الفرنكفونية و التعريب بالمغرب ...
في الأيام القليلة الماضية قامت قناة الجزيرة العربية , ببث برنامج تلفزي وثائقي عنونته بـ : تحت المجهر ,إتخدت الفرنكفونية بالمغرب موضوعا له , تطرقت خلاله إلى مكانة اللغة الفرنسية داخل الشارع المغربي , في العديد من المجالات الإعلامية والإدارية والتجارية و التربوية و غيرها . و أرخت لذلك ببداية دخول الإستعمار الفرنسي للمغرب , والسياسة التي أتى بها من أجل فرنسة المجتمع المغربي الأمازيغي عوض تعريبه حسب الجنرال اليوطي, لكون اللغة العربية تحضى بمكانة دينية وهي الإسلام ...
وفي هذا البرنامج إستقبلت العديد من الشخصيات , السياسية و الفكرية و بعض الأراء من الشارع المغربي , لمعرفة كيف ينظر المجتمع المغربي للغة الفرنسية , كما لو أنهم لسان هذا الشعب , مما فسح المجال أمامهم لتقديم سيل من الإتهامات و الإنتقادات للفرنسيين , كإستعمار عسكري سالفا و إستعمار ثقافي فكري سياسي حاليا , بفرنسة العديد من الفضاءات الإعلامية و التجارية و الإدارية و التربوية كما سبق الذكر, و طالت هذه الإنتقادات كذلك المسؤولين المغاربة المتواجدين على رأس الحكومات المتناوبة على الحكومة المغربية منذ الإحتقلال , و الأحزاب السياسية في تهاونها في الدفاع عن اللغة العربية و خضوعها للفرنسة , و الناجي من كل هذه الإنتقادات هو حزب الإستقلال الذي كرس كل مجهوداته من أجل تعريب الحياة اليومية للمجتمع المغربي , على حساب اللغة الأمازيغية التي يكن لها العداء الكبير, و الذي يناضل من أجل إنقراضها . و نذكر من تلك الشخصيات إدريس الكتاني , عمر الكتاني , يحيا اليحياوي , , و مجموعة من البرلمانيين ... وكل هؤلاء يفهم من كلامهم أنهم يتطلعون للتعريب و للقومية العربية .
قد نتفق مع هؤلاء العروبيين في كون فرنسا دولة إستعمارية , فكما إستعمرتنا عسكريا فإنها اليوم تغزونا ثقافيا مثلما تعرضنا للغزو على مر التاريخ من قبل الرومان , الفنيقيين , الوندال ... و كل هذه الغزوات لقيت مقاومة شرسة من طرف الإنسان الأمازيغي, على مستوى شمال إفريقيا عامة , لكن نذكر إخواننا المتدخلين في هذا البرنامج , أن المجتمع المغربي تعرض لغزو لم يسبق أن تعرض له من قبل و هو الغزو العربي لشمال إفريقيا , الذي يعد أبشع وأخطر إستعمار تعرض له الإنسان الأمازيغي على مر التاريخ , وهذه الخطورة تمكن في إستغلال الدين الإسلامي من أجل خلق أرضية خصبة لسياسة التعريب. وهو ما رفضه الإنسان الأمازيغي , من خلال إستقباله الدين الإسلامي بصدر رحب , ورفضه للسياسة التعريب الممنهجة, لذلك رد عقبة بن نافع و موسى بن نصير و أمثالهما على هذا الرفض , بمجموعة من الأساليب التي لا تمت بالإنسانية بصلة من تقتيل , وتخريب , وإحراق لكل المكتسبات الفكرية و الثقافية و الإقتصادية للإنسان الأمازيغي , وترحيل للنساء الأمازيغيات اللواتي يمتزن بالجمال , إلى دمشق كهدية للملك عبد العزيز( أمير المؤمنين ؟؟؟ ). وهو ما تصدت له الملكة الأمازيغية ديهيا والقائد كسيلة وجيوشهما , الذين أبانوا عن مقاومة قوية لهؤلاء , إلا أن إستغلال هؤلاء لراية الإسلام , هو ما أتاح الفرصة لأحفادهم فيما بعد , بالسيطرة على السلطة إلى يومنا هذا ... وللإطلاع أكثر على هذه الممارسات و الخروقات التاريخية التي كان الشعب الأمازيغي ضحية لها, نحيلكم على مجموعة من الكتب التي تطرقت للموضوع وهي : " الغزو العربي لشمال إفريقيا "لكاتبه : أحمد زاهد , و "خطابات إلى الشعب الأمازيغي "لكاتبه : الصافي مومن علي , و "عشرة مزاعم ضد الأمازيغ " لكاتبه : الدكتور مصطفى أكراد , في محاولة لمعرفة التاريخ الحقيقي للمغرب و للإستعمار الذي قام به العرب ومازال يقوم به العروبيون في شمال إفريقيا.
وبالتالي فلا وجود للإختلاف بين الإستعمار الفرنسي و الإستعمار العربي ضد الوجود و الذات و الهوية و اللغة و الحضارة و الثقافة الأمازيغية بشمال إفريقيا . إلا إذا أردنا أن نقارن بينهما فالإستعمار العربي ومنذ قرون و قرون , هو من عمق المعاناة و التهميش و الإقصاء لكل ما هو أمازيغي , ومازال إلى حد الساعة مستمرا في نهجه لهذه السياسة , مقصيا بذلك الوجود الأمازيغي ( إغتيالات , إختطافات , إحتواء , إعتقالات , وقمع للأصوات الأمازيغية …).
إذن فما قالت عنه تلك الشخصيات التي إستقبلها برنامج الجزيرة , من فرنسة للعديد من المجالات بالمغرب , فإننا نقول لهم إضافة للفرنسة, فهناك تعريب لجميع المجالات الثقافية و السياسية و الإقتصادية والإجتماعية بالمغرب , و ذلك على حساب الأمازيغية التي تعتبر روح الشعب الأمازيغي التي تمثل أكثرمن 85 بالمئة من السكان الأصليين ... فلو قامت قناة الجزيرة ببرنامج مماثل لهذا الذي قدمته , وإختارت له عنوان : " التعريب بالمغرب ", لتضح لها ولهؤلاء العروبيون القوميون و بالملموس , الوجود العربي بالأرض الأمازيغية أهو إستعمار أم العكس ؟ وكيف وصل العرب إلى شمال إفريقيا ؟ ومن قام بذلك؟ ولماذا؟ … كلها أسئلة يجيب عنها الواقع المعاش , دون إنتظار الإجابة من قناة الجزيرة أو غيرها …