وسط عشرات الآلاف.. حماس تحتفل بالصمود وتبعث برسائل
علا عطا الله - إسلام أون لاين.نت
الحشود طالبت الأمين العام للأمم المتحدة بألا يكيل بمكيالين بعدما عين الدمار في غزة
الحشود طالبت الأمين العام للأمم المتحدة بألا يكيل بمكيالين بعدما عين الدمار في غزة
غزة - في أول خـروجٍ جماهيـري بعـد "حرب كسر الإرادة -3" على قطاع غــزة، شارك عشـرات الآلاف من أهـالي القطـاع اليوم الثلاثاء في مسيرات حاشدة دعت إليها حـركة المقاومة الإسلامية "حماس"، احتفالا بما وصفته بـ"نصـر المقاومة وصمـودها".
وشدد محلل سياسي فلسطيني في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" على أن
تلك المسيرات الحاشدة تبعث برسائل على عدة مستويات، أبرزها موجهة إلى إسرائيل مفادها "رهانها على إسقاط حماس فشل فشلا ذريعا"، معتبرا أن الحركة، التي تسيطر على غزة منذ يونيو 2007، "خرجت من هذه المعركة معافاة، بل ازدادت شعبيتها في الشارع الفلسطيني والعربي عامة".
وانطلقت ظهر اليوم المسيـرات من شتى أرجاء مدينـة غزة من أمام المساجد، ورفـع المشاركون العلم الفلسطيني ورايات حماس الخضراء، ورددوا هتافات تُشيد بالمقاومة، و"ما حققته من انتصار، برغم الخسائر البشرية في صفوف المدنيين الفلسطينيين". وقتلت إسرائيل 1315 فلسطينيا، وجرحت نحو 5400 آخرين، نصفهم تقريبا من النساء والأطفال، في العدوان الذي بدأ يوم 27-12-2008، ودام 22 يوما.
"حماس لم تسقط"
الجماهيـر الحاشـدة تجمعت أمام مقر المجلس التشريعي (البرلمان) في غزة, وفي كلمةٍ له أمام الجماهيـر، قال القيادي في حماس "إسماعيل رضوان": "نخرج اليوم لنحتفي بنصر المقاومة في معركة الفرقان التي تفرق بين الحق والباطل وبين منهجي الخمول والاستسلام ومنهج المقاومة والصمود والثبات".
وأضاف رضوان: "جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ومن أمامكم ومن خلفكم وبحرب إعلامية وبمنافقين حملوا حماس والمقاومة المسئولية عن جرائم الاحتلال.. لكن حرب الإبادة هذه لم تزد المقاومين إلا إيمانا وكان الثبات والصمود برغم التضحيات الجسام".
وتابع قائلا: "ظنوا أننا سنرفع الرايات البيضاء، ولكننا لن نساوم ولن نرفع الرايات البيضاء"، مضيفا: "قالها (رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت و(وزيرة خارجيته تسيبي) ليفني: سنسقط حكومة حماس وسنوقف (إطلاق) الصواريخ (على إسرائيل) وسنغير الوضع السياسي والأمني في المنطقة)، فأين أنتم اليوم؟ وهل أسقطتم حماس، وهل سقطت حكومتها؟".
وشدد رضوان على أن الاحتلال لم يُحقق أيا من أهدافه، وأن المقاومة انتصرت، ودعا إلى تقديم قادة الاحتلال إلى محكمة العدل الدولية لارتكابهم جرائم حرب، وجدد دعوة الحركة لبقية الفصائل الفلسطينية من أجل البدء في حوار وطني عاجل على أسس وطنية.
وفي خان يونس جنوب القطاع انطلقت مسيرات حاشدة، وفي كلمـةٍ له حيا يونس الأسطل -القيادي في حماس- المقاومة، وفي مقدمتها كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح للحركة.
وشدد الأسطل على أن حماس ستبقى متمسكة بنهج المقاومة ولن تحيد عنه، وتحدث عن "مبشرات النصـر ووعد الله الأكيد بنصر الحق على الباطل".
أما جماهير الحركة فطالبت الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي زار القطاع اليوم لتفقد ما خلفته الحـرب من دمار، بأن يقف موقفا متوازنا من مأساة القطاع، وبألا يكيل بمكيالين.
رسـالة عملية
ورأى خبراء عسكريون عرب في تصريحات منفصلة لـ"إسلام أون لاين.نت" أول أمس الأحد أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الرئيسية من العدوان، وأبرزها القضاء على حكم حماس الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة يناير 2006، ووقف إطلاق الصواريخ من غزة على المدن والبلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وقال عدنان أبو عامر الخبير والمُحلل السياسي الفلسطيني: "إن مسيـرات اليـوم الحاشـدة، وخـروج حماس للاحتفال بهذا الكم الجماهيري، يمثل رسـالة عمليّة لمن راهنـوا على إسقاطها".
وأضاف أبو عامر في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" اليوم: "لا شـك أن ما حدث من عدوان وحربٍ شرسة كان جهدا عسكريا لتنفيـذ مُخطط سياسي عنوانه (إسقاط حماس وإنهاء حكمها في غـزة).. اليـوم تقول حماس من خلال هذه الحشود إنها خرجت معافاة وقوية، بل وقد ازدادت شعبيتها، وأن الرهان على إسقاطها وتغييبها شعبيا وعسكريا فشل".
وأطلقت المقاومة خلال الحرب ما يزيد على 600 صاروخ على إسرائيل، بعضها وصل إلى نحو 60 كم من غزة؛ مما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين، وإصابة العشرات بجروح، وعلى الأرض نجحت المقاومة في صد محاولات التوغل المتكررة من جانب جيش الاحتلال إلى داخل المناطق المكتظة بالسكان.
وقالت المقاومة إنها قتلت ما يزيد عن 50 جنديا إسرائيليا، وجرحت المئات خلال الاشتباكات والكمائن وعمليات القنص، لكن إسرائيل لم تعترف إلا بمقتل عشرة جنود فقط، وإصابة العشرات منذ بدء عدوانها.
رقم يصعب تجاوزه
على الصعيد ذاته، لفت أبو عامر إلى أن حماس بهذا الحشـد "تظهر أن جماهيرها بخير، ولم تصب أطرها الداخلية والتنظيمية، وأن الالتفاف الجماهيري حـولها كما هو، بل زاد، وأن الدمار، وما خلفته آلة الحرب لم يمس حضورها".
"رسائل أخرى تحملها هذه المسيرات للداخل الفلسطيني وللإقليم العربي المجاور، الذي عدل من خطابه قليلا، خاصة في القمة الاقتصادية العربية بالكويت وللإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة باراك أوباما، مفادها أن حماس، ومهما تعرضت لضربات، فذلك لن يزيحها عن المشهد السياسي"، بحسب أبو عامر.
وأضاف أن "ثمة رسالة أخرى بعثت بها الحركة إلى صناع القرار، وهي أنها رقم يصعب تجاوزه على الخارطة السياسية المحلية والدولية".