دورة تكوينية : النقابات و النقابيون - الصفحة 12 - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



الأرشيف النقابي تنقل الى هذا القسم جميع المواضيع المتعلقة بمواضيع نقابية انتهت مدة صلاحيتها

   
أدوات الموضوع

abouayman971
:: دفاتري جديد ::

تاريخ التسجيل: 12 - 2 - 2009
المشاركات: 47

abouayman971 غير متواجد حالياً

نشاط [ abouayman971 ]
معدل تقييم المستوى: 0
نقاش
قديم 14-02-2009, 23:11 المشاركة 56   

jevais retourner au sujet demain


التعديل الأخير تم بواسطة خليل أبو اكرام ; 16-02-2009 الساعة 22:00

monadil v
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية monadil v

تاريخ التسجيل: 11 - 12 - 2007
المشاركات: 509

monadil v غير متواجد حالياً

نشاط [ monadil v ]
معدل تقييم المستوى: 250
افتراضي
قديم 14-02-2009, 23:14 المشاركة 57   

إن النقابات هي في خدمة السلطة العمالية وهي تمارس ذلك بطريقة مستقلة،


خليل أبو اكرام
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية خليل أبو اكرام

تاريخ التسجيل: 2 - 9 - 2008
السكن: المغرب
المشاركات: 704

خليل أبو اكرام غير متواجد حالياً

نشاط [ خليل أبو اكرام ]
معدل تقييم المستوى: 262
Thumbs up
قديم 14-02-2009, 23:48 المشاركة 58   

