كنا في الكلية نردد " قولوا للتجار السلام فلسطين عربية ..لا تفاوض لا استسلام لا حلول ...." كان الشارع العربي يغلي غليان الماء في القدر على نار هادئة.والويل لمن يساوم على القضية الفلسطنية . القضية الفلسطينية قضية مقدسة.
كان ذلك يوما ...كنا نردد في تظاهرات بالكلية شعارات ما تزال تقرع طبلا أذني كلما تذكرت القضية الفلسطينية .ازدادت بحدة خلال الغارة الوحشية الأخيرة على غزة الشهيدة طيلة الأسابيع الثلاثة.غزة التي كانت تناضل بحق .كان أبطال المقاومة يجسدون حقيقة الشعار " لن نركع لن نركع لن يرهبنا صوت المدفع "كنا نراهم يهرولون بعد كل غارة لإنقاذ بعضهم بإمكاناتهم البسيطة والعالم يتفرج عليهم، استماتوا في الدفاع عن الوطن ،رغم الدمار ،رغم القتل،رغم الجوع ، رغم العطش،رغم الظلام...،رغم كل ذلك ،كان الصمود مثل صخرة قوية تحطمت عليها وتحطم بها الكبرياء الصهوني الغاشم الغاصب للحق الفليسطيني بالقوة، تركت جدلا ساخنا في الأوساط السياسية والإعلامية العربية خاصة منها الفلسطينية عمن المنتصر؟تلك القوة التي أربكت حسابات زعمائنا وقاداتنا التي حولتهم مع مرور الزمن إلى متسابقين فيما بينهم يلهثون وراء ود إسرائيل. لا يستحيون من أنفسهم أمام شعوبهم التي برهنت على أنها في واد غير واديهم .أثبت على أنها كيان ما يزال ينبض بالحياة ، تجلى بقوة في قوة الدعم النفسي الذي كانت تصدره الشعوب العربية والمسلمة الغاضبة ومعها كل القوى الحية عبر العالم لأبناء غزة الصامدة ، وقوة الدعم المادي الذي تجلى في صور مختلفة وكذا-وهذاهو الأهم- استعداد أبناء هذه الأمة للتضحية بالنفس من خلال مطالبتهم لحكامهم بفتح باب ال**** في سبيل الله.
لقد لعب المجتمع المدني دورا مهما في تأطير الشارع المغربي مثل باقي الشعوب الغاضبة من خلال تنظيم المسيرات الإحتجاجية وظبطها وتوجيهها بغية مساندة القضية الفلسطينية في صورة حضارية وفعالة.لكن هل كل مكونات المجتمع المدني كانت تنطلق من الواجب القومي أو الديني تجاه القضية الفلسطينية ؟ بالمقابل،نفذت الشغيلة المغربية أضرابا عاما يوم 22و23 من شهر يناير وتتجه هذه الأيام نحو التصعيد في احتجاجاتها. فهل الملف المطلبي للشغيلة المغربية هو المحرك الفعلي لهذه الإحتجاجات ؟
يقال في الأوساط الحزبية إن العمل النقابي قنطرة مهمة للعبورإلى السياسية .قد يتقبل المرء هذا الطرح مادامت كل النقابات غير مستقلة في قرارتها لأسباب عدة أهمها عدم الفصل بين النقابي والسياسي .لنتساءل عن العلاقة بين المكاتب النقابية وبين قاعدتها وما هو دور القاعدة في توجيه وتصحيح هذه العلاقة؟ وهل بالفعل نمتلك قاعدة حية قادرة على تصحيح هذه العلاقة؟ ثم ما هو مصير الملف المطلبي للشغيلة المغربيةإذا كان الظاهر الدفاع عن مطاب الشعيلة والباطن شيء آخر؟
إلا أن الأغرب من ذلك هو أن يكون الهاجس الحقيقي من وراء تحريك الشارع المغربي وتوجيه غضبه لمساندة الشعب الفلسطيني في صموده ضد العدوان الصهيوني هو انتخابات صيف 2009 رغم أنني لا أشك ولو مثقال ذرة في إيمان الشعب المغربي ومعه الشعوب العربية والمسلمة و باقي أحرار العالم في إيمانهم الحقيقي ودفاعهم عن يقين عن المستضعفين في غزة كما في أنحاء المعمور.
إن الأحزاب والنقابات رقم مهم في التنمية. فهل هذا الرقم الصعب في هذه المعادلة الصعبة أصبح يشكل عقبة حقيقية أمام التنمية الفعلية يتحول مع مرور الزمن إلى فيروس قاتل ؟ ثم ما هي الطرق والوسائل الكفيلة بتسخيره في خدمة تقدم البلد وازدهاره ونتجب كل نعت مشين من شأنه أن يحول دون انخراط حقيقي للمواطن في الحقلين السياسي والنقابي ؟
أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تعني الجميع من دون استثناء ومن غيرها - في اعتقادي - لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية وشاملة.
من توقيع: الجيلالي هيبو