الدور التكاملي لمعلمي المواد المختلفة في معالجة
الضعف اللغوي عند الطلاب
أولا: المقدمة:
لقد أصبحت ظاهرة الضعف اللغوي التي تشاهد عند الطلاب مثار قلق لجميع المهتمين بشؤون التربية؛ ذلك لأنها تؤدي إلى تدني مستوى تحصيل الطلاب في جميع المواد الدراسية، حيث أثبتت كثير من الدراسات والتجارب أن إتقان الطالب للغة يساعده على التقدم في المواد الأخرى التي تعتمد في مجملها على الفهم القرائي، فالطالب المتمكن من اللغة يفهم ما يقرأ بسرعة، وكلما زاد تمكنه من القراءة والكتابة قل الجهد الذي يبذله فيهما ليوفره لفهم ما يقرأ ويكتب، وكلما زاد الجهد في القراءة والكتابة كان ذلك على حساب الفهم والتمكن من المعارف والمهارات التي ينبغي عليه أن يحصلها. فتمكن الطالب من اللغة يوفر جهدا كبيرا على المعلمين في جميع التخصصات إنسانية كانت أم علمية؛ ليصرفه إلى تحقيق أهدافه الخاصة بمادته. كما أن الضعف اللغوي يجعل التقويم بعيدا عن الموضوعية؛ فالمعلم يجد في ذلك صعوبة خاصة في غير مادة اللغة العربية، حيث لا يستطيع معرفة ما حصله الطالب لضعف في تعبيره أو كتابته، مما يجهد المعلم لسبر غوره للوصول إلى تقويم موضوعي إلى حد ما.
إذن فالضعف اللغوي هو عدم قدرة المتعلم على القراءة والكتابة بشكل سليم، وعدم قدرته على التعبير عن آرائه وحاجاته بلغة سليمة.
ثانيا : أسباب الضعف اللغوي:
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى الضعف اللغوي منها:
1.
ازدواجية اللغة: أي وجود لغات شائعة غير العربية في البيئة التي يعيش فيها الطالب كاللغات الغربية والآسيوية والإفريقية، أو وجود لهجة عامية بجانب اللغة الفصيحة؛ وهي منتشرة في كثير من الأوساط حتى الثقافية منها والعلمية، بل قد يستخدمها أساتذة الجامعات في تدريسهم، وتسلل كل ذلك إلى البيوت العربية، ليؤثر على الأطفال، ولتفرض هذه اللغات واللهجات أصواتها ونبراتها ولكناتها على الأسرة العربية، وليس هذا فحسب بل إن بعضا من أساتذة الجامعات والعلماء يصرون على التدريس والتأليف باللغات الأجنبية، ويفاخرون بذلك، بدعوى أن اللغة العربية ليست لغة العلم، ولا تتسع للمنجزات العلمية المتسارعة، مع أن العجز ليس في اللغة بل العجز كل العجز في أهل اللغة الذين لا يتواصلون مع لغتهم بحيث يستطيعون ترجمة المصطلحات العلمية إلى لغتهم التي وسعت كتاب الله لفظا وغاية، كما وسعت العلوم الإسلامية وحضارات الأمم الأخرى على مر عصور الازدهار العلمي للحضارة الإسلامية، ولكن العلة هي فقدان الثقة في كل ما عندنا، والتوجه دون كوابح إلى الحضارة الاستعمارية الغازية، وهذا أخطر ما يواجه لغتنا العربية.
2.
تدني مستوى بعض معلمي اللغة العربية: مما يشكل عقبة كبيرة في تعلم اللغة العربية، ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف يعالج معلم ضعيف ضعف طلابه في اللغة العربية، أضف إلى ذلك أن معظم معلمي المواد الأخرى لا يترددون في استخدام اللهجة العامية في التدريس لعدم تمكنهم من مهارات اللغة العربية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الضعف اللغوي الذي نشهده بين طلابنا ومعلمينا على حد سواء، لذا لابد من برامج خاصة في اللغة العربية في الجامعات والكليات لجميع معلمي المستقبل من جميع التخصصات، للتغلب على الضعف اللغوي عند قيامهم بالتدريس، وبالتالي التغلب على الضعف في التحصيل عند الطلاب في اللغة العربية وغيرها من المواد الدراسية.
3.
