حرمانه من مساهمات آلاف المتعاقدين يعمق الاختلالات المالية
يصر الصندوق المغربي للتقاعد على التكتم على حقيقة وضعيته المالية، أمام التراجع المتزايد في أعداد الموظفين الجدد، الذين يساهمون في تمويل معاشات المتقاعدين، بسبب سياسة الحكومة في اعتماد التعاقد في التوظيف، الذي يحرم الصندوق من مساهمات المنخرطين الجدد.
واقتصر بلاغ المجلس الإداري للصندوق، المنعقد الأسبوع الماضي، تحت رئاسة محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، نيابة عن رئيس الحكومة، في حديثه عن التوازن المالي لنظام المعاشات المدنية للصندوق، على ضرورة التعجيل بورش الإصلاح الشمولي، والعمل على تنزيله في أقرب الآجال، دون تقديم أرقام أو مؤشرات مالية، بما يقدم صورة واضحة عن الاستدامة المالية للصندوق.
وبخصوص المحفظة المالية للصندوق، فقد سجلت ارتفاعا ملحوظا خلال السنة الماضية، بلغ 5.27 في المائة، في الوقت الذي لم يتجاوز في 2016 نسبة 3.73 في المائة، وهو ارتفاع، عزاه بلاغ المجلس، إلى تحسين التدبير، والانخراط في عمليات التمويل المبتكرة، وتقوية نظام الحكامة وتسريع إستراتيجية التحول الرقمي.
واستغربت مصادر “الصباح” للخطاب الوردي، الذي يسوق عن وضعية الصندوق، رغم تراجع محفظته المالية خلال 2019، إلى 92 مليار درهم، والإشادة بالإنجازات المحققة في مجال نظام الحكامة، بل أكثر من ذلك، يعتبر المجلس أن الصندوق تمكن، رغم حالة الطوارئ الصحية من مواصلة خدماته، وضمان استمراريتها مع الحفاظ على سلامة مستخدميه، وكأنه إنجاز فريد.
والحقيقة، يقول حسن المرضي، عضو المجلس الإداري، أن وضعية الصندوق باتت مقلقة، لأن الحكومة لم تلتزم بالقانون المنظم للمعاشات المدنية المبنية على مساهمات المنخرطين الجدد، وأداء المعاشات للمتقاعدين، إذ تراجعت أعداد المناصب المالية المحدثة في القوانين المالية، ولجوء الحكومة إلى التعاقد في قطاع التعليم، الذي يستأثر بآلاف مناصب الشغل.
وأوضح المرضي في تصريح لـ”الصباح” أن الصندوق يعاني اختلالات كبيرة في تدبير التوازنات المالية، بسبب القوانين المنظمة والقرارات الحكومية الانفرادية، وفي غياب إشراك حقيقي لمختلف الفاعلين، مشيرا على سبيل المثال، إلى الاستثمارات التي قام بها، من خلال اقتناء المراكز الاستشفائية من الدولة، مقابل 5 ملايير درهم، والتي لا تقدم مردودية كبيرة.
وأكد أن الحكومة باختياراتها الجديدة في مجال التوظيف بالتعاقد، تساهم في تأزيم الوضعية المالية للصندوق، ناهيك عن تسوية الترقيات العالقة للموظفين، والتي تحرم الصندوق من مداخيل إضافية، مطالبا بتسريع إدماج أزيد من 90 ألف متعاقد في قطاع التربية في نظام المعاشات المدنية للرفع من المساهمات، لأن المنخرطين الجدد هم الذين يمولون معاشات المتقاعدين في النظام التوزيعي المعمول به.