الشيخة بين مطرقة النشأة وسندان الهوية
معظم شيخات المملكة ينتسبن إلى طبقة من العائلات البدوية الفقيرة و المتوسطة والتي نعنونها في مجتمعنا هذا بالعائلات المحا فضة “يعني فيها مواد حافظة” لكن الشيخة ورغم هدا الانتماء الذي يرتكز على طقوس تجرم الإبداع وتحاصر المرأة ولا تعترف بانجازاتها سواء كانت طبيبة أو قاضية أو فقيهة.
لكن الشيخة في المغرب تقترن دائما بمجتمع يتميز بقساوة جغرافية ومعيشية تزيد من صقل وتكوين شخصية المرأة المتمردة صاحبة مبدأ التحدي والكبرياء الشامخ “والرأس القاصح” الذي يبدأ تمرده من داخل البيت مرورا بالجيران والحي وباقي مكونات المحيط التي تعيش فيه حتى تنفرد بالهوية ولو على حساب النشأة.
رغم أن كل من يعيش في محيط ودائرة الشيخة يحاول استغلالها بجميع الطرق وبشتى الوسائل إلى أن المعاملة تبقى في حدود التحفظ والترقب التي تخفي في طياتها هواجس النفور والاشمئزاز. وتطفي عليها طابع النفاق الدبلوماسي الذي يبعدها عن كل التجمعات الأسرية و الاجتماعية , هذه النماذج البشرية التي تحيط بشخص الشيخة هي أكثر الشخصيات التي تحفز الشيخة على العطاء واكترها مدحا في المناسبات “وشكون فينا الي معمرو مقال لشيخة تبارك الله عليك” خصوصا أنها من الشخصيات التي تصول وتجول في كل المحافل وتحضي باهتمام الجميع ما يؤكد على ان الشيخة أكثر الناس مودة وعطاء وتآزرا وصبرا لكنها ومع الأسف لا تحظى بتقدير ولا احترام المجتمع .
والان رغم بوار المنتوج الفني للشيخات، بحكم غياب مستهلكين دائمين،اضطرت بعض الربايع او “لمغنية” الى اعتماد سياسة القرب في تقديم منتوجها الفني ،حيث تجوب بعض الفرق الموسيقية الشعبية مسافات بعيدة لتحط الرحال بإحدى القرى والدواوير،لتمتيع عشاق الليل وطالبي المتعة الموسيقية بما لد وطاب.
وعن اخلاق وسلوكيات الشيخات ،يقول احد الفنانين الشعبيين”الشيخة كانت مهاورية بيتها ديما عامر، وبابها مفتوح،نساعد الجميع,كانت الرباعة ديال الشيخات عندها قيمة ،كنا كنخرجوا ب 20 ألف ريال في السبعينات و 40 الف ريال في الثمانينات و 100الف ريال في التسعينات ،اما خلال الأعياد الوطنية كنا نشدو حتال مليون أو كثر,الشيخات لي كانو بحال ، رقية المسكينية، لالة معزوزة، بنت مول الخير، الشامحة، بنت حليمة، الصالحة، فاطمة الزحافة….”
وعن الأسباب الحقيقية وراء كسوف نجم الشيخات تقول الفنانة الشعبية العالية:” مشات أيام ملي كنا ديما خدامين ،كانت الناعورة دايرة.دابا كترو سيديات،الرجل لي بغا يقصر ،كيخدم السيدي ويشبع شطيح, بكري الشيخة كان كيتخاطف عليها كلشي او تبدا لمزايدة عليها”.بعدها ادرفت دمعتين وأضافت:” ايه اليام،دابا ولات جهات معينة تتمنع هادشي كلشي،كلشي ولا عندهم حرام ،خرجو علينا،الا بغاونا نفرقو هذه الحرفة يخدمونا ولا يوكلو وليداتنا”
اما “الطعارجي” العريبي الذي كان يسرق السمع لكل ما قالته الشيخة،قال بنبرة ممزوجة بالحسرة والحزن:” حتى بعض الشيخات الله يهديهم،طيحو الذل على هذه الحرفة،كيمشيو يخدمو بحال الديكورات،كيلبسوهم ويزوقوهم بحال الطعارج ،كيبقاو واقفات أو يتخلصو. بكري الشيخة الى مغناتش ما ترضاش تاخد ولو درهم واحد”