أسئلة للمجلس الوطني للنقابة المستقلة للتعليم الابتدائي

[آثار على الرمال]

ستعقد النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي مجلسها الوطني الأول بعد المؤتمر الثاني الذي جرت أشغاله بمدينة مكناس خلال صيف 2008 وسيناقش أعضاء المجلس الوطني يومي 6 و7 يوليوز بثانوية طارق بن زياد بازرو جدول أعمال المجلس الذي سيدور حسب مصادر من المكتب التنفيذي حول نقطتين أساسيتين هما: تقديم تقارير الفروع التنظيمية والمادية والتسوية المالية مع المكتب التنفيذي.
وحسب القانون الأساسي فان المجلس الوطني يعتبر أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر وبالتالي من صلاحياته أن يناقش ويقرر في التوجهات العامة للنقابة ويسطر البرامج والخطوات النضالية المستقبلية دون إلغاء أو التعارض مع مقررات المؤتمر الوطني، كما له الحق في تقييم أشغال وقرارات هذا الأخير . وبصفتي كمنتسب ومتتبع للنقابة المستقلة اعتبر نفسي معنيا بمناقشة التجربة على ضوء التراكمات والمستجدات في الساحة النقابية، وقبل بسط قراءتي وتقييمي للتجربة لا بد من طرح بعض الأسئلة والإشكاليات على المجلس الوطني وعلى المناضلين للبحث في الإجابة الموضوعية لها.
- ماهي القيمة المضافة التي أتت بها المستقلة للمشهد النقابي المغربي؟
- ما حدود مساهمتها كنقابة فئوية في الصراع العام الدائر بالمغرب وما موقفها من القضايا الوطنية والدولية؟
- هل المؤتمر الأخير افرز فعلا أجهزة قادرة على تصليب عود النقابة ؟ وما مصير الديمقراطية الداخلية حين تعيين ممثلي الجهات والأقاليم باللجنة الوطنية ؟
- ما هي الضمانة ألا تتحول التنسيقية الوطنية إلى مركزية تقليدية ؟ وهل تم تحصين الاستقلالية من التجاذبات الحزبية؟
هذه أسئلة عامة تلازم العمل النقابي يجب التفكير والبحث عن أجوبة موضوعية لها ، ولكن لا بد من التأكيد من جديد على أن العمل النقابي يعتبر واجهة من واجهات النضال الديمقراطي الجماهيري يساهم بالإضافة إلى تحسين الظروف المادية والمعنوية للمنخرطين (تحقيق مطالب ومكتسبات يومية ...) في رفع الحس النضالي والوعي السياسي للطبقة العاملة بشكل عام وتوفير الشروط الموضوعية لحسم الصراع الطبقي لصالحها ولصالح الفلاحين الفقراء وعموم شرائح الشعب الكادح (جدلية النقابي والسياسي).
ظروف نشأة النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي
لمعرفة وتحليل الظروف العامة التي ظهرت فيها النقابة المستقلة لابد من سرد تاريخي بسيط للعمل النقابي بالمغرب فبعد تأسيس ا.م.ش قبيل الاستقلال خلال مارس 55 ستساهم قيادته التي كانت تنتمي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في توفير الظروف العامة للمطالبة بالاستقلال السياسي (توافق الخط السياسي والخط النقابي داخل ا.م.ش)، وبعد حسم الصراع الدائر بين الحركة الوطنية والقصر في بداية الستينات لصالح الأخير وبعد تأكد النظام من قوة وخطورة نقابة ا.م.ش سيعمل على إضعافها وتقسيمها بوسيلتين:
- تفعيل مفهوم التعددية النقابية (حق أريد به باطل ) وبالتالي الضغط على حزب الاستقلال لتأسيس نقابة ذيلية له ا.ع.ش.م وبالتالي بلقنة الواقع النقابي وتحييد الطبقة العاملة عن الصراع الحقيقي.
- دعم الخط النقابي داخل ا.م.ش حيث أعلنت قيادته الاقتصار على المطالب النقابية الضيقة (ما يسمى بالنقابة الخبزية) مما سيدفع بعض المناضلين الديمقراطيين الذين يؤمنون بجدلية النقابي والسياسي إلى الانسحاب والتفكير في "بذيل" آخر.
