يا كُتّاب المغرب: قلم الرصاص رصاص!
أحمد المديني
خذ الكلمة، وافركها في يدك، في حنجرتك،اغمسها في حبرك، وأطلقها، واضغط على الزناد، ستراها عندئذ طائرا فرحا، عصفورا مذبوحا، فراشة تحوم حول أصابعك،آية ذكر حكيم تنعش قلبك، رصاصة، لم لا، تنفذ في صدر عدوك. أقول لك أطلقها حرة،عنيدة، مندفعة منك، مرتدة خنجرا إلى صدرك، المشتعل لهبا ولا ما يطفئ اللهب إلا أن تتقد جمرًا وحُمّى، ولن تصمت، لن تطيق صبرا فكيف ذلاّ. نعم، كل ما يجري حولنا، الدم المجرى اللايطاق أقوى من أي كلام، لكن يختلف الأمر تماما حين يخرج علنا كتاب الزّردة، صحفيو وأولاد الخردة، في واضحة النهار ليعيّرونا بشيمنا ساخرين ومستخفين، ماذا يجدي الكلام(؟!) ويسترخصون كرامة اللسان بعد أن ضاعت منهم كل كرامة، وحولوا الكتابة إلى غنيمة ومواسم ردح ، لا عرفوا عدنان ولا قحطان، كيف بتهامة.
بالصوت والعبارة والصرخة غاضبة ومبحوحة يستخفون، بملايين السائرين في مظاهرات الرفض ومسيرات الاحتجاج، من كل الأعمار، من جميع الأحزاب،إلا فصيلة المدسوسين على الأمة.هؤلاء باسم أسيادهم، حاقني أجورهم وحساباتهم، ومطرزي أحلامهم، من عاشوا أبدا على الخيبة والانكسار، وتناسلوا في الهزائم والبوار، يخرجون اليوم من قيعان تلك الخوابي ليشمتوا في ملايين الرجال الصادقين، والنساء الفوّاحات بعطر الأمومة، وحتى آلاف أطفالنا يحملون بين أيديهم رمز ما تبقى من أشلاء إخوتهم أخواتهم بوجوه السحاب البيضاء. يستكثرون على أبناء كل الأعراق والأديان أن يصطفوا في وجه الصهاينة، ويعلنوا صرخة إدانة لإسرائيل المجرمة، ولقادتها السفاحين، في عواصم العرب والغرب والشرق، في جميع القارات مفردة واحدة ضد آلة القتل الصهيونية الموجهة لإبادة شعب، واجتثاته من أطفاله ومحرابه ومصحفه وخبزه ومائه، وصولا إلى الكلمة، كانت ذات يوم معجزة الأنبياء. تنقلوا، إن شئتم، في منابرهم، مقروءةً ومرئيةً ومدفوعةً بالنفط والدم العربيين، لتروا وتسمعوا عجبا، ُيسذّجوننا، يستبلهون مشاعرنا، ويسترخصون دمنا، نحن عندهم لا أكثر من خلق "العباطة"، وهم، ما شاء الله، الزاحفون على بطونهم، المجرورون من آذانهم، أذكى الخلق لأنهم" واقعيون"، فإسرائيل أقوى منا وعلينا أن نستسلم لها في آخر المطاف، ما دام لا بديل عن الاستسلام، والباقي كله رومانسية و"قومجية" رثة ونوستالجيا البلهاء، أمثالنا، أليس كذلك(؟!) نحن الذين بتنا عزّلا من كل سلاح، ولا نملك إلا أن نردد مع جدنا أبي الطيب: « وسوى الروم خلف ظهرك روم/ فعلى أي جانبيك تميل؟!».
إنما، نكاية في هؤلاء، بالأحرى في سادتهم، ينبغي أن نصمد جميعا، في أي موقع كنا، وكيفما كان انتسابنا إلى غزة هذه، والغزّات الأخريات التي ستلد، وطور سنين وهذا البلد أي غزوات ستلد. لنغيضهم، نفعل هذا لأننا نومن، ونحن لا "نتقاضى" إلا الإخلاص والصدق والوفاء، وهذه ُمثُلٌ ثمنها باهظ وهي بلا ثمن، ويحهم لا يعرفون أنها لا تباع ولا تشترى. فيا أصدقائي وزملائي الكتاب والشعراء والفنانين الكلمة أكثر من ضرورية،الكلمة سلاح آخر، وقد ولدنا مقاومين، وهذا زمن جديد للمقاومة، للغاشمين وأذنابهم، ضد الواقفين صفاقة في خندق الخيانة، فهل تلقون أمامهم سلاحكم، هل تقبلون أن ُتنعتوا بالعجزة والخاسرين. يا كتاب المغرب ذكّروا أعداءنا، كالعهد بكم، أن الكلمة، أن قلم الرصاص رصاص!
2009/1/14
الاتحاد الاشتراكي الإتحاد الإشتراكي 2004- جميع الحقوق محفوظة