كيف نصبر عند الشدائد والمحـن ؟ - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفــتــر المواعظ والرقائق تعالو بنا نؤمن ساعة ، دعوة إلى وعظ النفوس و ترقيق القلوب بكلام طيب يقربها من خالقها ..

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية nasser
nasser
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,099
معدل تقييم المستوى: 7532
nasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميز
nasser غير متواجد حالياً
نشاط [ nasser ]
قوة السمعة:7532
قديم 31-12-2016, 22:51 المشاركة 1   
وردة كيف نصبر عند الشدائد والمحـن ؟

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ كيــف نصبـر عنـد المحــن؟


كل منا في هذه الحياة قد تعرض لكثير من المصائب والمحن

ولابد ان البعض منا شرب من الهموم والغموم ما الله وحده به عليم

حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت كما يقولون .


وقد تتوالى أحيانا" المصائب والمحن على المرء , فلا يصحو من مصيبة الا والاخرى متشبثة بها !!

وقد لا يرى الفرح والسرور الا نادرا" ,,


ذكر الشافعي رحمه حين عن قلة السرور وكثرة الغموم فقال :

محن الزمان كثيرةٌ لا تنقضي ... وسرورها يأتيك كالأعياد !!

ولأن المصائب أحيانا" قدلا تأتي فرادى قال في ذلك :

تأتي المكاره حين تأتي جملةً ... وأرى السرور يجيء في الفلتات !!


نعم قد تتكالب المصائب على الانسان وتتوالى عليه مجتمعة

و ربما يفقد المرء معها توازنه بعض الشي ,,

ولكن الانسان المؤمن مهما تكاثرت عليه الشدائد والمحن ، نجده واثق برحمة ربه عز وجل متوكل عليه ،متيقن من انفراج الشدة وزوالها حتى في أشد الظروف .

فكل منا معرض لمواجهة الشدائد والمحن ، والعديد من الابتلاءات والامتحانات ،

وعندما تنزل المصائب والمحن والكربات بالانسان فإن الدنيا تظلم أمام عينيه ، وتضيق عليه الأرض بما رحبت ، والناس يختلفون في إستقبال الشدائد فمنهم من يتبرم ويتضجر وييأس ، ويجزع ويفزع ، أما المؤمن فيؤمن بقضاء الله ويسلم الأمر كله له ، ويصبر ويفزع إلى الله بالتضرع والاستعانة بالدعاء يلتمس من المولى عز وجل الفرج ،ويحسن الظن بربه وخالقه ، ودائما" يرى المؤمن الحق بارقة أمل وومضة من نور الفرج في ظلمات المحن والأهوال .

ولكن يبقى السؤال : ماذا يفعل المؤمن لدفع ما ينزل به من الهموم والكدر والأحزان ،وكيف يتصرف في الشدائد والملمات ؟

والاجابة : لابد لنا قبل كل شيء من أن نحسن صلتنا وعلاقتنا بالله سبحانه ، فالله وحده المعين والرابط على القلوبِ والمثبت لها،

ووسائل التقرب والالتجاء إلى الله كثيرة ولا نستطيع أن نُحصيها ، ولكن كل واحد منا أدرى بنفسه وبعيوبها وبما يُصلحها فيجب عليه الإكثار من الوسائل المعينة له على القربِ من الله.

وأتمنى من الجميع إخوة وأخوات أن نتعاون هنا ، لنضع أفضل النصائح ، لكل مؤمن يمر في وقت عسر ، أو حزن أو مرض ، أو نقص في الأموال والرزق ، أو مصاعب تواجهه في حياته ...!!!

ونبدأ بذكر النقطة الأولى :

من أهم الأمور التي تساعد الانسان للخروج من الشدة بسلام :

1- الإيمان المقرون بالعمل الصالح .

2- أن يعلم المسلم بأن الدنيا فانية قليلة المتاع .

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"

3- تحقيق التوحيد لله.

4- تقوى الله ، لقوله تعالى :

" ومن يتق الله نجعل له مخرجا" ويرزقه من حيث لا يحتسب"

5- حسن الظن بالله تعالى وإنتظار الفرج : وتذكر قوله تعالى :

" وإن مع العسر يسرا "

6- التعرف إلى الله والشكر في الرخاء:

إذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة ، ويسخر لكم الأسباب .

ولقوله تعالى :

"فلولا أن كان من المسبحين ، للبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون ".

7- الاستعانة بالصبر والصلاة :

لقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا ، إستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين " .

8- كثرة الاستغفار :

لأن البلاء لا ينزل إلا بذنب ، ودواء الذنوب الاستغفار .

لقوله تعالى :
" إستغفروا ربكم إنه كان غفارا" ، يرسل السماء عليكم مدرارا ،ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا".

9- الدعاء والخشوع والتوجه لله مع الاضطرار والتذلل :

يقول الله تعالى : " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء "

من أهم النصائح المعينة على الصبر و تجاوز الشدائد والمحن

1 - عند نزول المصائب لنردد مرارا"
(لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم )

وحسبنا الله ونعم الوكيل .


يقول الله سبحانه و تعالى :

" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" (157) البقرة .