سنة 1978 سيؤسس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مركزية تابعة له ك.د.ش وبعد ذلك سيلجأ كل حزب بإيعاز من النظام إلى تأسيس نقابة ذيلية كخزان احتياطي يستعملها عند الحاجة والضرورة ، والأمثلة عديدة في هذا المجال حزب العدالة والتنمية أسس الاتحاد الوطني للشغل/ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أسس الفدرالية الديمقراطية للشغل بعد الاستحواذ على ك.د.ش من طرف المؤتمر الوطني الاتحادي،بالإضافة للنقابات الصفراء التابعة للأحزاب الإدارية...) بعد هذا السرد الكرنولوجي لابد من استخراج والوقوف عند الملاحظات التالية:
1- يتضح أن واقع المشهد النقابي مرتبط بشكل كبير بواقع العمل الحزبي بحيث كلما وقع تأسيس أو انشقاق حزبي يليه مباشرة تأسيس أو انشقاق نقابي وهذا يعبر في الحقيقة على الفهم الخاطئ والمقلوب للعمل النقابي من طرف النخبة السياسية المغربية، وهذا ما يشرح ويفسر كذلك الولادة القيصرية وغير الطبيعة للنقابات منذ 1955 والى 2004 عكس منطق التاريخ وضد مضمون الأدبيات الماركسية التي ترى أن من أهداف العمل النقابي هو توحيد الطبقة العاملة في إطار نقابي قوي قادر على فرز المعبر السياسي عنها.
2- ذيلية وتبعية العمل النقابي للعمل الحزبي ( ضرب مبدأ الاستقلالية ) وهذا ما يفسر العمل النقابي المناسباتي ويكرس ضعف الانتساب وتدني الوعي النقابي وتراجع الانخراط الفعلي والمسئول في الأشكال النضالية التي تقرها النقابات.
3- تربع الزعامات " التاريخية" على هرم بعض المركزيات وتحويلها إلى محميات وبورصات غير قابلة للتفويت وليسوا مستعدين بتاتا للتخلي عن مواقعهم وامتيازاتهم ( ك.د.ش / ا.م.ش ).
4- نجاح النظام في تنفيذ خطته غير المعلنة وهي بلقنة المشهد النقابي وإضعاف الطبقة العاملة وتحييدها عن ممارسة دورها الأساسي والتاريخي في الصراع الطبقي بالمغرب.
إن تراجع وضعف العمل النقابي الذي وصل أدنى مستواه باتفاق فاتح غشت 96 والذي وقعت خلاله النقابات على سلم اجتماعي طويل الأمد مقابل مكتسبات قليلة وهشة ، وحرمان فئات عديدة من حقوقهم واستغلال النقابات لتهيئ الظروف السياسية لتنصيب ما يسمى بحكومة التناوب في مارس 98 والتطبيل لما يسمى "بالانتقال الديمقراطي" ، كل هذه الظروف بالإضافة للملاحظات السابقة جعلت منتسبي النقابات يفقدون الثقة في العمل النقابي وخصوصا النقابات التعليمية ويفكرون في تأسيس بذيل فئوي يعمل على إسماع صوتهم، وتحقيق مطالبهم، وانتشالهم من مخالب النقابات الحزبية والبورصوية،واستحضارا لتجربة الهيئة الوطنية للتعليم ، عمل عدد كبير من أساتذة التعليم الابتدائي على تأسيس "بذيل" نقابي فئوي سمي بالنقابة المستقلة للتعليم الابتدائي .فهل هذا الإطار يعد بالفعل "بذيلا" نقابيا؟
لابد من الإقرار أولا أن النقابة المستقلة وفي الظروف التي أشرت إليها سابقا ، وانطلاقا من تضحيات بعض المناضلين الشرفاء الذين راكموا الوعي النقابي وخبروا دهاليز وكواليس النقابات التقليدية، استطاعت أن تلفت الأنظار إليها وتجمع في عضويتها اكبر عدد من العاملين بالتعليم الابتدائي في مدة وجيزة ، وتمكنت من إحراج النقابات التقليدية قبل الحكومة ، خصوصا بعد انبهار العاملين بالقطاع بملفها المطلبي وبرنامجها النضالي.
نواقص النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي
سنكون مجحفين في حقها إذا قلنا أن أحدا باستطاعته تقييم عملها خلال هذه المدة القصيرة ، ولكن انطلاقا من غيرتنا عليها ورغبة منا في وضعها في الاتجاه الصحيح وتقويم مسارها لابد من الإشارة من منطلقنا لبعض النواقص التي قد تعترض تطورها:
- إن جل المنخرطين بما فيهم بعض أعضاء الأجهزة الوطنية السابقة والحالية ليست لهم الخبرة النقابية الكافية ولم يراكموا من التكتيك النضالي إلا القليل.
- إن البرنامج النضالي الذي وضعه المكتب التنفيذي السابق (إضراب ثلاثة أيام كل شهر) كان مغامرة غير محسوبة العواقب حيث ألزم نفسه أمام الرأي العام الوطني والمنخرطين بتنفيذه كيفما كانت الظروف الموضوعية والذاتية . وقد تحفظت عدة فروع على البرنامج وأرسلت ملتمسات للمكتب التنفيذي السابق لإعادة النظر فيه.
- إن الانبهار وتضخيم الذات يؤدي غالبا إلى الغرور ويعتم الرؤية الموضوعية للأشياء.
- غياب التواصل والاتصال مع الفروع وعدم بسط وتوضيح المستجدات خصوصا بعد اتخاذ الحكومة ، بالتنسيق مع النقابات التقليدية، قرارها غير الدستوري باقتطاع أيام الإضراب من الراتب الشهري مما خلق البلبلة والتوتر داخل أعضاء المكاتب والمنخرطين (عدم رفع دعوة قضائية في حينها /عدم اتخاذ أشكال نضالية ميدانية لإلغاء قرار الاقتطاع ).
- ظهور تحالفات وحدوث تشنجات بين أعضاء اللجنة الوطنية أثناء انعقاد المجلس الوطني الأول بمكناس ( خلافات ذاتية وشخصية وليس اختلاف حول الرؤية والتحليل ...).
- إن نتائج ومقررات المؤتمر الوطني الأخير لم ترق إلى مستوى الطموحات والآمال المتوخاة من طرف شغيلة التعليم الابتدائي (حيث لم يهيأ له بالشكل المطلوب لا في الفروع ولا داخل اللجنة التحضيرية / جلسة الافتتاح كانت مرتجلة وباهتة / لم يتمكن المؤتمرون من المصادقة على مقررات هادفة / انتخاب اللجنة الوطنية وفق ديمقراطية منقوصة...).
- إن انتخاب أعضاء اللجنة الإدارية على أساس التمثيل الجهوي والإقليمي افقد الديمقراطية الداخلية بريقها وأهميتها حيث نلاحظ الآن أن أغلبية أعضاء اللجنة لا يقومون بالمهام الملقاة على عاتقهم (هناك عدة جهات وأقاليم لم تهيكل بعد مثل جهة الرباط وجهة البيضاء وجهة طنجة.....) ،وساهم في إلغاء مبدأ الاستمرارية بإقصاء جل الأعضاء المؤسسين وبالتالي تكريس القطيعة ، ويبقى السؤال مشروعا : ما دور المؤتمرين إذا كان أعضاء اللجنة الإدارية ينتخبون من طرف ممثلي الجهات والأقاليم؟
- إن التنسيقية الوطنية للنقابات المستقلة بالمغرب عمل طموح يهدف إلى توحيد وتنسيق الأشكال النضالية الميدانية ولم لا الوحدة التنظيمية؟ لكن يجب أن يتجنب هذا العمل النخبوية ، ويؤسس بأساليب ديمقراطية تساهم فيها قواعد النقابات المعنية لكي لا نسقط في أنماط تقليدية ونعيد تجربة المركزيات الحالية.
إن هذه الإشكاليات والأسئلة مطروحة على مناضلي النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي لمناقشتها والتصدي للاختلالات إن وجدت والمساهمة في تصحيح العمل النقابي بشكل عام لما فيه الخير للشعب المغربي.

الخميسات في 6/7/2009
محمد اهنيدة نقابي

المصدر: الجريدة التربوية الإلكترونية - 2009/07/06


ملاحظة: تم وضعه في "دفتر أخبار و مستجدات التعليم" ريثما يتم نقله إلى الدفتر المناسب.

[nasro6767]

تحية للأخ وأتمنى أن يتسع صدر رواد هذا المنتدى لقراءة الموضوع بدل التهافت على قراءة الاشاعات ذات سطر أو سطرين على الأكثر

[mobefa]

لم تحصل النقابة المستقلة في اللجان اللثنائية على العتبة للدفاع عن الشغيلة التعليمية

[زكورتي]

أضيف من بين النقائص عدم التنسيق مع النقابات المستقلة الأخرى قبل الانتخابات وإن تدورك الأمر بعد الإنتخابات شكرا على الموضوع الشامل وبالتوفيق

[amirserieux]

شكرا جزيلا اخي العزيز على المنوضوع