لست مسؤولا عن فشل التعليم
تحية تربوية إلى جميع الإخوة الدفاتريين، وقبل أن أناقش معكم فشل التعليم ببلادنا المغرب، دعونا نتساءل :
هل فشل المغرب في تحقيق الجودة المطلوبة في قطاع التعليم فقط؟
هل نجح المغرب في قطاع الرياضة؟ في مجال الإعلام؟ في مجال السياحة الخلاقة؟في تدبير الشأن العام؟ في الثقافة؟.....
أيها الإخوة، مشكل التعليم بالمغرب مشكل بنيوي ولا يمكن فصله عن القطاعات الأخرى، وما هو إلا إحدى الدعامات الأساسية التي يرتكز عليها المجتمع.
لماذا نحمل رجل التعليم مسؤولية فشل التعليم كلها؟ وبالدرجة الأولى أساتذة التعليم الابتدائي؟
ألم تردد عبارة (المغرب أجمل بلد في العالم) داخل الأقسام وعلى الصعيد الوطني مرات ومرات؟ فلماذا يغامر المغاربة ويجازفون بحياتهم على متن قوارب الموت لمعانقة الضفة الأخرى؟ هل رجل التعليم هو المسؤول كذلك؟
العشرات من صناديق الدولة سرقت دون محاسبة ولا حتى فتح تحقيق في ذلك ، هل سنحمل كذلك المسؤولية لأستاذ التعليم الأساسي ، حيث قصر في تربية هؤلاء اللصوص والقضاة ولم يلقن لهم أن السرقة حرام!؟؟.
هل سنقول كذلك أن أستاذ التعليم الأساسي هو المسؤول عن فشل الانتخابات التشريعية السابقة، حيث بلغت نسبة المشاركة أقل من 38 في المائة، بدعوى أنه لم يلقن المواطنين العازفين عن المشاركة أن التصويت حق وواجب وطني !؟؟.....
هل الوزير الأول الحالي عباس الفاسي لا يعرف أن الكذب حرام ، فلماذا كذب على المغاربة في فضيحة النجاة عندما كان وزيرا للتشغيل، ألم يخن الأمانة؟ ألم يرق إلى منصب وزير الأول !؟ هل سنقول كذلك أن أستاذ التعليم الأساسي هو المسؤووووووووووووووول؟
أيها الإخوة الكرام، وكما قلت سابقا إن مشكل التعليم ببلادنا مشكل بنيوي، ولا يمكن أن نفصله عن القضاء، عن الثقافة،عن الاقتصاد، عن الحرية والمساواة، عن العدالة الاجتماعية، عن حب الوطن،....
الأستاذ ما هو إلا منفذ لما تقرره الوزارة الوصية، هي من يخطط ويقرر ويبرمج ... الأستاذ شخصيا غير مقتنع لما يدرسه لتلاميذه، ولا يرى فيه خيرا لهم، وفي نهاية كل دورة آلاف من التقارير ترفع إلى الجهات المعنية كلها ملاحظات واقتراحات سديدة لتصحيح مسار المنظومة التربوية، إلا أن المسؤولين لا يكلفون أنفسهم جهدا حتى لقراءتها وطرحها للنقاش.
أيها الإخوة الكرام ، المشروع التربوي لأي دولة إما أن يكون مشروعا تبعيا، مشروعا ديكتاتوريا أو مشروعا ديمقراطيا، ونحن في المغرب نعيش ،وللأسف ، مشروعا تبعيا للغرب، ونتيجة ذلك ما يعيشه المغربي من انفصام في الشخصية وصراعا داخليا.
أيها الإخوة، كثيرا ما تتردد عبارات في نقاشاتنا في منتدى الدفاتر تقول أن التعليم سابقا أحسن حالا من التعليم حاليا، وفي نظري المتواضع أقول أن هذا الحكم تنقصه البراهين والدلائل، وأبحاث وإحصائيات تؤكد ذلك، هذه شعارات عاطفية وحنين إلى الماضي لا أقل ولا أكثر، وإلا كيف نفسر ارتفاع نسبة الأمية؟وهل عاشت بلادنا(في الماضي) فترة ازدهار من الناحية العلمية ؟ وماذا نقصد (بالماضي)؟ هل هناك تحديد سنوي لذلك؟...
إن السياسة المتبعة في قطاع التعليم فشلت وما سطرته الحكومة والوزارة الوصية من غايات ومرامي وأهداف عامة لم تحقق كلها وقطاع التعليم ببلادنا يعيش احتقانا خطيرا وما ينتظره المجتمع المغربي من المدرسة لم يتحقق كله ،وهذا واضح وجلي وهناك تقارير ودراسات تؤكده.
إن رجل التعليم منذ الاستقلال رجل مناضل مخلص في عمله ولوطنه، ويؤدي واجبه المهني بكل تفان وإخلاص( صحيح أن هناك قلة لا تؤدي واجبها كما يجب)، وما نسجله للمدرسة الوطنية من نتائج وإنجازات فقد تحققت بفضل تضحيات هؤلاء الأساتذة وحدهم أمام زخم من المشاكل:
الإكتضاض – غياب الوسائل التعليمية – نظرة المجتمع للمدرسة العمومية وللأستاذ – تأزم الحركة الانتقالية – تضخم البرامج والمناهج الدراسية – غياب التكوين المستمر – استهتار الحكومة بحقوق رجال التعليم – غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الحكومة للنهوض بقطاع التعليم ببلادنا(منذ الاستقلال ونحن نردد اسطوانات اللجان والمخططات... وكلها نفس المبادئ التي لم تحقق حتى الآن)...... اللائحة طويلة.
أيها الإخوة الكرام، لسنا مسؤولين عن فشل التعليم ببلادنا. ويجب علينا أن نتوحد كلنا ضد من يحملنا مسؤولية هذا الفشل ، وللأسف الشديد، منا من يزمر ويطبل للحكومة ويردد عباراتها المسمومة والملغمة ، والتي تضرب في العمق شخصية المدرس ومكانته في المجتمع وتحمله وزر فشلها الذر يع في تدبير هذا القطاع المهم .