دعاء :"اللهم يا مفرج الهم فرج همي وكربتي فقد ضاق صدري ونفذ صبري وانت المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله".

2- لنعلم جميعا" أن الله يأجر المؤمن على كل صغيرة و كبيرة في هذه الحياة حتى الشوكة يشاكها المسلم يؤجر عليها.

وعن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " رواه البخاري ..

أخواتي يقول الله تعالى في كتابه الكريم:

(أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلُكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذَكَّرون). {النمل 62}.

ويقول تعالى عن الدعاء:

( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).{البقرة 186}.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(الدعاء هو العبادة).

ثم قرأ: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) غافر60.
رواه أبو داود والترمذي. بإسناد حسن صحيح


لاحظوا معي كيف عبَّرت الآية عن ترك الدعاء بالاستكبار عن عبادة الله عز وجل , وجعلت مصير هؤلاء المستكبرين دخول جهنم داخرين صاغرين.


ويقول أيضاً:

(إن الله حيّي كريم، يستحيي إذا رفع العبد إليه يديه أن يردّهما صفراً خائبتين). رواه أبو داود والترمذي وحسنه.

تنبع أهمية الدعاء من كونه صلةً بين العبد وربه , ليس بينه وبين الله حجاب ,

وعندما يَحسن دعاء المرء ربّه بقلبٍ خاشعٍ وَجِل دون تكلُّف , فإن أبواب السماوات تفتح أمامه ، وتنقشع الحجب عن روحه وقلبه , ليصبح من أهل مقام الإحسان ،

الذي بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:

(الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).متفق عليه

وأن صَلاح جميعِ العبادات والخروج من الأزمات والشدائد متوقّف على صلاح صلة العبد بربه واستشعاره بجلاله وقربه وعظمته , وهو أقرب ما يكون في حالة الدعاء المشتمل على التضرّع والتذلل على باب الرحمن...


الدعاء زوّادة المؤمن يمدّه بالصبر ويشحنه بالرضا بكل ما يقدره الله تعالى,

فعندما يصاب المؤمن بالمصائب والأزمات لن يجد له مدداً ولا عوناً إلا على باب الرحمن , يبثه همومه وآلامه ويشكو إليه حاله

فالمؤمن يطلب من الله وحده أن يفرج كربه ويلهمه الصبر والسلوى, وعندما يصدق في الدعاء سيشعر بشلال من النور يسري في روحه وصدره , فيستعيد قوته ونشاطه وصبره وعزمه وثباته...

وحتى يصل العبد إلى هذه المرحلة من الصدق في الصلة مع الله عز وجل عليه أن يطرق باب الرحمن بالدعاء كل يوم .. وفي جميع أحواله ... !!

كثيرون هم الذين يغفلون عن أهمية الدعاء في حياة المؤمن , فإذا ما أُصيبوا بمصيبةٍ هرعوا فدعوا وتضرّعوا.

لا شكّ أن باب الله تعالى مفتوح دائماً لعباده الملتجئين إليه، ولكن لا شك إيضاً في أن من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد, فليكثر من الدعاء والتسبيح في الرخاء.


فلقد قال الله تعالى عن يونس عليه السلام حين التقمه الحوت:

(فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون).الصافات 143-144

وهنالك أناساً يكثرون من الدعاء ولكنهم لا يعرفون فقه الدعاء وآدابه , .

***** *****
ويشترط لاستجابة الدعاء أن يكون مال المرء حلالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: في الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب..يا رب، مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذّي بالحرام، فأنّى يستجاب له. رواه مسلم عن أبي هريرة رقم 1015

ومن شروط الدعاء أيضاً أن يدعو المرء ربّه بقلب خاشع وجلٍ مستشعر جلال الله وعظمته، وأن يوقن بالإجابة.

اعلمي أختي رعاك الله ، أن ما أصابك لن يزيله عنك إلا من كتبه عليك ...

لذا ليكن الدعاء هو أول الطرق التي تسلكه .. و هو أنجح الطرق التي تطلب ... و أسرعها وصولاً ... و أصوبها سبيلاً ...
ومن الأشياء التي تسلينا و تدلنا إلى سبيل السعادة... هو كيف نرتقي بمستوى سعادتنا المطلوبة... و نغير من خارطة طموحاتنا المرسومة....

فنجعل السعادة الأبدية هي كل مطلبنا ... فلنا أن نتخلص من همومنا العارضة بمقارنتها بهموم أعظم ... و شحن النفس بهمم أعلى ...

و لعل المتأمل لما كان عليه الرسول الكريم و صحبه الكرام رضي الله عنهم...يجد أن هم الدعوة هو كل همهم ... وإبلاغ الدين هو غايتهم ...
فتكبدوا في سبيله الشدائد و المحن.... فأصابهم الهم والنصب والغم و الكرب خلال ذلك الطريق ...
ولكن رغم ذلك نجد بأنهم كانوا سعداء ... والسبب وراء ذلك لأنهم يسيرون في ذلك الطريق الذي تهون و تصغر في سبيله كل مصيبة و كل محنة... إنه سبيل رضا الرحمن الموصل إلى أعالي الجنان.

