[naima zahiri]

سُئل إمبراطور اليابان ذات يوم، عن أسباب تقدم دولته في هذا الوقت القصير، فأجاب: «بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير.
جميل جدا أن نسمع مثل هذا الكلام من دولة كنا وإياها في مرحلة من مراحل التاريخ في مرتبة واحدة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية... لكن هم الان تقدموا ونحن تأخرنا لأنهم اهتموا بالعلماء ونحن احتضنا أفكار الجهلاء، والدليل هو أحوال أساتذتنا هذه الايام الذين يعانون قساوة البرد و وعجرفة الوزارة وسخط المجتمع، منذ أسابيع عدة، وأنا أتابع أخبارهم أتلهف لمعرفة أحوالهم وهم مرابطون من أجل أن ينالوا حقوقهم التي نالها ممن ناضلوا من قبلهم.
فحسب الدستور المغربي وبالرجوع الى الفصل29 "فالإضراب حق مشروع" لكن يجب ان يكون بطرق حضارية تراعي حقوق المضرب من جهة وحق الانسان في المرور والعبور بين شوارع العاصمة من جهة ثانية، وليس الوقوف في وسط الطريق وإيقاف الترامواي .. ولهذا يجب ان نعطي مثالا لااخرين في النضال والمطالبة بالحقوق ولا نعطي الفرصة لمن يريد انتهازها وسرقة حق هو على الورق بين أيدينا، وما يلاحظ على مسيرات الاساتذة التي جابت شوارع الرباط في الايام الاخيرة أنها كانت تتسم بالتنظيم والقدرة على التأثير ولا أدل على ذلك هو تغطية مجموعة من الوسائل الاعلامية لهذه المظاهرات، وتضامن العديد من المواطنين مع مطالبهم التي هي في الاول والأخير مطالب مشروعة يجب ان ينالوها إسوة بمن سبقوهم من التنسيقيات الاخرى وفي هذا المطلب بالذات ألا وهو الترقية، وما على الوزارة إلا أن تستجيب وأن يعود الاساتذة الى أقسامهم لتدريس أبناء هذا الوطن الذي يراد لهم أن يتيهوا في متاهات يمكن تواجوزها بجرة قلم الوزير ليس إلا.
ومن العيب والعار أن نشاهد أساتذة يحملون على عاتقهم رسائل سامية ونبيلة، ويعدون أحد الركائز الاساسية و يجب الاعتماد عليها للرقي بهذا الوطن الذي كثرت جراحه وتشعبت مشاكله التي لا تعد ولا تحصى،فكيف اذن ستواجه الوزارة هذا المطلب الذي لا محيد عنه وهو إما الترقية أو عدم الرجوع الى الأقسام، خاصة بعد هذا الكم الهائل الذي جاء الى الرباط سواء الاساتذة المجازين أو حاملي شهادة الماستر، لا شك أن هذا سيخلق مشكل بالنسبة للأساتذة الذين يدرسون الاقسام الاشهادية مع العلم وأننا مقبلون على إنهاء الدورة الاولى في أقل من شهر وأمام ضيق الوقت وطول المقرر فالمتضرر الوحيد من هذا المشكل هو التلميذ الذي لا ذنب له في هذا الصراع والذي وإن حرم من حقه في التعليم فالأكيد أنه سيتضامن مع استاذه ليس حبا في التعليم ولكن كرها في من كان سببا في جروح استاذه وتذمره المادي والمعنوي.
من العيب ان يفترش الاستاذ الارض وان يقوم بدرو الشرطي لتسهيل مرور السيارات وان يحمل لافتات مكتوب عليها فقط "أريد الترقية" وليس اريد 9000 درهم كما رفعها القضاة منذ شهور خلت وتم تحقيق مطالبهم بدون زيادة او نقصان بل تم احترامهم من طرف القوات العمومية المرابطة هناك’
تريدون التنمية بمختلف أشكالها ولا تدرون أن التعليم هو قاطرتها وتريدون التقدم ولا تعلمون أن التعليم هو سببه وتبتغون صلاح المجتمع ولا تعلمون أن الاستاذ أحد ركائزه.اذا جربتم إصلاحات التعليم من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي وصرفت فيهما الملايير لكن دون تحقيق أي نجاح، فاعلموا ان هذا الفشل بسب الاستاذ الذي ظل مهملا ومبعدا في كل هذه الإصلاحات، جربوا ولو مرة الأخذ بيد الاستاد والاعتناء به وجعله محورا أساسيا في هذه الاصلاحات وسترون التعليم يتحسن والنتائج تتطور والمغرب يزدهر، أما أن يبقى الاصلاح في واد والأستاذ في واد اخر فاعلموا ان هذه الاصلاحات سيكون مصيرها الفشل ولا شيئ غير الفشل ولو صرفتم عنه مال الدنيا. واعلموا أن السبيل الوحيد للنهوض هو التعليم، وأن الاستاذ هو حجر الزاوية للمنظومة التعليمية.
أعيدوا للأستاذ هبته وكرامته وامنحوه قيمته التي يستحقها وفكروا جيدا في الدور الذي يلعبه ولنتصالح مرة اخرى مع من علمونا ومن سهروا على تربيتنا ومن رسخوا فينا قيمة المواطنة الحقة ولا للعودة الى التاريخ الماضي الذي كان سببا في أن يتساوى أجر الاستاذ مع الشرطي والدركي ... لان زمن الاخفاقات والتراجعات قد مضى فلنبحث عن المستقبل ولنتجاوز اخطاء الماضي ولنتصالح مع الحاضر الذي يهمنا ويجب أن نعمل له وللمستقبل الذي سيكون للعلم وليس لسواه. لنعد الى اليابان التي تعد رمزا للتقدم ومثالا حيا للتطور في جميع المجالات لان الاستاذ في اليابان شيئ اخر، فهو يحظى باحترام وتقدير كبيرين لدى كافة المجتمع، في مختلف المراحل التاريخية التي مرت منها اليابان ومنذ العزلة الطوعية في عيهد الميجي، وتتحدث بعض الكتب أنه عندما يدخل الاستاذ الى الفصل، يقف الطلبة وينحنون احتراما وتقديرا له، ويرددون عبارة" يا معلمنا نرجو ان تتفضل علينا وتعلمنا" وهو رجاء يفوق الاحترام العادي.
لكن هذا الاحترام نابع من المجتمع والأسرة بالدرجة الاولى التي تغرس في أبنائها حب احترام الاستاذ وتقديره....
لكن في مغربنا الحبيب حينما يجلد الاستاذ عل قارعة الطريق وعندما تنهمر دمائه أمام مرأى ومسمع من التلميذ، فكيف يا ترى سيكتسب هذا الاستاذ احترام وود التلميذ والوزارة التي يجب ان ترعاه تقوم بضربه ومحاكمته... فأعيدوا للأستاذ كرامته من أجل ان يستعيد هذا الوطن هويته ومن أجل أن يأخذ قطار التنمية المسار الذي يجب أن يسلكه.

ميلود سوالمة