مقلب الترقية الداخلية
مرت سنوات على موظفي الدولة وخاصة رجال التعليم وهم مشغولون بمقلب الترقية الداخلية دون أن يفطنوا لهذا المقلب الذي شغلتهم به الحكومة والنقابات ،فمبدأ الترقية في العمل هو امتياز يحفز العامل للبذل والعطاء والإبداع ،وتشجيا له ،يرقى في الرتبة أو الدرجة ،لكن في عرفنا اليوم، أصبح حقا مكتسبا يحصل عليه بشعار لتحيى الأقدمية (واللي بغى يخدم العام طويل)،كما ارتبطت الترقية بالزيادة في الأجر وهنا يكمن (المقلب) الذي اعدته الحكومة بتنسيق مع النقابات ،فعوض العمل على تحسين الوضعية الاجتماعية لهيئة التعليم وإعطائها المكانة اللائقة بها في المجتمع أسوة بالدول المتقدمة التي تحترم وتقدر عمل التربية والتكوين لدرجة مساواة اجر رجل التعليم باجر الوزير أو أكثر ،تمت تلهية رجل التعليم بفتات تعويضات السلم والدرجات ،وبذلك خلقت لنا فئة من أعضاء أسرة التعليم تبني أحلام الارتقاء الاجتماعي على أوهام الترقية الداخلية، ولم تعمل على نشر ثقافة التكوين الذاتي لدى رجال التعليم ،ثقافة بناء الذات والمجتمع،والتشبع بثقافة المعلم الجيد التي تتسم بالمواصفات التالية:
v روح العمل الاجتماعي والتنموي والتنشيط التربوي
v القدرة على التكوين الذاتي وتنمية القدرات الشخصية.
v المستوى العلمي الجيد والمتطور
v الضمير المهني الحي والأداء الجيد والمتقن للعمل التربوي
v الاطلاع المستمر على المستجدات التربوية وتقنيات التدريس
v امتلاك كفايات استخدام تقنيات التربية والتدريس
v المشاركة في الحياة المدرسية والمشاركة في تنمية محيطها
هذه بعض السمات المرغوبة في شخصية رجال التعليم،والتي على كل مكونات المجتمع العمل على الدفع بان يتسم بها كل عضو من أعضاء أسرة التربية والتكوين ،وان نحارب كل مظاهر ثقافة التخلف السلبية التي تعمل بعض الهيئات على نشرها وتعميمها بدعوى أن الفساد يعم المجتمع كله،وفي هذا الإطار يمكن إدراج دعوات بعض النقابات التي تدعو إلى مساواة أجرة رجال ونساء التعليم بدعوى أن الجميع يقوم بنفس العمل (سبحان الله)،والمساواة في الترقية دون التمييز بين من يبذل جهدا ومن يقضي أيامه كسلا رافعا راية لتحيى الاقدمية،مادام هناك مديرين ورؤساء مباشرون يساوون في النقطة العددية دون مراعاة عناصر تقديرها التالية:1-المعلومات المهنية2-الانفتاح والإشعاع في المحيط 3-الإنتاج والمردودية 4-المواظبة.
أود أن الفت نظر كل مكونات المجتمع إلى ضرورة معالجة معضلة تعليمنا بجدية ،وأدعو الهيئات التي تدعي تمثيل هذه الفئة إلى التفكير في صيغ حلول حقيقية لمشاكل التربية والتكوين وألا تكتفي بدغدغة المشاعر المادية لهذه الأسرة بل عليها العمل على الرفع من مستواها علميا ومهنيا وماديا واجتماعيا وما النفور من التنظيم والتعامل الانتهازي مع تلك النقابات إلا رد ذكي على محاولة استغفال عقولهم.
فلتعمل نقاباتنا وحكوماتنا على إعادة الحيوية والنشاط لتشمل كل مدارسنا كما كان الأمر زمان بداية الاستقلال، فمستقبل أبنائنا ووطننا في المدرسة نبنيه وفي المدرسة نهدمه، وليكن ذلك فعلا لا قولا، فالتصريحات في واد والواقع في واد آخر.
كما التمس من مفكرينا دراسة وضعيتنا التربوية بعمق وتزويد المجتمع بمقترحات جادة للخروج من المأزق الذي نعيشه..
وختاما أقول تحية لكل معلم(أفضل استخدام كلمة معلم عن أستاذ لحمولتها القوية وهي تشمل كل من يعمل في القطاع من المدرس إلى الوزير) ضميره حي ،عقله مهووس بتلامذته لا يجعلهم طرفا في مشاكله المادية أو المعنوية وفي صراعه مع المجتمع أو الحكومة ،لا يهدا له بال إلا بعد أن يرى ثمار غرسه،معلم لا يعرف الملل ولا يشكو المهنة،يسعى دوما إلى تطوير ذاته و أساليب عمله،لا يفتأ يبحث ويتزود علما لتنمية ذاته ومجتمعه الصغير والكبير،لا يتأخر علىالمشاركة في العمل الهادف إلى الرفع من وعي المجتمع وتنميته وتقدمه ....فتحية تقدير واحترام، وله أقول قول الله عز وجل:
ü ‑{..إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين، واصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين} هود 114
ü { إن الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الآخر وعمل عملا صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}البقرة 62
والخزي ثم الخزي والعار لكل من يعمل مع الأبرياء بضمير ميت ،يستغفل الأطفال ويستغلهم،ويجعل من المهنة وسيلة لابتزاز الصغار وعن طريقهم الكبار ،ولمثل هؤلاء أقول قول الله عز وجل:
{و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر احدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما} 18سورة النساء
{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما}31 سورة النساء.
إمضاء:محمد الزعماري