تقرير المجلس الأعلى للتربية
والتكوين على المحك
الى الاخوة في موقع دفاتر
إنه أول تقرير يصدره المجلس الأعلى للتربية والتكوين،تقرير يتناول فيه أصحابه تشريحا مستفيضا حول ما آلت إليه الأوضاع في القطاع ، مشيرا بالدقة المتوخاة عن المعوقات التي حالت دون تقدمه في إطار ما ينشده المغاربة قاطبة، وتقديمه أمام كل أطياف نساء ورجال التعليم قصد مناقشته واقتراح حلول وبدائل قصد الخروج من الأزمة التي يعانيها. فبالرغم من المجهودات الرامية إلى تفعيل كل بنود الميثاق الوطني بشكل محكم ،وتجنيد كل الطاقات المادية منها والبشرية واعتبار التعليم أولوية بعد الوحدة الترابية كما جاء ذلك في خطاب الملك في عدة مناسبات فقد صنف المغرب في مرتبة مخجلة. ، حيث تدحرجت المستويات التعليمية على مستوى اللغات والمواد العلمية ما بعد مرحلة بوكماخ إلى ما سمي لدى صندوق النقد الدولي بالطريق الغير المسلوك ليطرح السؤال من جديد هل سيبقى تعليمنا يعاني التخلف واللامبالاة؟.كذلك جاء التقرير ليدق ناقوس الخطر وإعطاء الشرارة الأولى لانطلاق عملية الإصلاح مرة أخرى؟؟؟؟؟؟؟.
تعليمنا لم يسلم من الهدر المدرسي فمئات التلاميذ تغادر المدرسة كل سنة،تشكل الفتاة القروية جزءها الأكبر حددها التقرير في 390000 تلميذ يوجدون بكل أسف خارج أسوار المؤسسات التعليمية أكثر من نصفهم في المرحلة الابتدائية ،ونسب التكرار مرتفعة جدا حددت في %17َ فمن أصل 100 تلميذ مسجل بالأولى اابتدائي 13 فقط منهم يحصلون على البكالوريا وجاء التقرير ليذكر بالأوضاع الكارثية التي يعانيها القطاع من بنيات تحتية جد هشة وقلة الوسائل ومحدودية انخراط الفاعلين الجمعويين بكثافة في الإصلاح،ومحدودية المبادرة عند النواب ومديري الأكاديميات والعقليات المتخلفة السائدة وكذا لوبيات الفساد التي تحارب كل إصلاح،تعليمنا تواجهه صعوبات في تحقيق الوظيفة التربوية للمدرسة بالنظر إلى محدودية ترسيخ قيم الحقوق والمواطنة واحترام الآخر ما يفتح المجال على مصراعيه لبروز سلوك العنف والغش بأنواعه والإضرار بالملك العام ،وعلى مستوى نساء ورجال التعليم شهدت سنوات 06-07-08 تحركات لنقابات جديدة وحركات احتجاجية لتكسر صمت النقابات الأكثر تمثيلية الموقعة على سلم اجتماعي غير محسوب العواقب، فلم تمر السنة الواحدة دون إشهار التنديدات والبلاغات والإعلان عن الوقفات والاعتصامات والتهديد بالمزيد من التصعيد، فلا التدخل العنيف أفلح في تهدئة الوضع ولا الاقتطاعات من الأجور نجحت في إضعاف المحتجين وتخويفهم ،أمام هذا الوضع اجتمع أصحاب الحوار الاجتماعي لتدارس ملفات المطالب المادية إلى جانبها ملفات تطرح لأول مرة من قبيل تزوير النقط الإدارية عقب الترقية الداخلية حيث دخل الفساد من بابه الواسع وفتح المجال لمئات الطعون لموسم06-07. ومطالب نساء ورجال التعليم من زيادة في الأجور وتسوية ملفات الترقيات وأنظمة التقاعد وغيرها، لازالت هذه الملفات مطروحة بشكل قوي بالرغم من جلسات الحوار التي تقودها النقابات ذات التمثيلية والحكومة
ونظرا للتراجعات الذي يعانيها القطاع تشكلت لجن نقابية وجمعوية و أعلنت عن وقفات أمام مبنى وزارة التربية الوطنية شعارها الكبير "الدفاع عن المدرسة العمومية"وبات سؤال تحديد المسؤوليات يلوح في الأفق بحيث أصبحت المدرسة خارج سياق المجتمع المغربي بالرغم من حداثة منظومتها التربوية وعوض أن تلعب دورها الحقيقي في التنمية باتت سببا رئيسا في المغادرة المبكرة من المؤسسات إلى الشارع وإنتاج خريجين جامعيين لا يصلحون إلا للاحتجاج والمسيرات في شوارع الرباط.
