المساء : العدد 794 الجمعه 10 أبريل 2009
م. ثابت - ب. كروم ن.اليزيد
اندلعت، صباح أمس الخميس، بمدينة القنيطرة، مواجهات ومشادات بين سائقي سيارات الأجرة الكبيرة المضربين عن العمل وبين نظرائهم ممن واصلوا عملهم بطريقة طبيعية.
وحسب مصادر تحدثت لـ«المساء» فإن سائق طاكسي، ينتمي إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل التي لم تدع إلى الإضراب، كان يحمل ركابا، فتعرض للرشق بالحجارة عند مدخل المدينة من جهة طنجة، بعدما كان متوجها إلى منطقة سوق الأحد، مما أسفر عن تخريب الواجهة الزجاجية الأمامية لسيارته.
وكشف الركاب أنهم فوجئوا ببعض المضربين يجبرون سائق الطاكسي الذي يقلهم على الوقوف، وحاولوا إخراجهم بالقوة، وسط الطريق، دون أدنى تقدير لخطورة تلك الأفعال، قبل أن تنشب مشادات كلامية عنيفة بين الأطراف المختلفة حول قرار الإضراب، وترشق سيارة الأجرة المذكورة بالحجارة، مما أدى، يضيف الركاب، إلى نشر حالة من الرعب والهلع في صفوفهم، خاصة أن مسنة مريضة، كانت ضمن هؤلاء الركاب، الشيء الذي دفع السائق (ع.التهامي) إلى الفرار إلى وجهة بعيدة، في انتظار حضور مسؤولين نقابيين، سجلوا محضرا في الموضوع بالدائرة الأمنية الثانية، وأجبر هذا الحادث العديد من سائقي سيارات الأجرة الكبيرة غير المضربين على تغيير طريقهم لتجنب أي خطر محتمل يهدد أمنهم وسلامتهم، مستعملين في ذلك طرقا ثانوية لإيصال زبنائهم إلى وجهاتهم المحددة.
وكانت معاناة سكان ضواحي مدينة القنيطرة والدواوير المجاورة، خاصة الموظفين والعمال منهم، الذين وجدوا صعوبة بالغة في الالتحاق بمقرات عملهم، في الوقت الذي انتشرت فيه قوات الأمن ومعها أفراد القوات المساعدة وعناصر السلطة المحلية بأعداد كبيرة على طول المدخل الشمالي للمدينة، للحيلولة دون وقوع اشتباكات بين المضربين وغير المضربين.
و في خضم الإضراب الذي يشنه مستخدمو قطاع النقل، الذي أضحى مثل لعبة شد الحبل بين المركزيات النقابية والحكومة، ممثلة بالخصوص في وزير النقل غلاب من جهة، وبين السائقين المضربين والسلطات الأمنية من جهة أخرى، علمت «المساء» من مصادر أمنية أن عددا من أرباب سيارات الأجرة والشاحنات تحولوا إلى أشخاص خارجين عن القانون بفعل تصرفاتهم اللامسؤولة.
وحسب نفس المصادر فإن عددا من رجال الأمن ضمتهم ضباط أمن وعمداء شرطة أصيبوا أثناء تدخلهم لإيقاف أشخاص ألحقوا خسائر ببعض سيارات الأجرة وكذا بعض سيارات نقل البضائع التي استغل أصحابها فترة الإضراب للعمل على نقل بعض المواطنين إلى مقرات عملهم. وفي هذا الإطار، أشارت مصادر متطابقة إلى أن أوامر عليا صدرت لرئيس منطقة أنفا أول أمس الأربعاء للخروج إلى الطريق السيار، مستعينا بقوات أمنية وقوات التدخل السريع، لمنع العشرات من سائقي سيارات الأجرة الذين استوقفوا سياراتهم بالطريق السيار في محاولة لخنق حركة السير بهذا المحور الرئيسي للعاصمة الاقتصادية. وحسب نفس المصادر، فإن المسؤول الأمني خاطب السائقين المضربين بلهجة صارمة مهددا إياهم باستعمال القوة وجر كل سيارة إلى لمحجز البلدي قبل أن يغادر جميع السائقين الطريق السيار في محاولة لتجنب الدخول في مواجهة مع السلطات الأمنية.
ومن المنتظر أن يرخي إضراب مهنيي النقل، الذي شل إلى حد كبير حركة النقل بالعديد من المدن والمناطق، بظلاله على اجتماع مجلس الحكومة الذي انعقد صباح أمس، وعلى الدورة الربيعية للبرلمان التي ستنطلق اليوم الجمعة، وعلى لجنة المالية بمجلس المستشارين التي من المفترض أن تكون قد واصلت بعد زوال أمس مناقشة مشروع مدونة السير الجديدة المثيرة للجدل.
وأوضح عبد المالك أفرياط، عضو الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين، في اتصال مع «المساء»، أن الإضراب الذي يدخل يومه الخامس دون أن تتراءى بعد في الأفق إمكانية حله، سيكون حاضرا بقوة خلال اجتماع لجنة المالية التي كانت قد ناقشت مشروع المدونة منذ أسابيع، إذ تمكنت اللجنة من تدارس 170 مادة، فيما لازالت 138 مادة لم يتم بعد النظر فيها.