ما النــقابـة؟



في إنكلترا، حيث كانت الصناعة الكبرى مهيمنة وحيث بدأت الطبقة العاملة تنتظم في حركات اقتصادية وسياسية مستقلة (شارتيّة وتراديونيونيّة)، اكتشف ماركس وإنجلس وحللا هذا النقد العلمي للرأسمالية المتعاظمة، نعني الائتلافات العمالية. فنَظَّرا، في كتاباتهما ما بين 1846، 1947، لمدى الظاهرة، وشددا، ضد برودون، على أهميتها: من نتائج هيمنة الرأسمال المتناقضة أنه يُنتج تقسيم الشغيلة ويخضعهم لتنافس حقيقي، فيوحّد موضوعيا جمهور الشغيلة في طبقة، حين يفرض عليها شروط استغلال مشتركة. وبفضل الصراعات التي تخوضها هذه الطبقة بذاتها، دفاعا عن مصالحها المشتركة، تتحوّل إلى طبقة لذاتها. فتنتظم في جمعيات تكون بادئ الأمر ظرفية وجزئية من حيث أهدافها، ثم تغدو دائمة وشاملة، الأمر الذي يسمح لها، مع الحد من تنافسها، بالدفاع عن الأجور ضد اغتصابات الرأسمال وتوسّعاته المتواصلة، وبانتزاع شروط عمل تعاقدية، تشكل «انتصارات لاقتصاد الطبقة العاملة السياسي على اقتصاد البرجوازية السياسي».
ولأن الصراع بين طبقة وطبقة هو صراع سياسي، تغدو هذه الجمعيات سياسية ما أن تدافع عن مصالح الطبقة بأسرها وتجسّد الاتحاد الثوري للشغيلة ضد الرأسمال. في نصوص 1846-1847، ينجمُ، إذا، الانتقال من الوظيفة النقابية (أي الكوربوراتية أو التريديونيونيّة) إلى الوظيفة السياسية (أي الثورية) عن النمو العادي للممارسة الاجتماعية داخل تنظيم وحيد وموحَّد. إن الاتحاد العلمي للشغيلة الذي تكوّن سنة 1864، جامعاً في آن حَلْقات الدراسة الاشتراكية والغُرف النقابية والتعاونيات، يطابق من هذا الجانب، وفقا للحالة التنظيمية الفعلية للحركة العمالية، التصوّر الذي كوّنه ماركس آنذاك: التكوين الواعي للطبقة العاملة في ما يتعدَّى الحدود القومية، يجب أن يشمل المنظمات من كل نوع بهدف (توحيد) الاستيلاء على السلطة.
إن حياة هذه الأممية الأولى سادتها صرعات إيديولوجية، احتلت القضيّة النقابية مكانة كبرى في داخلها. لقد نظّر ماركس لوظيفة الجمعيات العمالية وتطورها، انطلاقا من موقعها في نمط الإنتاج الرأسمالي، وبات من الآن فصاعدا أمام منظمات تدين بتنوّعها للروابط التي تُقيمها مع التشكيل الاجتماعي الذي نمت فيه. ففي فرنسا، حيث التباين بين الدولة والطبقة المهيمنة شديد، حاولت الدولة أن تظهر بمظهر آلة مُهيمنة على المجتمع المدني، بدلا من ظهورها كأداة للطبقة المهيمنة. وكون هيمنتها تُعاش، في المقام الأول، في بعدها السياسي، إنما يشجّع الطبقة العاملة في نزعتها البرودونيّة. فالاشتراكية البرودونية جماهيريا، ترفض، بدعوى الحرية والعداء للتحكّم والفردية الاستبدادية، العملَ السياسي، ومركزَةَ الصراعات لمصلحة التعاضدية والاتحادية. وفي إنكلترا، كما في كل البلدان، حيث يكون تمايز البنى السياسية ضعيفا، نَمَتْ بعد الحركة الشارتيّة والردود الناجمة عن عامية باريس، نقابية تريديونيونيَّة ترفض أيضا البعد السياسي للمعركة الطبقية، لكي تندرج في عمل محض اقتصادي، إصلاحي وقانوني. أما وزن الدولة في تنظيم الطبقات السائدة في ألمانيا، فقد قاد، خلافا، لذلك، إلى جعل الاشتراكية اللاسالية بمعظمها، تنكر مضمون العمل المطلبي (الذي يحكم عليه «قانون» الأجور الحديدي بالفشل)، لمصلحة عمل سياسي قائم على وهم تدخل اشتراكي للدولة البروسية. إذا، يضغطُ «منطق الدولة» ضغطا شديدا على العلاقات القائمة بين السياسي والنقابي، وعلى الإيديولوجيات التي تعبّر عنها (ب. بيربناوم). إن القرار الذي صاغه ماركس حول النقابات وتبنّاه المؤتمر الأول للجمعية الدولية للشغيلة (1866) يدين ما تنطوي عليه هذه الإيديولوجيات من تجنيس للنضالات النقابية، كما يدين أكثر غلّوها في تقديرها (فهذا هو الخطر الأكبر على الجمعية الدولية للشغيلة): «إن التراخي في المعركة اليومية مع الرأسمال قد يترتّب عليه الخُسران الفوري لملكية الانطلاق الذاتي، ذات يوم، في حركة أوسع... (لكن) النقابات تفقد هدفها تماما، منذ أنْ تكتفي بحرب مناوشات ضد آثار النظام القائم، بدلا من العمل في الوقت عينه على تحويله وعلى استخدام قوّتها المنظمة كرافعة للتحرير النهائي للطبقة العاملة، أي لإلغاء نظام الإجارة نهائيا».
إن الهجوم الإيديولوجي للباكونيِّين الذين رأوا في عاميَّة باريس تأكيدا على الفوضى، قاد ماركس إلى التشديد، بوضوح أشدّ أيضا، على هذا الجانب الأخير، بعد فشل العامية. فعدّل حدودَها: «نظرا لأن البروليتارية لا تستطيع أن تواجه العنفَ الجماعي للطبقاتِ المالكة، إلا إذا تكوّنت في حزبٍ سياسي مميَّز، في مقابل كل التشكيلات القديمة لأحزاب الطبقات المالكة، ونظرا لوجوب أن يكون اتحاد قوى الطبقة العاملة الذي تحقّق من قبلُ على الصعيد الاقتصادي، في خدمة هذه الطبقة أيضا، بوصفه رافعة لجمهورها ضد القوّة السياسية لمستغلِّيها، فإن المؤتمر يذكٍّر أعضاء الأممية أن نشاطهم الاقتصادي ونشاطهم السياسي مترابطان عضويا في حالة صراع الطبقة العاملة» . إن هذا القرار الذي ينطوي على التنظيم الضروري للصراع السياسي في شكل حزب منظّم، أثار القطيعة مع الباكونيّين والتريديونيونيين الإنكليز. فهو حين شدَّد على النمو التلقائي للنضال المطلبي، لم يولٍّد بالضرورة الوعي والنضال السياسي، بل أثار مشكلة العلاقات بينهما. فهل يولد الوعي السياسي من تطور الممارسة الاجتماعية؟ وهل ينبغي جلبُه «من الخارج» كما يُفهم من الدّور الخاص الذي اضطلع به ماركس داخل الجمعية الدولية للشغيلة؟ في هذه الحالة، ما هي طبيعة هذه الخارجية؟ إنها أسئلة جديدة تُجيز قراءات شتَّى لنصوص 1846-1847، سيتوجَّب على الأممية المعاد تشكيلها سنة 1889، أن تحسم في أمرها.
لقد صاغ ماركس تصوّره للنقابة، ردا على النظريات التي كانت تُنكِر إحدى وظائف الجمعية العمالية، لمصلحة الآخر الحصريّة: نفي السياسي في تركيبه المزدوج، الفوضوي (برودون، باكونين) والتريديونيوني أو نفي النضال المطلبي (لاسال). إن تأمّله الذي انصبَّ على ديالكتيك النضالات الطبقية والسياسية لم يصبّ أبدا في التأكيد على تعدّدية ضرورة للمنظّمات، كما أنه لم يصبّ أيضا على مسألة علاقاتها الحقوقيّة. فظهور أحزاب عمالية جماهيرية في نطاق مختلف الدول القومية، إنما يجدِّد معطيات المشكلة: فهو يشكِّل انتصارا للقائلين بضرورة العمل السياسي، لكنَّه يؤول إلى ثنائية تنظيمية فعلية، لا بد للأممية الثانية أن تحسب لها حسابها. فهذه الأخيرة التي ترغب في أن تكون متعدّدة الأشكال على غرار الجمعية الدولية للشغيلة، لم تُجرِ، بادئ الأمر، أي تفرقي بين النقابات التي انضوت تحت لوائها. مع ذلك، قادها الهجومُ الفوضوي، سنة 1893، إلى اتخاذ قرار يحدُّ من الانتساب إلى مؤتمراته، ويحصرُه في المنظمات التي تعترف فقط بضرورة التنظيم العمالي والعمل السياسي. أما الفوضويّون، الذين أصرّوا على حذف العمل التشريعي والبرلماني، وصاغوا آنئذٍ استراتيجية الإضراب العام التي تقوم على العمل