تخلف بعض معلمي اللغة العربية عن متابعة الأساليب الحديثة لتدريسها ومتابعة المستجدات: فكثير من معلمي اللغة العربية تقليديون لا يستخدمون طرق التدريس الحديثة والوسائل والتقانات التعليمية اللازمة، التي تفعل دور الطالب وتزيل عنه الملل، بحيث تكون بديلا ناجحا في استغلال ولو جزء من وقت الطالب الذي يقضيه في غيرها؛ خاصة مع تعدد وسائل الترفيه الإلكترونية وتنوعها، التي أخذت جزءا كبيرا من وقته، كما أن بعض المعلمين لا يتفاعل مع المادة ومع الموقف الصفي عند تعليمها، بحيث يبنون عند الطلاب اتجاه حب اللغة العربية وحب تعلمها، بل إن بعضهم يزيد من إحساسهم بصعوبة اللغة العربية.
4.
بعض المعلمين يخاطبون العقل فقط وهم يدرسون اللغة، ولا يخاطبون الأسماع ولا يلامسون العواطف والأحاسيس، خاصة أن الطالب في المراحل الدراسية بحاجة لمثل ذلك الخطاب الذي يتناسب مع مراحل نموه، فلنضرب على وتره الحساس، ولنخاطبه بما يناسبه، فاللغة العربية لغة موسيقية تعتمد على الجرس واللفظ المعبر، والتركيب الحساس المرهف، فهي بالإضافة إلى أنها تقوِّم اللسان وتنمي الذوق، تغذي العاطفة وترهف الشعور، فالمعلم الناجح هو المعلم الذي يجعل الطلاب يقبلون على اللغة العربية بمخاطبته شعورهم وأحاسيسهم مثلما يخاطب عقولهم.
5.
الاختبارات وطريقة التقويم: إذ لا تزال هذه الاختبارات في مجملها تقيس معرفة الطالب بالمادة، ولا تقيس قدراته اللغوية وفهمه لها، فالمهارات اللغوية متعددة الجوانب، فجدير بالتقويم أن يركز على اكتساب الطالب لهذه المهارات، ويقيس قدرته على الكتابة والتعبير والقراءة والمحادثة وغيرها لا على معرفته اللغوية فحسب.
6.
الزحف الحضاري الغربي الذي يجتاح اللغة العربية في عقر دارها، ويفسد أذواق أهلها. وبقليل من التفكير نستطيع أن نحصي كثيرا من الكلمات الأجنبية المنتشرة في حياتنا اليومية والعلمية، والتي لاقت في كثير من الأحيان التقبل والإعجاب بل التفاخر عند كثير من أبناء جلدتنا أبناء اللغة العربية.
7.
التحدي التقاني المتمثل في ثورة المعلومات وثورة الاتصـالات وتسارع المعرفة، وما تحتاجه من جهد فكري لترجمتها ومتابعتها، مع سيطرة الفقر الفكري على الأمة التي ينبغي أن تنافح عن لغتها، وتترجم علوم العالم إليها، هذا الفقر الفكري جعل عمليات الترجمة بطيئة جدا، ولا تصل العلوم إلينا بلغتنا إلا بعد لأي من الزمن، فنحن نتقدم شبرا في حين أن العالم يتقدم أميالا، فاحسب التحدي الذي يواجهنا بعد عدة سنوات، مما يجعل أبناء العربية دائما فقراء علميا، مستوردين لكل أصناف المعرفة، وبغير اللغة العربية.
8.
استقلالية المواد الدراسية عن بعضها وضعف بنائها تكامليا بحيث تخدم بعضها بعضا، خاصة مهارات اللغة العربية، فلابد من ثقافة خاصة نربي عليها معلمينا ابتداء، وهي ثقافة تكامل المعارف والمهارات المنهجية كلها، بحيث تتظافر المواد جميعا لبناء منظومة للكفايات عند الطالب، لنوفر جهدا ووقتا على المعلمين، ونحسن مستوى أداء الطلاب، ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن كثيرا من معلمي المواد الأخرى لا يمتلكون كثيرا من مهارات اللغة العربية، ويدرسون باللهجة العامية، فكيف بهم يساعدون في الحد من ظاهرة الضعف اللغوي!
