العلاقات التربوية :طبيعتها و أبعادها:
دراسة للأستاذ محمد آيت موحى
أستاذ بالمركز التربوي الجهوي /الجديدة
متضمنات الدراسة:
1_ مفهوم العلاقة التربوية:
يقصد بالعلاقة التربوية مجموع التفاعلات التي تحدث داخل جماعة التعلم،و التي تتم- في الوقت نفسه - بين المدرس و المتعلمين،و بين المتعلمين انفسهم ،و بين المدرس و المتعلمين ومواضيع التعلم.و الإطار العام الذي تحدث في سياقه هذه التفاعلات هو الوضعية التعليمية التعلمية.
ننطلق في هذا التعريف من مبدأ عام مفاده أن جماعة التعلم- أي( جماعة القسم هنا)- تشكل،في حد ذاتها ،مجموعة تفاعل مباشر،لأن اعضاءها يؤثر كل منهم في الآخر،و ان هذا الصف أي( القسم الدراسي) كمجموع يؤثر في هؤلاء الأعضاء بواسطة المعايير السائدة فيه"1
بناء عليه،و اذا ما نظرنا الى جماعة التعلم من حيث هي فضاء تتم فيه عمليات التعليم و التعلم،فقد وجب القول انه لا يمكن اختزال هذه الجماعة في كونها مجرد تجميع لعدد من ألأفراد مدرس و متعلمين يساهم كل منهم بحصته الفردية....بل ينبغي النظر إليها،اولا و قبل كل شيء، على أنها كثلة تمارس داخلها تاثيرات متبادلة بين ألأعضاء.فالمدرس و المتعلمون يشكلون على حد سواء،حقل تفاعلات اجتماعيةنو يقيمون شبكة من العلاقات الوجدانية،وعلاقات الانجذاب و التنافر و التعاطف و الكراهية. وتتحدد بنية هذا الحقل ، في الوقت ذاته،الكيفية التي يشارك بها كل من المدرس و المتعلمين في عملية التعليم و التعلم،ومن تمة ،شكل العلاقات التربوية
لذلك يمكن القول مع "جان كلود فيلو" "إن العلاقات التربوية تعامل و تفاعل انساني يتم بين أفراد في وضعية جماعة.وإذا ما اعتبرنا أن الفضاء الذي تحدث فيه عمليات التعليم و التعلم هو،في الغالب الأعم ،حجرة الدرس الفصل الدراسي،فمن الواضح ان تؤسس داخل هذا الفضاء علاقات دينامية بين المدرس و المتعلمين تتخذ شكل انخراط في عملية التواصل مركبة،و تبليغ للرسائل، و تبادلات وجدانية نو عمليات استكشاف و مقاومة"3
2_ تصنيف العلاقات التربوية:
إذا كانت التفاعلات بين المدرس و المتعلمين ومحتوى التعلم تتم،كما اسلفنا،داخل وضعيات تعليمية،و إذا كان لكل وضعية خصائص تميزها عن باقي الوضعيات الأخرى (فالخصائص المميزة لوضعية التبليغ اللفظي لمحتويات التعلم لا بد و أن تختلف عن الخصائص المحددة لوضعية البحث و الاستقصاء....)فإن العلاقة التربوية - اي التفاعلات التي تتم بين الأطراف الثلاثلة المذكورة أعلاه- لا بد أن تتخذ،بدروها أشكالا متعددة ومتنوعة،إذ من المؤكد ان طبيعة التفاعل بين المدرس و المتعلمين ومحتويات التعلم في وضعية الحوار و المناقشة مثلا،لن تكون هي نفسها طبيعة التفاعل بين هذه الأطراف في وضعية التبليغ اللفظي أو وضعية العمل في مجموعات.....ففي كل وضعية من هذه الوضعيات تتحد التفاعلات بين الأطراف المذكورة بكيفية تتلاءم و الأدوار التي يؤديها كل منها.
وقد اهتم عدد من الدارسين بتحديد انماط العلاقة التربوية،منطلقين في ذلك من طبيعة التفاعل الذي قد يقوم بين المدرس و المتعلمين من جهة،و بينهما و بين محتويات التعلم من جهة ثانية.وهكذا وضع تصنيفات متعددة و متمايزة،نقدم على سبيل التمثيل فحسب،ثلاثة منها،كما يأتي4
3_ صنف" لويس دينو" العلاقة التربية الى أربعة اصناف هي:
أ- علاقة يهيمن فيها المدرس،فيكون الفعل التربوي و البيداغوجي فيها متمركزا على ذاته،كما ينحصر دوره في تقديم المعرفة.
ب- علاقة يتمركز فيها العمل التربوي على المتعلم،بحيث يكون مدعوا إلى إعادة بناء المعرفة و اكتشافها،أما المدرس فيعمل في هذا النمط من العلاقة،على توفير و تنظيم الشروط الضرورية للتعلم،بحيث تتحدد أدواره الأساس في التوجيه و الإرشاد.
ج- علاقة يكون فيها المدرس محفزا ومسهلا لعمليات التعلم دون ان يتدخل في توجيهها او المشاركة فيها،فهو يكتفي فقط بتلبية حاجات المتعلمين
د- علاقة يصبح فيها المدرس متعلما بدوره.
4_ حدد ج. دوكلو أنماط العلاقات التربوية في ثلاثة انواع هي:
أ-علاقة يمثل فيها المدرس الفاعل الأساسي، و قوامها اكتساب المتعلم قيم احترام النظام، و الامتثال لقواعده(علاقة أوطو قراطية).
ب- علاقة محورها محتويات التعلم،وقيمها الأساس هي العقلانية و الفعالية(علاقة تقنوقراطية).
ج- علاقة يشكل فيها المتعلم محور العملية التعليمية،و تقوم على أساس احترام شخصيته و إكسابه قيم الحرية و الاستقلالية و الابداعية(علاقة ديمقراطية)
5_ ثمة تصنيف ثنائي للعلاقة التربوية يميز فيها بين ما يأتي:
أ- علاقة تربيو تقليدية تتميز بمركزية المدرس(فهو الذي يملك المعرفة و يتحكم في طرائق و تقنيات تبليغها و تمريرها إلى المتعلم فضلا عن ممارسته لسلطة شبه مطلقة).وتتم التفاعلات في هذه العلاقة في اتجاه وحيد،أي من المدرس نحو المتعلمين.
ب- علاقة تربوية حديثة تتميز بمركزية المتعلم او المتعلمين(يكون المدرس فيها مجرد موجه ومرشد ومسهل للعمل و يمارش فيها المتعلم أنشطة إعادة اكتشاف المعرفة و بنائها). وتتميز التفاعلات في هذا النمط من العلاقة لاشمولية(أي أنها متبادلة بين المدرس و المتعلمين و بين المتعليم أنفسهم).
6_ أبعاد العلاقة التربوية:
لو نظرنا إلى العلاقة التربوية من حيث أبعادها،جاز لنا التمييز فيها بين البعاد الآتية:
*البعد البيداغوجي- الديداكتيكي.
* البعد التنظيمي.
* البعد العلائقي.
تشكل هذه الأبعاد،في الحقيقة،أبعاد العملية التعليمة التعلمية ذاتها.لكن بما ان هذه العملية هي،في جوهرها،علاقة إنسانية-تربوية،فإنها تتميز،بالضرورة ،بالبعاد الثلاثة المذكورة....و يمكن توضيح ذلك من خلال الاعتبارات الآتية:
أ-
يتبع لاحقا