ارتفاع نقط الباكالوريا..تفوق علمي أم فساد في قطاع التعليم
قاسم مبارك
أصبح مألوفا في السنوات الأخيرة الارتفاع الكبير لمعدلات الباكالوريا المغربية حتى صارت تكاد تلامس نقطة اكتمال النبوغ التي لم يصل إليها أحد من قبل.وهذا الأمر جعل الكثير من المهتمين بشؤون التعليم يتساءلون عن العوامل الحقيقية وراء هاته الظاهرة؛هل يتعلق الأمر بطفرة نبوغ أصابت جيلا صاعدا أم أن هناك أسبابا أخرى تختبئ وراء التضخم الفاضح لمعدلات الباكالوريا !
فمنذ فترة دخل القطاع الخاص على خط التعليم الابتدائي و الثانوي بضخه لرؤوس أموال كبيرة في القطاع بإيعاز من الوزارة المسؤولة بعد أن أنهكتها المخططات الفاشلة الرباعية و الخماسية و الاستعجالية دون جدوى حتى صار القطاع بدون برنامج أو تخطيط واضح.
القطاع الخاص دخل إذن في منظومة منهارة و استغل عوامل كثيرة لفرض مبادئ الاستثمارو الربح و الماركتينغ و من أبرزها مسألة المعدلات و النقط التي تساعد في الولوج للمعاهد و المدارس العليا.
فغير بعيد في سنوات التسعينات كانت ميزة حسن مثلا يعد أصحابها على رؤوس الأصابع جهويا بل و أحيانا وطنيا حتى صارت الميزات الآن توزع بالآلاف و لا أدل على الخلل الحاصل هو عجز الكثير من أصحاب الميزات عن حجز مكان في المعاهد العليا بل وصل الأمر للاحتجاج و التظاهر. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التضخم الحاد في منح النقط العالية بشكل غير موضوعي و ضدا على المبادئ البيداغوجية الحقيقية وكذا اللعب على هذا الوتر الحساس عند التلاميذ لتغليط الرأي العام عن واقع الفساد و التخلف الذي يعانيه قطاع التعليم في المغرب.
و يكفي إلقاء نظرة على ترتيب الجامعات المغربية حسب مؤشر شنغهاي الدولي حيث الواقع المخجل، إذ لا تحظ الجامعات المغربية بمكان حتى بالمقارنة مع جامعات إفريقية متواضعة وهو ما يعكس واقعا مريرا لا يمكن تغطيته أو ترقيعه.
إن على المسؤولين عن التعليم في المغرب المبادرة إلى تدارك هاته الوضعية المستفحلة و الشاذة و ذلك بإعادة النظر في الدور الحقيقي الذي صار يلعبه القطاع الخاص في التعليم و مراجعة أنظمة التقييم و التنقيط و التفكير في بنية سليمة للمنظومة التعليمية برمتها حتى لا تدفع أجيال قادمة ثمن أخطاء الماضي.