ثالثا : مقترحات للحد من ظاهرة الضعف اللغوي:
بعد العرض الموجز لظاهرة الضعف اللغوي وأسبابه، ينبغي أن نبين بعض المقترحات التي تحد من انتشار هذه الظاهرة، وتسهم في رفع مستوى اللغة العربية، ومنها:
1)
لا بد أن تكون اللغة العربية السليمة منطلقا للتعليم في جميع المراحل، ومن قبل جميع المعلمين، على أن يقترن ذلك بالتزام كامل وشامل من قبل الجميع؛ لأن ذلك سيؤدي في النهاية إلى خطوط عريضة للغة مشتركة صالحة للتطبيق في العملية التعليمية، الأمر الذي يقودنا للقضاء على سطوة اللهجات العامية، واللغات الأجنبية التي تشيع في استعمالاتنا اليومية، وهذا يتطلب إعادة النظر في طرق التدريس لجميع المواد، بحيث تحتل المحادثة باللغة السليمة في المراحل الأولى من التعليم حيزا واسعا في الموقف التعليمي؛ لأن لغة المتعلم تنمو وتتطور عن طريق الاستخدام السليم، وهذا يتطلب أمورا عدة ينبغي أن تتوفر في إعداد الكتاب المدرسي، وطريقة عرضه، ومن هذه الأمور:
أ-
أن تعرض المادة بحيث تقدم ما يمكن تعلمه، لا ما ينبغي أو يجب معرفته.
ب-
أن يعتمد أسلوب العرض الأسلوب المنطقي في عرض المادة؛ بحيث يقدم المعروف على المجهول، والبسيط على المعقد، والسهل على الصعب، والمحسوس على المجرد...وهكذا.
ج-
أن يعتمد أسلوب التنوع والمرونة في عرض مادة الكتاب المدرسي.
د-
أن نعالج الموضوعات بأساليب شائقة مبتكرة تشد التلاميذ، وترغبهم في عملية التعلم.
2)
بناء مجتمعاتنا على أسس فكرية وحضارية سليمة، لمعالجة ما تراكم من أخطاء، وتأسيس المجتمع على أسس طبيعية سليمة نابعة من جذوره وأصوله ومعتقداته، وإعادة الثقة لأفراده بلغتهم ومبادئهم ومثلهم.
3)
إعادة النظر في أساليب التدريس؛ بحيث تكون مشاركة المتعلم في الموقف التعليمي مشاركة فاعلة.
4)
إعادة النظر في أنظمة التقويم وأهدافها، ومحاولة بناء اختبارات مقننة مدروسة دراسة علمية تجريبية، بحيث لا تركز على المعارف فقط بل تأخذ بحسابها القدرات المختلفة والمهارات المتعددة.
5)
استخدام الوسائل والتقنيات الحديثة في تعليم اللغة العربية وغيرها من المواد، والتأكد من سلامة اللغة فيها، وبعدها عن اللهجات العامية.
6)
إعداد الدروس من قبل مختصين وتربويين إعدادا تربويا وأكاديميا سليما، مناسبا للمراحل العمرية التي تعد لها.
7)
تظافر جهود المعلمين من جميع التخصصات وليس في اللغة العربية فقط، للتحدث باللغة العربية السليمة، والتركيز على المهارات اللغوية أثناء الموقف الصفي، وفي الأنشطة المختلفة الصفية وغير الصفية، وتعويد الطلاب على القراءة الصحيحة، والكتابة الصحيحة، والتعبير الصحيح في جميع الفعاليات التدريسية والمدرسية ككل.
8)
تأهيل المعلمين من جميع التخصصات تأهيلا لغويا مناسبا، بحيث يستطيعون التحدث باللغة العربية السليمة، والتمكن من مهاراتها اللازمة، مما ينعكس على طلابهم.
رابعا: مفهوم التكامل:
لما كان التعليم يهدف إلى إتاحة الفرص لمساعدة الطلاب على النمو الشامل المتكامل: روحيا، وفكريا، وجسديا، إلى أقصى ما تسمح به استعداداتهم وإمكاناتهم في إطار مبادئ الإسلام، والتراث العربي الأصيل، والتقانة المعاصرة، وطبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده، وغرس روح المواطنة والولاء للوطن، فلا بد أن يكون هناك تكامل بين المواد المختلفة في العناية بجوانب النمو التالية عند الطلاب:
1)
النمو الروحي: ويعني بناء العقيدة الإسلامية عند الطلاب على أسس صحيحة، والتمسك بقيم الإسلام ومبادئه، وممارسة شعائر الإسلام على وجهها الصحيح.
2)
النمو العقلي: ويعني سلامة التفكير والتأمل، واكتساب المعلومات وطرائق التفكير التي تفيد المتعلم في مختلف شؤون الحياة؛ فيفيد منها في حل مشكلاته، وتحقيق ذاته، وتفتح أمامه أبواب الإبداع في المجال الذي يميل إليه.
