ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺒﺫﺭﺓ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻁﻔل
______________________
ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻷﻭل : ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺒﺫﺭﺓ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻁﻔل ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻤﺜل ﺒﺘﻠﻘﻴﻥ ﺍﻟﻁﻔل ﻜﻠﻤـﺔ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴـﺩ ﺒﺎﻵﺫﺍﻥ ﻓﻲ ﺃﺫﻨﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻭﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺃﺫﻨﻪ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ.
ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻫﻲ : " ﺍﻟﺨﻠﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻀﻌﻬﺎ ﺍﷲ –ﻋﺯ ﻭﺠل - ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻨﺫ ﻭﻻﺩﺘـﻪ،
ﺘﺘﻤﻴﺯ ﺒﺠﺫﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻐﺭﻴﺯﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﻻ ﺘﺘﺄﺜﺭ ﺒﺎﻟﻌﻭﺍﻤـل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴـﺔ، ﻜﺎﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ" (١)" ﻭﻟﻜﻲ ﻨﺤﻤﻲ ﺒﺫﻭﺭ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻭﻻﺩﺘﻪ ﺒﺎﻟﺘﺄﺫﻴﻥ ﻓﻲ ﺃﺫﻨـﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻭﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺃﺫﻨﻪ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ. " (٢)" ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺒﻬﺎ ﻟﺩﻯ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﻔل ﺤﻴﻥ ﻴﻭﻟﺩ ، ﻴﻭﻟﺩ ﻋﻠـﻰ ﻓﻁـﺭﺓ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﻭﻋﻘﻴﺩﺓ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﺎﷲ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺼﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻬﺭ ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﺀ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺘﻬﻴﺄﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴـﺔ ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﻴـﺔ
ﺍﻟﻭﺍﻋﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺨﻠﻁﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﻪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻪ، ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻪ، ﻨﺸﺄ ﺍﻟﻭﻟﺩ –ان شـﺎﺀ ﺍﷲ - ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺭﺍﺴﺦ ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻔﺎﻀﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﺍﻹﻴﻤﺎﻨﻴﺔ ﻗﺩ ﻗﺩﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻭﺃﻜﺩﻫﺎ ﺍﻟﺭﺴﻭل –صلى الله عليه وسلم" (٣) ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ} [الروم: 30]
ﻗﺎل ﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ : " ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻴﺭﺒﻁ ﺒﻴﻥ ﻓﻁﺭﺓ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻭﻁﺒﻴﻌﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﻜﻼﻫﻤﺎ ﻤﻥ ﺼـﻨﻊ ﺍﷲ ﻭﻜﻼﻫﻤﺎ ﻤﻭﺍﻓﻕ ﻟﻨﺎﻤﻭﺱ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﻜﻼﻫﻤﺎ ﻤﺘﻨﺎﺴﻕ ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫـﻪ ، ....، ﻭﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﺜﺎﺒﺘﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺜﺎﺒﺕ . ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻨﺤﺭﻓﺕ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻟﻡ ﻴﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻴﻬـﺎ ﺇﻻ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟـﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺴﻕ ﻤﻊ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ، ﻓﻁﺭﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻭﻓﻁﺭﺓ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ " (4)
ﻋﻥ ﺃﺒﻲ ﻫﺭﻴﺭﺓ – ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ- ﺃﻥ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ – ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴل – ﻗـﺎل : (ﻤـﺎ ﻤـﻥ ﻤﻭﻟﻭﺩ ﺇﻻ ﻴﻭﻟﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻓﺄﺒﻭﺍﻩ ﻴﻬﻭﺩﺍﻨﻪ ، ﺃﻭ ﻴﻨﺼﺭﺍﻨﻪ ﺃﻭ ﻴﻤﺠﺴﺎﻨﻪ ) (5)
ﻗﺎل ﺍﻟﺸﻭﻜﺎﻨﻲ " ﺃﻱ ﻜل ﻤﻭﻟﻭﺩ ﻴﻭﻟﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﺈﺫﺍ ﻟﺯﻡ ﻏﻴﺭﻩ ﻓﺫﻟﻙ ﻷﺼل ﻤﺎ ﻴﻌﺭﺽ ﻟـﻪ
ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺒﻭﻴﻪ ﺃﻭ ﺴﺎﺌﺭ ﻤﻥ ﻴﺭﺒﻴﻪ. " (6)
ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﺘﺜﺒﻴﺕ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻡ ﺒﺎﷲ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻷﺤﺩ ، ﻭﺘﺭﺴﻴﺦ ﺤﺏ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ :
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻨﻌﻠﻤﻬﻡ ﺤﺏ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ :
ﺃ-ﻷﻥ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎل ﻋﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﺒﻭﻨﻪ : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) } [آل عمران: 31، 32]
ﺏ- ﻷﻥ ﺍﷲ ﺠلﱠ ﺸﺄﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺠﺩﻨﺎ ﻤﻥ ﻋﺩﻡ،ﻭﺴﻭﻯ ﺨﹶﻠﻘﻨﺎ ﻭﻓﻀﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻤـﻥ ﺨﻠـﻕ
ﺘﻔﻀﻴﻼ،ﻭﻤﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﺄﻓﻀل ﻨﻌﻤﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ، ﺜﻡ ﺭﺯﻗﻨﺎ ﺒﺎﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﻓـﻀﻠﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻨـﺴﺘﺤﻕ
ﺫﻟﻙ،ﺜﻡ ﻫﻭ ﺫﺍ ﻴﻌﺩﻨﺎ ﺒﺎﻟﺠﻨﺔ ﺠﺯﺍﺀ ﻷﻓﻌﺎل ﻫﻲ ﻤﻥ ﻋﻁﺎﺀﻩ ﻭﻓﻀﻠﻪ، ﻓﻬﻭ ﺍﻟﻤﺘﻔﻀل ﺃﻭﻻﹰ ﻭﺁﺨِﺭﺍ.
