تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث
تمهيد وطرح إشكالي:بعد الحرب العالمية الثانية تصاعد المد التحرري لشعوب المستعمرات وساعد على ذلك مجموعة من العوامل مثل ظهور نظام القطبية الثنائية وهيأة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، مما عجل بتصفية الاستعمار وبرز العالم الثالث.
فما هي العوامل التي ساهمت في تصفية الاستعمار، وما النتائج التي ترتبت عن ذلك ؟ وما مفهوم العالم الثالث ؟ وماهي التكتلات التي شكلها لمواجهة مشاكله ؟
1- أسباب ومراحل تصفية الاستعمار ونتائجه:
1-1-مواقف الدول الكبرى و الهيآت الدولية من الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية :
- خرجت الدول الاستعمارية من الحرب العالمية الثانية ضعيفة فاتجهت إلى الاعتراف بالاستقلال السياسي لعدد من مستعمراتها من أجل اقتصاد نفقات تواجدها العسكري فيها وضمان استمرار تبعيتها الاقتصادية في إطار مايسمى بالاستعمار الجديد. وفي إطار الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي أيدت كل من الو م أ و الا ت س المطالب الاستقلالية للمستعمرات أملا في كسب أنصار سياسيين جدد إلى معسكريهما.
- وعبرت هيأة الأمم المتحدة في القرار الأممي رقم 155 سنة1960 عن ضرورة التصفية اللامشروطة لجميع أشكال الاستعمار ، واعتبرت أن إخضاع الشعوب يعد خرقا سافرا لحقوق الإنسان ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة ، كما عبرت عن حق كافة الشعوب في تقرير مصيرها.
- عبرت الدول الحديثة العهد بالاستقلال في مؤتمر باندونغ سنة 1955 عن تأييدها المطلق لقضية الحرية والاستقلال لجميع الشعوب ، وطالبت بوضع حد للاستعمار باعتباره مناقضا لحقوق الإنسان ولميثاق الأمم المتحدة ومعرقلا لجهود السلم والتعاون الدولي .
وقد ساهمت هذه العوامل في تنامي حركات التحرر في جميع الدول الخاضعة للاستعمار.
1-2- تصفية الاستعمار في بعض البلدان الأسيوية :
- ظلت الهند تشكل أكبر مستعمرة انجليزية منذ القرن 18م ، ومنذ مطلع القرن العشرين تصاعدت حركة المقاومة الهندية بقيادة حزب المؤتمر الهندي وحزب الرابطة الإسلامية ، وبتولي غاندي قيادة حزب المؤتمر تبنى المقاومة السلبية التي تميزت بمقاطعة المنتجات الأجنبية والعصيان المدني عن طريق استقالة الموظفين ومغادرة الطلبة للمدارس، ودعا إلى الاعتماد على المؤهلات الذاتية والى التفاهم بين الطوائف الاجتماعية والدينية . ورغم اعتقال غاندي وزميله في الحزب نهرو فقد استمر الكفاح ضد المستعمر إلى جانب حزب الرابطة بزعامة محمد علي جناح حتى اضطرت انجلترا إلى الاعتراف باستقلال العالم الهندي سنة1947 م .
- خضعت الفيتنام للاستعمار الفرنسي منذ سنة1874 وتعرضت للاستغلال ، وأدت ظروف الفقر التي تعرض لها السكان اثر أزمة 1929م إلى تكون الحزب الشيوعي الفيتنامي بزعامة نغويان أي كيوك الملقب بهوشي منه، ونظم حركة مقاومة شملت جميع أنحاء البلاد ، لكن الاستعمار الفرنسي قابلها بقمع شديد . وخلال الحرب العالمية الثانية تعرضت الهند الصينية للاحتلال الياباني ، وبعد الحرب عملت فرنسا على استعادة نفوذها في الهند الصينية، وأعطت لحربها ضد جبهة التحرير الفيتنامية صبغة محاربة الشيوعية، لذلك حضيت بمساعدة الو م أالتي بلغت سنة 1954 الى80%، ورغم ذلك ألحقت المقاومة الفيتنامية هزائم كبيرة بالجيوش الفرنسية أشهرها هزيمة ديان بيان فو(7 أبريل 1954) واضطرت فرنسا إلى توقيع اتفاقية جنيف حيث اعترفت باستقلال الفيتنام وتقسيمها عندخط 17° في انتظار إجراء انتخابات.
- و عرف القسم الشمالي إجراء إصلاحات اشتراكية بينما أقامت الو. م. أ. في الجنوب نظاما رأسماليا ، لدلك دخلت جبهة التحرير الوطني (الفيتكونغ) في حرب عصابات ضد حكومةالجنوب و حققت انتصارات متتالية ، فتدخلت الو.م, أ. مباشرة في الحرب سنة 1964 و استعملت أشد الأسلحة فتكا و عملت على تحطيم المرافق الاقتصادية. و أدت هده الحرب إلى اندلاع مظاهرات معارضة للتدخل الأمريكي في المدن الأمريكية و العواصم الأوروبية ، و أمام الضغط الدولي انسحبت الو. م. أ. سنة 1975 و ثم توحيد شطري الفيتنام .