3)
النمو النفسي: ويعني اكتساب المتعلم المعلومات والمفاهيم والقيم التي تسهم في تكوين شخصيته، والتكيف الناجح مع بيئته، فتتفتح مواهبه، وتبدو قدراته، ويشعر بنجاحه في مجتمعه.
4)
النمو الاجتماعي: ويعني اكتساب المعلومات والاتجاهات والمهارات التي تحقق للمتعلم النضج الاجتماعي، والتفاعل الناجح مع غيره، والتعرف على حقوقه وواجباته.
5)
النمو الجسمي: ويعني اكتساب المعلومات والمفاهيم والمهارات التي تهيئ المتعلم للمحافظة على صحته، والاستمتاع بكل نشاط ملائم لسنه.
في ضوء ما تقدم فإننا لا نستطيع أن نتصور أن يكتسب المتعلم شيئا من جوانب النمو السابقة بمعزل عن الجوانب الأخرى، وعلى هذا فإن التكامل يعني :
( تواصل حلقات النشاط في أي مجال تربوي، وتماسك مختلف الخبرات، وتصاعدها وصولا إلى الهدف )
خامسا: أهداف التكامل:
يهدف التكامل إلى:
1.
الربط بين التعليم والحياة.
2.
تيسير توظيف الخبرات التي يكتسبها المتعلم.
3.
توسيع دائرة رصيد المتعلم، لغويا وفكريا وتعبيريا وثقافيا.
4.
الكشف في وقت مبكر عن قدرات المتعلم، وإمكاناته، ومساعدته على تنميتها واستثمارها.
5.
المساعدة في تحديد المجال الدراسي الذي يفضله المتعلم، أو الفن الذي يساير قدراته وإمكاناته.
6.
مساعدة المتعلم على الموازنة بين المواقف، وأساليب الأداء، وحسن الاختيار.
7.
مساعدة المتعلم على تفعيل الخبرات، وصياغتها في كل متماسك ومتوازن؛ بحيث يمكن الاستفادة منها في مختلف المواقف.
سادسا: التكامل بين مجالات الخبرة:
من المعروف أن الخبرات التي يكتسبها المتعلم، والتي نعمل جميعا على تحقيقها، تندرج تحت ثلاثة مجالات : المعرفية، والوجدانية، والمهارية. وهذه المجالات الثلاثة لا يمكن الفصل بينها، ولا يستطيع احد أن يدعي أن هذا الموضوع يقدم بعض المعلومات والمعارف فقط، أو أنه يقدم بعض الميول والاتجاهات، أو أنه يقدم بعض المهارات؛ ذلك أن كل موضوع يدرسه المتعلم يستقبل ما فيه من معارف وميول واتجاهات، ويدرب على ما يحويه من مهارات؛ ولهذا ينبغي ألا نقول: إن كل مجال يجب أن يتساوى مع غيره في عدد الأهداف، وإنما ينبغي أن نقول:إن التوازن والتكامل لابد من تحقيقهما ليكون العمل التربوي ناجحا ومفيدا.
ومن المعروف أيضا، أن الأهداف التربوية تتكامل مع بعضها، وذلك لأنها تنطلق من فلسفة المجتمع، وتمر بالسياسات التعليمية، والأهداف العامة للتربية التي تشتق منها الأهداف العامة لكل مادة من المواد، ومن هذه الأهداف العامة تشتق أهداف المادة لكل مرحلة دراسية، وأهداف المادة لكل مقرر دراسي، والأهداف الإجرائية الدرسية، وهي التي ندعوها بالأهداف السلوكية.
ولو أننا وقفنا عند الهدف السلوكي وحده، فإننا نكون قد أضعنا كل شيء؛ لأن الهدف السلوكي يقول:
· أن يفرق الطفل بين أصوات الحروف.
· أن ينطق الكلمة نطقا سليما.
· أن يجيب عن كل سؤال بما تتطلبه أداته.
· أن يتعرف أركان الجملة الاسمية.
إن تحقيق الهدف السلوكي إنما هو وسيلة لتحقيق هدف أكبر، وهو أن يقرأ الطفل فيسلم لسانه، ويكتب فيستقيم قلمه، ويتحدث فيلمس وجه الصواب، ويفيد ويستفيد. والأهداف السلوكية كلها أدوات تؤدي إلى الأهداف الكبرى، وبعبارة أخرى فإن الهدف السلوكي إنما يمثل البداية والخطوة الأولى في مسيرة التربية نحو الهدف، والتكامل هو الذي يصعد بالخطوات ويتابعها للوصول إلى الهدف، ويأتي بعد ذلك النشاط المتبع في جميع المواد لتحقيق أهداف المرحلة، ومن ثم الأهداف العامة للتعليم.