إن في قصص الأنبياء العبرة و العظة التي تجعلنا نمضي في سبيلنا بلا تردد ... و أن نسير في حياتنا بلا خوف من عوارض الزمان....

فمهما نالتنا الدنيا بشديد مصائبها فهي أقل مما تعرض له الرسل...بل إن في قصصهم عبرة و في انبثاق النور عليهم بعد الكرب فرحة لمن كان مهموم....

فسورة يوسف أيتهــا الإخوات هي خير تصبير للحزين. ..فيها قصص و عبر من ابتلاءات متنوعة ... فيها هموم و أحزان أب .... فلم ييأس وصبر وشكا لمولاه وحده وقال : (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله).


و لعلنا أيضا" إن نظرنا إلى سورة الحشر وتأملنا ، ففي آياتها عرض و نماذج من الابتلاء لكل نبي من الأنبياء .... تمر و تعرج عليهم . ..

فيها وقفات و عضات للمتأمل ...كيف ينبثق النور و كيف تنفك الكروب وكيف ينجي الله عباده الصالحين و لو بعد حين .

عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :

" كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال :

( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .

رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح ".

فمن أخذ بهذا الأحاديث أسقاه الله اليقين و ألبسه الله الرضا و أقنعه الله بالقضاء ....فكن محتسباً لله بالأجر و متمسكاً بالصبر .

و هل هناك أشد مرضاً من نزول المصائب ... و نكد العيش أو وقوع الاكدار ... لنمد أيدينا لضعيف .. ولنواسي محتاج... ولنساعد منكوب ... فقد يدعوا لنا بدعوة تكون هي الفكاك .


عندما نفقد عزيز فالحزن ممكن لفترة ، لكن أولا" وآخرا" يجب علينا الرضا بالقضاء و القدر ... فالنفس تجزع و القلب يدمى و العين تدمع ...

لكن هل نستمر أو هل يعود المفقود أو تمحى الأقدار إن جزعنا...لا ...

فيجب أن لا تأخذنا الأحزان و تجعلنا ننسى أنفسنا و واجباتنا الأخرى... فالاستمرار بالحزن من شأنه أن يولد مشاكل أعم و أكبر و أعظم .

البحث عن طرف آخر خارج نطاق همومنا ... ليسمع منا وينصحنا ويرشدنا ،
فالحديث و التخاطب والاستشارة من العلماء والصالحين هي سبيل مفيد لازالة الهم عن النفس خاصة إذا وافق ذلك إنساناً حكيماً .

حتى لا نقع فريسة للهموم المتراكمة ... فيجب أن نبتعد عن الفراغ الذي يدور بعقولنا في دائرة الهم كما تدور الرحى .... فهي تأكل من أعمارنا و تشل أركاننا .

و نردد " وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " ونتوكل على الله في حل أي مشكلة .


اشغال النفس بالمفيد... ... و إن كانت لا ترغب فيستحسن أن نطوعها بالخير حتى لا تطوعنا للشر وتتملكنا الوساوس.

الاستعانة بالله للثبات ،و العبادة ... و إشغال النفس بحفظ القرآن الكريم و جعل ساعة على الأقل في كل يوم يختلي بها المؤمن مع الله ،

فيذكر الخالق عز وجل ويناجيه ويتوسل ، ويستغفره ، ويجعل له ورد يومي من قراءة القرآن والدعاء ...وتكرار الأدعية والأذكار التي تزيل الكرب مع اليقين بالإجابة ... وذلك لحفظ النفس من كل داء و مصاب و لرفعها عن كل كدر و الاستمرار في ذلك مما يشرح القلب و يزيد من شحنة الإيمان التي هي العون على مصائب الزمان...

الاستعانة بالصلاة وخاصة قيام الليل ، فهي المعينة بعد الله .

عند الاحساس بالظلم والألم والحزن الشديد ، علينا التفكر بحال الفقراء والمنكوبين في بلاد الحرب ... وكيف يعيشون و يعانون ويصبرون على البلاء والاعتبار بما أصابهم ... و مواساتهم ففي ذلك راحة للقلب و تصبير على المصائب .

حضور مجالس الذكر و مخالطة الصالحين ... فمنهم نرى الطريق الصحيح ... و تلك المجالس تحفها الملائكة ... فهناك تلين القلوب وتعظم الهمم و تهون في النفس كل مصيبة...


من فرج هماً لمسلم فرج الله همه يوم القيامة ومن نفس كربة من كربات الدنيا نفس الله له له كربة من كربات يوم القيامة ..

و إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...تلمس هموم المسلمين و ومواساتهم ففيها مواساة للنفس و عون من الله

الاخلاص في العمل والعبادات والقلب والنية والتعامل والأخلاق لنخلص في جميع أعمالنا لله ...و احتساب جميع المصائب عنده ...

و لا ننتظر ممن حولنا الشكر ... و لا نجزع مما أصابنا من الكروب و الهموم ....فهي أحزان الدهر التي تمر و إن احتسبناها أجرنا ...و إن جزعنا منها فقدنا ثواب الصبر و تجرعنا مرارة المصيبة .

