أخبارنا المغربية
حسن وهبي
حينما قررت وزارة التربية الوطنية انخراط التعليم الثانوي الاعدادي في بيداغوجيا الادماج . بدأت بتجريب هذه البيداغوجيا على أكاديميتين وداخل بعض المؤسسات التعليمية على مستوى التراب الوطني. بعد التكوين الذي تلقاه المفتشون والأساتذة المباشرون للتجريب هنا وهناك.
وخلال السنة الماضي استفاد أساتذة الاعدادي من تكوين على مدار خمسة أيام متتالية شملت عروضا نظرية وتطبيقات على طريقة المجموعات . استحسنها الأساتذة نظرا للوضوح الحاصل بينهم و المفتشين بخصوص عملية التكوين هذه. تساءل الأساتذة عن الكراسات الخاصة بالوضعيات و عن دلائل الأساتذة في جميع المواد . فكان جواب المفتشين أنهم لم يتوصلوا بأي شيء يوزعونه على الأساتذة. خاصة وان التكوين استمر طيلة الأسدس الثاني وإلى الاسبوع الأخير من شهر يوليوز من السنة الدراسية 2010/2011 .
وكان من المفروض أن توزع الدلائل و الكراسات على الأساتذة للاشتغال عليها خلال العطلة الصيفية وفق التكوين الذي تلقوه. لتكون الانطلاقة التطبيقية بشكل طبيعي كما تنص على ذلك المذكرات التنظيمية في الموسم الدراسي الحالي و التي حددت بداية مرحلتها الاولى يوم 12 شتنبر 2011 لتنتهي يوم 3 نونبر 2011 اي قبل عطلة المسيرة الخضراء و عيد الاضحى .
أصدرت الوزارة مذكرة بخصوص مادة الفيزياء و الكيمياء للسلك الاعدادي من اجل تطبيق بيداغوجيا الادماج تحت رقم 120 بتاريخ 29 غشت 2011 و التي لم تظهر على موقع الوزارة الا في النصف الثاني من شهر شتنبر . محددة الدروس وفق المراحل الأربع . وأصدرت مذكرة أخرى تتعلق بمادة علوم الحياة والأرض تحت رقم 132 بتاريخ 20 شتنبر 2011 و التي لم تظهر بدورها إلا في بداية شهر أكتوبر محددة طريقة الاشتغال في المادة وفق بيداغوجيا الإدماج .
يبدو من خلال هذه المذكرات المتأخرة أن لجنة واحدة تشتغل على نفس إصدار المذكرات بالرغم من اختلاف موادها . خاصة وأن الزمن الفاصل بين المذكرة و الأخرى 21 يوما . فمتى تصدر المذكرات الاخرى و الخاصة بالمواد المتبقية اذا كان ايقاع الزمن هو 21 يوما؟ نعم الزمن المدرسي الذي تحثنا الوزارة على احترامه بشكل دقيق.
اساتذة مادة الاجتماعيات بدورهم يعانون ويتساءلون عن الإنطلاقة الجديدة للدراسة بعد أن تلقوا التكوين السنة الماضية . صحيح أن هناك مذكرة سابقة تحث على الاشتغال ببيداغوجيا الإدماج هذا الموسم. مما جعل الأساتذة يتنظرون مسلحين بمعطيات التكوين الذي قام به السادة المفتشون بكل نزاهة ومجهود بالرغم من نضالهم في سبيل حقوقهم. هكذا أصبح الأستاذ تائها في المنظومة التربوية و برنامجها الإستعجالي الذي يعيش سنته الأخيرة. لا يعرف كيف يبدأ؟ و متى يبدأ؟ هل يبدأ يوم 12 شتنبر و الدراسة مقررة يوم 15 و ليس 12 شتنبر.
هناك مشكل اخر ناتج عن تأخر المذكرات المنظمة للدراسة في شأن المواد الدراسية و خاص بمادة الإجتماعيات وهو التفاوت الحاصل بين المقررات الدراسية (الكتاب المدرسي) و ما تسلمه الاساتذة أثناء التكوين أي لوائح الموارد للكفاية 1 و الكفاية 2 و في مادة التربية على المواطنة في السنة الثالثة ثانوي اعدادي على سبيل المثال حيث تشير في الدرس الاول و عنوانه "الحفاظ على التراث و تطويره" الى المهارة التالية "تقدير قيمة التراث الحضاري المغاربي في تعزيز الوحدة المغاربية و سبل المحافظة عليه" و في الدرس الثاني "إدراك مكانة الموارد الطبيعية في التنمية ببلدان المغرب العربي و سبل المحافظة عليها و تنميتها" . الأسئلة التي يطرحها الأساتذة بهذا الصدد بخصوص الموارد دائما هي : ماذا بخصوص المهارات الحقيقية في الدرس الاول و يهم الامر تنظيم معرض للتراث و تنظيم مسابقة ثقافية و اعداد دليل للآثار بجهتي؟
اما مستوى السنة الثانية و ارتباطا مع الدستور الجديد الذي تم التصويت عليه في فاتح يوليوز الماضي لم تصدر الوزارة تلك التغييرات التي طرأت على المستوى السياسي وخاصة في الدرس الثاني و المعنون "الدستور المغربي: القانون الأسمى للدولة" حيث سيتعرف التلميذ مفهوم الدستور و دوره في الحفاظ على حقوق المواطنين وواجباتهم الدستورية في سبيل ترسيخ دولة الحق و القانون. و الدرس الثالث في مادة التربية على المواطنة و عنوانه "الملك" حيث يتعرف التلميذ المكانة الروحية و السياسية لملك المغرب و اختصاصاته الدستورية.
كل هذه الإشكالات المطروحة تهم فقط موارد المرحلة الأولى في مادة الإجتماعيات دون الحديث عن باقي المراحل . ولهذا بقي أساتذة المادة دون مرجعية للإشتغال احتراما للزمن المدرسي. هذا بالرغم من أن الأساتذة يشتغلون باجتهاد من أجل احترام هذا الزمن ما أمكن و في تواصل مع السادة المفتشين الذين يتواصلون بإيجابية وحسب الامكانيات المتاحة لهم.
تغيرات كبيرة حصلت في المجتمع و الوزارة لا زالت لم تنسجم معها بالمذكرات المعهود إصدارها انسجاما مع هذه المتغيرات. و نحن في أفق الإستحقاقات المقبلة حيث يكون الأستاذ أحد الفاعلين فيها بدعوة التلاميذ إلى المشاركة فيها بكل أرحية معرفية واطمئنان سياسي. نتمنى صادقين أن تسرع الوزارة لتدارك الأمر ونحن نعرف غيرتها على بناء إنسان المستقبل و تضحيات الأستاذ كذلك من أجل بناء تفاعلي لإنسان يحترم القانون و يساهم في بناء المجتمع الحداثي.