أحلامي.. و سنواتي الخالية..
مهما حضر التجول و الحصار..
خشية عدواها من تعاستي الماضية..
ألحت أحلامي-تلك التي ظلت-..
على استحياء ترنو إلى قلبي من خدره الشائك..
أحلامي التي تنتظم حزنا..شعرا..حبا..
يؤرقها الندى..أو النوى..أو المنون..أو النسيم..
ألحت أن تتجول خلال سنواتي الخالية..
مهما كانت بعيدة المنال..
و الوصول إليها ضرب محال..
قاومتها..امتنعت.
أسرتها..فرت.
استغربت..استفسرت:
ما سر حضر التجول هذا ؟
ما سر الحصار و المقاومة و الامتناع..؟
لكنها أصرت أن تخوض المغامرة..
و تجولت..طافت..يا ليتها ما فعلت..
عادت أحلامي العنيدة..
منهوكة..مضناة..كئيبة..مكلومة..
تأوهت:آه..
سنوات مغطاة بالحشائش الضارة..
بالنباتات الشائكة..
مرواة بالمياه المالحة..
آه..سنوات دامية..
في طياتها دموع..
في صفحاتها خنوع..
و سر دفين..
آه..
كتلة من الأحزان خالية من شوائب الأفراح..
لحظات عقيمة..لحظات قاتلة..
علقم..حنضل..
و انسلت أحلامي..
إلى حضني الصامت الكليم..
بين نظرة تطعن الفؤاد..
و دمعة توخز الروح..
انسلت..ساكنة جريحة..
داهمني إحساس غريب..
أنها تنطفئ رويدا رويدا.
سمعت حشرجتها..
قمت كالممسوس..
حضنتها..
كانت عيناها كمرفأ تحجبه غيوم المساء..
ارتعشت ارتعاش طائر.. يرقص في نزفه المميت..
و همدت..
خلت أنها مضت..
بحث عن صوتي..
كان مخنوقا..
و كلما فكرت..أنها مضت..
تصيبني الرعشة..
عادت بي إلى حيث لا أبغي..
لا أدري كم من السنوات مضت..
وفيض أدمعي يهطل على وجنتي؟؟
لا أدري كم من الزمن رحل.. ودمي غدا حبراً على أسطري..
آه..
أفلت ابتسامة الشمس..
غابت تغاريد الضحى..
ذبلت نسمات الأسحار..
قهر استوطن قلبي..
أشــكو غـدر الزمان..
أشكو قـسوة الأيــام..
أشـكو الحـرمان..
آه..
روح حزينة..تسرى في شرايين حياتي ..
بسمتي البريئة..غدت واحــة بيــداء..
ضحكة الندى الصامتة ..أضحت حديقة جرداء..
عمق الجراح..أعاصير الدمار..
وشم الأحزان..ساحل الألم..
غابات الأحزان ..لهيب الضياع..
بلبل حزين..أنا.. خارت ترانيمه..
لكن..
لكن.. سرعان ما أحسست بالدفء..
دفء.. يعود من جديد إلى أحلامي..
و هي بين يدي..
و صوت دافئ يهمس لي:لم تمض..
أجل لم تمض..
بل رمت وراءها تاريخي الطويل المكسور..
رمت خلفها سنوات المسافات البعيدة..التعيسة..
و قررت أن تحول دوني و أيامي الحالكة الماضية..
قررت أن تحيلني إلى مشاعر..
إلى ملاك..
إلى فراشة..
إلى إنسان خالص..
أحلامي..بوح هامس..ساحر..
طاقة جمال..
أثارت في قلبي إحساسا دافقا بالفأل الطيب.
أحلامي.. طوق النجاة..
انتشلتني من حضيض الضياع..
غذت روحي أملا..
أنعشت قلبي منى..
بقلم:نور الدين بليغ
30/01/2009