بيان اليوم
الثلاثاء 07 أبريل 2009
منذ بداية الاستقلال ونظامنا التعليمي يحظى باهتمامات وأولويات جميع مكونات المجتمع المغربي والدوائر الحكومية. إذ خضع منذ ذلك الحين إلى العديد من المحاولات الإصلاحية وعددا من الاختيارات التي تجسدت في التصاميم والمخططات الحكومية وقد اتضح أن خطاب الإصلاح لم يرق إلى مستوى الانتظارات والتطلعات المنتظرة منه. وكانت آخر محطة في اتجاه إصلاح نظامنا التعليمي، أجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين باعتباره حدثا تاريخيا بشكل تحولا جوهريا لنظام التعليم ببلادنا. لكن مع ذلك، أدى صدور كل من تقرير البنك الدولي الذي شرح فيه جانبا من أزمة التعليم بالمغرب، إذ صنفه في المراتب الأخيرة ضمن 14 دولة من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وكذلك صدور التقرير السنوي للمجلس الأعلى الذي خلص إلى أن هناك إنجازات ترجعت إلى أرض الواقع كتعميم التعليم وتغيير المناهج الدراسية واعتماد التدريس بالكافيات... وكذلك، خلص إلى أن هناك اختلالات كبرى مترتبة عن مختلف المقتضيات التطبيقية لبنود الميثاق كإشكالية الحكامة الجيدة.. إضافة إلى أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين كان همه الأسمى هو المناهج والمقررات الدراسية كأساس لنجاح الإصلاح، وهذه المقاربة أبانت عن محدوديتها. وكامتداد لما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكمقاربة جديدة في تحقيق الإصلاح ارتأت الوزارة خلال الأربع سنوات المقبلة تبني خطة استعجالية تستهدف الموارد البشرية كأساس للإصلاح. وتتكون الخطة الاستعجالية من 23 مشروعا موزعة على أربع مجالات، تروم جميع المشاريع المسطرة جعل المتعلم في قلب المنظومة التربوية من أجل إنقاذ المدرسة العمومية وضمان جودتها وقد خصصت لهذه الغاية 4 مشاريع 15، 16، 17 و 18 لتدبير الموارد البشرية الذي حدد لها أهدافه وآليات لتفعيلها. وجاءت الخطة الاستعجالية بالمشروع 15 لتكريس دعم قدرات الأطر التربوية. وهذا المشروع يهم صراحة مجال التكوين وذلك عبر:
ـ تحديد مواصفات ولوج مهنة التكوين
ـ إعادة تأهيل مراكز التكوين
ـ ربط التكوين بالجامعات
ـ إحداث المراكز الجهوية للتكوين. نستخلص أن المخطط الاستعجالي وضع تصورا منهجيا جديدا لاجتياز سلك التعليم عبر فتح مسالك تربوية جامعية. يمتد التكوين بها لمدة 3 سنوات، معتمدة على المواد المعمول بها حاليا إضافة إلى بعض المواد ذات الاختصاص البيداغوجي ويمكن للطلبة الراغبين في متابعة تكوينهم الجامعي العالي الحصول على الماستر أو الدكتورة. أما على الطلبة الراغبين في ولوج مهنة التدريس المدرسي، اجتياز امتحان الدخول إلى المراكز الجهوية للتكوين بنجاح ومتابعة تكوين لمدة سنتين. واشتراط قضاء ثلاث إلى أربع سنوات أخرى من الممارسة مشروطة باجتياز امتحان الأهلية لمهنة التدريس قبل أن يصبح مرسما. كما سيتم تجميع المراكز التربوية الجهوية على شكل مراكز جهوية تحت إشراف الأكاديميات التي تسهر على تأهيل المدرسين المتدربين على صعيد كل سلك وستوكل إليها كذلك مهمة التكوين العملي للأطر التعليمية والإدارية العامة بمختلف الأسلاك التعليمية. نلاحظ أن الهدف من الخطة هو تبني استراتيجية لتجاوز هذه الوضعية غير المريحة كوسيلة لإعادة الثقة والارتياح للمدرسة. نأمل أن تترجم هذه التوجهات والاختيارات إلى آليات إصلاحية يمكن الاسترشاد بها للنهوض بمنظومة التربية والتكوين انسجاما وتوجهات المخطط الاستعجالي. تتوفر الوزارة حاليا على 13 مركزا تربويا جهويا لكنها تفتقر إلى الدينامية والفعالية المطلوبة، وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه، ماهي المواصفات التي ينبغي أن تتوفر في أستاذ تكون بهذه المؤسسات، لذلك حري بالوزارة الالتفاتة لوضع إطار قانوني يتلاءم وتوجهات المخطط الاستعجالي. أخيرا، لا يمكننا أن نتسرع للحكم على المخطط الاستعجالي خاصة وأنه يعتبر مشروع انتقالي يؤدي إلى برنامج شمولي تعتمده الوزارة كخارطة طريق من أجل إعطاء نفس جديد للإصلاح، لتكن هذه السنة بداية استعادة الثقة في المدرسة العمومية وانخراط الجميع وتعبئة الجميع من أجل مدرسة للجميع.
الحارتي محمد
أستاذ تكون بالمركز التربوي
الجهوي طنجة