال زعماءهم وأهليهم إلى أسفي وناحيتها، حتى يتمنعوا عن يد بطش القائد عيسى ، ويعملوا فيها على تقوية صفوفهم بالتزود بالسلاح وكسب مزيد من الأنصار والمشايعين، وللتقرب من عامل آسفي، غريم القائد، وكسب تأييده ووساطته لدى المخزن المركزي في إزاحته
-
الطور الثالث
: يبتدئ من 26 غشت إلى 7 نونبر، وفيه طالب القائد عيسى السلطان بتمكينه من عدة شروط لوجستية لضمان سحق ثورة أولاد زيد، كما نجح في حمل السلطان على إقحام عامل آسفي طرفا في حرب أولاد زيد.
- الطور الرابع
: يبتدئ من 7 نونبر إلى 9 منه ، وفيه دارت الدائرة على ثوار أولاد زيد، بعد أن تمالئ عليهم القائد عيسى والعامل بنهيمة ، وأصلاهم جندهما بسعير نيران المدافع والبنادق من كل إتجاه، من خارج أسوار مدينة أسفي، ومن داخلها.
-
الطور الخامس
: ويبتدئ من 9 نونبر إلى 12 نونبر، وفيه كانت وقعة الرفسة الرهيبة.
1- بعد أن أيقن ثوار أولاد زيد بهزيمتهم، وفشل ثورتهم في بلوغ مرادها، استسلموا وتنادوا للصلح، فدعا حمزة بنهيمة زعمائهم إلى عقد مجلس صلح "بالمخزن الكبير للتاجر...خورخي ...الاصبنيولي بالرباط "
2- حل القائد عيسى بمقر الاجتماع وفي نيته تصفية رؤؤس الفتنة وإعدامهم ، وأوصى بذلك مرافقيه من أصحابه؛ وهذا ما حدث بالفعل، وعجل بفض المجلس في حالة من الرعب والفوضى . و تعقب القائد عيسى بمعية أصحابه ما بقى من زعماء أولاد زيد، وحتى المستحرمين منهم بضريح الشيخ أبي محمد صالح، دخلوا عليهم، و" قتلوا منهم في جانب الضريح".
3- وبمجرد تسرب نبأ المذبحة، وشيوع أخبار "بأن عامل آسفي غدر به ومات"، وأن القائد عيسى يريد شرا بأهل آسفي، روع الناس وتسارعوا في سباق مجنون إلى "باب الرباط"، لدخول المدينة والاحتماء بأسوارها، لكن عامل آسفي، وخوفا من تسرب أصحاب عيسى بن عمر إلى المدينة، أمر بإقفال الباب المذكور ، في وقت كان فيه الرصاص والكور ينطلق من فوق الباب والأسوار، في اتجاه كل قروي، سواء داخل أزقة المدينة أو خارج أسوارها، ووقع ازدحام شديد على باب الرباط الموصد، "لم يعهد مثله قط"، وصعد الناس بعضهم فوق بعض، "حتى كان الناس على أربع طبقات"، فمات خلق كثير من الرفس والسحق والاختناق، "أقل ما قيل في عددهم مائة وسبعون رجلا".
اختطاف الشيخة حويدة الغياثية وإعدامها:
يمكن القول أن جانبا كبيرا من بسالة ثوار أولاد زيد، واستماتتهم في حرب عيسى بن عمر، يعود إلى ما كان يهز مشاعرهم من تحريض وتحميس، مصدره شاعرتهم الشيخة حويدة الغياثية العبدية، والتي يظهر من بعض ما يتداول من أوصافها، أنها كانت غير ذات جمال، فهي"خربوشة" و"كريدة"، ولعل هذه الدمامة كانت ترفع عنها الحرج في مخالطة الرجال، ولذلك كانت في حماة ثورة بني قومها، تجلس إلى مقاتلي أولاد زيد ليلا، حين يخلدون للراحة بعد عودتهم من معارك الكر والفر، فتنشدهم قصائد (عيوط)، كلها " تحميس لهم وتحريض على متابعتهم القيام (الحرب) ضد السي عيسى"، تحثهم فيها على الصبر والثبات والمبادأة في الهجوم والطعان، في نفس الآن كانت تكيل للقائد هجوا قاسيا وبذيئا، ولم يكن نظم الشيخة حويدة وغناءها يبقى حبيس رواة أولاد زيد وصدى مرابطهم، بل كانت تشيع قصائدها وتنتشر بين قبائل عبدة بل تتسرب حتى إلى قبائل الجوار، فكان الناس يرددونها "فرادى وجماعات"، مما أعطى لهذه الثورة دعما معنويا كبيرا، قلما ظفرت به فتن قبيلة أخرى، وجعل منها ملحمة شعبية، تنطق في حكم بعض الباحثين، بكثير من الدلالات والقيم والآمال.
فبعدما سحق القائد عيسى ثورة أولاد زيد، هربت حويدة عند أخوالها بأولاد سعيد في الشاوية، فأرسل القائد في طلبها، لكن قائد أولاد سعيد، المدعو أبو بكر بن بوزيد، رفض تسليمها له، وأعلم السلطان بخبرها، فأمره بنقلها إلى دار المخزن، وصادف يوم تنفيذ الأمر السلطاني وجود جماعة من أصحاب القائد عيسى بمجلس ابن بوزيد، يبدو أنهم جاءوا لتجديد طلب تسليمها، وحين خرجت الشيخة المطلوبة رفقة مخزني قاصدة دار المخزن، لحق بها أفراد جماعة القائد عيسى، "فرافقوهما مسافة، فلما انفصلت الطريق عمدوا إلى مركوب المرأة، وساقوه لغير طريق المحلة السعيدة، وحالوا بينها وبين المخزني، وأعلمهم بأنه متوجه للمحلة السعيدة، وأراهم الكتاب الذي بيده فلم يلتفتوا إليه...ولم يقدر على مقاومتهم لأن عددهم اثنا عشر فارسا"، وعند وصولها إلى عيسى بن عمر، زج بها في سجن قصبته، ويفصح بعض محفوظ آخر قصائدها أنها كانت تقاسي تعذيبا، ويذكر الصبيحي أن القائد عيسى حبسها "مدة مديدة"، وخلالها كان يحضرها بين وقت وآخر، للسخرية منها بمرآى من بطانته، "فيركبها ناقة، ويأمرها أن تغني، وهو في وسط إخوانه، الغناء الذي كانت تغنيه لأولاد زيد"، وبعد أن أشفى غله منها بإهانتها "قتلها"، رغم استرحامها له.
وتذهب الرواية الشعبية مذهبا آخر في تناول نهاية الشيخة احويدة، فتذكر أنها ما تركت بابا يمكن الولوج منه إلى قلب القائد عيسى بن عمر إلا طرقته، طلبا لصفحه ورحمته:
- فمرة استعطفته بواحدة من أعز بناته ، قائلة :
آسعدية طلبي بوك علي
إلى اوتيت سامح لي
واخا قتلني واخا خلاني
مندوز بلادي راني زيدية .
على كلمة خرجت لبلاد
واخرجت لحكام
لا سلامة ليك آليام
- ومرة أخرى استرحمته بأولياء الله الصالحين ، قائلة :
نسألك بالمعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة
والرتناني سيدي احسين جاء بين الويدان
والغليمي سيدي احمد العطفة يا ابن عباد
والقدميري سيدي عمر مولى حمرية
والتجاني سيدي احمد مول الوظيفة .
- وفي مرة ثالثة مدحته مكفرة عن ما صدر منها من هجو لاذع لشخصه وبهاء سلطته، قائلة :
القبيلة على ايديك
قالو ازهات الله يزهيها
الخزانة قالو رشات
القايد يجددها
البرادة قالو خوات
فاتح يعمرها .
وتذهب الرواية الشعبية إلى القول بأن استرحام احويدة فعل فعله المنشود في قلب القائد، فاستمهل النظر في أمرها، ولما طلبها من سجانها المدعو "الشايب"، أجابه هذا الأخير بأنه فتك بها بعدما أغاضه هجوها لسيده وقائده، ومن شدة غضبه على فعلة سجانه وحسرته المريرة على احويدة، أمر القائد بأن يجلد "حتى يعجز عن الكلام"، انتقاما واقتصاصا منه
.
ذ. إدريس الهراس / الفقيه بن صالح