الحصري للنقابات، فقد جرى طردهم في آخر المطاف (1896). وأثار طردهم الاستبعادَ العملي للشريحة الكبرى من الحركة النقابية التي يسيطرون عليها، وكرَّس في الممارسة هيمنة الحزب بوصفه شكلاً رفيعا للتنظيم وللعمل والعماليّين. ولئن غدت مسألة علاقاته بالتنظيم النقابي مثارةً، بناء على ذلك، في كل مكان، فقد جرى حلّها في كل دولة بحدود أصيلة، يحدِّدها مرَّة أخرى «منطقُ الدولة». أما في فرنسا فقد غذّت أهميّة الإصلاحية السياسية وغياب إصلاحية اجتماعية، اوهاما برلمانية وتوزيرية، ونقابية ثورية هي بمثابة نقيضتها. فوجود هذين الحزبين العماليّين، المُناطين باستراتيجيّات متباينة، وهما الاتحاد العمالي العام (CGT) والاتحاد الاشتراكي للشغيلة (SFIO)، إنما جسّد لديهما انكسارا في العلاقة بين الحزب والنقابات، أشدّ بروزا هنا من أي مكانٍ آخر. وأما في ألمانيا، حيث الهمينة الاجتماعية تبدو خاضعة تماما للهيمنة السياسية، فإن الحزب الاشتراكي التحقَ بالنقابات، ومما عزّز ذلك التوجه الإصلاح الاجتماعي الذي كانت تعتمده الدولةُ آنذاك، والذي أفضى إلى تحريفية يقوم مشروعها على دمج النقابات في الدولة. وأما المصاعب التي واجهها التيرديونيونيّون في إسماع صوتهم على الصعيد السياسي، وقد قادتهم، خلافا لذلك، إلى التزود بوصلة برلمانية، حزب العمل، الذي كان عليه أن يستعجل قيام الإصلاحية الاجتماعية التي كانوا يتوقونَ إليها، إنه تنوّع في المواقع والمواقف، متعاظم، أدّى إلى نشوء مشاكل جديدة في الأممية الثانية، على صعيد التنظيمات التي ينبغي عليها قبولها. فالنقابات الإنكليزية والنقابات الفرنسية تطالب بتمثيل متساوٍ للنقابات والأحزاب في داخل الأممية، ويساندها الاشتراكيّون الفرنسيون الذين يريدون أن يحفظوا للأممية طابعا سياسيا دقيقا. أما الاشتراكية-الديموقراطية الألمانية فهي تسوِّغ، من جانبها، استلحاق النقابة بالحزب الذي تنتمي إليه، وذلك من خلال تقديم مقاربة نظرية جديدة. حسب تحليل كاوتسكي ، والذي استرجعه لينين فيما بعد ليست الحركة العمالية والاشتراكية متماهيتين، إطلاقا، من حيث الطبيعة، فالحركة العمالية لا يمكنها الارتقاء، إلى مستوى النقد العام للنظام الرأسمالي. فهي إذا تُركت على سجيّتها، فسوف تُفضي إلى تريديونيونيّة تشكل على المدى القصير أو الطويل نسبيا، هزيمة للطبقة العاملة. من هنا أهمية المثقفين، حملة العلم، الذين يحملون للحركة العماليّة الوعي الذي ينقصها وضرورة الحزب الذي يبلور هذا الوعي، والذي تلتحقُ النقابة به. إنها مواقف متعارضة، أكبّت الأممية على التوفيق بينها: «لا تقوم النقابات تماما بواجباتها في النضال التحريري للعمال إلاّ إذا كانت أفعالها مستوحاةً من روحيّة اشتراكية بكلّيتها. ومن واجب الحزب أن يساعد النقابات في نضالها لترفيع وتحسين الشرط الاجتماعي للشغيلة» (1907). إن السجال الاستراتيجي الذي وضع الماركسيين في مواجهة الفوضويين، على صعيد وسائل الثورة وأهدافها، بات على هذا النحو سجالا حقوقيا، يقوم رهانه على تحديد العلاقات التعاقدية بين منظمات لكل منها منبتها وبُناها ونمط تدخلها وحتى مؤتمراتها الدولية (سنة 1902، تشكيل أمانة دولية للنقابات مهَّدت لاجتماع مؤتمرات نقابية دولية). في التحليل الأخير، ليس هذا التقسيم نقابة/حزب سوى انعكاس للفصل بين السلطات الاقتصادية والسياسية، الملازم للرأسمالية الليبرالية. لكنّ الأزمة الأولى للإمبريالية، التي أجبرت النقابات على إعادة لنظر، أينما كانت، في علاقتها بالدولة (وبذلك، بالأحزاب نفسها)، إنما وضعت ذلك الفصل على المحكّ.
