الكتابة على الجدران

[chohrore]

يشاهد الكثير منا إذا مر في الشوارع ماشيا أو راكبا بعض الكتابات المنتشرة على كثير من الجدران والمجسمات الجمالية واللوحات الإرشادية وهذه قد أقلقت الكثير من التربويين والمعلمين ، والمهتمين بالبيئة والمحافظين على نظافتها ، وحول الكتابة على الجدران والمجسمات الجمالية يدور حديثي هذا الكتابة على الجدران والأحجار ليست وليدة اليوم ، بل منذ القدم ، ولعلنا نستهجنها اليوم لأنها شوهت المدن والمجسمات والجدران ، ولأن اليوم هناك الكثير من البدائل يمكن أن تقوم هذا المقام ، وليس الجدران والحيطان والمجسمات الجمالية واللوحات الإرشادية فقديما يقال أن سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام خرج في رحلة تحمله الريح حتى انتهى إلى قصر ووجد عليه نسر واقف فسأل سليمان النسر : منذ متى وأنت هنا ؟ فرد النسر : منذ سبعمائة سنة وبالمناسبة فسليمان عليه السلام كان يفهم لغة الطير والحيوان ، والنسر الطائر القوي الملقب بسيد الطيور من الكائنات أو الأحياء التي يمتد بها العمر حتى تبلغ ( 1000 ) سنة وهومن الطيور القوية الذي يمكنه أن يحمل ويطير بصغير الفيل ، وله القدرة على الطيران من الشرق إلى الغرب في مسيرة واحدة دون توقف ، وأنثى النسر تسمى ( أم قشعم ) والمهم أن سليمان عليه السلام دخل القصر فوجد على أحد حيطانه منقوشا :
خرجنا من قرى اصطخر
إلى القصر فقلناه
فمن يسأل عن القصر
فمبنيا وجدناه
فلا تصحب أخا الجهل
وإيّاك وإيّاه
فكم من جاهل أردى
حكيما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء
إذا ما المرء ماشاه
وللناس من الناس
مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب
دليل حين يلقاه
وللعين غنى للعين
أن تنطق أفواه
ويقال أن الحجاج بن يوسف الثقفي وجد على منبره يوما مكتوبا : (( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار )) فكتب تحته : (( قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ))
ويقال أن الراوية الأصمعي كان يمشي في البادية فوجد حجرا مكتوبا عليه :
أيا معشر العشاق بالله خبروا
إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع ؟
فكتب تحته الأصمعي :
يداري هواه ثم يكتم سره
ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم رجع في اليوم التالي فوجد مكتوبا :
فكيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفي كل يوم قلبه يتقطع ؟
فكتب تحته الأصمعي :
إذا لم يجد بدا لكتمان سره
فليس له شيء سوى الموت أنفع
ثم عاد الأصمعي في اليوم الثالث فوجد شابا ميتا تحت الحجر وقد كتب :
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا
سلامي على من كان للوصل يمنع
هذه مقتطفات من كتابات الأولين على الجدران والحيطان والأحجار وأرى أننا لكي نعالج هذه المشكلة أن تتظافر الجهود وتحاربها ويكون هناك يوما لمحاربة الكتابة على الجدران ، وأرى أن تقوم المدرسة بتوعية طلابها بعدم تشويه المدن والمجسمات الجمالية بهذه الكتابات كما أن تكون هناك سبورات بالمدرسة منتشرة يكتب عليها الطلاب ويمارسون هواياتهم في الكتابة كما أن على الأسرة أن توعي أبنائها بأخطار هذه الكتابات والتشويه الحاصل لجمال المدن ، كما أن على خطباء وأئمة المساجد دورا كبيرا في ضرورة التوعية والنصح لهؤلاء الذين يمارسون تشويه المدن بهذه الكتابات وأرى أن تقوم البلديات بتزويد الحدائق
والنتزهات بعدد من السبورات والطباشير ليقوم هواة الكتابة بممارسة هواياتهم أثناء تواجدهم بها ومن ثم تنظيفها بعد الاستعمال ويمارس البعض الكتابة على الجدران إمّا للتعبير عن ذواتهم وإبراز هواياتهم وموهبتهم في الكتابة ، وإما يقع ذلك من أعداء البيئة والنظافة ، وإمّا لوجود ضغوطات نفسية وحالات كبت فلا يجدون متنفسا للتعبير إلا عن طريق تلك الكتابات ، وإمّا لعدواة مع بعض الأشخاص
ــــــــــــــــــــ
قرى اصطخر : تقع في بلاد فارس وبناها أحد ملوك فارس القدامى ويدعى اصطخر بن طهمورث أو يهمورث
فقلناه : قيلنا فيه ، من القيلولة

[عبد العزيز أوميـة]

مشكور أخي الكريم على الموضوع المميز، فعلا تستحق كل الثناء...
سأذكر لكم مقتطفا من مساري المهني:
عند وصولي أول مرة إلى مقر تعييني،أول ما أثار انتباهي كانت تلك الكتابات المنتشرة على جدران المدرسة والمخلة بالآداب والآخلاق... فقررت حينها أول شيء أفعله هو محاربة هذه الظاهرة الغريبة، وإتاحة الفرصة للتلاميذ للتعبير بحريةو في مختلف المواضيع حتى الممنوعة أحيانا،فأنشأنا مجلة حائطية، وطلبت من التلاميذ عدم كتابة الأسماء في المشاركات حتى تتم مناقشتها وتحديد الموضوع الأهم لتعليقه وآنذاك يمكن لصاحب الموضوع أن يكتب اسمه، وكانت المنافسة على أشدها، وبعدها وضعنا قانوننا الخاص في القسم والمتعلق بالمجلة الحائطية بمعية التلاميذ، وكان التجاوب كبيرا إلى حد تفاجأت شخصيا بذلك...
المهم يجب إيجاد فضاءات أوسع لحرية التعبير، وقبول كل الآراءباختلافاتها،وقبول الآخر كما هو....
شكرا مرة أخرى، وفي انتظار مشاركاتكم تحياتي.