لقد مرت على مؤسساتنا التعليمية سنوات عديدة، لم يكن العلم الوطني فيها شانا تلاميذيا، وانما امرا تتولاه ادارات المؤسسات التي تتعامل معه حسب الظروف والسياقات ، باعتباره عنصرا من عناصر زينة واجهة بناية المدرسة اذا كانت مطلة على شارع كبير او طريق رئيسية. اما النشيد الوطني ، فقد حوله الزمن الى نص تراثي نادر الوجود ، لا يعرفه او يحفظه الا من كان له فضول او اهتمام خاص. والكثير من اجيال تلك الفترات يستحضر ذلك الموقف الحرج الذي يتواجد فيه اللاعبون المغاربة الذين يعجزون عن مرافقة المعزوفة الموسيقية للنشيد الوطني في التظاهرات الرياضية الدولية التي يشاركون فيها .
ومع انطلاق مرحلة الاصلاح التربوي في بداية العقد الحالي، سارعت وزارة التربية الوطنية الى اتخاذ مبادرة بإقرار عملية تحية العلم بالنشيد الوطني كل صباح ،بجميع المؤسسات التعليمية عبر أرجاء الوطن . وإذا كانت القيمة التربوية لهذا الاجراء غير خافية على أحد ، فإن تأسيس وترسيخ السلوك المنشود، يثير لدينا بعض الملاحظات التي نعرضها على الزملاء في المنتدى،ومنها :
· غياب إستراتيجية ناجعة لدى الجهات المقررة حول الموضوع ، تستحضر كل المتغيرات المتدخلة في العملية،وتحدد المعيقات المحتملة،وتضع سيناريوهات التنفيذ وآليات للتقويم والتتبع. مما يرجح أن الاعتبارات الظرفية ربما كانت هي الراجحة في أتخاذ قرار تحية العلم بالنشيد الوطني آنذاك.
· مما يعزز هذا الطرح، ما شهده انطلاق العملية من تعثرفي كثير من المؤسسات التعليمية، حيث تبين أن النشيد الوطني لم يكن معروفا ومكتسبا كما كان يعتقد .
· تعاطي بعض الادارات التربوية مع الموضوع بعقلية وثقافة التعليمات الادارية العادية ، والتي يتعين تنفيذها، ولو بصفة شكلية ، في غياب الاقتناع الشخصي والانخراط الواعي .
· تثاقل العديد من التلاميذ وتخلفهم عن الانضباط للعملية،بينمايظل الكثير من أعضاء هيئة التدريس وكأنهم غير معنيين بهذا النشاط التربوي المتميز.
لهذا نعتقد أنه آن الاوان لاخضاع عملية تحية العلم بالنشيد الوطني الى التشخيص والتقويم على الصعيد الوطني ، بقصد التعجيل باتخاذ التدابير التصحيحية اللازمة في اقصى وحدة مدرسية بالبلاد؛حتى لا تقع قضية في منتهى السمو والنبل ضحية للبيروقراطية والابتذال والضياع مع مرور الزمن.
إننا نخشى على تحية العلم بالنشيد الوطني، أن يقع لها ما وقع في اواسط الستينات لقرار عبثي يقضي بإجبارية أداء الصلاة في جميع المؤسسات التعليمية ،قرارلم يعمر طويلا، ولم يعد يتذكره أحد، بسبب الثغرات التي رافقت تنفيذه .