مراجعة النفس كل يوم ، وإبقاء الضمير حي دائما" ،

خيبات الأمل تتعدد .... وهي مشاكل تنتج عن خط إيجابي يسير فيه إنسان ... فيصتدم بأن واقعه غير الذي يسير فيه ...

اللهم لاعلم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .









الحمد لله رب العالمين
آخر مواضيعي

0 ​مباراة ولوج سلك أطر التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين - مسلك التعليم الثانوي الإعدادي - دورة أبريل 2024
0 بيان توضيحي - مديرية مولاي يعقوب
0 الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد يهم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض
0 موعد زيادة 10 دراهم في “البوطا”.. هذا تعليق الحكومة
0 الكونفدرالية تتهم الحكومة بالعمل على تفكيك الحركة النقابية وافراغ الحوار من مضمونه .. وتستدعي جهازها التقريري إلى دورة طارئة
0 ​نتائـج الاختبـارات الكتابيـة لمباراة ولوج سلك أطر التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين - مسلك التعليم الثانوي الإعدادي - دورة أبريل 2024
0 مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب
0 زيادة تفوق 1000 درهم... مصادر نقابية تكشف ملامح العرض الحكومي المطروح أمام النقابات في الحوار الاجتماعي
0 مواعيد انعقاد اجتماعات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء المركزية من أجل النظر في جداول الترقي في الدرجة بالاختيار برسم سنة 2022.
0 ​مذكرة رقم 24-156 بتاريخ 23 أبريل 2024 في شأن محاربة التدخين بمؤسسات التربية والتكوين.


nasser
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية nasser

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,099

nasser غير متواجد حالياً

نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى: 7532
Arrow الصبر والصابرين وفوائد المصائب والشدائد
قديم 31-12-2016, 22:54 المشاركة 2   

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ [COLOR="rgb(46, 139, 87)"] في الصبر والصابرين وفوائد المصائب والشدائد .

قال الله تعالى : { وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } .

إلى غير ذلك من الآيات . وصح عنه الأمر بالصبر في أحاديث . وروى أحمد ومسلم وغيرهما من حديث أم سلمة : { ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : { إنا لله وإنا إليه راجعون } اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها } .

وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد { ومن يصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر } وخير مرفوع خبر مبتدإ محذوف تقديره هو خير . وروي " خيرا " قال : { واعلم أن النصر مع الصبر وإن مع العسر يسرا } .

فإذا علم العبد أنه وما يملكه لله سبحانه حقيقة ; لأنه أوجده من عدم ويعدمه أيضا ويحفظه في حال وجوده ، ولا يتصرف فيه العبد إلا بما يتاح له وأن مرجعه إلى الله ، ولا بد فردا كما قال تعالى : { ويأتينا فردا } . [ ص: 188 ]

وقوله { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون } .

وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه . كما قاله وكما قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور } .

وإن الله لو شاء جعل مصيبته أعظم مما هي ، وإنه إن صبر أخلف الله عليه أعظم من فوات مصيبته ، وإن المصيبة لا تختص به فيتأسى بأهل المصائب ، ومصيبة بعضها أعظم ، وإن سرور الدنيا مع قلته وانقطاعه منغص .

وقد روي عن ابن مسعود قال : لكل فرحة ترحة ، وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا وقال ابن سيرين رحمه الله : ما كان ضحك قط إلا كان بعده بكاء . وقد شاهد الناس من تغير الدنيا بأهلها في أسرع ما يكون العجائب .

وقالت هند بنت النعمان بن المنذر : لقد رأيتنا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكا ، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا ونحن من أقل الناس ، وإنه حق على الله أن لا يملأ دارا حيرة إلا ملأها عبرة ، وبكت أختها حرقة بنت النعمان يوما وهي في عزها فقيل : ما يبكيك لعل أحدا آذاك ؟ قالت : لا ، ولكن رأيت غضارة في أهلي وقلما امتلأت دار سرورا إلا امتلأت حزنا .

والغضارة طيب العيش يقول : بنو فلان مغضورون وقد غضرهم الله وإنهم لفي غضارة من العيش ، وفي غضراء من العيش أي : [ ص: 189 ] في خصب وخير قال الأصمعي : لا يقال : أباد الله غضراءهم ، ولكن أباد الله غضراهم ، أي هلك خيرهم وغضارتهم .

وقالت حرقة أيضا : ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه بالأمس . إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في حيرة ، إلا سيعقبون بعدها غبرة . وإن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه ، ثم قالت :
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصف فأف لدنيا لا يدوم نعيمها
تقلب تارات بنا وتصرف


تنصف أي خدم وعلم العبد أن الجزع لا يرد المصيبة بل هو مرض يزيدها ، وإنه يسر عدوه ويسيء محبه ، وإن فوات ثوابها بالجزع أعظم منها ، ومنه بيت الحمد الذي يبنى له في الجنة على حمده واسترجاعه .