ويبدو أن تقرير المجلس الأعلى للتعليم جاء بتشريح شامل ولأول مرة دون خجل وبكل جرأة عن قطاع التربية والتكوين.الآن وقد وصل المتتبعون والمهتمون إلى وعي شامل لوضعية مقلقة والى قناعات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وبالطبع هذا لا يكفي فتعليمنا محتاج أكثر ليس إلى ميزانية ضخمة فقط ولا إلى تخطيطات تسوى داخل بنايات مغلقة وترسل إلى الأكاديميات والنيابات قصد التنفيذ بل إلى روح مفعمة بحب هذا الوطن روح التمسك بالواجب كل من جانبه فلا يمكن أن نتهم أحدا غير الأستاذ إذا لم يتمكن التلميذ من القراءة والكتابة وهو في آخر مستوى له ومطالب با جتياز امتحان المستوى السادس.والحقيقة أن رجل تعليم لا يمكنه أن يجازف بمصير تلميذ بريء ولا يمكنه أن ينتقم منه لمجرد أن النقابات تفشل إلى حد ما في تلبية جزء من مطالبه،للأسف هناك حالات محدودة يجب رصدها تتلاعب بمصائر أجيال مرت وهناك حالات محدودة أيضا يجب ضبطها تطبعها اللامبالاة والاستهتار وهناك حالات مسنودة من طرف جهات لاتشتغل في الوقت الذي يعاني منه آخرون من الاكتظاظ ما ينعكس سلبا على الناشئة،.ومن الجشع أن نلاحظ بعض الأساتذة المنعدمي الضمير يثقلون كاهل تلامذتهم من أجل الساعات الإضافية تحت الضغط بطرق خسيسة دون مراعاة ظروفهم الاجتماعية القاسية في غالب الأحيان. هذا الفساد المستشري لا يحتاج إلى ميزانية مالية وانتظار مصادقة عليها من طرف جهاز البرلمان بل إلى تظافر الجهود من أجل تطبيق وفرض القانون.
وإذا كان للإدارة دور ايجابي في التسيير والتدبير بما يخدم المصلحة العليا بكل ديمقراطية وشفافية بغية الارتقاء بالقطاع فإن الحالة العامة للإدارة لازالت تعاني التخلف على مستوى التأطير والمواكبة،بل بدأت تظهر حالات للرشوة والزبونية وسوء المعاملة ولعل حالات الانتقالات والالتحاق بالأزواج والانطباعية في تقييم الأساتذة والطعون التي قدمها نساء ورجال التعليم لدليل على ما آل إليه الوضع من فساد ، فخلق آليات جديدة للمراقبة وجهاز مستقل يبث في المخالفات والخروقات بات ضروريا لتشتيت لوبيات تنتعش من الوضع القائم.ونظرا لدور المجالس التعليمية : المجلس التربويومجلس الأقسام ومجلس التدبير وغيرها من أهمية قصوى فلابد من إعطائها السبل الكفيلة من دعم مادي ومعنوي للنهوض بالمهام المطروحة عليها و تحميلها المسؤولية في وضع خططها وتصوراتها و اتخاذ قراراتها عوض عدم تجاوز هذه المجالس عتبة الشكل ودون مضمون يذكر.
ويعتبر المتعلم جزء أساسي في العملية التعليمية بل يوجد في قلب الاهتمام في منظور الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وعليه يجب العناية به على جميع المستويات من تطبيبه على المستوى العضوي والنفسي وتجهيز الفضاء المدرسي بما يخدم شخصيته وما يحبب لديه المدرسة وقد لا يتأتى هذا إلا بتعاون مع القطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني خصوصا جمعيات وفدراليات آباء وأولياء التلاميذ فلا يمكن أن نتصور مدرسة يمكن أن تلعب دورها المندمج في المجتمع وهي لا تتوفر على ماء وكهرباء،وفي هذا الصدد لا بد أن تضع الجماعات المحلية المؤسسات التعليمية ضمن تصوراتها بل جعل المدرسة أولية أولوياتها .
وللمتتبع أن يلاحظ أن الحكامة في تدبير الشأن العام في قطاع التربية والتكوين شرط أساسي فقبل رصد الميزانيات وإن كان الجانب المالي محرك أساسي لأي مجال تنموي فلا يمكن أن نتجاهل الجانب الآخر جانب تخليق قطاع التعليم في التدبير المالي وتحمل المسؤولية كاملة وتطبيق القانون ،فقراءة وضع التعليم لا يجب أن تطبعه النظرة التجزيئية وتجريده عن طابعه السوسيو اقتصادي ، كذلك لا يمكن الارتقاء بالتعليم دون الاعتناء بأركانه الأساسية المتمثلة في التلميذ والأستاذ والفضاء.
المجلس الاعلى للتربية والتكوين على المحك
المواضيع المتشابهه
