قصر الأمل/ ابن أبي الدنيا
قال عمر بن عبد العزيز : في بعض خطبه :
« إن لكل سفر زادا لا محالة ، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى ،
وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه وعقابه ، ترغبون وترهبون ،
ولا يطولن عليكم الأمل فتقسو قلوبكم ، وتنقادوا لعدوكم ،
فإنه والله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ولا يمسي بعد صباحه ، وربما كانت بين ذلك خطفات المنايا ،
فكم رأيت ورأيتم من كان بالدنيا مغترا ،
وإنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله ،
وإنما يفرح من أمن أهوال القيامة ،
فأما من لا يداوي كلما ( جرحا) إلا أصابه جارح من ناحية أخرى ، فكيف يفرح
أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي ، وتظهر عولتي ، وتبدو مسكنتي في يوم يبدو فيه الغنى والفقر ،
والموازين فيه منصوبة ، لقد عنيتم بأمر لو عنيت به النجوم انكدرت ، ولو عنيت به الجبال لزالت ، ولو عنيت به الأرض لتشققت .
أما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة ؟ وأنكم صائرون إلى أحدهما ؟