وفي البخاري عن أبي هريرة مرفوعا { يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة } وفي الترمذي وقال غريب عن جابر مرفوعا : { يود ناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا ، لما يرون من ثواب أهل البلاء } .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا { ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه } . وعن ابن أبي وقاص رضي الله عنه قال { قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقة خفف عنه ، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض وليس عليه خطيئة } وعن أبي هريرة { بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة } صححهما الترمذي وروى الثاني مالك وأحمد . ورويا أيضا والبخاري عن أبي هريرة مرفوعا : { من أراد الله به خيرا يصيب منه } . [ ص: 190 ] وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن } ورواه مسلم ولأحمد عن أنس مرفوعا { عجبت للمؤمن ، إن الله تبارك وتعالى لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له } . وعن أبي سعيد مرفوعا { أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ، إن كان أحدهم ليفرح بالبلاء ، كما يفرح أحدكم بالرخاء } مختصر من ابن ماجه . وعن شداد مرفوعا { يقول الله عز وجل : إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته ، فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا } رواه أحمد . وعن محمد بن إ**** من أهل الشام يقال له : منظور عن عمه عامر مرفوعا { إن المؤمن إذا أصابه سقم ثم أعفاه الله منه ، كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل ، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه ، فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه } رواه أبو داود ، ولمسلم من حديث عائشة { ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها ، إلا رفعه الله بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة }

وما كفى إن فات حتى عصى بذلك لأنه أسخط ربه ، وفوات لذة عاقبة الصبر واحتسابه أعظم مما أصيب به ، لو بقي وعلم أن في الله خلفا ودركا فرجا الخلف منه .

وقد روى الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي سمعوا قائلا يقول : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، وعلم العبد أن حظه من المصيبة ما يحدثه من خير وشر ، وعن محمود بن لبيد مرفوعا { إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط } إسناده جيد ، وهو إسناد حديث { إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا } ولذاك إسناد آخر . قال البخاري وغيره في محمود له صحبة وقال أبو حاتم وغيره : لا صحبة له رواه الترمذي وأحمد وزاد { ومن جزع [ ص: 191 ] فله الجزع } .

وعن أنس مرفوعا { إن أعظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط } وعنه أيضا { إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه حتى يوافي ربه يوم القيامة } رواهما الترمذي وقال : حسن غريب .

وروى ابن ماجه الأول وروى أحمد الثاني من حديث عبد الله بن مغفل ، وعلم أن آخر أمره الصبر ، وهو مثاب ، وفي الصحيحين من حديث أنس { إنما الصبر عند الصدمة الأولى } وقال الأشعث بن قيس : إنك إن صبرت إيمانا واحتسابا وإلا سلوت البهائم ، وعلم أن الذي ابتلاه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ليمتحن صبره ويسمع تضرعه ، ويخوفه قال الله تعالى : { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } وقال تعالى { وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } .

قال الشيخ محمد بن عبد القادر : يا بني المصيبة ما جاءت لتهلك ، وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك ، يا بني القدر سبع ، والسبع لا يأكل الميتة ، فالمصيبة كير العبد ، فإما أن يخرج ذهبا أو خبثا كما قيل :
سبكناه ونحسبه لجينا فأبدى الكير عن خبث الحديد
اللجين الفضة جاء مصغرا مثل الثريا وكميت ، وعلم أنه لولا المصائب لبطر العبد وبغى وطغى فيحميه بها من ذلك ويطهره مما فيه ، فسبحان من يرحم ببلائه ، ويبتلي بنعمائه كما قيل : [ ص: 192 ]
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم


واعلم أن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة والعكس بالعكس ، ولهذا قال : عليه السلام { الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر } وقال : { حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات } ومعلوم أن العاقل من احتمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد .

وذل ساعة لعز الأبد ، هذا من لطف الله به حتى نظر في العواقب والغايات ، والناس إلا من عصم الله آثروا العاجل لمشاهدته وضعف الإيمان ، وعلم أنه يحب ربه وأن المحب وأنه إن أسخطه فهو كاذب في محبته ، ولهذا كان عمران بن حصين رضي الله عنه يقول في مرضه : أحبه إلي أحبه إليه ، وكذا أبو العالية وقال أبو الدرداء : رضي الله عنه إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به ، وعلم أن مراتب الكمال منوطة بالصبر والعكس بالعكس ، وأقل الأحوال أن لا يتهم ربه في قضائه له .

كما روى أحمد حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح أنه سمع جنادة بن أبي أمية يقول : سمعت عبادة بن الصامت يقول : إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { يا نبي الله أي العمل أفضل ؟ قال : الإيمان بالله وتصديق به و**** في سبيله ، قال : أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال : السماحة والصبر قال : أريد أهون من ذلك يا رسول الله قال : لا تتهم الله في شيء قضي لك } ابن لهيعة فيه كلام مشهور . وعن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده مرفوعا { أن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها ، ابتلاه الله تعالى في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل } رواه أحمد أبو داود ، وعن شيخ من بني مرة عن بلال بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى مرفوعا { لا يصيب المؤمن نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر } رواه الترمذي وقال : غريب .

