لا شك أن الوزير الجديد للتربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي سيجد أمامه العديد من الملفات العالقة والأوراش المفتوحة وأجواء متسمة بالاحتقان وحتى التوتر. وذلك ناتج من جهة عن خصوصية حقل التربية والتكوين باعتباره من القطاعات المتفاعلة مع المتغيرات الوطنية والدولية والمتأثرة بالظرفية السياسية والاقتصادية، وعن التدبير غير الموفق وغير الحكيم في الكثير من الأحيان لبعض الملفات، ومنها بالخصوص ملف هيأة التوجيه والتخطيط التربوي.
ولا يخفى أن لهيأة التوجيه والتخطيط التربوي حضورا نوعيا على مستويات متعددة وفي مختلف العمليات والتدخلات سواء على صعيد النيابات والأكاديميات أو على الصعيد المركزي انسجاما مع الأهداف والغايات الكبرى للميثاق الوطني للتربية والتكوين. وهو ما تستحق عليه التقدير والتنويه، وليس الإجحاف والتجاهل. فمن الإنصاف الانتباه إلى الحيف الذي يطال هذه الفئة ويغرقها في متاعب ستعرقل لا محالة المساعي نحو خدمة منظومتنا التربوية والارتقاء بأدائها، والعمل على تداركه في أقرب الآجال. والبيان الأخير لثلاث هيئات نقابية، الجامعة الوطنية للتعليم )الاتحاد المغربي للشغل( والنقابة الوطنية للتعليم )الكنفدرالية الديمقراطية للشغل( والجامعة الوطنية لموظفي التعليم )الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب( يوضح بالملموس أوجه الحيف الذي يفاقم معاناة هذه الفئة النشيطة ويطالب برفعه.
إن أول ما تطالب به هيأة التوجيه والتخطيط التربوي هو الحوار الجاد والمسؤول والتعاطي الإيجابي مع مطالبها، حيث لوحظ "غياب الإرادة الحقيقية للإنصاف" و "إصرار المسؤولين على إغلاق الملف رغم عدم استكمال الحوار بشأنه مع النقابات بل ونشر مغالطات على الموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة عن تسوية لم تأخذ بعين الاعتبار الحد الأدنى من المطالب وتتضمن تراجعات عن وعود سابقة" )
من البيان المشار إليه(.
ففي موضوع الترقية وحده يتجلى الإمعان في تعميق معاناة أطر التوجيه والتخطيط التربوي والاستمرار في تجاهل تضحياتهم واستعدادهم للانخراط في المبادرات التربوية التي من شأنها تجسيد انتظارات وطموحات كافة مكونات المنظومة التربوية، ولا أدل على ذلك من حرمانهم غير المبرر من مناصب ثابتة وفق المذكرة رقم 148 الصادرة في 10 نوفمبر 2006 المنظمة للامتحان المهني. أ لا يتنافى هذا الأسلوب الاستفزازي والدعوة إلى المساهمة في مسلسل الارتقاء بالجودة و ترسيخ السلوك المدني؟ وفي ما يلي فقرة كاملة من بيان ثلاث نقابات تسلط الكثير من الضوء عن الموضوع حتى يتحمل الجميع مسؤوليته: * استثناء المستشارين في التوجيه والتخطيط ذوي الأقدمية العامة المماثلة لأساتذة الإعدادي من التسوية المعتمدة في هذا الملف رغم امتياز التكوين مما ترتب عنه انعكاسات سلبية على ترقية باقي المستشارين من جراء استنزاف حصيص الترقية (بأقدمية ما قبل 79 تمت ترقية 119 مستشارا برسم السنوات 2003 و 2004 و 2005 على حساب المستحقين أي بنسبة %46). * تسجيل احتقان وتأخر شاسع في ترقية أطر التوجيه والتخطيط التربوي " مستشارين ومفتشين مقارنة بفئات مماثلة"، يصعب تداركه بالكوطا العادية (الفارق في الترقية، بين أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي الذين سبق لهم أن كانوا أساتذة للإعدادي حيث التشابه التام في المسار المهني، وأطر التوجيه والتخطيط التربوي "مستشارين ومفتشين " الذين يماثلونهم في الأقدمية العامة والأقدمية في الإطار ، يناهز 3 سنوات ). * مصادرة المناصب المالية للامتحان المهني لسنة 2005 إثر مقاطعته نتيجة عدم تفعيل مقتضيات المادة 107 مكررة من المرسوم 2.04.78 الصادر في 4 ماي 2004 و القرار الوزاري 2013 الصادر في 15 أكتوبر 2004 و رفض الوزارة تحمل مسؤوليتها المتمثلة في الخرق السافر لمقتضيات النظام الأساسي . *اعتماد الوزارة أسلوب الكيل بمكيالين في ترقية مفتشي التعليم الابتدائي رغم تشابه السيرورة المهنية مع المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي. وفي الوقت الذي كانت هيأة التوجيه والتخطيط التربوي تنتظر الإنصاف؛ ولا سيما بعد تسوية أبرز الملفات العالقة ( ملف حاملي الشهادات العليا من أساتذة الابتدائي والإعدادي، ملف منشطي التربية الغير النظامية )، تظهر نتائج الامتحان المهني لسنة 2006 لتطرح معها استفهامات كبرى حول الظروف والملابسات المحيطة بأجوائه بدءا بالموضوعية في التقويم؛ و لتوضع مصداقية تلك النتائج في المحك استنادا إلى الملاحظات المثيرة المسجلة: * التفاوت الصارخ في النجاح على التوالي بين مركزي مركش وتطوان ( % 92 مقابل % 8 في التوجيه و% 27 مقابل % 73 في التخطيط ) . * إعلان نجاح إطار في التخطيط سبق له الاستفادة من الترقية بالاختيار برسم 2005 مما ضيع منصبا ماليا على المرشحين . * حرمان المرشحين من 11 مناصب في التخطيط و 9 في التوجيه بعد إعلان نجاح 15 و 35 في حين أن المناصب التي سبق الإعلان عنها في المذكرة رقم 148 الصادرة في 10 نوفمبر 2006 المنظمة للامتحان المهني هي على التوالي : 26 و 44 .
إن أطر التوجيه والتخطيط التربوي مدعوون في ظل الوضع المأزوم الحالي، من خلال ممثليهم النقابيين في إطار المنسقية الوطنية المنبثقة عن النقابات التعليمية الثلاث، إلى المشاركة المكثفة في الوقفة الاحتجاجية المزمع تنظيمها أمام مقر الوزارة يوم الخميس 1 نونبر 2007 ابتداء من الساعة 11 صباحا وفي باقي الأشكال النضالية حتى وضع حد لمعاكسة مطالبها وحقوقها المشروعة. فليس لهذه الفئة ما تخسر غير الحيف الذي يراد به إثقال كاهلها وعزلها عن المهام التربوية والإدارية والتي لها كل المؤهلات للنهوض بها، خاصة والدعوة إلى جعل "الموسم الدراسي الحالي سنة للتعبئة الشاملة من أجل إذكاء نقـاش وطني وترسيخ قواعد السلوك المدني داخل الفضاءات المدرسية، وجعلها انشغالا يوميا حقيقيا وأفقا متجددا في أفق بلورة إطار تربوي تعاقدي متكامل وإطار عمل تربوي وطني متكامل" )كلام الوزارة(.
ولتستمر المعركة...