الأحد01شـوال1441هـ/*/24مــاي2020م

خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1867
افتراضي
قديم 27-08-2019, 22:52 المشاركة 4   

"خربوشة".. المرأة التي هزمت
الجبروت بالكلمات (فيديو)
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

يزخر التاريخ المغربي عبر جميع الحقب بقصص كثيرة لنساء رائدات في شتى المجالات، تركن بصمات وصمدن إما من أجل مبدأ أو دفاعا عن الحق في مواجهة الظلم والعدوان بجميع أشكاله.
ومن بين قصص الكفاح النسائية لمناضلات قهرن الخوف وأظهرن شجاعة لا تقل عن شجاعة الرجال في ساحات النضال ومقارعة الظلم والاستبداد، نذكر "خربوشة".
تعددت الأسماء و"خربوشة" واحدة
خربوشة أو "حادة الغياثية العبدية"، المرأة المناضلة التي طبعت الذاكرة الشعبية العبدية منذ أواخر القرن التاسع عشر لتكتسي فيما بعد "قناعا" أسطوريا تحولت بفضله إلى رمز وطني للمقاومة و الصمود في وجه الفساد و الاستبداد.
ولم نكن لنسمع بـ"خربوشة" لولا بعض الرباعيات الزجلية التي وجدت متناثرة في بعض العيوط العبدية، ولولا العيطة الشهيرة المسماة باسمها. فسليلة قبائل "ولاد زيد" ومفخرة منطقة "الحصبة" تركت إرثا إنسانيا عظيما أرّخ لوجودها بل و تعداه ليحكي حقبة كاملة من تاريخ عبدة المنسي.
في هذا السياق، يرى الدكتور نسيم حداد الباحث في فنون العيطة، أن تجميع حكاية خربوشة يمكننا أن نقوم به انطلاقا مما جاء في لسان العيطة، ونذكر على سبيل المثال: ""خربوشة، زروالة، الكريدة ..." و غيره مما جاء في وصف لبطلة قصتنا "حادة" أو "حويدة" كما اشتهرت، وهذه الأوصاف تدل مما لا شك فيه عن شعر أجعد (الكريدة) و عينان زرقاوتان (زروالة) ووجه تعلوه الندبات من آثار مرض الجذري (خربوشة)، وهذه كلها أوصاف عرفت بهم "حادة الزايدية" وخطّتهم منون العيطة"، مشيرا إلى أن "العديد من الباحثين ذهبوا إلى ربط كونها كانت غير ذات جمال بقدرتها على مخالطة الرجال من قبيلتها في ثورتهم ضد القائد عيسى بن عمر. لكن و في اعتقادي، ربط من هذا القبيل يعد تنميطا للصورة الذكورية السائدة ونكرانا لدور المرأة المغربية إلى جانب الرجل في كل مواقف الحياة. ودليلي هو كل تلك القصص عن نساء مناضلات طبعن التاريخ المغربي منذ العهد الأمازيغي مرورا بالفتح الإسلامي ووصولا إلى الحاضر المعاش".
سي عيسى قائد بالحديد والنار
ولمن لا يعرف القائد عيسى بن عمر العبدي، فهو واحد من كبار القياد الجهويين في المغرب. ولد بثمرة، إحدى فخذات قبيلة البحاترة في عبدة، سنة 1842، من عائلة قيادية، ورغم أنه لم يتجاوز في تعليمه الطور الأول من الكُتَّاب، فقد أبان في شبابه عن كثير من الدهاء، مما جعل شقيقه الأكبر، القائد محمد بن عمر، يؤثره عن غيره من بنيه وأهله ويعتمده خليفة له، فأظهر تفوقا في كل المهام السياسية والعسكرية، التي أناطه بها، مما أكسبه صيتا واعتبارا وازنا في دار المخزن، يسّرت عليه خلافة أخيه بعد موته سنة 1879. كما سيختاره، لاحقا، المولى عبد الحفيظ (1908 -1912) وزيرا لخارجية المغرب فور مبايعته سلطانا لل**** والإنقاذ.
وإضافة إلى دهائه وبطشه، كان عيسى بن عمر رجل نشاط وزهو، مُحبا لسهرات الفن الشعبي. وحتى يضمن منصبه قائدا متحكما ويحافظ على عيشه، كان يُثقل كاهل سكان قبائل عبدة بالضرائب، حتى لو صادفت سنوات القحط والأمراض.
ومن سوء حظ رجل يسمى القائد عيسى بن عمر العبدي، أن توجد في عهده شاعرة وفنانة شعبية اسمها "حويدة" من قبيلة أولاد زيد لا يلجم لسانها المتدفق شررا جبروت و لا سطوة ظالم.
ثورة الكرامة لأولاد زيد
في هذا الصدد، يقول حداد في تصريح لـ " pjd.ma" : "لن أخوض في تاريخ عبدة، ولن أعيد ما جاء به مجموعة من الباحثين المعاصرين من تأريخ لحقبة القائد عيسى بن عمر مشكورين، لكن لا بد من التذكير بالحيثيات التاريخية، فقد ارتبط اسم "خربوشة" باسم أحد أكبر القواد في التاريخ المغربي والمعروف باسم "سي عيسى"، وقد تمخضت حكايتها عن ظروف عصيبة تتشابك فيها القواسم الطبيعية بالبطش السلطوي. فقبيلة أولاد زيد كانت من أكثر القبائل تضررا من سنوات الجفاف وارتفاع الثقل الجبائي نتيجة الاعتصار الضريبي للمخزن، فما كان لسكان هذه القبيلة سوى الخروج من ديارهم في عام سمي بـ"عام الهربة" سنة 1895. فكانت هذه بداية انتفاضتهم التي تبعتها مجموعة ثورات انتهت بما يسمى ب"عام الرفسة" بعد أن غدر بهم القائد "عيسى بن عمر" على حسب ذكر بعض المؤرخين. لكن وطوال هذه الثورة (التي دامت أربعة أشهر)، ظلت "خربوشة" مصدرا لحفز الهمم و هز المشاعر والتحميس على الصمود و النضال من أجل بلوغ كرامة العيش، ولعل ما شهد من بسالة قبائل أولاد زيد مصدره تلك المرأة المناضلة "حويدة" ووقوده تلك الرباعيات أو (العروبيات) الزجلية التي صاحت وتغنت بها".
فخلال الأربعة أشهر، كانت حويدة (خربوشة) الشاعرة والمغنية الشعبية، إلى جانب الثوار، مُحرضة ومحققة للحماس الضروري، ومما كانت تقوله:
- بْغيت السيبة ما بْغيت احكام.. من دابه ثمانية أيام على السي عيسى الثمري..
- أنا عبدة لعبدة ولسي عيسى.. لا نوضا نوضا حتى لبوكشور.. نوضا نوضا حتى دار السي قدور..
-سير أعيسى بن عمر.. وكّالْ الجيفة قْتّال خوتو.. ومحلل الحرام.. سير عمر الظالم ما يروح سالم.. وعمر العلفة.. ما تزيد بلا علام ورا حلفت الجمعة مع الثلاثْ.. يا عويسة فيك لا بقاتْ.
"لكن، وفي ظل الكبح الذي تعرضت له ثورة الكرامة لأولاد زيد، هربت "حادة" بعد أن خلفت وراءها أزجالا تضرب بها الأمثال في الشجاعة و بالمقابل هجاء شرسا للقائد "عيسى بن عمر". فما كان إلا أن أرسل القائد في طلبها و وضع حدا لحياتها ليخرس بذلك كلمة أطربت فحمست و أزعجت"، يضيف الباحث في فنون العيطة.
"خربوشة" تموت "عبدة لعبدة"
هذا، و"تتضارب القصص في طريقة موت "خربوشة" و تتشابك الأحداث في كل ما روي عنها،إذ تذهب بعض الروايات إلى القول بأن استرحامها لعيسى بن عمر فعل فعله المنشود في قلبه، فاستمهل النظر في أمرها، ولما طلبها من سجانها المدعو «الشايب»، أجابه هذا الأخير بأنه فتك بها بعدما أغاضه هجوها لسيده وقائده، ومن شدة غضبه على فعلة سجانه وحسرته المريرة على احويدة، أمر القائد بأن يجلد حتى يعجز عن الكلام، انتقاما واقتصاصا منه، ومن الروايات من تقول أنه تم قتلها ورميها في بئر ما زالت تسمى بئر حويدة، فيما تقول أخرى أنه تم بناء سور عليها،"لكن المهم هو أن "خربوشة كانت وستظل مثالا للمرأة القروية البسيطة المناضلة و رمزا للشجاعة و البسالة كغيرها من نساء مغربيات طبعوا الذاكرة الشعبية منها الشفهية والمكتوبة"، يضيف نسيم حداد.



التعديل الأخير تم بواسطة خادم المنتدى ; 27-08-2019 الساعة 23:00

خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1867
افتراضي
قديم 27-08-2019, 23:03 المشاركة 5   




خربوشة - للشيخة حويدة الملقبة خربوشة


الأحد01شـوال1441هـ/*/24مــاي2020م
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« من كنوز التراث العربي : رسالة الغفران | أمثال شعبية مغربية بالصّور . »
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السيدة هدى السراري عاشر امرأة في قائمة النساء الاكثر تأثيراً في العالم العربي فلاش دفتر المشاريع والأفكار التربوية 0 05-03-2019 10:12
خربوشة : عيطة شعبية بين القصة و التاريخ . الشريف السلاوي دفتر التراث الأصيل 8 18-04-2016 18:24
البنت و الحفيدة يقتلون امرأة مسنة ويحرقون جثتها ب"لصانص" في دكالة nasser دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 1 08-12-2014 21:38
زيارة السيدة نزهة الصقلي والتضامن للمركب الاجتماعي أم كلثوم salamall ثقافة العمل الجمعوي 6 02-04-2009 23:16
ودع الدنيا تبكي من جبروت أبتسامتــــــــك عاشقة احمد ياسين دفاتر الإبداعات الأدبية 4 13-03-2009 11:51


الساعة الآن 12:09


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة