ما حكم العبادة إذا اتصل بها الرياء ؟
المفتي : فتوى للشيخ / ابن عثيمين رحمه الله تعالى
الجــواب:
اتصال الرياء على ثلاثة أوجه : الوجه الأول : أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل ، كمن قام يصلي لله مراءاة الناس ، من أجل أن يمدحه الناس على صلاته ، فهذا مبطل للعبادة . الوجه الثاني : أن يكون مشاركا للعبادة في أثنائها ، بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ، ثم طرأ الرياء في أثناء العبادة ، فهذه العبادة لا تخلو من حالين : الحال الأولى : ألا يرتبط أول العبادة بآخرها فأولها صحيح بكل حال وآخرها باطل ، مثال ذلك رجل عنده مائة ريال يريد أن يتصدق بها فتصدق بخمسين منها صدقة خالصة ، ثم طرأ عليه الرياء في الخمسين الباقة ، فالأولى صدقة صحيحة مقبولة ، والخمسون الباقية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص . الحال الثانية : أن يرتبط أول العبادة بآخرها ، فلا يخلو الإنسان حينئذ من أمرين : الأمر الأول : أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه بل يعرض عنه ويكرهه ، فإنه لا يؤثر شيئا لقوله صلى الله عليه وسلم : « إن الله تجاوز عن أمتي ما تحدث به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم » . الأمر الثاني : أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه ، فحينئذ تبطل جميع العبادة لأن أولها مرتبط بآخرها ، مثال ذلك أن يبتدئ الصلاة مخلصا بها لله تعالى ، ثم يطرأ عليها الرياء في الركعة الثانية فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها . الوجه الثالث : أن يطرأ الرياء بعد انتهاء العبادة فإنه لا يؤثر عليها ولا يبطلها لأنها تمت صحيحة فلا تفسد بحدوث الرياء بعد ذلك . وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته ؛ لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة وليس من الرياء أن يسر الإنسان بفعل الطاعة ؛ لأن ذلك دليل إيمانه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن » ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : « تلك عاجل بشرى المؤمن » .