فإذا علم العبد هذه الأمور نظر فيها وتأملها صبر واحتسب وحصل له من [ ص: 193 ] خير الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه ، والناس في هذا متفاوتون كغيره من الأمور وسيأتي آخر فصول التداوي . ( فصل في داء العشق ) له مناسبة وتعلق بهذا ، والله أعلم ، وليس بجيد ما أنشده محمد بن داود الظاهري لنفسه :


يقولون لي في الصبر روح وراحة ولا عهد لي بالصبر مذ خلق الحب
ولا شك أن الصبر كالصبر طعمه وإن سبيل الصبر ممتنع صعب
وقد قال أبو الفرج بن الجوزي في كتابه : السر المصون اعلم أن من طلب أفعاله من حيث العقل المجرد ، فلم يجد يعترض ، وهذه حالة قد شملت خلقا كثيرا من العلماء والجهال أولهم إبليس ، فإنه نظر بمجرد عقله فقال : كيف يفضل الطين على جوهر النار ؟ وفي ضمن اعتراضه أن حكمتك قاصرة وأن رأيي أجود ، فلو لقيت أنا إبليس كنت أقول له : حدثني عن فهمك هذا الذي رفعت به أمر النار على الطين ، أهو وهبه لك أم حصل لك من غير موهبته فإنه سيقول : وهب لي ، فأقول : أفيه لك كمال الفهم الذي لا تدركه حكمته فترى أنت الصواب ، ويرى هو الخطأ ؟ وتبع إبليس في تغفيله واعتراضه خلق كثير مثل ابن الراوندي والمعري ومن قوله :
إذا كان لا يحظى برزقك عاقل وترزق مجنونا وترزق أحمقا
فلا ذنب يا رب السماء على امرئ رأى منك ما لا يشتهى فتزندقا


وكان أبو علي بن مقلة يقول :
أيا رب تخلق أقمار ليل وأغصان بان وكثبان رمل [ ص: 194 ]
وتبدع في كل طرف بسحر وفي كل قد وسبق بشكل
وتنهى عبادك أن يعشقوا أيا حاكم العدل ذا حكم عدل


وكان أبو طالب المكي يقول : ليس على المخلوق أضر من الخالق قال ابن الجوزي : دخلت على صدقة بن الحسين الحداد وكان فقيها غير أنه كان كثير الاعتراض ، وكان عليه جرب فقال : هذا ينبغي أن يكون على جمل لا علي ، وكان يتفقده بعض الأكابر بمأكول فيقول : بعث لي هذا على الكبر وقت لا أقدر آكله ، وكان رجل يصحبني قد قارب ثمانين سنة كثير الصلاة والصوم فمرض واشتد به المرض فقال لي : إن كان يريد أن أموت ، فيميتني ، فأما هذا التعذيب فما له معنى .

والله لو أعطاني الفردوس كان مكفورا . ورأيت آخر يتزيا بالعلم إذا ضاق عليه رزقه يقول أيش هذا التدبير ؟ وعلى هذا كثير من العوام إذا ضاقت أرزاقهم اعترضوا ، وربما قالوا : ما تريد نصلي . وإذا رأوا رجلا صالحا يؤذى قالوا : ما يستحق ، قد حاف القدر ، وكان قد جرى في زماننا تسلط من الظلمة فقال بعض من يتزيا بالدين : هذا حكم بارد ، وما فهم ذاك الأحمق أن الله يملي للظالم . وفي الحمقى من يقول : أي فائدة في خلق الحيات والعقارب ، وما علم أن ذلك أنموذج لعقوبة المخالف وبلغني عن بعض من يتزيا بالعلم أنه قال : اشتهيت أن يجعلني وزيرا فأدبر . وهذا أمر قد شاع فلهذا مددت النفس فيه .

واعلم أن المعترض قد ارتفع أن يكون شريكا وعلا على الخالق بالتحكم عليه ، وهؤلاء كلهم كفرة ; لأنهم رأوا حكمة الخالق قاصرة . وإذا كان توقف القلب عن الرضا بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج عن الإيمان .

قال تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } . [ ص: 195 ]

فكيف يصح الإيمان مع الاعتراض على الله تعالى ؟ وكان في زمن ابن عقيل رجل رأى بهيمة على غاية من السقم فقال : وا رحمتي لك ، وا قلة حيلتي في إقامة التأويل لمعذبك . فقال له ابن عقيل : إن لم تقدر على حمل هذا الأمر لأجل رقتك الحيوانية ، ومناسبتك الجنسية ، فعندك عقل تعرف به تحكم الصانع ، وحكمته توجب عليك التأويل ، فإن لم تجد استطرحت لفاطر العقل ، حيث خانك العقل عن معرفة الحكمة في ذلك .

واعلم أن رضا العقل بأفعال الخالق سبحانه وتعالى أو في العبادات أشدها وأصعبها . ثم ذكر كلام ابن عقيل وفيه : وقد نبهنا على العجز عن ملاحظة العواقب فقال تعالى : وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم .

ففي عقولنا قوة التسليم وليس فيها قدرة الاعتراض عليه . وقد يدعو الإنسان فلا يجاب فيندم ، وهو يدعى إلى الطاعة فيتوقف ، فالعجب من عبيد يقتضون الموالي اقتضاء الغريم ، ولا يقتضون الغريم ولا يقتضون أنفسهم بحقوق الموالي .