ﺠـ - ﻋﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺩﺭﺩﺍﺀ ﻗﺎل : ﻗﺎل ﺭﺴﻭل ﺍﷲ -ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ - ( ﻜﺎﻥ ﻤـﻥ ﺩﻋـﺎﺀ ﺩﺍﻭﺩ
ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻠﻬﻡ ﺇﻨﻲ ﺃﺴﺄﻟﻙ ﺤﺒﻙ ﻭﺤﺏ ﻤﻥ ﻴﺤﺒﻙ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﻠﻐﻨﻲ ﺤﺒﻙ ، ﺍﻟﻠﻬﻡ ﺍﺠﻌل ﺤﺒﻙ ﺃﺤـﺏ
ﺇﻟﻲ ﻤﻥ ﻨﻔﺴﻲ ﻭﺃﻫﻠﻲ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ) (7) ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﺴﻭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ.
ﺩ- ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻴﺘﻭﻟﺩ ﻋﻨﻪ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﻭﺍﻟﻬﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺍ ﻟﺴﺭ ﻭﺍﻟﻌﻠﻥ، ﻭﻤﺎ ﺃﺤﻭﺠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﺭﻡ ﺃﻁﻔﺎﻟﻨﺎ
ﺭﺒﻬﻡ ﻭﻴﻬﺎﺒﻭﻨﻪ - ﺒﺩﻻﹰ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻼﻗﺘﻬﻡ ﺒﻪ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﻋﻘﺎﺒـﻪ ﺃﻭ ﻤـﻥ ﺠﻬـﻨﻡ -
ﻓﺘﻜﻭﻥ ﻋﺒﺎﺩﺘﻬﻡ ﻟﻪ ﻤﺘﻌﺔ ﺭﻭﺤﻴﺔ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﺒﻬﺎ ﻭﺘﺤﻔﻅﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻟل .
ﻫـ- ﻷﻥ ﺍﻷﻁﻔﺎ ل ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻴﺘﻌﻠﻘﻭﻥ ﺒﺂﺒﺎﺌﻬﻡ ﻭﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ -ﺃﻭ ﻤﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺭﻋﺎﻴﺘﻬﻡ ﻭﺘﺭﺒﻴﺘﻬﻡ - ﺃﻜﺜﺭ
ﻤﻥ ﺃﻱ ﺃﺤﺩ،ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺒﺄﻥ ﺍﻵﺒﺎﺀ ، ﻭﺍﻷﻤﻬﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺭﺒﻴﻥ ﻻ ﻴﺩﻭﻤﻭﻥ ﻷﻁﻔﺎﻟﻬﻡ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻫﻭ
ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﻘﻴﻭﻡ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤﻭﺕ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺘﺄﺨﺫﻩ ﺴِﻨﺔﹲ ﻭﻻ ﻨﻭﻡ، ﻓﻬﻭ ﻤﻌﻬﻡ ﺃﻴﻨﻤـﺎ ﻜـﺎﻨﻭﺍ
ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻔﻅﻬﻡ ﻭﻴﺭﻋﺎﻫﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻬﻡ ،...،ﺇﺫﻥ ﻓﺘﻌﻠﻘﻬﻡ ﺒﻪ ﻭﺤﺒﻬﻡ ﻟﻪ ﻴﻌﺩ ﻀﺭﻭﺭﺓ، ﺤﺘﻰ
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﻌﺭﻀﻭﺍ ﻟﻔﻘﺩﺍﻥ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﻭ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﻋﺭﻓﻭﺍ ﺃﻥ ﻟﻬﻡ ﺼﺩﺭﺍﹰ ﺤﺎﻨﻴﺎﹰ، ﻭﻋﻤﺎﺩﺍﹰ ﻤﺘﻴﻨـﺎﹰ، ﻭﺴـﻨﺩﺍﹰ
ﻗﻭﻴﺎﹰ ﻫﻭ ﺍﷲ -ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ-.