سابعا: دور المعلم في تحقيق التكامل:
يقول المثل التربوي المشهور: " أعطني معلما أقدم لك أعظم النواتج" وحتى يتمكن المعلم من تقديم أعظم النواتج، ومن القيام بدوره ومسؤولياته، فلا بد من إعداده تربويا وأكاديميا إعدادا سليما، إذ لابد أن يمتلك الكفايات والمهارات التي تساعده على أداء مهمته، وقبل هذا وذاك، لابد أن يكون مؤمنا بمهنته مقبلا عليها، منقطعا لها، يخطط لعمله ودرسه في أناة ودقة ليكشف:
-
أي الأهداف يمكن أن يخدمها هذا الدرس ؟
-
ما علاقته بالدروس السابقة ؟
-
ما علاقته بالدروس اللاحقة ؟
-
ما علاقته بمستوى المتعلم ؟
-
ما علاقته بالواقع من حول المتعلم ؟
-
ما الجديد في هذا الدرس ؟
-
هل يتضمن ما يثير تفكير المتعلم أو يحرك مشاعره ؟
-
هل يمكن أن يسهم في علاج مشكلة؟ أو يقدم صورة لمشكلة تحتاج إلى علاج؟
-
ماذا يمكن أن يستفاد من الدرس في تدريب المتعلم على بعض المهارات؟
-
ما الخبرات التي يمكن أن يخرج بها المتعلم من الدرس؟
إن هذه التساؤلات تشكل التكامل، ويستطيع المعلم أن يكمل النقص إن وجد أثناء التخطيط للدرس. والمهم في التخطيط أن يتضمن:
-
كشفا وتحليلا لمضمون الدرس.
-
تصورا للمواقف التعليمية الممكنة التشكيل.
-
تعرفا لأسلوب الأداء الأفضل.
-
توجيها للتقنية التربوية المناسبة.
-
إدراكا للجديد في المحتوى.
-
تعرفا لما يمكن أن يدرب عليه المتعلم من مهارات.
-
التماسا لما يمكن أن يعالجه الدرس من وجدانيات.
-
تصورا لما يمكن أن يرشد إليه الموضوع من المتعلم بمصادر المعرفة.
-
معالجة للمهارات التي تشترك فيها المواد الأخرى مع المادة الرئيسة التي يخطط لها، تحقيقا للتكامل بينها.
لقد أصبح التكامل مطلبا تربويا معاصرا ؛ لأنه يسد الثغرات التي قد تظهر في الكتاب المدرسي ، كقلة التدريبات ، أو ضعف التدريب على المهارات ، أو خلو الموضوع من المثيرات ، أو عدم تشكيل مواقف تعليمية من بعض الموضوعات. كما أن التكامل يضيف الجديد إلى خبرات المتعلم، ويشبع رغبته في التعبير عن ذاته، أو في إظهار قدراته وإمكاناته، أو تقديم ثمرة إطلاعه.
ثامنا : تكامل المواد جميعا لمعالجة الضعف اللغوي :
للمعلمين دور كبير وبارز في معالجة الضعف اللغوي عند الطلاب، والمسؤولية هنا لا تقع على عاتق معلمي اللغة العربية فقط، بل هي مسؤولية مشتركة، يساهم فيها جميع معلمي المواد الدراسية، فلا بد للطالب عند دراسته لأي مادة أن يكون متمكنا من مهارات اللغة العربية، فهو يحقق الأهداف المرسومة له بالقراءة والكتابة والتعبير والتعبير الشفوي والكتابي. فإذا كان عاجزا عن ذلك فإنه لاشك في تراجعه دراسيا، ولا يمكن تحقيق الأهداف المرسومة له في المنهج، فمعلم التربية الإسلامية عليه مسؤولية كبيرة بالتركيز على مهارات اللغة العربية، فمثلا لا يستطيع الطالب تلاوة القرآن الكريم إن لم يتمكن من القراءة الصحيحة، ولا يستطيع كتابة الحديث الشريف في دفتره إن لم يستطع الكتابة الصحيحة، ولا يستطيع أن يعبر شفويا عن شعوره تجاه موقف أبي بكر رضي الله عنه في الهجرة النبوية، إن لم يتمكن من مهارة التعبير الشفوي. كما أن معلم الدراسات الاجتماعية عليه مسؤولية كبيرة، فمثلا الطالب الذي لا يستطيع القراءة لا يتمكن من قراءة المواقع على الخريطة، ولا يستطيع أن يصف معركة تاريخية شفويا أو كتابيا إن لم يتمكن من مهارة التعبير الشفوي أو الكتابي.
والطالب في مادة العلوم لا يستطيع أن يصف تجربة كتابيا أو شفويا إلا إذا كان متمكنا من مهارات اللغة العربية، ولا يستطيع كتابة أجزاء المجهر مثلا إذا لم يتمكن من مهارة الكتابة، وكذلك في الرياضيات وغيرها من المواد.
فكم هي عظيمة مسؤوليات المعلم كل معلم مهما كان تخصصه في معالجة الضعف اللغوي، ولا يمكن لمعلم اللغة العربية وحده أن يقوم بهذه المهمة، إذا لم تتظافر الجهود وتتكامل للمحافظة على لغتنا المقدسة، لغة القرآن الكريم.
فعلى المعلمين أن يعززوا المهارات اللغوية عند طلابهم، من خلال المواقف الصفية، كالكتابة على السبورة، والقراءة الصحيحة، وتعويدهم على التعبير الشفوي والكتابي، وتعويدهم مواجهة الجمهور بالحديث أمام زملائهم في الصف، هذا يسهم مساهمة فعالة في معالجة الضعف في اللغة العربية وبالتالي في جميع المواد الدراسية.
تاسعا : تصور لنماذج من التكامل لمواقف صفية تطبيقية:
لا بد في هذه الورقة من سوق تصور لبعض النماذج التطبيقية التي تمثل التكامل بين اللغة العربية والمواد الأخرى، وتعزز المهارات اللغوية، في بعض المواد، للإفادة منها:
أولا: نموذج من التربية الإسلامية:معلم التربية الإسلامية يدخل إلى الصف السادس الأساسي وقد خطط لدرس صلاة الكسوف والخسوف:
المعلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الطلاب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بدأ المعلم باشا في وجوه طلابه، وبدأ بالتمهيد لدرسه بسؤال طلابه عن أحداث كونية رأوها، أو شاهدوها على المحطات الفضائية، والطلاب يذكرون من هذه الأحداث، وبعضهم يصفها.
المعلم: من هذه الأحداث كسوف الشمس وخسوف القمر، ودرسنا في هذا اليوم يتعلق بهاتين الظاهرتين، فمن شاهد منكم حدوث إحدى هاتين الظاهرتين؟
طالب: أنا رأيت كسوف الشمس وقد حُجب جزء من ضوئها عنا.
طالب آخر: وأنا رأيت ذلك، وفي حينها هرع الناس إلى المسجد و بدأوا يصلون.
طالب ثالث: وأنا صليت معهم يا أستاذ.
المعلم: وكذلك القمر يُحجب جزء من ضوئه أو كله، ماذا يسمى ذلك؟
طالب: يسمى الكسوف.
المعلم: اخرج على السبورة واكتب الكسوف، ثم أبدل الكاف في الكلمة بحرف الخاء، اقرأ الكلمة.
الطالب: الخسوف.
المعلم: أحسنت، إن هذه الظاهرة هي الخسوف وليست الكسوف، فالكسوف للشمس والخسوف للقمر، هكذا اصطلح الناس على التسمية.
طالب: لقد قال زميلنا بأن الناس يذهبون للصلاة عندما تكسف الشمس، فهل يفعلون مثل ذلك عندما يخسف القمر؟
المعلم: نعم، إن مثل هذه الصلاة دعا إليها الرسول r وسميت صلاة الكسوف والخسوف، فيصلي الناس عندما يخسف القمر مثلما يصلون عندما تكسف الشمس.
إذن نخلص إلى فكرة وهي: "أن الناس يصلون صلاة الكسوف والخسوف عندما تنكسف الشمس أو ينخسف القمر". من يكتب هذه الفكرة على السبورة.
يخرج طالب فيكتب الفكرة على السبورة ويكتب كلمة الكوف بدلا من كلمة الكسوف.
المعلم: هناك كلمة نسي زميلكم منها حرفا، من يعرفها، ويخرج ليصححها؟
طالب: نعم إنه نسي حرف السين من كلمة الكسوف، يخرج الطالب فيصحح الكلمة.