قال ابن الجوزي : ومن تأمل دقائق حكمته ومحاسن صفاته أخرجه حبه إلى الهيمان فيه ، فإن المعاني المستحسنة تحب أكثر من الصور ، ولهذا تحب أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم لمعانيهم لا لصورهم ، فكيف لا تقع المحبة المختصة بالكمال المنزه عن نقص ؟ فوا أسفا للغافلين عنه ، ووا حسرتا للجاهلين به .

وقال ابن الجوزي قبل ذلك : من نظر إلى أفعاله بمجرد العقل أنكر ، فأما من علم أنه مالك وحكيم ، وأن حكمته قد تخفى سلم لما لم يعلم علته بأفعاله مسلما إلى حكمته .

وقد قال بعض الحكماء : من لم يحترز بعقله من عقله هلك بعقله . وهذا [ ص: 196 ] كلام في غاية الحسن ، فإنا إذا قلنا للعقل هو حكيم قال : لا شك في ذلك ; لأني قد رأيت عجائب أفعاله المحكمة فعلمت أنه حكيم ، فإذا رأيت ما يصدر ما ظاهره ينافي الحكمة ، نسبت العجز إلي ، ولو لم يكن في ذلك إلا أن المراد تسليم العقول لما ينافيها ، وذلك عبادة العقول قال : وصار هذا كما خفي عن موسى حكمة فعل الخضر ، وقد يخفى على العامي ما يفعله الملك فقد قال المتنبي :
يدق عن الأفكار ما أنت فاعل


وقال ابن عقيل في الفنون : الواحد من العوام إذا رأى مراكب مقلدة بالذهب والفضة ، ودورا مشيدة مملوءة بالخدم والزينة قال : انظر إلى ما أعطاهم مع سوء أفعالهم ، ولا يزال يلعنهم ويذم معطيهم ويسقف حتى يقول : فلان يصلي الجماعات والجمع ، ولا يذوق قطرة خمر ، ولا يؤذي الذر ، ولا يأخذ ما ليس له ، ويؤدي الزكاة إذا كان له مال ، ويحج ويجاهد ، ولا ينال خلة بقلة ، ويظهر الإعجاب كأنه ينطق عن تخايله أنه لو كانت الشرائع حقا لكان الأمر بخلاف ما نرى ، وكان الصالح غنيا والفاسق فقيرا . ما ذاك إلا لأنه لحظ أن الله أعطى هذا أموال الأيتام والوقوف ، بأن يأكل الربا ويفاسد العقود ، وهذا افتئات وتجوز وسخط في غير موضعه .

فإن لله كتابا قد ملأه بالنهي وحرمان أخذ المال الحرام وأكله بغير حق ، فلو كان منصفا لقال له تدبر هذا كتاب الله مملوء بالنهي والوعيد ، فصار الفريقان ملعونين ، هذا بكفره وهذا بارتكاب النهي . ومن الفساد في هذا الاعتقاد أنه لا يبقي في العقل ثقة إلى دلالة قامت على شريعة أو حكم .

فإن ينبوع الثقة ومصدرها إنما هو من قبيل أنه سبحانه لا يؤيد غير الصادق ، ولا يلبس الحق بالباطل .

فإذا لم تستقر هذه القاعدة فلا ثقة وقال أيضا : إذا تأمل المتدين أفعال الخلق في مقابلة إنعام الحق استكثر لهم شم الهواء ، واستقل لهم من الله سبحانه أكثر البلاء ، إذا رأى هذه الدار المزخرفة بأنواع الزخاريف ، المعدة لجميع التصاريف واصطباغا وأشربة وأدوية ، وأقواتا [ ص: 197 ] وإداما وفاكهة ، إلى غير ذلك من العقاقير ، ثم إرخاء السحاب بالغيوث في زمن الحاجات ثم تطييب الأمزجة وإحياء النبات ، وخلق هذه الأبنية على أحسن إتقان ، وتسخير الرياح والنسيم المعد للأنفاس ، إلى غير ذلك من النعم ، ثم نعمة العقل والذهن ثم سائر الآيات الدالة على الصانع ، ثم إنزال الكتب التي تحث على الطاعات وتردع عن المخالفة ، ثم اللطف بالمكلف ، وإباحة الشرك مع الإكراه ، وأمر بالجمعة فضايقوه في ساعة السعي بنفس ما نهى عنه من البيع في أنواع العبادات ، وعظموا كل ما هونه وارتكبوا كل ما هونه حتى استخفوا بحرمة كتابه ، فأنا أستقل لهم كل محنة .

وقال أيضا : لا تتم الرجلة في العبد حتى يكون في مقام اختلال أحواله ، وإشباط أخلاطه وأفراحه ، وتسلط أعدائه ثابتا بثبوت المتلقي والمتوقي ، فيتلقى النعم بالشكر لا بالبطر ، متماسكا عن تحرك الرعن ، وعند المصائب مستسلما ناظرا إلى المبتلى بعين الكمال ، وعند اشتطاط الغضب متلقيا بالحكم ، وعند الشهوات مستحضرا للوعد والوعيد ، فسبحان من كمن جواهر الرجال في هذه الأجساد ، ثم أظهرها بابتلائه ليعطي عليها جزيل ثوابه ، ويجعلها حجة على بقية عباده .

