تحقيق : الوجه الآخر للشات
كان التحقيق الأول بعنوان أمراض الشات ، و كان الهدف منه إثارة انتباه أولياء أمور الشباب إلى خطورة النت باعتباره سلاحا ذا حدين . رصدت فيه مجوعة من الأمراض المجتمعية التي أصبحت تسري وسط الشباب كالنار في الهشيم . غير أن الصورة ليست قاتمة تماما، فهناك نجوم تشع هنا وهناك وسط هذا السواد . شباب و شابات اخترن النت سبيلا للدعوة إلى الله . و خير مثال على ذلك إحدى الشابات من مدينة الصويرة، فإذا كانت فتيات من نفس سنها قد اخترن سبيل الميوعة و الانحراف اختارت هذه الشابة الدعوة إلى الله من خلال السكايب . لقد ذيلت اسمها بأحاديث نبوية و آيات قرآنية . كما تفرض على محاورها الاحترام من خلال أسلوبها الدعوي السلمي ، و لا تتوانى في إرسال عناوين لمواقع إسلامية على النت . و تذكر محاورها دائما بأوقات الصلاة ، و تغلب كل معارض بأسلوبها الحجاجي المقنع . و هي كما تقول واحدة من بنات كثر اخترن سبيل الثبات في زمن القابض على الجمر كما اقتبست من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم .
شباب آخرون سلكوا نفس النهج ، و منهم مغاربة مقيمون في أوروبا . فقد حدث أن نشر أحد المواقع الأوروبية رسوما و مقالات مسيئة للرسول عليه الصلاة و السلام ، فقرر هؤلاء الشباب الانتقام من هذا الموقع ، و اتفقوا على وقت واحد ثم أرسلوا ـ دفعة واحدة ـ سيلا من الرسائل و الفيروسات ، فكانت النتيجة أن دمر الموقع .
و على السكايب أيضا يعرض شباب و شابات منتوجهم الحرفي كأسلوب من أساليب "الماركتين" ، منهم خياطون و حلاقون يبحثون عن عقود عمل .. بل و شركات و وكالات أسفار أيضا. و أكثر ما يحز في النفس إحدى الشابات التي تعرض كليتها للبيع بسبب فقر أسرتها على حد قولها.
و إذا جن الليل تلتحق مجموعة من النساء بعالم الشات ، أغلبهن في العقد الثالث و الرابع . و الهدف واحد : البحث عن الزوج . و يعبرن عن ذلك صراحة بكتابة أوصافهن و مواصفات عريسهن المأمول في " البروفيل " . و لهن أعذارهن الخاصة : قطار الشباب لم تبق منه إلا العربات الأخيرة ، و الزواج أصبح في وقتنا عملة ناذرة ، و الزوج الغائب في العالم المحسوس قد يحضر في العالم الرقمي .
و لقد أصبح ال "م س ن" و " السكايب " عدلا بامتياز ، فقد زوج شبابا و شابات . و من أطرف ما سمعت حالة إحدى بنات جهة تادلا أزيلال . يقول أفراد أسرتها أنها كانت دائما على خلاف معهم . و في لحظات غضبها عليهم تدعو الله قائلة : (رب يسر لي في زواج بعيد ، و ليكن ثمن تذكرة الحافلة 350 درهما لكي لا يحضر أحد) . و كذلك كان . إحدى صديقاتها تزوجت في تركيا بفضل الشات ، و كانت شابتنا تساعدها على التواصل مع زوجها التركي بحكم معرفتها بتقنيات الحاسوب و النت . و لم تنس صنيعها فكان أول عمل قامت به بعد وصولها إلى تركيا هو إرسال عقد عمل لصديقتها و مساعدتها ماديا . فسافرت شابتنا إلى هناك و تزوجت بدورها بأحد الأتراك . و بالطبع لم يحضر زفافها أي أحد من أفراد أسرتها بحكم بعد المسافة و غلاء التذاكر .
انتظر اراءكم