سبل تفعيل دور نقابة المفتشين
عن وجدة سيتي نت
01/04/2008
بقلم : محمد شركي
بمناسبة اليوم الدراسي الذي نظمه المكتب الجهوي لنقابة المفتشين في الجهة الشرقية بمقر مركز تكوين مدرسي التعليم الابتدائي بتاريخ 29/03/2008 والذي أثار من جملة ما أثار من القضايا وضعية نقابة المفتشين التي سجل عليها شبه غياب من حيث الأشكال النضالية المعهودة والتي كانت عبارة عن وقفات احتجاجية بل وتحركات عبر تراب الوطن من أجل هذه الوقفات كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، فضلا عن المقالات الصحفية ، والمقالات المنشورة على بعض المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية ، وكلها أشكال نضالية أسدل عليها الستار بمجرد رحيل المرحوم الأستاذ محمد راشد تغمده الله بواسع رحمته وجميل عفوه. ولقد كان هذا اللقاء فرصة ثمينة ومباركة لطرح هذه القضية للمناقشة الصريحة والبناءة والهادفة بين أعضاء المكتب الجهوي للنقابة وبين القاعدة. ومساهمة مني في تنوير أطر المراقبة التربوية في هذا الموضوع خصوصا الأطراف التي غابت عن حضور هذا اللقاء أذكر في البداية بأنه من سلبيات القيادات الفردية المتميزة للهيئات النقابية خفوت إشعاعها بعد رحيل هذه القيادات ، وهذا ما حصل لنقابة المفتشين التي كانت قيادة الأخ المرحوم الأستاذ محمد راشد الفردية المتميزة عامل نجاح بالنسبة لها ، وقد تحول رحيله إلى عامل فشل كان من المفروض أن يحسب له حسابه لا لتعويض القيادة الفردية المتميزة ولكن لتدارك ما أحدثه غيابها من فراغ كبير له من الآثار السلبية الشيء الكثير على النقابة.
وعندما أتحدث عن القيادة الفردية المتميزة للأخ المرحوم محمد راشد لا يعني ذلك التقليل من شأن باقي الإخوة في المكتب الوطني والمكاتب الجهوية ، وإنما أريد التنبيه إلى الفتور المسجل بكل موضوعية في الأشكال النضالية للنقابة حتى أن بعضهم استفسر هل وصلت النقابة إلى آخر محطاتها ؟ أوهل حققت مطالبها ولم يعد يوجد مبرر للنضال ؟ لقد حاولت الوزارة الوصية ركوب ما سمته استجابة لمطالب هيئة المراقبة التربوية في شكل تعويض أخجل من ذكره والذي عبر عنه بنسبة مئوية عالية ضللت الرأي العام الذي ظن أن الهيئة قد فازت بهبة تحسد عليها. والحقيقة أن ما حصل لا يعدو عملية ذر الرماد في العيون كما يقال ذلك أن الوزارة الرافضة لنقابة المفتشين غير المحزبة وذات الأغلبية في تمثيل أطر المراقبة التربوية مقارنة مع تمثلية باقي الهيئات النقابية لهذه الأطر ترفض الجلوس لمحاورة مكتب النقابة خارج إطار ما تسميه اللجنة العشرية ، وهي مناورة معلومة الأهداف والخلفيات. فحقوق هيئة المراقبة التربوية لا يمكن لجهة أخرى غير النقابة الممثلة للهيئة بموجب نسبة التمثيل أن تعرفها أو تضمن الدفاع عنها بعيدا عن الصفقات والتفاهمات على أسس المصالح الحزبوية. وإذا كان البعض يرد خفوت الأشكال النضالية أو حتى غيابها إلى دور مكاتب النقابة مركزيا أوجهويا فإن الحقيقة أكبر من ذلك لأن الأجهزة النقابية مهما كانت إنما توجد وتحيى وتستمر بالانخراط على مستوى قواعدها. فعندما تصبح النقابة بالنسبة للبعض مجرد أداة تركب لتحقيق مطالب معينة ، أو لا يحالفها الحظ في تحقيق هذه المطالب في محطة نضالية ما فتنفض الأيدي منها فهذا مؤشر على تدني الوعي بالعمل النقابي المعروف بسجاليته في نضاله حيث يراهن على المد والجزر على حد سواء حسب الظروف والملابسات . ومن المعلوم أن ثقل الهيئات النقابية يوزن بمدى قدرتها على تعبئة أكبر عدد ممكن من قواعدها ، لأن أعداد وأرقام هذه القواعد هي التي تقض مضاجع المسئولين وتمثل ضغطا بالنسبة لهم يحملهم على التسريع في وتيرة الحوار مع الهيئات النقابية ، وتنكب سبل المماطلة والتسويف وربح الوقت كما هي العادة. ولما كان عدد أطر المراقبة التربوية على الصعيد الوطني ليس بالرقم المقلق بالنسبة للوزارة مقارنة مع أرقام فئات تربوية أخرى فإن ذلك يغريها بتجاهل نقابة المفتشين إلى حد الاستخفاف بهم وبمطالبهم ، ولا أدل على هذا الاستخفاف من اشتراط الجلوس مع نقابة المفتشين تحت مظلة اللجنة العشرية التي من ضمنها هيئات تعتبر خصما وحكما في نفس الوقت .
