العطب ليس في بيداغوجيا الإدماج بل في وزارة التربية الوطنية:
أخي الدكتور محمد الدريج
أجد نفسي اليوم مجبرا على الرد عليك،كي لا أفوت الفرصة على نفسي،لدحض بعض التصورات التي قد تعتبرها أنت ذات تحليل منطقي،فالواقع الحالي يكشف بما لا يدع مجالا للشك،أن بيداغوجيا الإدماج قد وصلت للباب المسدود،و العطب في نظري الخاص لا يعود للإطار المنهجي الذي استندت عليه هذه البيداغوجيا،بل لكيفية تصريفها وفق سقف زمني ضيق جدا،لأن إمكانية تطبيقها كانت تستلزم على الأقل، التشاور مع المعنيين المباشرين بتطبيقها،فاستبعاد هؤلاء الفاعليين الحقيقيين في الميدان، يساهم بشكل وافر في رفض كل متضمناتها،ففي مجال خصب و دينامي كمجال التربية و التكوين،لا مجال لسيادة التعليمات الفوقية،و لا مجال لهيمنة الثقافة السلطوية،التي رسخت لها وزارة التربية الوطنية،إن على مستوى التكوين أو من خلال الممارسة الحقيقية،ففحص النتائج الهزيلة التي توصلت إليها الوزارة المعنية بقضايا التربية و التكوين،إن من خلال اختبارات الروائز أو من خلال الجولات الماراطونية العشوائية،التي تكلف بها العديد من المفتشين،الذين بدورهم لم يستوعبوا جيدا الأبعاد الحقيقية لبيداغوجية الإدماج،فلا غضاضة في ذلك ،لأنهم بدورهم لم يتلقوا تداريبا كافية للتعامل الأمثل معها.
أخي الدكتور محمد الدريج
احترم أبحاثك العلمية،و أثمن مجمهوداتك الجبارة في مجال سجالي و غير قابل لحضور التخطيط العشوائي،الذي لا يستند لدراسات قبلية ،تأخذ بعين الاعتبار، تعدد البيئات المفترض تجريب بيداغوجيا الإدماج فيها،ولعل أقوى دليل على فشل كل المحاولات الرامية لرتق ما تبقى من مخلفات هذه البيداغوجيا،ما صرح به "كزافيي رودجيرز" أثناء حضوره بأكاديمية وجدة،فقد اعترف الرجل بوضوح بصعوبة تطبيق هذه البيداغوجيا حاليا بالمغرب،مع امكانية تطبيقها مستقبلا،و لعل في هذا التصريح ما يكشف عن حضور طابع الإجبار و القسر أثناء عملية التطبيق،في غياب وعي نظري كاف، لمفهمة ومأسسة هذه البيداغوجيا ،من قبل العديد من الفاعليين المعنيين بطريقة مباشرة بها.
إن الدفاع عن بيداغوجيا تلفظ أنفاسها حاليا،ليعتبر في نظري الخاص مجازفة منهجية و مضيعة للوقت و الجهد المنهجيين،وكان الأحرى بكم كباحث متمرس التفكير في بدائل،تعيد الاعتبار على الأقل للممارسة البيداغوجية المغربية،،على حساب التطبيقات و الهندسات البيداغوجية الغير المحسوبة العواقب،وجوابا على تساؤلك حول:هل فهم الأساتذة جيدا أبعاد بيداغوجيا الإدماج قبل رفضها؟،أقول:فهمنا جيدا الوعي النظري المتحكم فيها،لكننا لم نستصغ بعد إمكانية تطبيقها،في غياب مقررات جديدة تتلائم و تتساوق مع ما جاءت به ،و عليه أعتبر من السابق لأوانه الحديث عن نجاح أو فشل إمكانية بيداغوجية الإدماج،لأن التأكيد على عملية النجاح أو الفشل تتطلب على الأقل مدة معقولة، نكون قد حضرنا للأرضية الملائمة لتطبيق هذه البيداغوجيا،ففي غياب ذلك ،نكون كمن يساهم في تبديد الجهود المنهجية على حساب الاستدلال المنطقي،،لأن حضور التصور النظري في غياب المحك الملائم لتطبيقه ،ليعتبر في نظري الخاص قمة التعسف المنهجي.
الدكتور كمال الزبدي
تربية بوان كوم