ﻭ- ﻷﻨﻬﻡ ﺇﺫﺍ ﺃﺤﺒﻭﺍ ﺍﷲ ﻋﺯ ﻭﺠل ﻭﻋﻠﻤﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻜﻼﻤﻪ ﺃﺤﺒـﻭﺍ ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤـﻭﺍ ﺃﻥ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﻘﺎﺀ ﻤﻊ ﺍﷲ ﻓﺭﺤﻭﺍ ﺒﺴﻤﺎﻉ ﺍﻷﺫﺍﻥ، ﻭﺤﺭﺼﻭﺍ ﻋﻠ ﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺨﺸﻌﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤـﻭﺍ
ﺃﻥ ﺍﷲ ﺠﻤﻴل ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻓﻌﻠﻭﺍ ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﺠﻤﻴل ﻭﺘﺭﻜﻭﺍ ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺒﻴﺢ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤـﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﷲ
ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺘﻭﺍﺒﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﻁﻬﺭﻴﻥ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻥ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﺩﻗﻴﻥ، ﻭﺍﻟﺼﺎﺒﺭﻴﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺴﻁﻴﻥ، ﻭﺍﻟﻤﺘـﻭﻜﻠﻴﻥ،
ﻭﺃﻥ ﺍﷲ ﻤﻊ ﺍﻟﺼﺎﺒﺭﻴﻥ،ﻭﺃﻥ ﺍﷲ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻥ، ﻭﺃﻨﻪ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺁﻤﻨﻭﺍ ﻭﺃﻥ ﺍﷲَ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋـﻥ ﺍﻟـﺫﻴﻥ
ﺁﻤﻨﻭﺍ،...، ﺇﺠﺘﹶﻬﺩﻭﺍ ﻟﻴﺘﺼﻔﻭﺍ ﺒﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ، ﺍﺒﺘﻐﺎﺀ ﻤﺭﻀﺎﺘﻪ ، ﻭﺤﺒﻪ، ﻭﺍﻟﻔﻭﺯ ﺒﻭﻻﻴﺘـﻪ ﻟ ﻬـﻡ،
ﻭﺩﻓﺎﻋﻪ ﻋﻨﻬﻡ. ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤـﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻴﺤـﺏ ﺍﻟﺨـﺎﺌﻨﻴﻥ، ﻭﻻ ﺍﻟﻜـﺎﻓﺭﻴﻥ، ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺘﻜﺒـﺭﻴﻥ، ﻭﻻ ﺍﻟﻤﻌﺘـﺩﻴﻥ،
ﻭﻻﺍﻟﻅﺎﻟﻤﻴﻥ، ﻭﻻ ﺍﻟﻤﻔﺴﺩﻴﻥ، ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺤﺏ ﻜل ﺨﹶ ﻭﺍ ﻥ ﻜﻔﻭﺭ ، ﺃﻭ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﺨﺘﺎﻻﹰ ﻓﺨـﻭﺭﺍ ،...،
ﻻﺒﺘﻌﺩﻭﺍ ﻗﺩﺭ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻬﻡ ﻋﻥ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺤﺒﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﷲ ﻭﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺇﺭﻀﺎﺀﻩ.
ﺯ- ﻷﻨﻬﻡ ﺇﺫﺍ ﺃﺤﺒﻭﺍ ﺍﷲ -ﺠل ﻭﻋﻼ - ﺃﻁﺎﻋﻭﺍ ﺃﻭﺍﻤﺭﻩ ﻭﺍﺠﺘﻨﺒﻭﺍ ﻨﻭﺍﻫﻴﻪ ﺒﻁﻴﺏ ﻨﻔﺱ ﻭﺭﺤﺎﺒـﺔ
ﺼﺩﺭ؛ ﻭﺸﺒﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﻀﻴل ﻤﺭﺍﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﺩﻫﻡ، ﻭ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻜل ﻏﺎل ﻭﺜﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺘـﻀﺤﻴﺔ
ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﺭﻀﺎﺀﻩ، ﻭﻀﺒﻁ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻨﻴل ﻤﺤﺒﺘﻪ، ﻓﺎﻟﻤﺤﺏ ﻟﻤﻥ ﻴﺤﺏ ﻤﻁﻴﻊ.