وأما م هذه الظروف ليس من مخرج سوى ما يعبر عنه بلغة العمل النقابي بالالتفاف حول النقابة ، وهو التفاف مادي ومعنوي ، فإذا كان أعضاء المكاتب الجهوية للنقابة بل وحتى المكتب الوطني يضطرون للإنفاق من مالهم الخاص من أجل التحرك للدفاع عن قضايا الهيئة فهذا لا يؤشر على الالتفاف على المستوى المادي. وإذا كانت اللقاءات سواء على المستوى الجهوي أو الوطني لا تحظى باهتمام القواعد فإن ذلك يؤشر على غياب الالتفاف المعنوي حول النقابة. ولهذا لا بد من غياب العقلية البرغماتية الضيقة التي تسود بعض قواعد الهيئة والمتمثلة في الالتفاف النفعي فقط بل لابد من مواصلة الالتفاف في كل الظروف حول النقابة لأن مصداقيتها تكمن في حجم هذا الالتفاف. ولعل غياب هذا الالتفاف هو الذي أوهم بعض المسئولين سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى الجهوي أو حتى المستوى المركزي في مصداقية ، فظنوا أن نقابة المفتشين دخلت غرفة الإنعاش وهو ما أغرى بعض هؤلاء بالتنمر وإظهار المخالب والأنياب ظنا منهم أن القواعد قد تخلت عن نقابتها ، وأن الفرصة سانحة للعبث بمصالح الهيئة واختصاصاتها. وإن بعث الحياة من جديد في الأشكال النضالية لنقابة المفتشين هو أحد سبل استعادة مجدها وهيبتها ودورها الريادي في صيانة المنظومة التربوية خصوصا في الظروف الراهنة وقد حكم غيرنا على منظومتنا حكما لا يجانب الصواب بعدما صمت الوزارة آذنها عن أجراس الخطر التي قرعتها هيئة المراقبة التربوية منذ انطلاق عشرية الإصلاح والذي كان مع الأسف الشديد انطلاقا غير موفق بسبب انفراد الوزارة بالتخطيط والتشريع والتدبير ، وبسبب تهميش دور المراقبة التربوية وباقي الفعاليات عن طريق تغييب الحوار الجاد والصادق التي يجعل المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار. فكم من فشل في المنظومة التربوية كان بالإمكان تلافيه لو أن الوزارة أصغت بتواضع لنداءات متكررة لهيئة المراقبة التربوية أو نظرت بجدية لما كانت تتضمنه مختلف تقارير هيئة المراقبة على اختلاف تخصصاتها .
ومن هذا المنبر الإعلامي الرائد وجدة سيتي ـ والذي يؤخذ عليه أنه منبر هيئة المراقبة لكثرة مقالات رجال المراقبة فيه بكل اعتزاز وفخر ـ أهيب برجال هيئة التأطير والمراقبة في الجهة الشرقية وفي باقي الجهات بمد نقابتهم بما يلزم من الدماء من أجل أن تحيى وتواصل مشاورها النضالي والإصلاحي في مثل هذا الظرف الدقيق للمنظومة التربوية التي تعتبر مسئولية جميع الفاعلين وعلى رأسهم رجال المراقبة التربوية الذين لا يستخف بدورهم إلا الجاهل بقطاع التربية جهلا مركبا والذي قد تغره بعض الانزلاقات المحسوبة على أصحابها ، أو بعض الممارسات الصادرة عن جهات تتجاوز اختصاصاتها وتستغل الظروف لعرقلة النهوض بقطاع التربية وبالتالي النهوض بقطار التنمية الشاملة والدائمة ، ويكفي أن تسند الأمور إلى غير أهلها لتحين ساعة زوالها.