rachid ,ninidit:::عندما نقرأ آخر حوار للوزير الأول مع إحدى اليوميات الاقتصادية نندهش عندما نسمعه يعطي المثال بالإضراب على الطريقة الفرنسية، ويقول بأن 1،5 مليون فرنسي أضربوا عن العمل ونزلوا إلى الشوارع، ومع ذلك لم تتوقف حافلات النقل العمومي ولا حركة القطارات ولم تغلق المستشفيات أبوابها. ويستغرب عباس من أولئك النقابيين الذين يفتخرون أمام الصحافيين بأن مستشفى ابن سينا بالرباط كان مغلقا يوم الإضراب. ويضيف عباس أن التعليم تراجع، وأن أبناءنا يعانون من هذا التراجع.
عندما نقرأ كيف يقارن عباس الفاسي بين الإضراب المغربي والإضراب الفرنسي، وكيف يتأسف على تعليم «أبنائه» المتدهور، «نتوحش» فعلا الوزير الأول التشيكي. «نتوحش» يده بالضبط.
أولا لأن عباس يتجاهل شيئا أساسيا وهو أن الوزير الأول في فرنسا يحضر كلما تطلب الأمر ذلك في البرامج ونشرات الأخبار لكي يتواصل مع المواطنين ويشرح لهم القرارات التي تتخذها الحكومة. كما أنه يحضر إلى البرلمان بشكل منتظم لكي يواجه المعارضة وجها لوجه. وليس مثل عباس الفاسي الذي يحضر إلى البرلمان مرة واحدة عند افتتاحه من طرف الملك. أما التلفزيون فلا يظهر فيه عباس سوى لكي ينفي وقوع الأحداث التي يعرف الجميع أنها وقعت.
أما حكاية «تعليم أبنائنا» الذي تراجع، فليسمح لنا سعادة الوزير الأول أن نذكره بأن أبناءه لم يدرسوا في مدارس التعليم الحكومي، وإنما في مدارس البعثة الفرنسية. وعندما نالوا شهادة الباكلوريا لم يتزاحموا مثل السردين في الحافلات المتهالكة لكي يصلوا إلى مدرجات الجامعات الكالحة، بل درسوا في جامعة الأخوين المدفأة بالكهرباء الذي يؤدي فاتورته دافعو الضرائب.
واليوم يقضي أحد أصغر أبناء الوزير الأول، «سدي» عبد المجيد الفاسي، خريج جامعة الأخوين، فترة تدريب في القناة الأولى براتب إطار خارج السلم، ويأتي إلى دار البريهي على متن سيارته «الكات كات» التي تساوي «جانطة» واحدة من «جوانطها» مرتب شهر لأقدم موظف في القناة الأولى.
هكذا عوض أن يقوم وزيرنا الأول بانتقاد وزيرته في الصحة ياسمينة بادو والمشاكل التي تؤدي بالعاملين في هذا القطاع إلى القيام بإضرابات متتالية، يفضل سعادته إلقاء اللائمة على الأطباء والممرضين المضربين. فهؤلاء هم السبب في عدم تمكن المواطنين من الاستفادة من الخدمات الصحية أيام الإضراب. وفي الوقت الذي يدافع فيه عن وزيرته التي تنتمي إلى حزبه، ينتقد قطاع التعليم الذي يسيره وزير آخر ينتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة. لأن هذا القطاع تسيطر عليه نقابة غير تابعة لحزب الاستقلال.
وينسى سعادة الوزير الأول أنه إذا كان هناك من حزب «خرج» على التعليم في المغرب فهو حزب الاستقلال. وخصوصا في الفترة التي تقلد فيها وزارة التعليم عز الدين العراقي الذي عرب التعليم لأولاد الشعب فيما سجل كل أبنائه في مدارس البعثة الفرنسية.
وهذا أكبر تكذيب لما يردده عباس من أن حزب الاستقلال هو حزب الشعب. فهل قدم حزب الاستقلال وزراء في حكومته وموظفين في المؤسسات العمومية والشركات الكبرى ينتمون إلى الطبقات الشعبية. بالعكس، أغلبهم أبناء العائلة الفاسية الثرية الواحدة. يتوارثون الوزارات كما يتوارث أبناء الشعب
الأحذية والملابس والأمراض. عباس الفاسي الذي نادى عليه للحكومة علال الفاسي بعدما تزوج ابنته لالة أم البنين، يقوم بالشيء نفسه وينادي هو الآخر على زوج ابنته نزار بركة لكي يشغل منصب وزير منتدب مكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة. وبما أنه خال الطيب الفاسي الفهري وخال زوج ياسمينة بادو، فإنه ينادي عليه ليشغل وزارة الخارجية، وينادي على زوجته ياسمينة لتشغل وزارة الصحة. هذا دون أن نتحدث عن ابن عم زوج أخته المفتش العام للإدارة الترابية لوزارة الداخلية، وحفيد عمه المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة، الذي هو في الوقت نفسه أخ الفهري الفاسي مدير الماء والكهرباء.
عباس يريد أن يبيع القرد ويضحك على من اشتراه بتصريحاته الجوفاء. فهو يعرف أنه ضعيف وحكومته مهزوزة وغير قادرة على مواجهة الأزمة القادمة تباشيرها في الطريق.
المغرب محتاج إلى وزير أول شاب، قوي وجريء، يستطيع أن يواجه التحديات التي سترتفع في وجهه. وزير أول لا يضرب وزراءه كما يصنع الوزير الأول التشيكي، بل يستطيع على الأقل أن يجمع قبضته ويضرب على الطاولة إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك. وهذا أضعف الإيمان.
[IMG]file:///C:/Documents%20and%20Settings/ahmida/Bureau/rachid_fichiers/74.53.192_fichiers/print.jpg[/IMG]