ﺤـ - ﻷﻥ ﺤﺏ ﺍﷲ ﻴ ﻌﻨﻲ ﺍﺴﺘﺸﻌﺎﺭ ﻭﺠﻭﺩﻩ -ﻋﺯ ﻭﺠل - ﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻜل ﻭﻗﺕ ﻭﻤﻜﺎﻥ، ﻤﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘـﺏ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺭﺍﺤﺔ ﻭﺍﻻﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ، ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺯﻥ،...، ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺴـﻼﻤﺔ ﺍﻟـﻨﻔﺱ
ﻭﺍﻟﺠﺴﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ،… ، ﺒل ﻭﺍﻷﻫﻡ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟـﺴﻼﻤﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﻲ
ﻭﺍﻵﺜﺎﻡ . ﻭﻤﺎ ﺃﺠﻤل ﻗﻭل ﺍﻟﻘﺎﺌل : ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﷲ ﻤﻌﻪ ،ﻓﻤﻥ ﻋﻠﻴﻪ
ﻁـ - ﻷﻥ ﺃﻋﺯ ﻤﺎ ﻴﻤﻠﻜﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ - ﺒﻌﺩ ﺇﻴﻤﺎﻨﻪ ﺒﺎﷲ ﻋﺯ ﻭﺠل - ﻫﻭ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ " ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻤـﺎل ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﺎل، ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﻩ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ،...، ﻓﺎﻟﻤﺠﺭﻡ ﻴﺘﻌﺫﺏ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻪ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺤﺎﺴﺒﻪ ﺍﻵﺨـﺭﻭﻥ، ﻷﻨـﻪ ﻋﻠﻰ ﺒﺼﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺭﺓ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺱ ﺒﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﺒﻔﻌل ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﺩﻨﻴﺌـﺔ، ﺃﻤـﺎ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺱ ﺒﻭﻓﺭﺓ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻟﺩﻴﻪ، ﻓﺈﻨﻪ ﺃﺤـﺭﻯ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﻠـﻲ ﺍﻟﻘﻤـﻡ ﺍﻟـﺴﺎﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨـﺎﺯل ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ...ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺸﺄﻥ "ﻴﻭﺴﻑ" ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺤﻴﻥ ﺘﻭﺴﻡ ﻓﻴﻪ ﻋﺯﻴﺯ ﻤـﺼﺭ ﺃﻥ
ﻴﻨﻔﻌﻪ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ، ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺸﻌﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻴﺘﺨﺫﻩ ﻭﻟﺩﺍﹰ؛ ﻟﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﻗﺎل ﻻﻤﺭﺃﺘـ ﻪ ﺤـﻴﻥ ﺃﺘـﻰ ﺒﻴﻭﺴﻑ ﻤﺴﺘﺒﺸﺭﺍﹰ ﺒﻪ :"ﺃﻜﺭِﻤﻲ ﻤﺜﻭﺍﻩ " ﺃﻱ ﺃﻜﺭﻤﻲ ﻤﻜﺎﻨﺘﻪ،ﻭﺍﺠﻌﻠﻴﻪ ﻤﺤـﻁ ﺍﺤﺘـﺭﺍﻡ ﻭﺘﻘـﺩﻴﺭ،ﻭﻟﻡ ﻴﻭﺼﻬﺎ ﺒﺄﻱ ﺸﻲﺀ ﺁﺨﺭ ...ﻓﻠﻌﻠﻪ ﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠىﺄﺴﺎﺱ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﺒﺎﻹﻨﺴﺎﻥ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎﹰ ، ﻭﻗﺎﺩﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺃًﻥ ﻴﺘﺨﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻭﻓﻘﺎﹰ ﻷﺴﺱ ﻭﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴـﺭ ﺍﻟﺤﻜـﻴﻡ، ﻫﺫﺍ ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﻀﻌﻬﺎ ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫ " ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﻨﺘﺎﺌﺠﻬﺎ ﻷﻁﻔﺎﻟﻨﺎ ﻓﻤﺎ ﺃﺤﺭﺍﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﻨﻬﺒﻬﺎ ﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺤﺒﻬﻡ ﻟﺨـﺎﻟﻕ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤـﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺭﻡ ﺃﺒﺎﻫﻡ ﺁﺩﻡ ﻭﺃﺴﺠﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ، ﻭﻗﺎل ﻋﻨﻬﻡ : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } [الإسراء: 70]
... ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻭﺍﻵﺨﺭﺓ،ﻓﻼ ﻤﻔﺭ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﻋﺩﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺤﺏ ﺍﷲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘـﻭﺩﻫﻡ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﺘﻘﻭﻯ، (8) ﻓﻴﺼﺒﺤﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗﺎل ﻋﻨﻬﻡ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺒﺫﺭﺓ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻁﻔل
المواضيع المتشابهه