المعلم: من يقرأ العبارة قراءة صحيحة ؟
يقرأ طالب العبارة قراءة صحيحة، يعززه المعلم على حسن قراءته.
يرسم المعلم على السبورة ظاهرتي الكسوف والخسوف.
المعلم: من يصف لنا كيف تحدث الظاهرة الأولى ؟
يخرج طالب على السبورة ويصف حدوث الظاهرة، والمعلم يصحح له بعض التعبيرات والمعلومات حتى فهم الطلاب جميعا كيف تحدث.
المعلم: (يوزع أوراق على المجموعات المشكلة مسبقا) كل مجموعة تحاول أن تصف كيف تحدث ظاهرة الخسوف، من خلال الرسم الذي على السبورة.
تعرض كل مجموعة ما كتبت والمعلم يصحح ما وقعت فيه المجموعة من أخطاء في المعلومات والتعبيرات، ويؤكد على شرح الظاهرتين من خلال الرسومات التي على السبورة.
المعلم: إن هاتين الظاهرتين هما آيتان من آيات الله تعالى، وهما ظاهرتان طبيعيتان، وهناك بعض الناس يظنون أنهما تحدثان عندما يموت أحد من الناس.
من يتحدث أمام زملائه عن هذا الاعتقاد؟ وهل هو موجود في مجتمعنا؟
طالب: إن هذا الاعتقاد موجود في مجتمعاتنا، حيث أن بعض كبار السن يعتقدون ذلك ويخافون عندما تنكسف الشمس أو ينخسف القمر، وكأنما ينتظرون موت أحد، مع أنهما ظاهرتان طبيعيتان كما قلت يا أستاذ، وليس لهما ارتباط بالبشر.
المعلم: افتحوا كتبكم على الصفحة الواحدة والخمسين، من يقرأ منكم الحديث الوارد فيها حول ما قاله زميلكم؟
طالب: يقرأ قول الرسول r: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ... وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا، وادعوا الله حتى يكشف ما بكم "
يقرا طالب آخر، ثم ثالث والمعلم يصحح لهم القراءة.
المعلم: ما ارتباط هذا الحديث بما قاله زميلكم في بداية الحصة من أنه رأى الناس يصلون.
طالب: إن الرسولr يأمر الناس بالصلاة والدعاء إذا رأوا الكسوف أو الخسوف، وزميلنا قال بأنه رأى الناس يهرعون إلى المسجد للصلاة والدعاء، فإنما هذا استجابة لدعوة الرسول r.
طالب: وهل تختلف صلاة الكسوف والخسوف عن الصلاة العادية؟
يُخرِج المعلم بعض الطلاب ويصفهم في صفوف ثم يقف أمامهم إماما ثم يصلي بهم صلاة مثل صلاة الكسوف والخسوف، ويطلب من أحدهم تطبيق الصلاة وحده، ثم طالب ثاني وثالث، حتى تأكد بأنهم استوعبوا تطبيقها، وأدركوا الفرق بينها وبين الصلاة العادية.
المعلم: والآن بماذا تختلف صلاة الكسوف والخسوف عن الصلاة العادية؟
طالب: بعدد الركعات في كل ركعة، حيث يركع المصلون في الصلاة العادية ركوعاً واحداً في كل ركعة، وفي هذه الصلاة يركعون ركوعين في الركعة الواحدة.
المعلم: أحسنت، وهنا يخطب الإمام بعد الصلاة بالناس خطبة الكسوف والخسوف، يعظ الناس فيها، بينما في صلاة الجمعة تسبق الخطبة الصلاة. من منكم يستطيع أن يذكر بعض الأفكار التي يمكن أن تحويها خطبة صلاة الكسوف والخسوف؟
طالب: يتحدث عن آيات الله في الكون.
المعلم: اخرج إلى السبورة واكتب الفكرة. وهكذا طالب آخر، وثالث، ورابع...
أحسنتم يا أبنائي، إن عليكم أن تدعوا الله وتصلوا إذا رأيتم الكسوف أو الخسوف، طاعة لله تعالى، وطاعة لرسوله r.
النشاط الأول: حلل الموقف الصفي وبين المهارات اللغوية التي ركز عليها المعلم من خلال حصة التربية الإسلامية، هل يمكن أن تضيف مواقف أخرى تخدم المهارات اللغوية للموقف الصفي؟ اذكرها.
ثانيا: نموذج من الدراسات الاجتماعية: معلمة تدرس الجغرافيا، وكان درسها عن اختلاف البيئات في العالم.