وقال أفرياط: «قبل أن نطرح المواد المتبقية للنقاش، سنطرح في البداية نقاشا عميقا حول الوضعية الحالية جراء الإضراب، خاصة أن المغرب تكبد خسارة مالية كبيرة وأن الإضراب أدى إلى ارتفاع الأسعار. وخلافا لما أعلنه بلاغ وزارة التجهيز والنقل، فإن الإضراب كان ناجحا وقطاع النقل شهد شللا شبه تام».
وأضاف أن الفريق الفيدرالي سيطرح فكرة إعادة فتح نقاش جديد مع مهنيي النقل «مع العلم أن المدونة تهم المغاربة جميعهم»، غير أن أفرياط بدا متحفظا وتفادى الحديث عن سحب المدونة في انتظار إنضاج شروط التوافق بين الحكومة، ممثلة في وزارة التجهيز والنقل والمهنيين، حول نص يحظى بالإجماع.
وقال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري، إن مجلس الحكومة تطرق صباح أمس لموضوع الإضراب الذي يخوضه المهنيون منذ أيام. وأضاف أن وزير التجهيز والنقل كريم غلاب قدم عرضا تحدث فيه عن الإضراب الذي كانت وراءه، حسب الوزير، «قلة قليلة» لا تمثل مختلف النقابات التي اتفقت أغلبيتها مع الحكومة على التعديلات التي أدخلت على مشروع مدونة السير الجديدة.
وأضاف الناطق الرسمي باسم الحكومة أن وزير الداخلية تطرق هو الآخر إلى الجانب الأمني المتعلق بالإضراب، وقال إن السلطات عملت وتعمل على الحفاظ على السير العادي للمرافق العمومية مع تسجيل «بعض الخلل في قطاع النقل».
ومن جهة أخرى، انتقد ميلود مدويورت، الكاتب العام لنقابة أرباب الشاحنات للبضائع وأرباب الرافعات بالموانئ المغربية، تعامل الإعلام المرئي مع الإضراب، وقال، في اتصال مع «المساء»، إن «هناك حصارا إعلاميا تفرضه الحكومة على النقابات المضربة». وأضاف أنه في حالة ما صودق على المدونة في صيغتها الحالية، فإنها ستطبق على الضعفاء والفقراء وقال: «قوموا بالتحقيق في الغرامات التي تفرض على المخالفين، فستجدون أن الضعفاء وحدهم الذين يؤدون الغرامة».
************************************************** *********************************
************************************************** *********************************
جريدة العلم ـ 10 أبريل 2009
إضراب النقل على إيقاع «الفتوة» و «العربدة»
الهجوم على الأشخاص وقطع الطرق والسلطات العمومية تتفرج
لا أحد يمكنه أن ينكر شرعية الإضراب الذي يبقى حقا من الحقوق المقدسة في الممارسة النقابية، لكن ماحدث أثناء إضراب قطاع النقل خلال اليومين الماضيين في العديد من المدن لايمت بصلة لحق الاضراب إذا لم يكن يسيء إليه ويضرب شرعيته في العمق.
نعم. إن التجربة النقابية لم تستطع لحد الآن أن ترسم لنا رسما بيانيا واضحا يوضح الحدود الفاصلة بين الإضراب وحرية العمل، وتطرح إشكاليات كبرى على هذا المستوى، لكن ما حدث أيضا في كثير من المدن خصوصا بالدار البيضاء يتجاوز حتى سقف حرية العمل بالنسبة لفئة عريضة لم تر جدوى في الانخراط في إضراب خاضع لحسابات أخرى لم تعد خفية على أحد.
ففي الدار البيضاء مثلا لم يكثف بعض أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة على عرقلة عمل من خالفوهم الرأي بل عمدوا الى إحداث فوضى عارمة جدا، إذ أغلقوا طرقا رئيسية وهاجموا سيارات أجرة كانت تعمل في ظروف طبيعية و ألحقوا بها أضرارا بليغة جدا وعرقلوا حركة السير في عدة مواقع، وحدث نفس الشيء في مدن أخرى كالحاجب مثلا.
المثير حقا أن قوات الأمن التي تحرص على تكسير عظام المعطلين في العديد من شوارع المغرب اكتفت بالتفرج رغم أن الأمور وصلت حد الاعتداء على الأشخاص وعلى الممتلكات وعرقلة حركة السير وإغلاق المنافذ والممرات، وهذه ليست دعوة لتكسير عظام الذين تسببوا في كل هذه الأضرار، بقدرما هي دعوة ملحة لتطبيق القوانين وفرض النظام العام والحفاظ على مصالح المواطنين وأمنهم وسلامتهم.
إن ما أقدم عليه بعض أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة والذي كان محل استنكار من طرف المواطنين ومن طرف العديد من الصحف المغربية الصادرة أمس يعكس مستوى الحنق الذي أصيبت به بعض مافيات النقل في بلادنا التي ترى في مدونة السير تهديدا مباشرا لمصالحها، بل إن الممارسات المشينة التي تأسف لها الجميع والتي اضرت بصدقية الاضراب نفسه تؤشر على بروز ظاهرة «الفتوة» في بعض القطاعات التي ترهب المواطنين من أجل ضمان نجاح الإضراب خصوصا حينما لايستسيغ المواطنون إضرابا مثل الذي حدث في قطاع النقل.
************************************** *********************************
جريدة الصباح : 10 أبريل 2009
قانون الغاب يسود الدار البيضاء بسبب الإضراب