:: دفاتري بارز ::
تاريخ التسجيل: 10 - 9 - 2008
المشاركات: 171
|
نشاط [ سميح ]
معدل تقييم المستوى:
209
|
|
27-03-2009, 08:33
المشاركة 13
في البدء كان يرتاد التعليم الخصوصي الفاشلون والمتعثرون والعاجزون عن متابعة وثيرة التعليم العمومي ( حين كان تعليما) والمطرودون والمستهلكون بالتكرار لسنوات التمدرس المسموح بها , بعبارة أخرى كان التعليم الخصوصي مرتعا للنطيحة والمتردية وما عاف التعليم العمومي , فكان شبه سُبّة , وكان يُنظر لرواده نظرة ازدراء ودونية وقلة قيمة ...
لكن بما أن المدارس الخصوصية ليس لها مدير وإنما لها patron حريص على المنتوج , كان في البدء ينتهج سياسة النجاح للكل , أي دفع السلعة ( التلميذ)بكل عيوبها , باعتماد الكم وليس الكيف . الآباء آنذاك كانوا مجبرين على تقبل السنابل الفارغة على مضض علما أنهم كانوا يدركون أن الوظائف والمباريات يظفر بها ذووا الكفاءات والقدرة , خريجوا المدارس العمومية ( السنابل الملآى) المتمكنة ... لكن الدوائر تدور دائما على المال السائب ... فإذا كانت المدرسة الخصوصية مصنعا يمتلكه صاحبه فهو حتما سيحرص على انتهاج كل السبل لإنجاح المشروع وضمان استمراريته وعدم كساده لجني الربح , لأنه مشروع تجاري محض , خاصة إذا علمنا أن ملاّك المدارس الخصوصية , أناس أغنياء ذووا حس تجاري كثير منهم أميون , لو علموا بمشروع آخر أكثر ربحا لقلبوا المدرسة 180 درجة نحوه, لذا تراهم يجعلون من الأساتذة العاملين لديهم عمالا و أجراء , يخشون الباطرون ويخشون الطرد من المصنع , وليس أمامهم سوى مضاعفة المجهود لنبيل رضا الباطرون الذي لا يمكنه بشكل من الأشكال السماح لعامل مهمل متكاسل... هذه الحقيقة التي يدركها مدرّسوا التعليم الخصوصي جعلتهم بضمير أو بغيره يقومون بعملهم على الوجه الأكمل ... وبالمقابل نجد المدارس العمومية التي يرأسها مدير لا ينال من ثمرها إذا أثمر , ولا من زرعها إذا أينع , سوى أجرته التي يتقاضاها من الدولة ... والمدرسون ( مع استثناءات) يجدون في انعدام المراقبة مهربا للتسيب , وهدر المسؤولية , وإهمالها ما دامت لن تِؤثر على أجرته , وما دام لا يقف أي باطرون على رأسه يحاسبه على المنتوج , بل صرنا نجد الآن الباطرون القابع بعيدا بوزارة التربية الوطنية , الذي لن ير أحد يوما وجهه , صار يمارس نفس دور باطرون المدارس الحرة قديما , وهو السخاء في أعداد الناجحين لنيل رضا ( لست أدري مَن؟) دون اعتبار نوعية المنتوج ... فأصاب التعليم العمومي البوار , وصار الخصوصي الآن أكثر فاعلية ونجاعة وقيمة , بحيث أن متخرجيه , هم بالفعل أكفاء ويستحقون نقطهم العالية , بل أضحوا هم الفئة الغالبة الظافرة عن جدارة بالوظائف والمباريات ,بينما نجد خريجوا التعليم العمومي تقمصوا دور النطيحة والمتردية العاجزة ... ومردّ هذا كله للسيد الأستاذ ...
للكائن البشري أربع دوافع دون غيرها للعمل على أحسن وجه , وتتلخص فيما يلي :
ـ الحافز المالي وهو ما نجده معدوما لدى الأساتذة .
ـ تقوى الله وخشيته بالغيب , وقليل ماهم.
ـ الضمير , وأجده مستترا لدى معظمهم .
ـ والرقابة اللصيقة , أي العمل تحت الضعط , وتحت أنظار المتحكم في أمرك , وهذا ما أكسب الخصوصي نقطا على حساب العمومي , الذي لا عين تبصره ...
نعود الآن لشهادة الفعل وليس المنطق و التنظير ,و لن تجد أصدق من الواقع شهادة لنلاحظ ـ دون مواربة للحقيقة أو محاولات طمسها ـ أن القادرين ماديا من رجال ونساء التعليم (وبالخصوص الزوجان العاملان أي السلّم 22) يدرّسون أبناءهم بالتعليم الخصوصي , وهذا ردّ على من يدعي من زملائنا ـ زعما و حرجا ـ أن التعليم العمومي أفضل وأن الخصوصي فقط لحشو التلاميذ وتحفيظهم قسرا , واقتصارهم على الفرنسية دون غيرها , وأنه يبعدهم عن اللغة العربية والدين , وأنه يعتمد برامج غربية , وأنه ... وأنه ... كل هذه ترّهات و بواطل ما أتاها الله من سلطان , ولا حجة لمدّعيها أمام شهادة الواقع الذي يستنكر عدوى الإهمال والتسيب واللامبالات داخل المدارس العمومية (مع استثناء الزمرة الصالحة من رجال التعليم ) ولا أقصد بالصالح هنا الملتحين أو المحجّبات لأن الكل ( مسقي بمغرفة واحدة , ملتح كان أو حليق , محجّبة كانت أو سافرة)...
ونهاية كجواب لصاحب الموضوع أقول : ـ لو سألتني في السبعينات هذا السؤال لقلت دون تردد أو عناء تفكير : العمومي أفضل , ثم العمومي , ثم العمومي ...لكن الآن لاشيء غير التعليم الخصوصي ...
التعليم الخصوصي كان باهتا حين كان يعتمد على أساتذة من حملة الشواهد الثانوية أو أقل ... وكانت أفضلية المستوى لرجال التعليم , بينما الآن وقد كثر العاطلون من حملة الشواهد العليا , فقد بات للباطرونات الخيار الواسع , وهذه نقطة حسنة أخرى يكسبها الخصوصي على حساب العمومي الذي لازال يشترط البكالوريا لولوج أسلاكه الابتدائية ... صدقوني لو عمل الأستاذ ربع ما يملك من جهد لكان تعليمنا يضاهي أرقى المستويات العالمية ... أعرف أنه قد يوجد الآن من الأساتذة من يستنكر رؤيتي , لكن حتى أكفيه عناء الجواب , أحيله لإلقاء نظرة بمؤسسته والنظر لأحوال التجمعات بالساعات بالأقسام والساحات , والتأخرات والغيابات , وأساتذة الكرسي المحاضرون الذين لا يغادرونه كأنهم بالجامعة, ولا يكلفون أنفسهم عناء الكتابة على السبورة , والذين يأمرون التلاميذ بالكتابة عليها نيابة عنهم , وأساتذة ( جبْدوا القراءة واقرَاوْ واحَدْ واحد ) كل الأيام , والأساتذة الحريصون على الوثائق للسيد المفتش , والأساتذة الذين لو تركتهم الدهر كله مع التلاميذ ما أفادوهم بشيء ... وهذا لا يعني أن المُعيب بأفضل حال من المَعيب , ولكن ليس بالقدر الذي يؤاخَذ عليه...و بالمناسبة , أبنائي كلهم بالتعليم العمومي ...
التعديل الأخير تم بواسطة سميح ; 27-03-2009 الساعة 11:35
|
المواضيع المتشابهه