حيَّت المعلمة تلميذاتها فرددن التحية، ومهدت للدرس، ثم أخذت المعلمة تعرض بعض الصور، الصورة الأولى فيها أطفال يلعبون، وإلى جوارهم كمية من الأزهار المزروعة، والحشائش الخضراء المهذبة، فبدت جميلة، ودار بين المعلمة وتلميذاتها الحوار التالي:
المعلمة: انظروا إلى هذه الصورة، وليخبرنا كل واحد منكم بما يراه فيها.
إحدى الطالبات: إنها لأناس من قارة إفريقيا.
المعلمة: ممتازة وكيف عرفت ؟
الطالبة: بسبب اختلاف ألوانهم عن ألواننا.
طالبة ثانية: نعم، إنهم من إفريقيا.
المعلمة: ما السبب في تأكيدك هذا ؟
الطالبة: في شكل المنازل المبنية من القش، وأشكال ملابسهم.
طالبة ثالثة: أنا لم أر بيوتا مثل هذه أبدا، وهل هذه الملابس تصلح لنا؟
طالبة رابعة: وأنا لم أر كذلك، ولكن أخي الأكبر كان يقص لي قصصاً عن الناس في إفريقيا، ووصف لي منازلهم وملابسهم التي يرتدونها، وهي تشبه ملابس الهنود الحمر، وهم أيضا لا يرتدون ملابس كثيرة.
المعلمة: أحسنت.
ثم عرضت المعلمة صورة أخرى لطفلين من أطفال المناطق الباردة، يلعبان بزحافة الجليد أمام منزل كالقبة، وتظهر الثلوج واضحة في الصورة، ثم سألت الطالبات عن الصورة ومحتوياتها، وتلميذاتها يصفن ما يرينه في الصورة. وطلبت منهن أن يقارن بين الصورتين السابقتين.
وخلصت إحدى الطالبات إلى: أنه يعيش الناس في أماكن مختلفة، وفي منازل مختلفة.
المعلمة: أحسنت، هل من شيء آخر؟
طالبة ثانية: ويلبسون ملابس مختلفة.
طالبة ثالثة: ويلعبون ألعابا مختلفة.
المعلمة رائع، وماذا أيضا ؟
طالبة: إن الاختلاف راجع إلى اختلاف البلدان والمناخ فيها.
المعلمة حسنا هذا كلام ممتاز؛ فالجغرافيا والمناخ يؤثران على طريقة الحياة التي يحياها السكان.
وهكذا عرضت المعلمة صورا أخرى مستخدمة الأسلوب نفسه، ثم قالت لطالباتها: الآن لدي فقرتان قصيرتان، وأريد منكن قراءتها، وبعدها أريد من كل واحدة منكن أن تضرب أمثلة مكتوبة في دفترها من الفقرتين توضح فيها كيف تؤثر البيئة وأحوال الجو على أسلوب حياة الناس، وأخرجت المعلمة لوحة ورقية مكتوبا عليها الفقرتان، وطلبت من الطالبات، ثم تركت لهن بعض الوقت لتكتب كل واحدة منهن الأمثلة المطلوبة في ورقة مدون عليها اسمها، وجمعت الأوراق وانتهت الحصة.
النشاط الثاني: ما المهارات اللغوية التي ركزت عليها معلمة مادة الجغرافيا هنا في هذه الحصة ؟ هل يمكن أن تضيف للحصة مواقف أخرى تؤكد المهارات اللغوية الأخرى ؟ ما هي ؟
النشاط الثالث: قم أنت ومجموعتك حسب تخصصكم باقتراح مواقف مصغرة من المواقف التعليمية العامة، لتعزيز بعض المهارات اللغوية عند الطالب من خلالها.
تعرض كل مجموعة ما توصلت إليه حسب التخصص في المادة الدراسية.
حل النشاط الأول:
· مهارة التعبير الشفوي.
· مهارة التعبير الكتابي.
· مهارة القراءة.
· مهارة الكتابة وتصحيح الأخطاء.
· مهارة التفكير المنطقي والربط.
حل النشاط الثاني:
1.
مهارة التعبير الشفوي؛ عندما شجعت الطالبات على التعبير عن الصور.
2.
مهارة التعبير الكتابي؛ عندما طلبت منهن الكتابة على الأوراق.
3.
مهارة القراءة؛ عندما طلبت منهن قراءة الفقرتين.
4.
مهارة التفكير المنطقي والربط، بين الصورة والفكرة المستنتجة.
منقووووووووووول
*******