الصدمة كانت قوية... كانت قوية...
معذرة السيد الوزير على كل كلمة سأدونها في هذا الحيز الضيق جدا، فالصدمة كانت قوية....كانت قوية...على حد علمي المواضع و أنا الساكن في الشبكة العنكبوتية، قمت ببحث مستفيض عن دولة تعامل أساتذتها باحترام، فعترت على دولة آسيوية حصلت على استقلالها في 1959،وهي نفس السنة التي حصل فيها المغرب على استقلاله ،حاولت جاهدا أن اقارن بيننا و بين اليابان فشلت، لأن الموارد البشرية و العنصر البشري عندهم بشكل عام مقدس في اليابان، أما الأستاذ فاكثر قداسة من الاخرين، لأن التقدم الذي وصلت إليه اليابان، للذكير السيد الوزير فاليابان عبارة عن أرخبيل من الجزر العائمة فوق البحر، و المهددة يوميا بفزاعة البراكين، و الكوارث الطبيعية من أعاصير و قس على ذلك، فلماذا تحترم الدولة اليابانية أساتذتها في حين المغرب يدل أساتذته ويهينهم، ولذلك لا استغرب أن تعتبر وزارتك هذه الصورة النمطية جاهزة في أذهان مجتمع يعيش على ترويج الأوهام، فمنذ خمسين سنة و قطاع التعليم في المغرب لا سياسة تعليمية واضحة له، أشرف على تسييره المئات من الوزراء و لم ينجح و لا واحد منهم في عملية التسيير، لأن الوزير في المغرب لا يتوفر على حرية تدبير القطاع التابع له، و باختصار لأنه موظف مع الدولة المغربية هامش الإبداع أمامه منكمش حد التضييق على كل المبادرات التي ينوي القيام بها، مئات الخبراء زاروا المغرب و قدموا الألاف من التقارير، التي لم تكتف بتشخيص الأزمة التي يعاني منها القطاع، أما المناظرات فقد عدت بالألاف، و لكن الوضع هو هو ثابت لا يتغير ؟؟؟؟
فقطاع التعليم بالمغرب ليس في حاجة لمهندسين في القناطر كي يفكروا تفكيرا استراتيجيا في سكك فولاذية، ليشق طريقه بكل تباث و عزم و إرادة لتحقيق التقدم و الرقي، لأن الوزارة تختلق للأساتذة خلال كل سنة مشكل من المشاكل العويصة و المعقدة، فيصاب هؤلاء بأزمات نفسية حادة و إحباطات ذاتية، بشهادة وزير الصحة نفسه ، فعدد المرضى المغاربة بأمراض نفسية نسبتها أكثر من نصف سكان المغرب، اما نسبة الأساتذة المرضى بأمراض مختلفة تتربع الأمراض النفسية على قمة الإحصاءات الرسمية و غير الرسمية، عفوا سيدي الوزير.
القطاع الذي تشرف على تسييره مريض، وزادته محنة الحركة الانتقالية مرض في مرض، فكن على يقين مطلق أن أزمة الحركة لوحدها ستحطم نفسية كل أستاذ أو أستاذة يوهم نفسه أن التغيير ممكن في المغرب، و أننا كبلد يتعثر ليسير في طريق النمو ، قادر على تجاوز تعثراته المختلقة في مختبرات الإحباط ، و قتل كل شمعة نريد أن نشعلها بدل ان نلعن الظلام، لي اليقين المطلق أن كل أستاذ أو أستاذة اطلع على النتائج الكارثية التي أهدتها وزارتكم لخدامكم و رعاياكم الأوفياء، في اليوم العالمي للاحتفاء بالمدرس، ستدفعه في هذه اللحظة إلى قمة الهيجان و السعار الذي لا حد له.
