si27الرأي الآخـــر
عجائب الديمقراطية المغربية
29/10/2007
علي أنوزلا:
يبدأ البرلمان بغرفتيه اليوم مناقشة التصريح الحكومي الذي عرضه الوزير الأول عباس الفاسي، ومن الآن يمكن أن نحسم نتيجة التصويت، فهي ستكون لصالح عباس الفاسي. إلا أن هذا التصريح سيكون مناسبة لرصد «عجائب» الديمقراطية المغربية أو «مفارقاتها» بلغة العصر.
أولى هذه العجائب هي أن حكومة عباس حكومة أقلية ومع ذلك فهي تحظى بدعم الأغلبية، وجزء من هذه الأغلبية مولود هجين ما بين الأحزاب والمستقلين يمثله فريق فؤاد عالي الهمة الرجل الذي بدونه لا يمكن الحديث عن أغلبية حكومية وبالتالي فبدونه ستسقط الحكومة الحالية، فهل يمكن داخل نظام يدعي أنه ديمقراطي تصور وجود شخص واحد غير منتم يقول إنه لا يمثل إلا نفسه لكنه في نفس الوقت هو ضامن الأغلبية الحكومية واستمرارها؟!
العجيبة الثانية هي أن الحكومة الحالية ستلقى من الدعم من الأحزاب غير المشاركة فيها مثل «الاتحاد الدستوري» أكثر مما سيمنحه لها حزب مثل «الاتحاد الاشتراكي» الحليف الأول والتاريخي لحزب «الاستقلال» الذي اختار موقف المساندة النقدية. وقد يجد الباحثون صعوبة في التمييز بين موقفي حزبين واحد يوجد في الحكومة مثل «الاتحاد الإشتراكي» وآخر يوجد في المعارضة مثل «الحركة الشعبية»، لأن كليهما اختار موقف «المساندة النقدية».
العجيبة الثالثة تتمثل في أن أغلب الأحزاب تبنت موقف «المساندة النقدية»، وهذا ما ستؤكده تدخلاتهم أثناء مناقشات اليوم وغد، إذ سنسمع خطابات سيصعب تصنيفها في قاموس السياسة. ويمكن تصور من الآن أن الحزب الوحيد الذي سيدعم عباس الفاسي دعما واضحا ومباشرا هو حزبه، حزب «الاستقلال».
العجيبة الرابعة هي تلك التي سنشهدها عند التصويت على تصريح عباس الفاسي، ويصعب من الآن تصور كيفية تصويت كل الأحزاب رغم أن نتائج التصويت محسومة من قبل. فالحزبان الوحيدان اللذان حسما موقفهما هما حزب «الاستقلال» الذي سيصوت لصالح أمينه العام، وحزب «العدالة والتنمية» الذي سيصوت ضد الحكومة. أما الأحزاب الأخرى فمواقفها غير واضحة، إذ لا يعرف كيف سيكون موقف حزب مثل «الاتحاد الاشتراكي» اختار أن يضع رجلا في الحكومة وأخرى في المعارضة، أما حزب «الحركة الشعبية» الذي وجد نفسه بالرغم منه في المعارضة فقد صرح أمينه العام بمنتهى النباهة أنه سيختار ما بين ثلاثة مواقف: التصويت بنعم أو التصويت بلا أو الامتناع عن التصويت. فبالله عليكم دلوني على موقف آخر يمكن أن يتبناه هذا الحزب ولم يتوقعه أمينه العام؟!
أما العجيبة الخامسة فهي أن الحكومة الحالية ستحظى بثقة برلمان جزء من أقليته صتت لصالحها وجزء آخر عارضها، أما أغلبيته المطلقة فهي موزعة ما بين الممتنعين عن التصويت أو الغائبين عنه تماما! (وهؤلاء أحسنوا فعلا وعملا، لأنهم سيكونون أكثر البرلمانيين صدقا مع أنفسهم).
العجيبة السادسة تتمثل في أن كل هذا السيل من الخطابات التي سنسمعها اليوم وغدا هي مجرد كلام زائد، لأن برنامج الحكومة الحقيقي هو ذلك الذي يقرره الملك ومستشاروه كل يوم، أما تصريح عباس فهو مجرد كلام عابر سينساه هو بنفسه عندما ستصدر له التعليمات بفعل كذا والامتناع عن فعل كذا.
أما العجيبة السابعة فهي أن الحكومة لا تحتاج إلى أن تحظى بثقة البرلمان ليصبح تنصيبها قانونيا، فلا شيء يلزمها بالحصول على تلك الثقة، وهي باشرت أعمالها حتى قبل أن يتقدم الوزير الأول بتصريحه أمام البرلمان عندما وقع وزراء حكومته أثناء زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب على اتفاقات دولية تلزم المغرب. لذلك يمكن اعتبار جلسات البرلمان خلال اليومين الجاريين مجرد «بروفات» على ديمقراطية غير معلنة.
بقيت العجيبة الثامنة، وهذه مغربية مائة بالمائة، وهي أن من يحكم في المغرب ليس هو عباس الفاسي ولا حكومته ولا البرلمان ولا أحزابه. من يحكم في المغرب لا يحتاج إلى تصريح ولا إلى تصويت ولا إلى ثقة. وسأترك لكم أن تخمنوا من يكون؟r4t
عجائب الديمقراطية المغربية
المواضيع المتشابهه
