انتشر الفساد وتحول السياسيين من منتخبين محليين وبرلمانيين إلى مافيات حقيقية تهدد استقرار المغرب للتواطؤات بين السياسي والأمني والقضائي ،ولم يعد البعض يخجل من تلقي الرشاوي كيفما كانت قيمتها ،مما عكس سلبا على الإصلاحات الكبرى التي قادها ويقودها جلالة الملك محمد السادس على كافة المستويات والأصعدة .
وطبيعيا أن يصبح أخطوبوط الفساد يهدد الاستقرار ،بعد أن تحولت مدنا إلى مملكات البرلمانيين والموظفين المرتشين مثل ما يجري ويحدث ببلدية الهرهورة التي تحول فيها فوزي بنعلال إلى شخصية مقدسة توزع البقع ،وتنعم على الموالين له من مختلف المؤسسات بهدايا وان لم تكن ثمينة فهي رشاوي سياسية ،ولا يختلف الأمر عن ما يجري ببلدية عين عتيق والصخيرات،وببلدية الرباط،وخريبكة،وبلدية فاس ،وغيرها كاف لإعلان ثورة لمحاربة المفسدين المرتشين من سياسيين وإداريين لانقاد مصير ومستقبل المغرب من المتلاعبين .
في سياق ذلك لا بد من التذكير ما كتبه يوما عميد الصحافيين المغاربة في زاويته مولاي مصطفى العلوي مدير نشرا الأسبوع الصحافي ،مذكرا بالتاريخ والأحداث ،وكيف استطاع الراحل الحسن الثاني ملك المغرب طيب الله مثواه من انقاد عرشه بعدما ساءت أحوال البلد ،سجن الوزراء مسلمين ويهودا مغاربة لانقادا المملكة المغربية بعد انقلاب الصخيرات سنة 1971 .
وفي سياق ذلك ذهب الملك الحسن في أبريل 1971 لينشغل بالحفلات الكبرى التي أقيمت لختان ولي العهد سيدي محمد في فاس، وكان الحسن الثاني مغرما بالحفلات.. مثلما كان مغرما بالمؤتمرات، إلى أن فوجئ ثلاث أشهر من بعد وبالتحديد في 10 يوليوز 1971 بالجيش يهجم على قصره في الصخيرات ، بقيادة ياووره الخاص الجنرال المذبوح، ليفهم الملك أن تهاونه في محاكمة الوزراء المرتشين، هو الذي كان وراء هذه الغضبة العسكرية التي كادت تطيح به في السنة العاشرة لحكمه.
ورغم ما يقال عن عناد الحسن الثاني، وعدم رضوخه للضغوط، فإنه استخلص الدرس من الصخيرات.. وقرر إعطاء الأوامر لجنراله القوي أحمد الدليمي، وكان مديرا للأمن، أن يجمع (...) الوزراء في زنازن الكوميسارية. ونودي على أكثر الكوميسارات في الأمن الوطني كراهية للآخرين (...) الحمياني، ليستنطق عمر بنمسعود السمسار رجل الأعمال الذي طلب الرشوة باسم الوزراء، لكل من يريد انجاز مشروع ما في المغرب، فهل تعرفون كم من سماسرة في المغرب اليوم(...).
وهكذا تم اعتقال وزير المالية سابقا المامون الطاهري وعبد الكريم الأزرق، وزير المالية لاحقا، ومحمد الجعيدي وزير التجارة والصناعة، وعبد الحميد كريم وزير السياحة، ومحمد العماني، وزير الأشغال العمومية، وسيناصر بلعربي مدير مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية، وعبد العزيز بن شقرون مدير المعادن، وادريس بلبشير مدير مكتب الأبحاث، ويحيى الشفشاوني مدير الأبحاث المعدنية، ورجال الأعمال محمد البلغمي ودافيد عمار، وهنري أوحنا، وبيرنار ليفي.
وعمت مظاهر الانشراح جميع الأوساط الشعبية، رغم أن عمق الملفات، لم يكن في الواقع يتعلق إلا ببعض الهدايا، حيث توبع المامون الطاهري بأخذ رشوة ثلاثين مليون بينما ينص محضر الإدانة على أن وزير التجارة الجعيدي أخذ مرة خمسة آلاف درهم.