مـعـلـم في الأرياف: حكايات سي أحمد التي لا تنتهي
الأربعاء, 05 يونيو 2013 15:04
زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالوسط القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن.
حكى لي أحد الأصدقاء الذي قضى سنوات في قطاع التعليم قبل مغادرته نهائيا، حكاية تبدو غريبة وطريفة في آن واحد. بل تكاد حكاياته لا تنتهي. كان سي أحمد حديث العهد بالتعليم. كان شابا يافعا، مندفعا إلى أبعد الحدود، متشبعا بنظريات التربية والتكوين، مستعدا للإسهام في بلورتها على أرض الواقع. عين في إحدى البوادي التابعة لإقليم آسفي، بعيدة عن "*****رون"، منزوية عن العالم الخارجي. وجد نفسه مضطرا للتكيف مع وضعه الجديد. استقر بالدوار وبدأ في نسج علاقات مع سكانه للتغلب على الظروف الصعبة من جهة ولضمان استمراريته في مهنته التي كان يحبها كثيرا من جهة ثانية. تعرف على "المعلم" دحان وهو رجل طاعن في السن، متقاعد من الجندية، يقضي ما تبقى من عمره في مراقبة ما يجري ويدور حوله. دقيق الملاحظة وكثير التلصص على العابرين والقارين من سكان الدوار، خاصة النساء منهم. ربط معه سي أحمد علاقة وطيدة، إلى درجة أنهما لم يكونا يفترقان إلا بعد حلول الليل. وحكى لي سي أحمد حكاية ترتبط ب"المعلم" دحان. وقال: "في أحد أيام ماي الحارة، كان سي أحمد واقفا أمام قسمه الوحيد بفرعية الدوار، وكان موسم الحصاد في أوجه. وفجأة شاهد سي أحمد "المعلم" دحان ينتفض من مكانه الذي اعتاد الجلوس به وتحرر من سلهامه الصوفي وانطلق كالسهم وراء امرأة كانت تحمل سلة مملوءة ببراد من الشاي وقطعة جافة من الخبز، متوجهة نحو أبنائها الموجودين بالبيدر. بذل "المعلم" دحان مجهودا كبيرا قبل أن يصل إلى المرأة، حيث ارتمي عليها ونزع سروالها بالقوة وقضى وطره منها بأقصى سرعة، ثم جمع سرواله ووقف وكأن شيئا لم يكن.
التحق الأبناء بوالدتهم وعاد "المعلم" دحان إلى مكانه وقبل ذلك، مر من أمام سي أحمد. ولما سأله الأخير عن سبب إقدامه على الاعتداء على المرأة المذكورة، أجابه، بأنها كانت تستفزه بالمرور من أمامه، تهز أردافها متحرشة به وأراد بذلك، أن يوضح لها أنه رغم اشتعال رأسه شيبا، فإنه ما زال قادرا على ركوب "المطايا". وواصل سي أحمد سرد بقية فصول الحكاية، مشيرا إلى أن "المعلم" دحان لما عاد إلى منزله، أمسك بديك وقطع رأسه ولطخ سروال حفيدته بدمه وخرج ينتظر مجيء أبناء المرأة التي وطئها أمامهم.
لم يطل انتظاره، حيث التحق به أبناء الضحية ومعهم رجال من سكان الدوار. تناول واحد منهم الكلمة ولام "المعلم" دحان الذي رد عليه مستهزئا. إنها كانت تظن أنه لم يعد بالدوار رجال.. تدخل رجل ثان ووجه كلاما قاسيا له وهدده برفع الأمر إلى القضاء. انتفض "المعلم" واقفا وأخرج سروال حفيدته الملطخ بدم "الفروج" من تحته وقال له، "أنا أيضا سأرفع قضية اغتصاب بنت ابني من طرف ابنكم إلى رجال الدرك الملكي."
دهش الجميع وظلوا صامتين، قبل أن يقفلوا راجعين إلى مقر سكنهم بالدوار. فيما أحس "المعلم" دحان بزهو كبير وانتظر التحاق سي أحمد به. وفي المساء جهز جلسة في الهواء الطلق فوق حصير من الدوم ووسادتين. بسط صينية من الفضة بها كؤوس الشاي المنعنع وواصل الحديث معه في أمور عدة، تتخللها قفشات ونكات تمتح من الثقافة الشعبية العبقة بحديث الجنس ومغرباته وغزواته مع نساء من كل المدن والمداشر. ففي كل رحالاته ومهامه المرتبطة بالجندية، كانت له صولات. وكان سي أحمد الشاب المقبل على الحياة يغرف من تجارب الجندي المتقاعد ويتعلم أصول وخبايا التعامل مع الجنس الآخر.
أحمد ذو الرشاد (الجديدة)