فهناك حيث تنهار الدولة التي «تفكّكها»، تصوغ الطبقة العاملة أشكالا نضاليّة، تهرب بواسطتها من المسألة الفاسدة، مسألة علاقات الحزب/النقابة، في الحدود التي جرى فيها طرحها. «ليس في الأعلى، في قمّة المنظمات، في نوع من التحالف الاتحادي، بل في القاعدة، في جمهور البروليتاريين المنظّمين تمكن ضمانة وحدة حقيقة للحركة العمالية، كتبت روزا لوكسمبورغ. ففي عمل جماهيري ثوري، ليس النضال الاقتصادي والنضال السياسي سوى نضال واحد. ليس هناك سوى صراع واحد للطبقات» . وعليه، فقد أتاحت أزمة 1905 الثورية للطبقة العاملة المخدوعة، أن تؤكد وحدة نضالاتها. وهي وحدة مُستعادة، يجب أن تتجسد، حسب لينين، في الحزب الاشتراكي الديموقراطي، والتي تتجلى، حسب روزا لوكسمبورغ، في المجالس، وهي تعبير عفوي عن إبداعية الجماهير. إن مسألة العلاقات بين المجالس وهذه المنظمات التقليدية، أي النقابات والأحزاب، تكتسبُ حيويّة جديدة مع ثورة أكتوبر، وامتداد الحركة المجلسيّة إلى بلدان أوروبية أخرى. أما المنبريّون الهولنديون وأقصى اليسار الألماني فقد رأوا أن «الأشكال التنظيمية السياسية القديمة، نقابة/حزب، والشكل الجديد للمجالسي، إنما تنتمي إلى مراحل مختلفة من التطور الاجتماعي، ولها وظائف متباينة تماما. فالأولى كان هدفها تثبيت موقع الطبقة العاملة داخل النظام الرأسمالي، وهي متصلة بمرحلة الامتداد، والثاني هدفه إنشاء سلطة عمالية وإلغاء الرأسمالية الآخذة في الانحلال» (ك. كورش). والحال، لا بد له من أن يغدو تنظيما طبقيا دائما يقوم، مباشرة، مقامَ التنظيمات السابقة. وهذا ما يُعرف به الفوضويون، أيضا، انطلاقا من تحاليل متباينة حقا (تشبه المجالس بالنقابات). أما روزا لوكسمبورغ وغرامشي ولوكاتش وم. آدلر الذين حلّلوا، كلهم، المجالسََ بوصفها تعبيرا عن الممارسة السياسية الجديدة، فإنهم يرفضون أقوالا كهذه: فالمجالس هي وسيلة لتجاوز التناقضات التي كانت الطبقة العاملة أسيرتَها (م. آدلر)، وهي تحرِّر «الوعي التشيئ» (لوكاتش) حين تسمح للعمّال بتحقيق وحدتهم كمنتجين، وباستعادة هيمنتهم كطبقة منتجة (غرامشي). مع ذلك، فلا مناص لها من إيجاد امتداد سياسي لها، خارجها. هكذا، يرى غرامشي، في المجالس الشكل الراهن لصراع الطبقات والوسيلة لتمويل النقابة الإصلاحية ولاستثارة حزب الثورة الجديدة، ويرى م.آدلر فيها الأشكال الجديدة للنضال الاشتراكي، لكنه لا يراها في أي حال بمثابة المؤسسات المديدة لمجتمع جديد. أما في روسيا السوفياتية حيث تشكَّلت المجالسُ كقوة أساسية للدولة الجديدة، فإن مشكلة العلاقات بين النقابات والدولة هي التي غدت مركزيّة. فقد هاجم لينين المناشفة والاشتراكيين الثوريين الذين نادوا باستقلال الحركة النقابية عن الأحزاب والدولة: «كان شعار الأمس تحدّي الدولة البرجوازية، واليوم، صارت الدولة بروليتارية. وإذ غدت النقابات، وعليها أن تغدو منظمات دولة، تقع على كاهلها في المقام الأول، مسوؤلية الحياة الاقتصادية على أساس الاشتراكية» . وكان القرار الذي اتخذه المؤتمر الثاني للنقابات، قد وافق على أن «أنصارها في أجهزة الدولة كان محتوما»، لكنه حارب الأطروحة النقابية-الفوضوية التي تريده أن يتمّ على الفور (كانون الثاني/يناير 1919). وبذلك، ترك الشبهة تحوم حول المسألة: هل الدولة هي التي ستبتلع النقابات مع مرور الوقت، أم العكس، كما يقول الفوضويون-النقابيون؟ إن شيوعية الحرب عدّلت مقوّمات النقاش. ففي الواقع، كان على لينين أن يحارب مواقفَ تروتسكي الرامية إلى عسكرة النقابات لحل المصاعب الاقتصادية (حول دور النقابات ومهامها)، لم يتصور تروتسكي ضرورة الدفاع عن العمال في مواجهة الدولة العمالية، لكن الدولة الراهنة هي دولة عمالية/فلاحية، مع تشويهات بيروقراطية: «علينا استعمال المنظمات العمالية للدفاع عن العمال ضد دولتهم، وحتى يدافع العمال عن دولتهم. ويجري الدِّفاعان بواسطة تركيب أصيل، إدماج لإجراءاتنا الحكومية، ولتفاهمنا، عن الطريق الملغمة، مع النقابات» . مع ذلك، كرَّر إدانته للمعارضة العمالية، وواجهها بالطابع القطعي للحزب السياسي للطبقة العمالية، الذي يستحيل من دونه قيام ديكتاتورية البروليتارية. وكون المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي السوفياتي (آذار/مارس 1921)، الذي توطّدت فيه الأطروحات، هو نفسه الذي منع الانقسامات في داخله، إنما يكشف تماما الأهمية العُقْدية التي يعطيها لينين للمسألة النقابية في إطار النيب [NEP السياسة الاقتصادية الجديدة ]: «إن بناءَنا الاشتراكي مهدَّد بكارثة محتومة إذا لم يتكيَّف ميكانيزم (إوالة) نقل الحزب الشيوعي إلى الجماهير-النقابات، تكيفا سليما، أو لم يعمل بشكل سليم» . هذه «الممارسات الناقلة»، نعني النقابات، سينبغي عليها، من الآن فصاعدا، في الاتحاد السوفياتي وفي الديموقراطيات الشعبية، أن تلبي متطلبات الإنتاج وأن تقوم بوظائف اجتماعية، مع دفاعها عن المصالح المهنية والمادية للطبقة العاملة. إن مشاكل الإنتاج والمشاكل الاقتصادية تنزع أحيانا، بحكم موقعها في الدولة، إلى التغلب على الدفاع عن المصالح العمالية. وهذا تناقض، بين تناقضات وأسباب أخرى، يكمن وراء الأزمات النقابية التي طاولت، منذ 1968، بعضَ الديموقراطيات الشعبية: سنة 1968، طالبت النقابات التشيكيّة بأن «تُعاد إلى النقابات مهمّتها الأولانيّة: الدفاع عن مصالح الشغيلة وليس عن مصالح المنشآت»، وخطت التضامن خطوة إضافية حين طلبت «بنقابات حرّة»، متحرّرة من كل مسار دَوْلَنة. أما الاتحاد النقابي العالمي (FSM) فقد اخذ، إبّان مؤتمره العاشر (1982)، يُعمِل الفكر في الديموقراطية النقابية في البلدان الاشتراكية: «إن النقابات هي في خدمة السلطة العمالية... وهي تمارس ذلك بطريقة مستقلة، وعليها أن تبقى كذلك بعد انتصار الثورة الاشتراكية» (ساندور غاسبار). هذا التفكير وجه امتداداته الأولى في هنغاريا وبلغاريا .
كما عانت نقابات البلدان الرأسمالية، هي أيضا، من العواقب المترتبة على الأزمة الأولى للإمبريالية. ذاك أن تدخلية الدولة المتعاظمة فتحت آفاقا جديدة أمام أولئك الذين ينوون أن يواصلوا، في ما تعدّى الحرب، سياسة «المشاركة في شؤون الأمة» التي كانت سياستهم، طيلة الأزمة العالمية، وغذّا الازدهار الأمريكي في العشرينات تصوّرات تحديثية وتكنوقراطية، حتى في الحركة النقابية. هكذا شهدت العشرينات نموَّ نقابية إصلاحية تراهن على «التنظيم العلمي للعمل» أكثر مما تراهنُ على صراع طبقات لضمان التقدم العلمي، وبذلك التقدم الاجتماعي، وتؤكد عزمها على الحضور «حيثما تُناقش المصالح المادية والمعنوية للطبقة العمالية» (جوهو Jouhaux. إن هذه النقابية، التي تؤكد استعدادها للتعاون مع الدولة، بغية الوصول إلى تطبيق إصلاحية اجتماعية، نمت في البلدان التي دخلت فيها