نعم ، إنهم يسعون جاهدين لتضبيع أبنائنا ، بل و تضبيعنا نحن كذلك ؛ خاصة و قد اجتمعت في أيديهم الآن كل وسائل التوجيه الفعالة من الإعلام و المدرسة .
لكن ، من هؤلاء أولاً ؟
إنهم كل أولئك الجاثون على رقابنا بالرغم عنا .
إنهم اللقطاء المشردون من بني جلدتنا الذين تبنتهم الإدارة الاستعمارية ، و ربتهم على يديها ، و خرجت منهم صناديد المغرَّبين المغرِّبين ؛ ثم مكنتهم من السلطة فكانوا لها نِعْم النواب ، و أخلصوا لها إلى حد لم تكن ربما تتوقعه تلك الأم الحاضنة . فأمسكوا بأزمة السلطة فينا و استبدوا بها بعد أن قضوا على شرفاء المقاومة فخلت لهم الساحة ؛ ثم واصلوا مخططات المستعمر فينا . و بالتالي فإن حتى تعريف الحماية ما يزال ينطبق على وضع المغرب بعد الاستقلال على اعتبار أننا ما نزال نسير وفق التوجيهات الفرنسية في معظم مخططاتنا الاجتماعية و الاقتصادية ــ إن لم أقل كلها ــ مع وجود واجهة توهمنا بأنها منا .
* * * * *
لكن ؛ القول الفصل كان و ما يزال للسادة المعلمين .
لقد بادر رواد الحركة الوطنية الشرفاء إلى تعليم الناس في المساجد و البيوت ، و إحداث المدارس الحرة لمواجهة المدارس الاستعمارية ..؛ و بادر معلمونا ــ جزاهم الله كل خير ــ نحن إلى إبداع ما أمكنهم من البرامج التعليمية التي حاولوا من خلالها سد فراغات البرامج الرسمية و تصحيح ما يعتورها من نقائص و أخطاء ...
و نحن كذلك علينا أن نأخذ بزمام المبادرة ، و نضع لأبنائنا برامج من إبداعنا نسد بها الفراغات و نصحح النقائص و الأخطاء ..، لكي نحفظ بذلك لمغربنا على نخبة من أبنائه تعي أصلها و رسالتها و تحفظ هُويتها من أي مسخ ، و لا تبدل من العهد شيئا .
إننا أيها الإخوة المعلمون لبنة أساسية في بناء المنهاج التربوي ، لا يستطيع أحد أن يستغني عن دورنا ــ على الرغم مما يتبادر إلى بعضهم أن يستعيظ عنا بالحواسيب . لهذا فتمرير رسائل المنهاج و تصحيحها و تقويمها رهين بمبادراتنا نحن ، و نحن فقط ... مما يجعلنا في مرتبة مسؤولية متقدمة عن طبيعة الأجيال التي تمر بين أيدينا .
إنها كلمة واحدة فقط : المبادرة.
فالبدار ، البدار .....