العدد : 7310 - السبت 24 يناير 2009
وأفاد بلاغ للنقابات الثلاث المضربة، توصلت "المغربية" بنسخة منه ظهر أمس، أن "التقارير الأولية، الواردة من مختلف الفروع والقطاعات تشير إلى أن الإضراب الوطني شهد نجاحا كبيرا، إذ تجاوزت النسبة العامة للمشاركة 80 في المائة، رغم المحاولات المكثفة، لبعض الجهات الرسمية، أو تلك المحسوبة على الحكومة والضغوطات المباشرة وغير المباشرة، التي سُجلت في بعض الإدارات المركزية، للتضييق على ممارسة هذا الحق المكفول دستوريا".
وتعذر على "المغربية" أخذ معطيات ونسب المشاركة من الوزارة المنتدبة لدى الوزارة الأولى المكلفة بتحديث القطاعات العامة، رغم الاتصالات المتكررة، طيلة صباح أمس وأول أمس إلى غاية منتصف النهار، إذ ظلت هواتف المعنيين المحمولة، ترن من دون رد، فيما كان كل موظف يحيلنا على آخر دون جدوى، وأشار أحدهم إلى أن الوزارة لم تجمع بعد الإحصائيات، لتدلي بها إلى الصحافة.
وخاضت ثلاث مركزيات نقابية إضرابا وطنيا "إنذاريا" أمس الجمعة، وهي الفدرالية الديمقراطية للشغل (المقربة من الاتحاد الاشتراكي)، والمنظمة الديمقراطية للشغل (الحزب الاشتراكي)، والاتحاد المغربي للشغل، بفرعه الاتحاد النقابي للموظفين. كما دعت مركزية الاتحاد الوطني للشغل، المقربة من حزب العدالة والتنمية أعضاءها إلى "الانخراط في إضراب الجمعة 23 يناير، من منطلق وحدة الملف المطلبي، ومن منطلق التقاء دواعيه وحيثياته مع الدواعي والحيثيات التي من أجلها أعلن الاتحاد الوطني عن محطة 22 يناير"، وناشدت النقابات الأخرى "تنسيق المواقف في المحطات المقبلة".
وقال محمد بنحمو، عضو المكتب التنفيذي للفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح لـ "المغربية"، إن نسبة الإضراب بلغت في بعض المناطق 90 في المائة، مشيرا إلى أن "النسبة العامة بجميع القطاعات وفي كل المناطق، تراوحت ما بين 80 و90 في المائة".
وأوضح بنحمو أن "الإضراب نجح في كل المناطق، بما فيها النائية، وفي القطاع العام والجماعات المحلية، ولدى العاملين بالمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية".
واعتبر بنحمو أن "نجاح الإضراب رسالة اجتماعية تعبر عن واقع الموظفين، ويحث المسؤولين الحكوميين على إنقاذ الحوار الاجتماعي من المآل الذي وصل إليه".
وقال المسؤول النقابي، موجها خطابه إلى الحكومة، إن "الجواب ليس هو كيف ألا ينظم الإضراب، لكن الجواب هو كيف يجري التجاوب مع مطالب الشغيلة المغربية".
ودعا الحكومة إلى "تجاوز الاستفراد بإعلان القرارات، كما حدث بعد فشل الجولة الأولى من الحوار الاجتماعي، لأن الحوار، خاصة الاجتماعي، لا ينبغي أن يكون مع الذات، لكن مع الشركاء، لبلوغ الأهداف والنتائج المرجوة".
ونبه بنحمو الحكومة إلى "وضعية الانتظار والقلق والتوتر وسط جميع الشغيلة، لعدم تجاوب الحكومة مع مطالب المركزيات النقابية، وكذا مع الزيادات المتتالية في الأسعار"، موضحا أن "الإضراب تعبير عن هذا القلق السائد"، وطالب الحكومة بـ "تحمل مسؤولية التجاوب مع مطالب الشغيلة المغربية".
وكان الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب نظم أول أمس الخميس إضرابا وطنيا "إنذاريا"، في قطاع الوظيفة العمومية والجماعات المحلية، وفي المؤسسات العمومية، وشبه العمومية، وقالت مصادر مختلفة من وزارات عدة، أن نسبة المضربين كانت ضعيفة في مختلف الوزارات، سواء في المركز أو في باقي الجهات والأقاليم.
وحسب مصدر نقابي، شارك أزيد من 500 مضرب ومضربة، ينتمون إلى الاتحاد الوطني للشغل، في وقفة احتجاجية، صباح أول أمس الخميس، أمام مقر الوزارة المنتدبة لدى الوزارة الأولى، المكلفة بتحديث القطاعات العامة.
ودعا بلاغ للكتابة الوطنية للاتحاد الوطني للشعل بالمغرب، المركزيات النقابية إلى "تنسيق المواقف في المحطات المقبلة، من أجل خوض نضالات موحدة، في تواريخ متوافق عليها لاحقا".
وعلمت "المغربية" من مصادر نقابية متطابقة أن "أعضاء النقابات الثلاث، التي دعت إلى إضراب أمس، لم يشاركوا في إضراب أول أمس الخميس، وتفرغوا للتعبئة لإنجاح الإضراب الذي دعوا إلى خوضه".
وسجلت مصادر من وزارات عدة أن نسبة المشاركة في إضراب أول أمس الخميس كانت جد ضعيفة، ففي وزارة التشغيل والتكوين المهني، التي تضم 14 ألفا و328 موظفا، لم يضرب سوى شخصين اثنين على الصعيد الوطني، بنسبة 0.02 في المائة.
وأوضح مصدر جيد الاطلاع أن المضربين الاثنين ينتميان إلى قطاع التشغيل، الذي يضم ألفا و246 موظفا، وأضرب أمس في هذا القطاع 31 موظفا، بنسبة 2.5، فيما "سجل حضور جميع موظفي التكوين المهني (339 موظفا) يوم الخميس، وأضرب 125 منهم يوم الجمعة، بنسبة 38 في المائة، ولم يضرب أي موظف من موظفي مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل (7 آلاف و200) يوم الخميس، فيما أضرب 58 موظفا الجمعة، لكن بنسبة ضعيفة جدا 0.07، مع العلم أن هذا القطاع يسيطر عليه الاتحاد المغربي للشغل، والأمر نفسه بالنسبة لموظفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (4 آلاف و553)، إذ لم يضرب أي موظف في اليوم الأول، لكن أضرب 124 موظفا في اليوم الثاني، بنسبة 25.65 في المائة، ولم يضرب أي موظف في الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل (أنابيك)، التي تضم 446 موظفا، والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، الذي يضم 544 موظفا، في اليوم الأول، لكن لم نتوصل إلى عدد المضربين في اليوم الثاني".
ومن وزارة السكنى والتعمير، أكد مصدر أن جميع الموظفين حضروا إلى العمل، أول أمس الخميس، على مستوى المركز، باستثناء موظفين تغيبا بإذن مسبق.
وخاضت السكرتارية الوطنية للمكاتب النقابية الخاصة بالوكالات الحضرية، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بدورها، إضرابا وطنيا، أول أمس الخميس، في كل الوكالات الحضرية، تزامنا مع إضراب الاتحاد الوطني للشغل، من دون تنسيق مسبق. وقال مصدر من النقابة إن "الإضراب نجح بنسبة 70 إلى 80 في المائة في مختلف الوكالات، باستثناء الوكالة الحضرية للرباط".
وفي قطاع التعليم، قال سعيد مندلي، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، إن "الإضراب نجح، قبل تنفيذه، من خلال تجاوب مركزيات أخرى وإعلانها خوض الإضراب"، وعبر عن "اعتزاز الاتحاد الوطني للشغل بالتعاطي الإيجابي للشغيلة المغربية مع مبادرة الإضراب"، مسجلا أن "تحركات مضادة، كانت تدعو إلى إضراب 23 يناير من دون الدخول في إضراب 22 يناير"، ما اعتبره "استفزازا لمناضلي الاتحاد الوطني، الذي بادر إلى مساندة إضراب 23 يناير".
وأضاف أن "النتائج الأولية تشير إلى أن نسبة المضربين في قطاع التعليم بلغت وطنيا 60 في المائة، وبلغت في المراكز الاستشفائية بالرباط أكثر من 80 في المائة، وبلعت النسبة في بعض المصالح 100 في المائة، مثل مديرية الصيدلة والأدوية بالرباط، ومركز تحاقن الدم، وقسم التموين المركزي، والمجلس الصحي"، كما سجل أن "الإضراب نجح في قطاعات الفلاحة والمالية والجماعات المحلية".
من جهته، اعتبر عبد الإله الحلوطي، نائب الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن "الأرقام والنسب في إضراب الخميس ليست ذات جدوى، لأن المهم هو تسجيل الموقف بعد فشل الحوار الاجتماعي، الذي أصبح نوعا من المهادنة النقابية، من دون نتائج تذكر".
وأضاف الحلوطي أن الاتحاد الوطني للشغل "بادر إلى إعلان إضراب وطني إنذاري في قطاع الوظيفة العمومية والجماعات المحلية، وفي المؤسسات العمومية، وشبه العمومية المتضررة، بعد أن تبين له نوع من التأخر عند باقي الأطراف النقابية الأخرى".
وأوضح أن "الإضراب جاء ليبين أن الحوار الاجتماعي متوقف ومآله الفشل، بعد رفض الحكومة التجاوب مع المركزيات الأكثر تمثيلية، ومطالب الشغيلة عموما"، معتبرا أن "المشاركة في إضراب 22 يناير كانت نوعية ومتميزة، وتوصلت المركزية النقابية بأصداء طيبة عن المشاركة في قطاعات عدة، وبمدن مختلفة"، مستشهدا بالدارالبيضاء، والرباط، والجهة الشرقية، من دون أن يعطي أرقاما محددة، معللا ذلك بأن "إدارة الاتحاد الوطني مازالت بصدد تجميع المعطيات والأرقام".