هذه الإصلاحية الاجتماعية، فعليا، في استراتيجية الدولة (مثال ذلك الولايات المتحدة في عهد روزفلت). وبالعكس، مُنيت بالفشل في البلدان التي رفضتها، مثل فرنسا، باسم ليبرالية مُستعادة باستمرار. إنه مأزق حاول نقابيون فرنسيون الخروج منه، حين ساروا في طريق مضاد للبرلمانية التكنوقراطية، ونادوا بوضع حد للإصلاحية السياسية السائدة دوما، وبحلول إصلاحية اجتماعية تستدمج في الدولة هذه «القوى الحيّة»، أي النقابات. إن هذه النقابية التكنوقراطية، المستوحاة من دِمان (De MAN)، تطالب بالردّ على الأزمة بإنماء «اقتصاد مختلط للإنتاج»، الذي ستكون الكوربوراتية ركيزته الكبرى. وبهذا، انضمت إلى الإيديولوجية الفاشية التي رأت في النقابة المهنية (Corporation) التي تنظّم الشغيلة على أساس مهني، وليس على أساس طبقيّ، جهازا من الأجهزة الأساسية للدولة الفاشيّة. إنها قراباتٌ إيديولوجية، شدّد عليها المؤرخ ز. سترنهل (Z. Sternhell)، ستقود بعض النقابيين إلى الإقدام على خطوتهم. ففي مواجهة حركة نقابية طبقيّة إصلاحية، مشكلة منذ 1919، في الأممية النقابية في أمستردام، تكوّنت داخل الأممية الحمراء، نقابية طبقيّة، تعتبر نفسها بمثابة «مدرسة للشيوعية». والحال، فإن التصور اللينيني لنقابة خاضعة لدور الحزب القائد، مع توطيد وظيفتها الكبرى، جرى تمديده ونشره في كل الأممية الشيوعية (أطروحات المؤتمر الثالث). ذاك أن الأهمية التي يوليها لينين لانضمام النقابيين الثوريين (خصوصا الفرنسيين) إلى الأحزاب الشيوعية المتوالدة، وإلى التصورات الجدية للنقابية، قاد، مع ذلك، إلى تسويات تنظيمية، سرعان ما جرى التنديد بها لاحقا: إنشاء أممية نقابية إلى جانب الأممية الشيوعية التي أُريد لها، أصلا، أن تكون التجمع والتخطي المختلف المنظمات الثورية، إلغاء المادة التي توجب، في أنظمة الأممية النقابية الثورية، على النقابات المتفرّعة عنها، إقامة علاقات عضوية مع الأحزاب الشيوعية. هذه النقابية، الأقلية في العشرينات، استوطنت أولاً في الأوساط التي طاولتها آثار العقلنة أو الترشيد.
إن وجود أمميّتين نقابتين يكشف بما فيه الكفاية أنَّ وَقْْفات جديدة قد قامت مقام الوقفات التي ميزت تاريخ الأممية الثانية: لقد ارتسم خطُّ فصْل جديد، يفصل في تركيبه السياسي والنقابي المزدوج، الثوريَّ عن الإصلاحيين. أما أزمة 1929 ونمو الكفاح ضد الفاشية، ثم مستلزمات الإعمار الوطني، فقد دشّنت مسار ترميم وتوحيد (هشّا، في الأغلب) لمختلف مكوّنات النقابية، على أساس مشاركة متزايدة للنقابات في المنشأة (لجان المنشاة في فرنسا، مؤسسات الإدارة المشتركة في ألمانيا، اللجان العمالية في ايطاليا...) أو على المستوى الحكومي (لجنة الخطة، لجان الحماية الاجتماعية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي...). في الاتجاه نفسه، سارت تضمينات النضال الوطني ومضامين التنمية الاقتصادية، في بلدان العالم الثالث. إن أزمة الدولة-الحارسة المنفتحة في مطلع السبعينات، وسّعت حقل التدخل النقابي (الدفاع عن الجهاز الإنتاجي عن المنطقة)، لكنها غذّت أيضا نزعات مضادّة، تنتمي إلى تجربة التسيير الذاتي اليوغسلافية وإلى قراءة غرامشي العفوية، وقراءة ماركس المناهضة للدولة، نحو تعريفات جديدة للتعريفات السابقة؟
شكرا على الاضافة الرائعة التي ساهمت الى جانب جميع التدخلات في جعل الموضوع أكثر جادبية . وشكرا للأخت صريحة الصريحة لاعادة احيائها للموضوعdd1


