العجب المعجب وناظره مستعجب للعجب في العجب قصة من التراث (بقلمي)
كانت عجوز تعيش في الغاب
ولها ولد يسمى الحبحاب
نشأفي صيد الطرائد والألعاب
حتى أصبح من ذوي الألباب.
وذات مرة ذهب الى البنجاب
مدينة في الهند ذات القباب
ولمح ابنة السلطان رباب
فحدث له روع وانقلاب
فلم يفق من غفوته الا بالباب
ولاقى أمه وهو في استغراب
وترامى على السرير كالغراب
مسود الوجه في اكتئاب
وحرم أكل الفواكه والكباب
فسألته أمه عن الأسباب
فرد:ابنة الملك(شاه آب)
وتسمى بالنعت والوصف :رباب
فأخذت هدية وقليلا من الأعشاب
وقصدت القصر من ذوي الخطاب
وطلبت من الملك يد رباب.
فرد الملك وهو في اكتئاب
واصدر أمره بالعقاب
لمن تجرأت على الأعتاب.
فضربت مئة جلدة على الأخشاب
وهي تعض على حظها بالأنياب
وولت خائبة عند ولدها الشاب
وحكت له أمرها باقتضاب
فزاد عنده الخطب بلا ارتياب
راجيا الفرج منرب الأرباب
وألح عليها بالرجوع لشاه آب
مصاحبا اياها في المصاب.
فلما مثلا أمام الباب
أدخلهما الحراس في استغراب
لهول ما لاقت العجوز من العقاب.
فاستشاط الملك غضبا بالتهاب
ينظر يمينا ويسار في الحجاب.
وادا بوزير من ذوي الألباب
يقول له في سر دون اطناب
بطلب مهر يعجز الحبحاب.
فتوجه للعجوز والشاب بالايجاب
وشرط أن يأتيه بالعجب العجاب
كصداق ومهر لابنته رباب.
فغادرا القصر في انشراح واعجاب
وقرر الحبحاب التعلم عند قنزاب
يهودي متضلع في التنجيم والحساب
والفلك والشعوذة والسحر غلاب.
فأخذ يواظب على الدروس بانجذاب
ويدرك الكثير منه كذوي الألباب.
وذات مرة ذهب قصد العين للشراب
فرأته ابنة الحكيم قنزاب
وكانت تسمى شرهاب
وأعجبت به فصار من الاحباب
وسرت له بسر أبيها قنزاب
بأنه يقتل كل طالب جذاب
حافظ لما عنده من العلم والحساب.
فكان كلما حفظ بابا من الأبواب
يدعي سوء الادراك والصعاب
وما زال على تلك الحال في الأبواب
حتى أدرك كل ما جعبة قنزاب
مدعيا عدم حفظ سفر أو كتاب.
فذهب عند امه العجوز بالغاب
وبشرها بعلمه بالأمور العجاب
وغدا ستجدين ثورا بالباب
واذهبي به الى سوق البنجاب
وارجعي برباط الرقاب.
كان ثورا كالموج العباب
تسابق عليه الفلاح والقصاب
وتزايدوا في ثمنه بانجذاب
فباعته وولت برباط الرقاب
فرحة.ورمته في السرداب
فانقلب فجأة لولدها الحبحاب
وعضت مستغربة على العناب
وأكلا وشربا من ماء الأعناب.
وفي السوق المقبل انقلب الحبحاب
جوادا مطهما من الخيل العراب
وعرضته أمه على الفارس والكساب
بشرط استرجاع اللجام للاياب
فعليه تجيء البركة والاكتساب.
باعته بالذهب عشرة أكواب
وقبضت الثمن في مكر الذئاب
وولت كمن يطير وهو على التراب
فبانت لها الثروة كالسراب
حتى رمت اللجام بالسرداب
وبشرته بالتخلص من المنتاب
والزواج بالأميرة رباب.
فأقسم برب الأرباب
بألا يتزوج الا بعد الاكتساب
وبناء القصور ذات القباب
والاستزادة من المال في الحساب
والتلقب باحسن الأقاب
ويصير عبرة للأصحاب
وفجأة انقلب حمارا ذا لعاب.
فذهبت به أمه لسوق البنجاب
وحف عليه المشترون والكساب
وكان من بينهم الحكيم قنزاب
الذي عرف الحمار الحبحاب.
كان يسيل العرق كالضباب
من جسم الحمار الحبحاب.
ولذلك كان يتزايد قنزاب
ودفع أعلى ثمن فوق الرقاب
ورفض ارجاع رباط النقاب
وأيده في ذلك قاضي البنجاب
بمجمل البيع وهو عين الصواب.
كان الحمار يندي كالسحاب
وهو في ذلك مستعد للعقاب
على يد الحكيم قنزاب.
لاقى جميع ألوان العذاب
بلا طعام أو راحة أو شراب.
فنحل وبرزت عطامه كالكلاب
وكثر حوله البعوض والذباب.
وذات مرة ذهبت به شرهاب
للعين لتحمل عليه القراب
فأراد الحمار يطلب الشراب
فنزعت له رباط النقاب
فانقلب فجأة سمكة ذات أذناب.
فنادت شرهاب أباها قنزاب
فقدم وانقلب حية تنساب
وأخذت تطارد السمكة الحبحاب
وتغلق عليه جميع الأبواب
حتى هيأ الله له الأسباب
فانقلب عصفورا يرجو حسن المآب
وطار في اتجاه حدائق شاه آب.
واذا بقنزاب يطارده في عقاب
فانقلب العصفور لخاتم جذاب
وسقط أمام الأميرة رباب
فأخذته ووضعته في العناب
وكان كالذي صيغ لها بالحساب.
حين ذاك رجع قنزاب
يجر أذيال الخزي وسوء المآب
وفكر في حيلة يقتل بها الحبحاب.
فهيأ سلة بها حلي وثياب
وخذ يبيع وهو يدق الأبواب
حتى وصل الى قصر شاه آب
وشكا سرقة ابنته رباب
لخاتم من سلته جذاب.
فسلته ورمته بالتهاب
فانقلب الخاتم أمام شاه آب
رمانة ذات حبوب كالأعناب.
فتهيأ للانقضاض قنزاب
وتحول لديك ذي منقار كالكلاب
طفق يلتقط ما لذ وطاب.
فانقلب الحبحاب سيفا كالحراب
وأطارت برقبة قنزاب
وفجأة تحولت الى الحبحاب
والدم يسيل من جسم قنزاب
وتلك كانت له عاقبة الثواب
ومن قتل يمت بنفس الأسباب.
وبقيت الحاشية في استغراب
وحكى لهم ما جرى الحبحاب
من الأول حتىموت قنزاب.
وذكر الملك شاه آب
بما رأى من العجب العجاب
وهو راغب في يد رباب
وفمه ممتلئ بالرضاب
ويكون لها الزوج المستطاب.
فرد الملك بالايجاب
واجتمع الحبيب بالأنساب
وعاشوا في هناء بلا ارهاب
حتى لاقوا رب الأرباب.
والسلام عليكم.