نقلا عن المفتش التربوي الأستاذ عبد العزيز قريش إليكم نداء إلى النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية لرجال ونساء التعليم
( من أجل التصحيح )
ندائي هذا مباشر وصريح لعل أذن النقابات التي نفترض فيها الدفاع عن مصالح رجال ونساء التعليم تسمعه وتجيب عنه بقدر صراحته. وهو يهم الترقية بالاختيار لسنة 2006 لفئة أساتذة التعليم الابتدائي إلى الدرجة الأولى؛ حيث قارئ نتائجها تستوقفه ملاحظات واضحة ومسوغة لمجموعة من الاستفهامات لا يستسيغها منطق عمومية القانون وشموليته في التطبيق على الجميع بنفس القدر من المساواة بين الجميع كما لا يستسيغها منطق تكافؤ الفرص فضلا عن منطق قيم دولة الحق والقانون والحداثة. إنما قد تجد مبرراتها في اللامنطق واللاقيم واللاحداثة. وسأضرب لذلك أمثلة واقعية من واقع نتائج هذه الترقية ربما نجد تفسيرا لها عند الإدارة المركزية أولا ثم عند النقابات ثانيا. وهنا من باب حق مساءلة المناضل لنقابته يحق لنا طرح هذه الملاحظات الموضوعية الدالة على أن هناك خللا ما في تدبير هذه الترقية التي لا تضمن حقوق رجال ونساء التعليم وإنما تنطوي على نسف حقيقي لها. كما أني أنصح هنا كل من وقف على حيف في حقه أن يلجأ إلى القضاء لإنصافه من أجل ترسيخ ثقافة مقاضاة الإدارة وتأسيس قضاء إداري عريق كما هو موجود في الدول العريقة. ولا يحق لمن ظلم في حقه السكوت لأنه ينتمي للتعليم، الذي هو المدخل الحقيقي لتربية النشء على الحقوق والواجبات. فالساكت هنا مضيع لحق مجتمعي فضلا عن حق شخصي. له كامل الحرية في التفريط به؛ لكن الحق المجتمعي لا حق له في تضييعه. هكذا تتحدث لغة الحداثة وثقافة حقوق الإنسان.
ومن بين تلك الملاحظات نجد كمثال لا حصر التالي:
· نتائج هذه الترقية وسابقاتها لا تضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين بحكم الحيف الذي يقع على البعض دون البعض الآخر. وهنا تحضرني نازلة الترقية بالاختيار لسنة 2005 حيث استدركت الإدارة المركزية هفواتها فيها، المتمثلة في عدم ترقية من له الحق مقابل ترقية من ليس له الحق. وقد صدرت اللائحة الاستدراكية في صمت مطبق وبعيدا عن الأنظار حتى لا تثير زوبعة قضائية، ولَبَّت طلب من هدد باللجوء إلى القضاء إذا لم يرق.
· عند تصفح النقط خاصة نقطة الإدارة يستغرب المتصفح كيف يحصل من تاريخ توظيفه 1990 على نقطة إدارية تساوي 60 على أساس أن الإدارة المركزية اعتمدت على نقطة السيد المدير ونقطة آخر تفتيش ونقطة السيد النائب! ذلك أن الحساب المنطقي والموضوعي يفيد أن هذا التاريخ يخول لصاحبه في آخر نقطة للتفتيش وبوتيرة سريعة نقطة 19 على 20. فلو افترضنا أن السيد المدير منحه 20/20 ونقطة تفتيشه المستحقة بالقانون هي 19/20 ونقطة السيد النائب هي 20/20 فالمجموع هو 59/60 وليس 60، فمن أين أتته نقطة كاملة ( 1 )؟ أليس هناك أكثر من استفهام؟ فكيف تقبل ذلك النقابات وهي الحريصة على مبدأ تساوي الجميع أمام القانون؟!
· أين توظيف 1988 من هذه الترقية وبعض الحالات التي مرت من الخدمة المدنية؟
· أليس هناك حيف على من توظف مثلا في 1988 ولم تسو وضعيته في السلم 10 إلا في 1993 ولم يرق بعد في مقابل من توظف في 1990 وتمت تسويته في نفس السنة في السلم 10 وتمت ترقيته إلى الدرجة الأولى قبل من سبقه في الأقدمية؟ كيف تفسر الإدارة المركزية هذا التناقض وكيف تصادق عليه النقابات؟ ألا يمكن أن نجعل لتاريخ التوظيف في نازلة حاملي الإجازة امتيازا الذين هضموا في حق تسويتهم في السلم العاشرة إلا بعد 5 سنوات على الأقل؟ مادامت الوزارة تأخذ بالأقدمية العامة؟ كيف تمنح هذا الامتياز لفئة وتحرم فئة أخرى منه؟
· كيف تفسر النقابات هذا الغبن في حق فئة من رجال ونساء التعليم مقابل فئة أخرى؟ وأين تساوي الجميع أمام القانون؟ وأين هي أخلاقيات العمل النقابي هنا؟ أم نحن أمام الفرص وأهل الفرص؟
· أعتقد أن الانخراط النقابي بهذا الأسلوب في وقائع حيف يهدم قيمة العمل النقابي ويهدم ما أصله الرعيل النقابي الأول؟! فالنقابي الحقيقي لا يمكنه المصادقة على مثل هذه الاختلالات! لهذا لا يعتقد من ينخرط في مثل هذه الترقية باسم العمل النقابي أنه يبني صرحا لنقابته بقدر ما ينسفها حتى يلفظها التاريخ. ومن هنا ومن باب النصيحة الصادقة يجب على النقابات أن تطالب بإعادة هذه الترقية والوقوف ضد تمريرها مهما كلفها ذلك من نضال ومن دعوى قضائية.
إن هذه الورقة ستثير سخطا كبيرا لصاحبها وستجلب ردود فعل قوية؛ لكنها مقابل التصحيح أهون من الوقوف على الحيف والسكوت عليه. أتمنى تفهم ورقتي هذه من حكماء قطاع التربية والتعليم وعقلاء العمل النقابي. فالتاريخ له عيون يرصد بها المواقف والأحداث ويسجلها في صمت تام حتى يحكم على أصحابها بالنزول إلى الحضيض، وما انتخابات 2007 ببعيدة عنا! فقراءة التاريخ استشراف للمستقبل عبر تصحيح الحاضر.
عبد العزيز قريش