وقال : زنوا أنفسكم : من المبادئ ماء وطين ، وفي الثواني ماء مهين ، وفي الوسط عبيد محاويج لو حبس عنكم نسيم الهواء لأصبحتم جيفا ، ولو مكنت منكم البقوق عن السباع لأكلتكم ، كونوا متعرفين لا عارفين .

وقال لنا : عندك ذخائر وودائع بالله لا تضعها في الترهات ، ودموع ودماء ونفوس ، بالله لا تجري الدموع إلا على ما فات ويفوت ، ولا ترق الدماء ، إلا في مكافحة الأعداء ، وإعلاء كلمتنا ، وأنفاس من نفائس الذخائر ، فبحقنا لا تتنفس الصعداء إلا في الشوق إلينا ، والتأسف علينا . [ ص: 198 ] كم نخلع عليك خلعة نفيسة تبذلها في الأقذار ، وتخلقها في خدمة الأغيار ، اشتغلت بالصور ، شغل الأطفال باللعب ، فاتتك أوقات لا تتلافى إلى أن قال : فإن كسرنا عليك لعبة مثل أن نسلبك ولدا منحناه ، أخذت تضيع الدموع وتخرق الجيوب ، وا أسفا على أوقات فاتت ، أما رأيت المتداركين هذا يقول : هلكت وأهلكت ، وهذا يقول : زنيت فطهرني ، زاهدا في مصاحبة نفس خائنة فيما عاهدت ، وصاحب الشرع يقيم لها التأويل ويقول : " لعلك قبلت " وذاك مصر على التشفي من النفس المخالفة للحق ، أتراه سلط هذه البلاوي إلا ليظهر هذه الجواهر في الصبر عليه والغيرة ؟ ترى لو دام الخليل والذبيح في كتم العزم ، كان وجد لأخذ قدم ، إلى أن قال : فصار الولد كالشاة المعدة للذبح . أخجل والله هذا الجوهر الذي أظهره الامتحان ملائكة الرحمن .

{ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح } . أين التسبيح من عزم الذبح وبذل الذبيح ؟ لقد تركت هذه المكارم رءوس الكل منكسة خجلا ببخلهم شاة من أربعين ، ونصف دينار من عشرين . وتعجب من قول الدبوسي الحنفي : إن الدنيا دار جزاء لحق الآدمي ، فأما لحقه فيتأخر إلى الآخرة ، وإن هذا خلاف العقل والشرع انتهى كلامه . قال تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } وقال تعالى : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } .

وقيل لأبي سليمان الداراني ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساءهم ، قال : إنهم علموا أن الله إنما ابتلاهم بذنوبهم . وقرأ هذه الآية . ولابن ماجه [ ص: 199 ] والترمذي من حديث أنس { كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } ولأحمد عن ابن عباس مرفوعا { ما من أحد إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ليس يحيى بن زكريا } وللترمذي وقال : حسن صحيح عن ابن عباس { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم }
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك إلا ألما
.
[/COLOR]

الحمد لله رب العالمين

ملاك أم يحيى
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية ملاك أم يحيى

تاريخ التسجيل: 5 - 12 - 2007
السكن: دنيا الله
المشاركات: 1,055

ملاك أم يحيى غير متواجد حالياً

نشاط [ ملاك أم يحيى ]
معدل تقييم المستوى: 306
افتراضي
قديم 01-01-2017, 00:19 المشاركة 3   

عند الاحساس بالظلم والألم والحزن الشديد ، علينا التفكر بحال الفقراء والمنكوبين في بلاد الحرب ... وكيف يعيشون و يعانون ويصبرون على البلاء والاعتبار بما أصابهم ... و مواساتهم ففي ذلك راحة للقلب و تصبير على المصائب .

كلام جميل اللهم ارزقنا الثباتوارزقنا حبك يا ألله

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1868
افتراضي
قديم 30-06-2019, 10:29 المشاركة 4   

  • بـــــوركـــت و بـــــوركـــت كــل جـهــودك
  • بـــــوركـــت و بـــــوركـــت كــل جـهــودك
    • بـــــوركـــت و بـــــوركـــت كــل جـهــودك
      • بـــــوركـــت و بـــــوركـــت كــل جـهــودك
        • بـــــوركـــت و بـــــوركـــت كــل جـهــودك

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« رفقا بالقوارير | كوني كالاْحرف الابجدية »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عشرة مفاتيح للفرج بعد الشدائد naima zahiri دفــتــر المواعظ والرقائق 2 28-04-2016 17:04
رسمياً .. مستر بي يعلن دخوله كشريك في ميلان ..! nasser دفاتر أخبار الرياضة 1 02-05-2015 19:19
مستر بين ملك الكوميديا الصامتة يُعلن إسلامه abo fatima دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 0 02-10-2013 20:02
hello مستر بوش..... mohanad13 دفاتر المواضيع العامة والشاملة 0 17-03-2009 22:00


الساعة الآن 23:06


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة