التفتت وراءها لترى اهل القرية ينهالون ضربا على والدها و اخويها ،والبعض الاخر يركض وراءها ليمسك بها.فزعت لما رات وانطلقت مسرعة وسط الغابة تجري بدون وجهة لها.وفي مخيلتها ما حدث لاسرتها.لم تتوقف طوال الليل حتى دميت قدماها،كلما نظرت وراءها تراءت لها تلك المشاعل تلاحقها ثم تهم بالتوغل اكثر فاكثر في تلك الادغال المظلمة و الموحشة والاصوات الليلية المخيفة ،كان كل شيء حولها يخيل اليها انها وحوش تلاحقها .اغمضت عينيها وركضت حتى خارت قواها ،وارتمت بجانب شجرة استندت عليها ،لم تعرف كم من الوقت مر وهي في مكانها دون حراك.
فجاة سمعت صوت اناس يقتربون ورات اضواء تلك المشاعل مرة اخرى،انتفضت من مكانها لكنها لم تستطع الاسراع بسبب قدميها المتورمتين،كانت الاصوات تقترب شيئا فشيئا.
لم تبتعد كثيرا حتى وجدت نفسها محاصرة ،لقد كانت نهاية طريقها حافة جرف عال،نظرت يمينا و شمالا ،لا مفر لها. استدارت للبحث عن طريق اخر لكن فات الاوان لقد حاصرها اهل القرية الذين ارسلوا لملاحقتها.
-تعالي هنا ،لن تستطيعي الهرب منا .
رجعت خطوات الى الوراء لتقف على حافة الجرف،واجابتهم وهي تبكي.
-ارجوكم لا تؤذوني،لم افعل شيئا.إإإإ
عندما حاولوا الاقتراب منها ،بدات الارض تهتز تحت ارجلهم ،انشقت حافة الجرف وبدات بالانهيار.
-احذروا ،ارجعوا الى الوراء،حافة الجرف تنهار.إإإإ
تراجع الجميع الى الوراء دون ان يحركوا ساكنا لانقاذ الفتاة الصغيرة التي سقطت في الوادي السحيق،ولم يسمع سوى ذوي صوتها يتردد في الارجاء.
-تخلصنا منها ،الاشرار دائما يلقون حتفهم بالطريقة المناسبة.
رجع الرجال ادراجهم موقنين انهم تخلصوا منها ،يحكون ما حدث لاهل القرية ،وكم كانت الفاجعة كبيرة لافراد عائلتها الذين طردوا وكانهم مجرمون.
====================================
هوت (ميا) في النهر ،لكن شاءت الاقدار ان تصارع الموت وتنجو منه.لقد بقيت متشبتتة باخر امل لها في الحياة .امسكت بجدع شجرة طاف بكل قواها لم تتركه رغم قوة التيار.جرفها النهر بعيدا طوال الليل حتى بدا الفجر بالانقشاع.
علق الجدع بضفة النهر بين صخرتين ،لم تصدق انها بجانب اليابسة وانها وصلت الى بر الامان، زحفت على الارض الموحلة بما بقي لها من قوة ،حاولت النهوض على قدميها لكن خطواتها المتمايلة حالت دون تقدمها ،ورغم ذلك تابعت المشي حتى سقطت مغشيا عليها .
فتحت عينيها لتجد نفسها تحت سقف كوخ وبجانبها مدفاة موقدة تعطي الدفء و النور للمكان ،ولاحظت انها كانت مغطاة بغطاء صنع من جلد حيوان،على الارجح انه دب.استحسنت ملمسه الناعم،وبدات تمرر يديها عليه وهي شاردة في افكارها.اين انا؟ ترى هل قبضوا علي؟لا يمكن ذلك المكان ليس مالوفا لدي؟
حاولت النهوض لكن لم تستطع بسبب تقرح رجليها .فجاة سمعت صوت خطوات تقترب وفتح الباب.
ظهر خيال شخص لم تعرفه.انزوت (ميا) في مكانها ودثرت نفسها.لقد كانت ترتعد خوفا .
دخل الرجل الكوخ ،نظر اليها دون ان ينطق بكلمة ،اقترب من المدفاة ووضع بعض الحطب .تاججت النار مما زاد من نور الغرفة ،وبدات تتضح ملامح هذا الشخص ل(ميا).
لقد كان ذو بنية قوية رغم تقدمه في السن.تابعت (ميا) تحركاته في الغرقة دون ان تحرك ساكنا .وبعد برهة تقدم نحوها ووضع بعض الطعام امامها.
-هيا،كلي لابد انك جائعة.
ثم انصرف الى الغرفة المجاورة .
لم تقاوم جوعها تقدمت نحو الطعام بحذر،ثم انغمست تاكل بشراهة وكانها لم تاكل من قبل.
استيقظت في صباح اليوم التالي على ضوء اشعة الشمس النافذة عبر الثقوب في الجدران .فتحت عينيها لتجد العجوز جالسا على المائدة ينظر اليها .
-هل نمت جيدا؟
اومأت براسها دون ان تنطق بكلمة .
نهض الرجل من مكانه ،حمل شيئا في يده وتقدم نحوها .
-دعيني ارى رجليك .
فزعت (ميا) من تصرفه ،لكنها فيما بعد عرفت انه يريد معالجتها .
-دعيني ارى رجليك لا تخافي لن اؤذيك.انها فقط مراهم وادوية لمعالجة جروحك.
مدت رجليها وبدا الرجل يضمد جراحها.ثم استطرد قائلا
-هل انت تائهة؟ يمكنني مساعدتك على ايجاد اهلك.
انتفضت الفتاة
-لا....لا....لا اريد.إإإ
-واخيرا تكلمت ظننت انك خرساء .إإإ
اذن انت لا تريدين العودة الى ديارك .لماذا؟
سكتت ولم تعقب على كلامه.
-حسنا،يمكنك البقاء حتى تشفى رجليك ،وبعد ذلك سنتحدث في الامر.
............................تابع في الحلقة القادمة