تبارى القوم فى الثناء علىّ..! أ ُلقيت كلمات وشُربت أنخاب والوجوه التى لم تعرف الأبتسام يوماً أستقبلتنى فى بشاشة وإطمئنان وكأنها سعيدة بإبتعادى ، ترحاب لم أعرفه طوال سنوات خدمتى الثلاثين فى أرشيف المصلحة..واليوم هاهم يقيمون حفلاً صغيراً جمعوا ميزانيته من قروش السعاة والموظفين الصغارالذين رافقونى رحلة العمر ودعوا إليه رئيس القسم والمدير العام ومن الغد لن يربطنى بهذا المكان رابط.. لن يقف المدير العام مشيراً بطول ذراعه إلى السلـّم حتى لاأشاركه ركوب المصعد .. لن يقف مدعياً أنه لايعرفنى كلما قابلته فى مكتبه ولن يلقى فى وجهى بأسئلته الأستهجانية حين أقدّم له نفسى..أنا عبد الباقى..فتتغضّن ملامحه وينعقد مابين حاجبيه وينظرإلىّ فى قرف وهو يقول..عبد الباقى منْ؟! ..موظف الأرشيف..آه ..معنا هنا فى المصلحة؟!
الآن يقف مبتسماً وذاكراً محاسنى التى لاأعرفها ..أخيراً ثبتت صورتى فى ذاكرته بعد كل هذه السنين وهو ينعتنى بأننى كنت أحد الموظفين المخلصين فى المصلحة ..وقف الفعل"كان " فى أذنى وكأنه المقشة التى ستكنسنى إلى الشارع بينما وقف هو ليشدّ على يدى أمام الجميع ويناولنى ورقة عريضة من الكرتون المقوى مكتوب عليها.."عبد الباقى حامد..الموظف المثالى".
**********************
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
منقول من واتا.