1-3- تطور حركة التحرر بإفريقيا : ساهمت عدة عوامل في تطور حركة التحرير بإفريقيا أهمها:
- زيادة الاستغلال الاستعماري للمستعمرات الأفريقية بعد سقوط الإمبراطوريات الاستعمارية الأسيوية وخاصة بعد اكتشاف النفط بها .
- التغير الاجتماعي والفكري بالبلدان الأفريقية حيث ظهرت طبقات اجتماعية جديدة أثرت في نمو الفكر القومي والوعي السياسي للشعوب الأفريقية .
- دعوة المؤتمر الأفريقي الأول ( بغانا) إلى تفعيل قرارات مؤتمر باندونغ حيث برز زعماء أفارقة دعوا إلى مواجهة الاستعمار والعنصرية .
وساهمت هذه العوامل في بروز عدة تنظيمات حزبية ونقابية واجهت الاستعمار بالإضرابات والمظاهرات والكفاح المسلح وأسفرت على استقلال البلدان الأفريقية بدءا بغينيا بزعامة أحمد سيكوتوري سنة 1958 ثم الكونغو سنة 1960 بزعامة باتر يس لومومبا ...
2 – مفهومي العالم الثالث وحركة عدم الانحياز :
2-1- بعض قضايا ومشكلات العالم الثالث :
- أطلق مصطلح العالم الثالث على الدول المستقلة حديثا والتي تشكو من تأخر اقتصادي واجتماعي وتكنولوجي بالمقارنة مع الدول المتقدمة. وتعاني بلدان العالم الثالث من عدة مشاكل منها :
- التخلف الاقتصادي – البؤس والمجاعة – التفاوت في توزيع الثروات بينها وبين البلدان المتقدمة – فشل استراتيجيات التنمية – عدم الاستقرار السياسي بسبب الحروب الأهلية أو الصراع في إطار القطبية الثنائية – ارتفاع مديونية بلدان العالم الثالث مما زاد في تبعيتها للبلدان المتقدمة .
2- 2 – مبادئ وأهداف حركة عدم الانحياز : تتمثل مبادئ دول عدم الانحياز في :
- عدم السماح للدول الأجنبية بإقامة قواعد عسكرية على أراضيها .
- عدم الدخول في اتفاقيات ثنائية مع الدول الكبرى .
- عدم الدخول في حلف عسكري جماعي في إطار الصراع بين الدول الكبرى .
- نهج سياسة مستقلة قائمة على التعايش بين النظم السياسية والاجتماعية المختلفة .
- تأييد حركات الاستقلال الوطني.
أما أهدافها فيمكن التمييز فيها بين أهداف سياسية وأهداف اقتصادية:
(أنظر الوثيقة 7 ص 132) مقر ر الشامل في التاريخ .
3 – المجهودات المبذولة لمواجهة مشكلات العالم الثالث :
3 – 1 – بعض السياسات التنموية لمواجهة المشكلات الاقتصادية لبلدان العالم الثالث بعد الحرب ع 2 :
لمواجهة مشكل الغذاء لجأت بعض بدان العلم الثالث بعد الحرب ع 2 إلى تطبيق إصلاحات زراعية مستفيدة من تقدم البحث الزراعي سميت بالثورة الخضراء حيث تم اتباع أساليب حديثة في الزراعة،وأعطت نتائج جد ايجابية خاصة في المكسيك وشبه القارة الهندية حيث تضاعف إنتاج القمح وتحسن مستوى الاقتصاد الريفي . ولمواجهة التخلف الصناعي لجأت بلدن ع الثالث إلى تطبيق برامج التنمية الصناعية حيث ركزت على تنمية الصناعات الصغيرة وإدماج الصناعة في التنمية الزراعية وتشجيع الصادرات . وحققت نتائج إيجابية خاصة في سنغافورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية وتايوان والصين والبرازيل .
ولمواجهة حركة التمدين تم تبني سياسة سكانية هدفها تطوير مراكز حضرية ثانوية للحد من نمو المدن الكبرى التي تهدد الاستقرار الوطني .
ولتمويل الجهود التنموية عقدت دول العالم الثالث مؤتمرات نوقشت فيها مشاكل التخلف وتم فيها إنشاء صناديق وأبناك لتساعد على تمويل الجهود التنموية مثل الصندوق العربي الأفريقي والبنك العربي للتنمية الزراعية والصناعية.
ورغم هذه الجهود فإن الفجوة بين بلدان العالم الثالث والبلدان المتقدمة ازدادت اتساعا في النصف الثاني من القرن 20 مع بعض الاستثناءات حيث لازالت معظم بلدان العالم الثالث تدور في حلقة مفرغة للفقر .
3 - 2- بعض التكتلات الإقليمية لدول العالم الثالث :
حركة عدم الانحياز –منظمة الوحدة الأفريقية – منظمة المؤتمر الإسلامي
أنظر الوثيقة 6 ص 134 . مقرر الشامل في التاريخ
* خاتمة : خرجت بلدان العالم الثالث من الاستعمار لتجد نفسها في مواجهة التخلف والفقر والمديونية، علما بأن الدول الكبرى لم تخرج منها إلا بعد أن ضمنت تبعيتها السياسية والاقتصادية والثقافية. وأمام محدودية مواردها المالية وتأخرها التكنولوجي فإن جل برامجها التنموية تنتهي بالفشل .
درس التاريخ :الثانية باكالوريا آداب: تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث
المواضيع المتشابهه
