المنتظم/ ابن الجوزي
سيبويه رحمه الله
عمرو بن عثمان بن قنبر، أبو بشر، المعروف بسيبويه النحوي، مولى بني الحارث بن كعب. وقيل: مولى آل الربيع بن زياد .
وتفسير سيبويه: رائحة التفاح، وكانت والدته ترقصه في الصغر بذلك.
قال إبراهيم الحربي: سُمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحة.
قال مؤلف الكتاب: وكان سيبويه يصحب المحدثين والفقهاء، ويطلب الآثار، وكان يستملي على حماد بن سلمة، فلحن في حرف، فعابه حماد فأنف من ذلك، ولزم الخليل فبرع في النحو، وقدم بغداد وناظر الكسائي.
قال أبو سعيد السيرافي: أخذ سيبويه اللغات عن أبي الخطاب الأخفش وغيره، وعمل كتابه الذي لم يسبقه أحد إلى مثله ولا لحق به من بعده، وكان كتابه لشهرته عند النحويين علماً، فكان يقال بالبصرة قرأ فلان للكتاب فيعلم أنه كتاب سيبويه، وكان المراد إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول له: هل ركبت البحر. تعظيماً له واستصعاباً لما فيه.
لما قدم سيبويه بغداد، فناظر سيبويه الكسائي وأصحابه، فلم يظهر عليهم، فسأل من يبذل من الملوك ويرغب في النحو؟ فقيل له: طلحة بن طاهر. فشخص إلى خراسان، فلما انتهى إلى ساوة مرض مرضه الذي مات فيه، فتمثل عند الموت:
يؤمل دنيا لتبقى له ... فمات المؤمل قبل الأمل
قال أبو عمرو بن يزيد: احتضر سيبويه فوضع رأسه في حجر أخيه، فأغمي عليه فدمعت عين أخيه فأفاق فرآه يبكىِ فقال:
فكنا جميعاً فرق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى فمن يأمن الدهرا؟