حكومة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
الجمعة 15 يناير 2016 09:30
رضوان المسكيني
مازلت أتذكر ما قاله أستاذ الفلسفة ذات يوم داخل المدرج ، في أيام كان التعليم يتمتع بقيمة حقيقية ، "مستقبل الشعوب والأمم رهين بمعرفة تاريخها " ، من هنا نستشف أن تقدم البلدان ورقيها راجع بالأساس إلى الدراسة والتعمق في تاريخها،وهو الأمر الذي قد يساعدها على تجاوز العقبات الكأداء التي قد تواجهها، انطلاقا من كيفية تصحيح الثغرات في المحن والبلايا التي عاشتها.
إن مفهوم التاريخ يعالج الوجود البشري التاريخي، كسيرورة تاريخية جماعية ممتدة في الزمان. والقول بأن الإنسان كائن تاريخي، يعني نفي فكرة الثبات والسكون، واستقلال الإنسان بذاته. وتأكيده لفكرة التطور، وتفاعل الإنسان مع المحيط الطبيعي والاجتماعي ودوره فيهما كذات فاعلة تؤمن بالتعايش وتحبذ السلم الاجتماعي. فهل أدركت هذا حكومة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
فإذا ما رجعنا للقولة أعلاها فما علينا إلا أن نستحضر أهم أحداث السنة الماضية(داعش- إيبولا- فيضانات الجنوب-فاجعة طنطان- موازين و فضيحة لوبيز- تسريب الباك- مسجدالحسن الثاني وقصة الفار-فضيحة اوزين والكراطة – الخلفي وكلمة" كلير" - الكروج والشكلاطة –"وزير التعليم لا يتكلم العربية" جوج فرانك - 22 ساعة - تأخر أمطار الرحمة- تمرير نظام التقاعد الجائر وختموها بضرب الأساتذة المتدربون ....)
ختامها مسك عفوا " دم" ، لغة الاستقواء يا للعار في الخميس الأسود الذي أهدرت فيه كرامة من كاد أن يكون رسولا .الكثير من الأسئلة تتلاقح في مخيلة كل مغربي يتمتع بفن الإدراك ، أن خيوط اللعبة محبوكة فقط لاغتيال التعليم العمومي، ومنعِ الأجيالِ الصاعدة من حقّ المعرفة، وترك الساحة فارغة للوبيات التعليم الخصوصي الذي أثقل كاهل المواطن المغربي.وبالمختصر المفيد وداعا أيها التعليم العمومي وداعا أيتها المدارس العمومية التي أنجبت مثل المفكرين"المنجرة وعابد الجابري".
هؤلاء اللذين الذين ساهموا في مدبحة المدرسة العمومية لم يحصدُوا كلُّهم مَلاييرهم بعَرَقِ الجبين، وبالصّدق، واحترامِ القانون، بل بالرّيع، والتّحايُل، والالْتفافِ على المستضعَفين، وضدّ المثقّفين، والفنّانين، وكلِّ ما هو إبداع في إبداع.فأين المغرب من حقوق الإنسان ؟ أين هو احترام الدستور؟أين......؟ ثم أين......وإلى أين يا حكومة 2 فرانك ؟
جل المغاربة يرددون أغنية سعيدة فكري " سالوني علعذاب" في صمت ودون دموع ، إلا ثلة هؤلاء.
في الثامن من يناير من سنة 2004 نصب عاهل المغرب هيئة الإنصاف والمصالحة، كخطوة أولى للمصالحة مع من طالهم التعذيب، ضحايا سنوات الرصاص، في بادرة لتأسيس عهد جديد قوامه الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن ما نراه اليوم من تنكيل وقمع لحرية التعبير، وإهانة لكرامة الإنسان، يتنافى كل التنافي مع ما جاءت من أجله الهيئة، ومع ما نص عليه الفصل 22 من الدستور المغربي والذي مفاده"لا يجُوز المسّ بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة.
لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مُهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية.
ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون.
من سنعاقب وزير الداخلية أم العدل أم رئيس الحكومة الغاشمة أم وزير التعليم الهرِم؟
المدرسة العمومية تعاني الاكتظاظ وهي في حاجة ماسة لهؤلاء الشباب الذين بإمكانهم أن يعيدوا لها الحياة.
المرسومان ليسا قرآنا منزلا فافتحوا باب الحوار وحاولوا إيجاد حل لهم فالكل يعلم أن الملف يحمل بين طياته رغبة وإرادة سياسية لها نية مبيتة في الإجهاز على المدرسة العمومية برمتها.
فإذا كانت منحة القضاة المتدربون تقدر ب:7000درهم بعد أن كانت 4000 درهم العام الماضي والأستاذ المتدرب يتم خصم منحته إلى أكثر من 52% أي من 2450 إلى 1200 درهم، فهل قطاع التعليم أقل أهمية؟؟؟ إن رد المستشارة الألمانية على إضراب القضاة من أجل مساواة أجورهم بالأساتذة، كان واضحا بعبارة أقنعت الجميع وبقيت منقوشة في ذهن الصغير والكبير وهي:" لا مساواة مع من علموكم"فعلا هي ذي دولة الحق والقانون. ومادمت في المغرب لا تستغرب، لأنه لا خير ولا مستقبل لدولة لا تكرم ولا تحترم أساتذتها فالتاريخ يشهد عليكم يا حكومة النهي عن المعروف والأمر بالمنكر فلكم يوم وللمغاربة سنين