خليل أبو اكرام
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية خليل أبو اكرام

تاريخ التسجيل: 2 - 9 - 2008
السكن: المغرب
المشاركات: 704

خليل أبو اكرام غير متواجد حالياً

نشاط [ خليل أبو اكرام ]
معدل تقييم المستوى: 262
افتراضي
قديم 16-02-2009, 22:03 المشاركة 59   

في انتظار ما تفضلون به من افادات


خليل أبو اكرام
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية خليل أبو اكرام

تاريخ التسجيل: 2 - 9 - 2008
السكن: المغرب
المشاركات: 704

خليل أبو اكرام غير متواجد حالياً

نشاط [ خليل أبو اكرام ]
معدل تقييم المستوى: 262
افتراضي
قديم 16-02-2009, 22:08 المشاركة 60   

أشكر جميع الاخوة الذين تركوا بصماتهم على هده الورقة من هذا الدفتر، و أشد على أيادي المتميزين،وأرجو أن تبقى هذه الصفحة مفتوحة بماتفضلون به من مداخلات و اقتباسات ،وحتى التساؤلات التي تكون حافزا لمزيد من الآراء،

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النقابات, النقابيون, تكوينية, دورة

« المنسقية الوطنية لأساتذة التعليم المجازين المكلفين بالتدريس خارج إطارهم الأصلي | صور من الوقفة الاحتجاجية للنقابة المستقلة للتعليم الابتدائي يوم 10فبراير2009 بالرباط »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دورة تكوينية asodet ثقافة العمل الجمعوي 5 24-04-2009 18:52
دورة تكوينية z.hafid دفاتر الإدارة التربوية 5 22-03-2009 17:55
دورة تكوينية moha86 ثقافة العمل الجمعوي 9 24-01-2009 20:40
النقابيون الرحل او غجر النقابات tchigivara الأرشيف النقابي 1 15-10-2008 14:15


الساعة الآن 10:19


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة