دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهنيهذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالأخبار والمستجدات الوطنية المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم المدرسي و التكوين المهني
أضحت محاربة الأمية بالمغرب ورشا كبيرا يحظى بأولوية قصوى ضمن استراتيجية مندمجة تضع استثمار العنصر البشري من خلال تكوينه وجعله قادرا على المشاركة في التنمية الاقتصادية في صلب اهتماماتها.
وقد حقق المغرب، الذي يخلد يوم 13 أكتوبر الجاري اليوم الوطني لمحاربة الأمية، العديد من المكتسبات والإنجازات في مجال محاربة الأمية؛ إذ تراجعت نسبة الأمية بالمملكة إلى ما يقاربـ 38 في المائة حسب إحصائيات رسمية، بعد أن كانت تمثل 43 في المائة سنة 2004• ومن أجل محاربة هذه الآفة، اعتمد المغرب استراتيجية وطنية تستند على فلسفة ومبادئ واقعية مكنت من تحقيق أهداف كمية ونوعية محفزة، تمثلت في التزايد المستمر لأعداد المسجلين، مما استدعى وعلى نحو مستمر، تطوير آليات التنفيذ؛ من وسائل وأدوات بيداغوجية لمواكبة هذا التزايد المضطرد. وحسب كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية، تهدف هذه الاستراتيجية، طبقا لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، إلى تقليص نسبة الأمية إلى 20 في المائة في أفق 2010 والقضاء شبه التام على هذه الظاهرة في أفق 2015، فضلا عن تخفيض الأمية لدى الساكنة النشيطة إلى أقل من 10 في المائة في أفق 2010، وضمان التربية للأطفال غير الممدرسين أو المنقطعين عن الدراسة في أفق 2010• وأثمرت الجهود المبذولة بشراكة مع النسيج الجمعوي ومختلف القطاعات والفاعلين في هذا المجال، حصيلة رقمية قوية وقفزة نوعية خلال الست سنوات الأخيرة، حيث تم خلال هذه الفترة محو أمية ما يفوق3 ملايين مستفيد ومستفيدة. وانسجاما مع روح وأهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005، أضحت محاربة الأمية منذئذ مكونا أساسيا للتنمية البشرية؛ اعتبارا لمفهوم التنمية الشمولي وتشعب مكوناته المختلفة وأبعاده المتعددة. ومن هذه الزاوية، تتجلى بوضوح أهمية التأهيل الفكري للمواطن المغربي في مسلسل التنمية البشرية، وما يمثله اكتسابه للكفايات الأساسية، وعلى رأسها القرائية، من أهمية، بالنظر إلى أن القرائية تعد مدخلا رئيسيا لولوج عالم المعرفة، وبالتالي تطوير الذات والمحيط من خلال هذا الولوج، وهي قناعة أضحت راسخة ومشتركة جعلت من ضرورة إدراج محو الأمية في كل المشاريع التنموية، التي يخطط لها أو تنفذ في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، هدفا أسمى.( وعلى الرغم من الإنجازات في مجال محاربة الأمية كمجهود مجتمعي تنموي وحداثي تنخرط فيه بلادنا بحزم وثبات، فإن التحدي لا يزال كبيرا بالنظر إلى نسبة الأمية المرتفعة في البلاد، والتي تشمل نحو 34 في المائة من المغاربة الذين يبلغون من العمر عشر سنوات فما فوق. وأمام هذه الوضعية المقلقة للأمية وما تشكله من عوائق أمام كل مجهود إصلاحي، وفي سياق الإعداد للدخول المقبل، تم اعتماد استراتيجية ناجعة لموسم (2008-2009)، تتوخى محو أمية مليون مستفيد ومستفيدة على الأقل، مع إعطاء الأولوية للفئات العمرية 15 و45 سنة وللوسط القروي والعنصر النسوي. ويتفق الجميع على أن من شأن ضمان حق التربية والتعليم لجميع الفئات العمرية أن يساهم في معالجة جذرية لهذه الآفة في إطار مقاربة مندمجة ومتكاملة تروم تجفيف منابع الأمية بتكامل ودعم للمجهودات التي تقوم بها المدرسة المغربية، وبتعاون مع الفاعلين المعنيين، عن طريق التعرف المبكر على حشود الأميين الذين يغذون هذه الظاهرة، ومواكبتهم وتقديم الدعم اللازم لهم، مع منح الأطفال غير الممدرسين الفرصة الثانية في إطار التربية غير النظامية، وتوفير برامج لمحو الأمية لفائدة الكبار، لتمكينهم من المعارف والكفايات الضرورية لتحقيق اندماجهم، فضلا عن وضع برامج لما بعد الأمية للمتحررين حديثا من هذه الآفة، ومساعدتهم على توثيق مكتسباتهم المعرفية وتوظيفها على نحو أمثل. وما تزال الجهود متواصلة لإنجاح هذا الورش الكبير حتى يتسنى توفير الشروط الكفيلة بتسريع وتيرة التدخل لاستقطاب وتكوين أكبر عدد من المستفيدين من مختلف برامج محاربة الأمية، وهو الأمر الذي لن يتأتى، باتفاق مهنيي القطاع، إلا بتدخل فاعلين وشركاء جدد بما يضمن الانخراط المكثف والإيجابي في ضمان ديمومة وفعالية هذا المشروع الوطني الكبير.