عفوا سيدي الوزير، فالقطاع يعاني الأمرين بسبب سياسة الوزارة العرجاء، التي تفتقد للحد الأدنى من الحكامة، إن ترسيخ سياسة الإصلاح تقوم أساسا على استحضار فعل الإقناع، ومادام هذا الاقناع غائب في اجتهادات وزارتك فلن يتحقق أي اصلاح يذكر كيفما كان و لو حولت كل فضاءات المؤسسات التربوية لمتحف اللوفر ،العطب سيدي الوزير أو الخلل في نفسية العنصر البشري وما دام هذا العنصر البشري غير مرتاح نفسيا و لا جسديا، فلن يؤدي مهمته بإتقان و لن يبدع في مجال اشتغاله و لن يفكر أبدا في تطوير مهاراته المهنية، لأن عنصر الإحباط يحاصره كل يوم، فكيف تطالب أستاذ أو أستاذة يقطع كل يوم على الأقل 300 كلم، من تحقيق المردودية التي تتوهمها وزارتك، و الكارثة العظمى أن نفس الأستاذ التي قضى كل حياته في البادية المغربية، تمارس عليه أقصى درجات الإهانة و الاحتقار، من خلال عدم تلبية طلبه في الانتقال قرب أبناءه الذين شاخوا بسبب معانات أبيهم، عفوا سيدي الوزير لقد جانبت الصواب في تقديراتك عن حسن نية ، لأنك اعتقدت أنك بتنقيلك 20 ألف أستاذ ستحل المشكلة، عفوا المشكلة لا تختزل في تلك ال20 ألف أستاذ، لأن هؤلاء كانوا مستقرين في مكان عملهم طيلة السنة، و لا يتنقلون يوميا قاطعين 300 كلم مضروبة في 30 يوم تعطيك بعملية حسابية بسيطة 90 ألف كلم، و أنت التقننوقراط البارع في لغة الرياضيات،،و نفس العدد إذا ضربته في 10 أشهر سيعطيك 900 ألف كلم،أستاذ يقطع كل هذه المسافة كل سنة و لمدة 20 سنة سيكون قد قطع 180 ألف كلم، من المستحيل ان يحتفظ بهويته البشرية كإنسان، سيتحول لشيء آخر غير ان يكون من فصيلة البشر.لأن هذا الأستاذ هو حالة منها الألاف لم تنتقل هذه السنة رغم اقدميتها في القطاع.
ما أقدمت عليه هذه السنة لا يمس فقط بحق الأساتذة القدماء في تلبية رغباتهم من خلال تحقيق حركة انتقالية نزيهة و عادلة، بل يمس حقهم في العيش الكريم كبشر، فالأستاذ الذي ولج القطاع و عمره 26 سنة أصبح اليوم عمره 57 سنة، فهل من المعقول ومن المنطقي أن تلبي رغبة أستاذ ولج القطاع حديثا و تعين سنة 2015 أو 2016 على حساب أستاذ تعين سنة 1980؟؟؟استشر خبراءك في الأمن النفسي، فمكاتبهم توجد داخل ردها ت وزارتك، استشرهم إن كان هذا الاختيار الصعب مقبولا أخلاقيا قبل أن يكون مقبولا قانونيا ؟، لأن القوانين في الأصل ابتكرها الانسان كي تنظم حياته لا أن تقضي على ما تبقى من حياته إن كان في العمر بقية مما تبقى في التفكير كل سنة في شبح الحركة. أستودك الله سيدي الوزير و أمنحك متسعا من الوقت لتفكر في تداعيات هذه الأزمة التي خرجت من ردهات وزارتك. و أتمنى أن أكون على وضعت الأصبع على الجرح، الذي لن يندمل أبدا أبدا ، إلا بتصحيح هذا الوضع المختل. كما أتمنى أن لا أكون قد أزعجتك، لأني ومنذ سنوات الجامعة كنت مصدر إزعاج للجميع لأني بقدر ما أعشق هذا الوطن لا أرغب في أن يسوق الأوهام للآخر.
متضرر من الحركة الانتقالية